الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الثورة العرية الكبرى وظلم المرأة للمرأة

محمود حافظ

2012 / 3 / 3
ملف - افاق المرأة و الحركة النسوية بعد الثورات العربية - بمناسبة 8 اذار/ مارت 2012 عيد المرأة العالمي


فى أى قضية للمرأة العربية كان الإتجاه العام للحوار يرتكن أن المرأة العربية يقع عليها الظلم لطبيعة المجتمع الذكورية بمعنى تسلط الرجل على المرأة وأن المرأة هى عبارة عن شيئ بالنسبة للرجل فقد كان هذا هو الطابع العام لوضع المرأة العربية فى المجتمعات العربية ثم تطور الحوار إلى دونية المرأة فى المجتمعات الصحراوية أو بمعنى سيطرة فكر البداوة على فكر الحضر فكما أن المجتمعات الحضرية تاريخيا وهى التى نشأت على ضفاف الأنهار كان التحضر لهذه المجتمعات مبنيا على فعل المرأة وهذه المجتمعات النهرية هى التى أنتجت تاريخيا إمرأة حاكمة ومناضلة فقد ظهرت فى المجتمعات العربية والمصرية شخصيات نسائية كإيزيس الأسطورة كما ظهرت حتشبسوت الملكة وظهرت زونبيا فى الشام وظهرت بلقيس فى اليمن السعيد وفى التاريخ الحديث مع شيوع الفكر الليبرالى فى المنطقة العربية وظهور مناصرين للمرأة كقاسم أمين فى مصر ظهرت هدى شعراوى ونبوية موسى فى إشارة إلى نهاية عصر الحريم فى المجتمعات العربية وأخذ هذا التيار التحررى للمرأة العربية فى التصاعد وخاصة فى مرحلة التحرر الوطنى حتى وصل إلى أقصاه فنجد المرأة العربية كأم وأخت وإبنة سافرة محترمة ترتدى أحدث الأزياء والموضادات دون إعتراض لا من أب ولآ من زوج هكذا كان نمط الحياة حتى جفت ينابيع التحرر بالغزو الإمبريالى فى مرحلة السبعينيات من القرن الماضى وخاصة بعد حرب أكتوبر ( تشرين الأول ) عام 1973 م وبداية التغلغل الإمبريالى الأمريكى فى مصر وتحالفه التقليدى أو سيطرته على منابع الطاقة فى منطقة الخليج منبع فكر البداوةوالتى شهدت تراكم للثروة متمثلة فى البترودولار فى هذه الحقبة من التاريخ حدث تجفيف لمنابع الفكر فكما أن مرحلة الستينيات من القرن الماضى شهدت إزدهارا فكريا رائعا وخاصة بين مرحلة الشباب من الجنسين بالتغلغل الإمبريالى تم تجفيف منابع هذا الإزدهار الفكرى والثقافى وأخذ فكر البداوة الوهابى ينتشر فى المحيط العربى بقوة البترودولار وقد ساهم فى ذلك كثرة الهجرات التقنية والعمالية لهذه الدول وفى عصر تقنية المعلومات وإنتشار الفضائيات إنتشر معها الفكر الوهابى فكر البداوة وأخذ هذا الفكر ينتشر فى كافة البيوتات العربية إنتشار النار فى الهشيم فأصبحت المرأة العربية سواء فى مصر أو الشام أو العراق أو فى دول المغرب العربى تتلقى المعلومة من خلال الرؤية فى التليفزيون وأصبح شيوخ البداوة هم نجوم صالونات البيوت العربية فكما إختفت صالونات الأدب والفكر فى المرحلة الليبرالية العربية كصالون مى زيادة فى مصر والشام وكما جفت منابع طباعة الكتب الثقافية فى مرحلة تجفيف منابع الفكر والثقافة المشار إليها سابقا ومع الإكتفاء بالمعلومة المسموعة أو المرأية مع أسر المرأة لنفسها داخل خدرها وخاصة التى تركها زوجها سعيا وراء الرزق فى دول الخليج ومع عودة هذا الرجل فى فترة أجازته محملا بفكر البداوة الذى يساعد على حفظ غيبته وإكتفاء المرأة بمكوثها فى بيتها لتربية أطفالها خاصة مع غياب الزوج كان لابد وبالضرورة إقصاء الدور التنويرى بالنسبة للمرأة وخضوع هذه المرأة للتجهيل وسيطرة الأفكار البدوية عليها حتى أصبح عقلها فى حالة خواء وكان لابد أن يصاحب هذه الحالة من الخواء الفكرى حالة من حجب المرأة لنفسها لعدم قدرتها على التفاعل الإجتماعى فأصبح متلقى لفتاوى البدواة بعيدة عن الرؤية الفكرية المجتمعية الفاعلة .
إن لجوء المرأة للتحجب والنقاب ما هو إلا غطاء يحجب ما وصلت إليه من فقر فى الفكر والثقافة فأصبح ردائها عنوان لعدم مشاركتها فى الحياة العامة وفى التفاعل الجمعى داخل المجتمع كما أن الطامة الكبرى نتجت فى ماتنتجه هذه المرأة من أجيال قامت بتربيتهم فى غيبة تعليم إضمحل وجفت منابعه وأصبح خاضعا لمن ذهبوا ليعلموا المجتمعات البدوية فعادوا يحملون فكر البداوة معهم تحت طغيان البترودولارفالمرأة التى تحملت مسئولية تربية أجيال فى غياب رجل كان كل وظيفته فى جمع الثروة لينفق جزءا منها على بيته زوجته وأولاده غارسا فى عقولهم المحتجبة ما يبرر به غيابه ويحفظ به غيبته ومن هنا نجد أن المجتمع فى حالة غيلب الرجل أوالذكر أصبح مجتمعا بعيدا عن الذكورة التقليدية وأصبح مجتمعا تتحكم فيه المرأة المحتجبة القابعة فى بيتها والتى تصن نفسها بأفكار البداوة عبرشاشات الفضائيات والتى تقض1ى معظم وقتها أمامها كما أصبحت هذه المرأة وراء حجابها المنتقب فى حالة خروجها ترى العالم ولا يراها العالم نتيجة تحصنها حتى أصبح هذا الحصن نوعا من العادة بعيدا عن تدينها أوممارستها لعبادتها .
هنا نرى النقيض بين المرأةالتى خلدت ذكرى 8 مارس (آذار )وبين المرأة العربيةفى نهاية القرن العشرين ومع بداية القرن الحادى والعشرين ففى حين كانت المرأة فى القرن التاسع عشر تثور فى عملها لتحصل على مزايا لها نتيجة مشاركتها فى العمل الجمعى فى المجتمع نجد المرأة العربية قابعة فى بيتها مختفية عن الأنظار فى رداء يحجب ثقافتها قبل أن يحجب جسدها فقد أصبحت أجساد البشرمباحة عبر الرؤيا فى الفضائيات ولا حاجة ماسة لرؤيةسيدة سافرة عبر الطرقات .
إن المرأة التى أنتجها الفكر والثقافة فى 8 مارس ( آذار ) تتناقض عن المرأة التى أنتجها فكر البداوة هذه المرأة العربية التى مارست فكرا ذكوريا وبعدت عن طبيعتها الأنثوية فبيدها وليس بيد غيرها أتحيت لها الفرصة أن تكون مشاركة فى مجتمعها وهى تمثل فى كثير من المجتمعات الأغلبية العددية ولكن بأغلبيتها هذه جعلت من يمثلها الرجل ولم ترضى لإمرأة مثلها أن تمثلها فكما أنتج البرلمان الكويتى نوابا لاتوجدبينهم إمرأة بصوت المرأة أنتج كذلك البرلمان المصرى والمغربى والتونسى نفس النتيجة .
ونعود إلى نفس النتيجة فى الثورات العربية فكما أن الشعوب ثارت نتيجة إحساسها بظلم حكامها وقامت هذه الشعوب بإقصاء هؤلاء الحكام نتيجة إستبدادهم ورفعت هذه الشعوب أصواتها تنادى بالحرية والعيش والكرامة والعدالة الإجتماعية وكأننا نتذكر ثورة المرأة فى 8 مارس ( آذار ) فى العام 1857 م حين ثارت المرأة الأمريكية وخرجت فى شوارع نيويورك تنادى بتخفيض ساعات العمل وتنادى بحقها فى العيش بكرامة فمطالب المرأة فى 8 مارس ( آذار ) هى مطالب الشعوب العربية والتى شاركت النساء العربيات وخاصة فى مصر وتونس والمغرب والبحرين واليمن فى هذه الثورات ولكن هذه المشاركة من النساء الثائرات ذهبت هباءا منثورا أمام الأغلبية العددية للمرأة التى قبعت فى بيتها أو المرأة التى تركت عقلها يقوده أصحاب فكر البداوة لقد أصبحت المرأة هى التى تعوق النهضة والحداثة فهل تستطيع المرأة الثائرة سواء كانت محجبة أو سافرة أن تقود المرأة التى تختفى وراء حجاب ونقاب لتحجب خواءا فكريا حضاريا ثقافيا ؟ .
إن نجاح الثورة العربية الكبرى لن يتأتى إلا بثورة المرأة العربية على إستبدادها وتسليم مقودها للرجل فمفتاح الثورة العربية الكبرى الآن مرهون بنهضة المرأة العربية مرهون بنضجها الفكرى مرهون بمشاركتها فى العمل الجمعى للمجتمع مرهون بالتحرر من محبسها فى بيتها وملبسها مرهون بكونها أن تعى أن تكون إنسانة لها حقوقها وعليها واجباتها مرهون بقدرتها على إمتلاك حريتها وطرح رأيها والتعبير عن مايدور فى خلدها نحن معظم الرجال نستجدى النساء فى النهوض بالثورة العربية الكبرى ولا رياء ولا نفاق فى ذلك فهذه الحقيقة أن مفاتيح النهضة فى أيدى النساء ولا مجاملة فى ذلك فقد أصبحت المرأة بمكتسب حريتها فى التصويت قادرة على نجاح الثورة العربية وقادرهة أيضا على دحضها وفى كلتا الحالتين لابد للمرأة أن تعى أن هذا المفتاح هو المفتاح الذى تولج منه المجتمعات العربية إلى أبواب الحداثة والرقى والنهوض أو تولج منه إلى الرجعية والعبودية وعصر الحريم الذى يلغى ويقصى إنسانية المرأة ويجعل منها سيئا للمتعة للرجل فالمرأة العربية هى الآن المحدد للظلم والإستبداد فهل بيدها أن تظلم المرأة وفى ظلمها هذا تظلم معه ماتنتجه من أجيال فالمرأة لم تعد ظالمة لنفسها فقط بل أصبحت ظالمة للرجل أيضا ونحن هنا نعنى الظلم الواقع على الرجل والمرأة اللذين يركبا قطار الحداثة .
إن روح 8 مارس( آذار) هى الناقل الحضارى للمرأة العربية فهذه الروح روح عمل المرأة ومشاركتها الفاعلة فى صنع قرار يمنع الإستلاب والإستغلال .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - نتمنى للمرأة ان تفيق بشكل حضاري منهجي
سامي بن بلعيد ( 2012 / 3 / 6 - 05:26 )
مقالة تأتي من واقع المعاناة
ودلالاتها عميقة ونتمنى من المرأة العربية الثائرة ان تقوم بدورها كاملاً وتوصل رسالتها الى كل قطاعات المرأة لكي تدرك بأن الواجب يسبق الحق
والثورات العربية كما اوضح الاستاذ محمود هي المفتاح الى الحرية والمدنية للجميع رجالاً ونساء ومن المفروض على المرأة العربية ان تنظم نشاطها وتنطلق من موقع الشريك الفاعل المدرك وليس من موقع التابع المطالب بالحقوق دون ان يدرك الواجبات
استاذ محمود / لك التحية

اخر الافلام

.. حزب الله ينتقم لمقتل 3 من قادته وإسرائيل تحشد ألوية عسكرية ع


.. التصعيد الإسرائيلي الإيراني يسحب اهتمام الغرب من حرب غزة




.. الأردن يؤكد أن اعتراضه للمقذوفات الإيرانية دفاعا عن سيادته و


.. رئيس وزراء قطر: محادثات وقف إطلاق نار بغزة تمر بمرحلة حساسة




.. تساؤلات حول أهلية -المنظومة الإسرائيلية الحالية- في اتخاذ قر