الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في موقف المواطنة العراقية: ضرورات نضج الحراك العفوي الى تحرك واع -2

صميم القاضي

2012 / 3 / 10
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية



إن علاقة المواطنة بالسلطة هي علاقة ذات جانبين لاتكتمل المواطنة ولا حق السلطة بصلاحياتها بدونهما. الجانب الاول هي أنها علاقة (علمية) بمعنى ان المواطنة هي مصدر السلطات لاي حكومة, وإن المواطنة هي مجموعة حقوق لابد للسلطة من ان تؤديها لمواطنيها وهي واجبات على المواطن ان يؤديها باطاعتة للقانون لا بالخضوع المطلق للسلطة. ذلك الفهم العلمي ينفي عن السلطة اي معنى تقديسي او ميتافيزيقي او ازلي فهي ليست الارادة الالهية على الارض وهي ليست حق اولي أوازلي او حق مقدس للحاكم اوعائلتة او سلالتة او عشيرتة بل هي مجموعة الواجبات التي على السلطة ان تؤديها للمواطن مقابل طاعة المواطن للقانون . والصفة الثانية الملازمة للمواطنة هي جانبها (العملي -التطبيقي) المتمثل في علاقة التعاقد بين طرفين هما المواطن (المحكوم)والسلطة(الحاكم) والتي تستوجب رضا المواطن مبرراَ وشرطاَ لوجود الحاكم.أن هذه العلاقة –كما هو الحال في اي عقد اخر- هي علاقة تبادلية لاتتم الا بألتزام كلا الطرفين بواجبات التعاقد ,وتختل هذه الطبيعة التبادلية حين يخفق احد الطرفين في اداء واجباته في العقد فيخضع الطرف المقصر(ووفق نصوصها التعاقدية وهي الدستور والقانون) لىسلطة القانون وحكمة . ضمن هذا الجانب العملي لعقد المواطنة يتمثل التزام المواطنين بأطاعتهم للقانون في مقابل التزام السلطة باحقاق النظام الاجتماعي من خلال اربعة واجبات هي: استباب الامن وتدعيم النظام العام وتطبيق القانون وحماية حدود الوطن وسيادتة . وضمن نفس هذه العلاقة العملية تتحدد واجبات ومسؤوليات المواطنين في الرقابة على عمل السلطات من خلال مؤسسات المجتمع المدني والصحافة وتضامن افراد المجتمع بمواجهة اي اخلال للسلطة في أدائها لواجباتها او اي سؤ او تجاوز في استعمال السلطة.
يقدم هذا الاطار بشقية العلمي والعملي لعلاقة المواطن بالسلطة فهما نقديا لتساؤل العراقيين وحيرتهم التي اخفقت القوى السياسية عن ان تقدم اجوبة علمية وعملية لها, بل ويقدم هذا الفهم حلولا لمعاناة العراقي وازمتة مع مجتمعة في ذات الموضع الذي افلست القوى السياسية عن ان تقدم حلولا فيه ,تتبلور معاناة العراقي المزمنة مع السلطة وازمتة مع مواطنتة بأسئلتة اليومية من نوع : لماذا انا عاطل عن العمل ؟لماذا انا مهان ؟ لماذا انا وعائلتي منتهكي الحقوق ومبتزيين من قبل اشقيائية القادة السياسيين رغم إن طائفتي او قوميتي او عشيرتي هي التي تدير امورنا ضمن منطقتنا ؟هل إن مذهبي او ديني او عقديتي السياسية خطأ؟ وإن كانت عقيدتي صحيحة فهل هو خطا بالتنفيذ ؟ هل إن عقيدتي وتنفيذها صائبين ولكنة فساد المنفذين ؟ ولكن.. اليس المنفذون هم نتاج الايمان والتثقيف بتلك العقيدة؟ ولكن..اليس المنفذون هم نتاج النخب السياسية التي اصطفتهم الاحزاب السياسية المطبقة لروح العقيدة ليقودوا المجتمع؟
تستمر دوامة الاسئلة وتتعزز الحيرة الناتجة عن تقديس السياسة والسياسيين والناتجة عن تسيس القيم الدينية والمذهبية والعشائرية وتسيس المشاعر القومية وتغليبهاعلى علاقة و حقوق المواطنة فيدخل المواطن في حلقة مفرغة ينشل فيها عقله ويفقد إرادتة السياسية ذلك انه باتخاذ المواطن موقفا ينتصر فية لحقوقة أو لحقوق غيره من المواطنين, ذلك أنه بأتخاذ المواطن موقفا يحاسب فية جلادية أوقتلتة أوسارقية سيتخلف عن نصرة المذهب ويضعفة لصالح المذهب المنافس! او سيخون الحزب ويضعفة لصالح الحزب المنافس! او سيتنكر لقوميتة ويضعف شأنها لصالح القومية المنافسة! او سينشق عن قيم العشيرة وينكس رأسها امام العشائر الشامتة! وبالنتيجة لا تستلب الإرادة السياسية للمواطن العراقي فحسب , بالنتيجة لا تهتك الحقوق المدنية للعراقي في حريتة باختيار ممثلية السياسيين وبمحاسبتهم فحسب ,بل يتحول العراقي بموافقته على تغليبة لموقفه الطائفي او العرقي اوالتحزبي أو العشائري على حساب حقوقة كمواطن الى شريك بجرائم السلطة وتقصيرها اتجاة مواطنيها فيستمرئ العراقي موقف طائفتة او قوميتة او حزبة اوعشيرتة في تقتيل (الآخر) وانتهاك الحرمات واستباحة الحقوق المادية او المعنوية لاي فرد مهمش على اساس انة (ليس من جماعتنا) سواء كان(الآخر) هذا طفلا او امرأة او اقلية دينية او اقلية عرقية او جار من طائفة (كافرة) او زميل من عرق (أدنى) او شريك عمل من حزب منافس او دخيل على عشيرة غير موالية. هكذا تستفيد قوى السلطة القائمة واحزابها من اضعاف المواطنة وحقوقها فيتكريس الاستغلال والظلم الاجتماعي واجرام ابناء الوطن بعضهم ببعض ويتعاظم احساس المواطن بالخوف من (الغير) والكره للذات . فيصبح التسليم باختيار العراقي لقادة طائفتة او عرقه او حزبه او عشيرتة رغم فسادهم وعجزهم وفشلهم لعدة سنوات هو الظاهرة الاكثر تعبيراعن اذلال الكرامة الانسانية للعراقي ولاكثر ابرازا لأ ستلاب العراقي لقيمتة واعتباره الانساني امام نفسة.الضاهرة الاكثر تعبيرا عن تضحية العراقي بالمواطنة باعتبارها حقوق على السلطة ان تؤديها وللمواطن الحق بمسائلة السلطة وبمحاسبتها حين تقصر و الظاهرة الاكثر تعبيرا عن اضمحلال الجانبين العلمي والعملي للمواطنة في الوطن العراقي.

هكذا تتعاظم معاناة العراقي أمام ذاتة في قيمتة كأنسان و تتضخم ازمتة مع انسانيتة المستلبة ومواطنتة المغيبة من قبل السلطة وبغرض تنفيس الاحتقان الاخلاقي الناتج في نفسية المواطن العراقي عن توريطة بهذه الازمة الاخلاقية والانسانية يتم توضيف العقائد المذهبية والدينية المسيسة والمشاعر القومية المتعالية (الشوفينية) وقيم التعصب العشائري في تغييب وعي المواطن أو في تخديرضميرة للسكوت على ما استلب من حريتة الفكرية ولما تم تزويره من إرادتة السياسية. توضف الاصوليات الدينية والعرقية والقيم العشائرية ستراتيجية العصا والجزرة فتستعمل اسلوب تقديس المشاركة بالجريمة ( الجزرة) او اسلوب ترهيب وتهميش من يرفضون المشاركة( العصا) ليتسنى اخضاع الاتباع وتكريس استلابهم لذواتهم .
تتمثل الجزرة بتخريج الانصياع المطلق لإرادة قادة الطائفية والعرقية والعشائرية في استباحة حياة وحرية وكرامة و حرمات المواطن الآخر (الغير) على انه طاعة للخالق من خلال المذهب او الدين !على أنة انتصار للتسامي والنقاء العرقي !على أنة تعبير عن طهرالمنبت وزكاء الحليب ونصرة لقيم الفروسة في العشيرة ! وتطلق عصا الترهيب لمن يفكرباستعادة ارادتة السياسية وممارسة حقة باختيار ممثليه او الاعتراض على الجرائم اوحتى لمن يلجأ للقضاء لطلب الحق بدل اللجوء لبلطجة الاحزاب والولائات فتتمثل عصا الترهيب والتهميش في :الوصم بألارتداد عن الدين اوالكفر بالمذهب؟! اوالخيانة لعقيدة الحزب؟! اوالأفتقاد للنقاء العرقي؟! اوالتشكيك بطهر المنبت وزكاء الحليب ؟! او الطرد من حماية العشيرة ! وتستمرسويرة الدماء في العراق تبعا لغياب موقف موحد للمواطنة وموقف يغلب الجانبين العلمي والعملي للمواطنة في مواجهة سؤ استعمال السلطة وتجاوزاتها وفسادها وفي اختيار ومحاسبة السياسيين على اساس البرامج السياسية التي يقدمونها وعلى اساس ما ينجزونة منها عند نهاية فترة انتخابهم وليس على اسس الطائفة والعرق والعشيرة.
هنا تتجسم الهاوية السحيقة التي استلب اليها العراقي نتيجة افتقارالدساتير العراقية منذ تاسيس الدولة العراقية 1921 ولحد الآن للحريات المدنية وافتقارالقوانين العراقية للحقوق المدنية باعتبارهما التعبير التشريعي والقانوني للمواطنة ,هنا تتجسد الازمة المزمنة لمعناة العراقيين كشعب مع جميع حكوماتهم, هنا يتعرى إتفاق جميع السلطات والحكومات التي حكمت العراقيين منذ تاسيس الدولة الحديثة والى الآن ,اتفاقهم على قضيتين رئيستين فقط واختلافهم في ما بعد ذلك هما تغييب حقوق المواطنة للعراقيين وقمعهم للمواطنين حين يطالبون بها. هنا يشخص العجز الاداري والافلاس الفكري والمشاركة في جريمة تغييب حقوق المواطنة من قبل القوى اللاعبة على الساحة السياسية في العراق اليوم ,هنا يبرزتآمر هذه القوى على حق المواطنة من خلال اجتهادها بتكريس الثقافات الطائفية والعرقية والعشائرية والحزبية كثقافات بديلة لثقافة المواطنة ,ولسلطة الاعراف الجهوية والعشائرية كبديل لسلطة القانون وحقوق المواطنة,و لأقلمة الدولة (تقسيمها لأقاليم) ومذهبة دوائرها كنظام إرداري بديل لنظام المؤسسات . أن البدء في كل هذا كان بصياغة دستور يقدس امتيازات وحقوق وحصانات السلطات الطائفية والعرقية والعشائرية ,دستور يفتقد لاية امتيازات فعلية لحقوق ألمواطنة يفتقد لتشريعات تدعم الحد من سؤ استعمال السلطات أو مراقبة هذه السلطات أومحاسبتها. وبهذا ميزً الدستور الحالي نفسة عن بقية الدساتير منذ تاسيس الدولة العراقية بأنة كرس مذهبة واقلمة الدولة ومزق سلطاتها بدلا من أن يوازن توزيعها ولكنة اتفق مع جميع الدساتير السابقة في تكريس الألتفاف على حقوق المواطنة للعراقيين والتملص من ألتزامات السلطات بواجباتها اتجاه المواطنين وتميع حق المواطن بمراقبة ومحاسبة ومسائلة السلطة, بأنة كدساتير العراق الاخرى يغمط حقوق المواطنة على العراقيين ويكرس وجودهم كرعايا واتباع.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. طقوس العالم بالاحتفال بيوم الأرض.. رقص وحملات شعبية وعروض أز


.. يوم الأرض بين الاحتفال بالإنجازات ومخاوف تغير المناخ




.. في يوم الأرض.. ما المخاطر التي يشكلها الذكاء الاصطناعي على ا


.. الجزائر: هل ستنضمّ جبهة البوليساريو للتكتل المغاربي الجديد؟




.. تصريح الرفيقين جمال براجع وعبد الله الحريف حول المهرجان الخط