الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العيب ليس فى الجنزورى

سعد هجرس

2012 / 3 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


اثار بيان الحكومة الذى قدمه الدكتور كمال الجنزورى إلى مجلس الشعب فى بداية هذا الاسبوع جدلاً ساخناً، وصب معظم المشاركين فى هذا الجدال جام غضبهم على شخص الدكتور الجنزورى بوصفه رئيس الوزراء.
لكن الغضب يجب ان ينصب بالدرجة الاولى على "السياسات" المزمنة التى كان بيان الحكومة الأخير أحد ثمارها المرة.
فالأوضاع التعيسة التى اشتكى منها الجنزورى فى كلمته أمام نواب مجلس الشعب والتى افرزت هذا البيان الحكومى الهزيل ليست من اختراع رئيس الوزراء وإنما هى الابنة الشرعية لسياسات الحكومات المتعاقبة للحزب الوطنى قبل ثورة 25 يناير، والتى كان المفترض ان تذهب مع الحزب المنحل إلى سلة المهملات، ويتم استبدالها برؤية جديدة تماما للسياسة والاقتصاد والاجتماع والثقافة، لان هذه السياسات القديمة هى التى دفعت البلاد إلى أزمة عميقة لم يكن هناك مخرج منها إلا بـ "ثورة".
وللأسف الشديد قامت الثورة.. ولم تتغير السياسات، بل استمرت حكومات ما بعد 25 يناير 2011 تسير على "كتالوج" الحزب الوطنى.
ورغم أن الدكتور كمال الجنزورى – الذى أقدر شخصه تقديراً كبيراً وأكن له كل الاحترام – يعرف ان عمر حكومته ربما لن يتجاوز ثلاثة أشهر تقريباً تنتهى مع تولى الرئيس المنتخب لمهام منصبه وقيام جنرالات القوات المسلحة بأداء التحية العسكرية له، فإنه لم يجد مفراً من وضع سياسات لعامين مقبلين لان وضع سياسة لثلاثة أشهر فقط غير ممكن عملياً.
وحسناً فعل الدكتور الجنزورى من حيث المبدأ، لكن هذا التوجه ترد عليه ملاحظات متعددة:
أول هذه الملاحظات ان هذا المنهج يفترض ان رئيس الحكومة الذى سيخلفه سيسير على منواله.
لكن لا يوجد سبب لافتراض ذلك الآن، ليس فقط نتيجة لهذه "العادة" المرذولة التى رأينا بموجبها كل مسئول ينقض على سياسات سلفه ويسير عليها لكن بـ "استيكه"، وإنما أيضاً لان هذه الرؤية التى تبناها الدكتور الجنزورى لم يشارك فى صياغتها مختلف القوى الحية فى المجتمع، ولم يتحقق بالتالى توافق وطنى عليها يجعل منها "مرجعية" ملزمة لرئيس الحكومة التالى مهما كان اتجاهه الحزبى والفكرى.
ثانى هذه الملاحظات أن رؤية العامين التى انطلق منها بيان حكومة الدكتور الجنزورى تستلهم نفس المعايير والأسس التى تبناها الحكم السابق تقريباً. وهى كما قلنا أسس ليست فوق مستوى الجدال، إن لم يكن فوق مستوى الرفض والنبذ بعد ان فعلت بالوطن والأمة ما فعلت، بحيث رأينا أن الرئيس السابق حسنى مبارك لم يتنحى عن رئاسة البلاد، بعد ثلاثين عاما جلس فيها على عرش مصر، إلا بعد ان ترك أرض الكنانة مرتعاً للأمية التى تفتك بنصف المصريين تقريبا، ومرتعاً للفقر الذى ينشب أظافره فى أكثر من نصف أهلنا، ومرتعاً للبطالة التى لا يكاد يخلو منها بيت، ومرتعا للفساد الذى أصبح أكبر مؤسسة فى البلاد ترافق تغلغلها واستشراء نفوذها مع خيانة المبادئ الجمهورية وتزوير إرادة الأمة وتلويث الحياة السياسية، وكانت نتيجة ذلك كله تقزيم مكانة مصر الإقليمية والدولية وتفاقم تعاسة أغلبية المصريين، وللأسف الشديد لم تتبنى حكومات ما بعد 25 يناير سياسات قادرة على تغيير هذه الصورة الكئيبة رغم كثير من النوايا الطيبة.
واستمر أداء هذه الحكومات يدور حول تأجيل المواجهة الشاملة والجذرية والمتكاملة للمشاكل السياسية والاقتصادية والاجتماعية، والاكتفاء بمسكنات وقتية ومتناثرة .. وأحيانا متناقضة فى إطار ما يمكن تسميته بـ "إدارة الفقر" وليس "إدارة الثروة"
ومصر دولة غنية جداً، لكن يتم نهبها وإساءة إدارة مواردها وإساءة توزيع كل من الأعباء والثمار على المصرين بعدالة.
والبديل عن سياسات إدارة الفقر التى نتحدث عنها ليس خيالياً، بل إنه موجود، وكل ما يحتاجه هو توفر الإرادة السياسية، وبعبارة أخرى فإن ما نحتاجه هو إلا تظل الثورة مجرد شعارات فى الميادين.. وإنما أن تكون – بروحها ونص مطالبها وسواعد أبنائها – فى مقاعد الحكم، فليس من الممكن تحقيق أهداف الثورة بدون ثوريين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - سؤال
لطيف شاكر ( 2012 / 3 / 2 - 19:47 )
سيدي الفاضل الاستاذ هجرس هل نحن نخطط مستقبلنا ونصنع امورنا ام غيرنا هو الذي يقوم بدورنا ولكن بايدي مصرية غير نظيفة سؤال اتمني الاجابة وشكرا الي ان نلتقي يوما في حوار ساخن

اخر الافلام

.. قوات الاحتلال تقتحم بلدة شرقي نابلس وتحاصر أحياء في مدينة را


.. قيادي في حماس: الوساطة القطرية نجحت بالإفراج عن 115 أسير من




.. هل باتت الحرب المفتوحة بين إسرائيل وحزب الله أقرب من أي وقت


.. حزمة المساعدات الأميركية لأوكرانيا وإسرائيل وتايوان..إشعال ل




.. طلاب جامعة كولومبيا الأمريكية المؤيدون لغزة يواصلون الاعتصام