الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اللّحظة صفر

صالح محمود

2012 / 3 / 13
مواضيع وابحاث سياسية


اللّحظة صفــر
- يا شباب القصبة ، يا روح الثورة قد تتساءلون قائلين : ماذا تعني لنا اللحظة صفر ؟ و الأفضل أن تتساءلوا : أين كان الإنسان قبل اللحظة صفر ؟ أين كانت الروح قبل اللحظة صفر ؟ ها هنا يمكن الحديث عن الهوية ، انعكاس الميتافيزيقا وصداها في الخلق ، لن يدعي الإنسان آنذاك أو يتعالى عبر الإيجوسنتريزم المبرر الوحيد للجيوسنتريزم لأن المدينة من خلق الإنسان والإنسان وحده ، فالقمع والقتل أقصى حدود السلب . آن الأوان أن تجهروا بدعوتكم أن تعلنوها على الملأ ، أن تبشّروا باللّحظة صفر المباركة ، أن تنشروها ، سيروا ببركة الروح المقدسة ، انتشروا في أصقاع الأرض وأقاصيها ، اغتصبوها ، اُسلبوها ، انتهبوها ، لا ترحموا كل مريض أو ضعيف واه ، كل كسيح مقعد ، كل أعمى أوأصم ، فنفوسهم دنسة لعجزهم عن استيعاب اللحظة صفر إذ يحركهم اللاّشعور ، حيث تختلط عليهم الأمور فتصبح أحلام عند بلوغ الحقيقة فلا يفقهونها !!!
- هل الأرض باردة ، يا صوت الإنسان ، ساكنة إ جامدة إلى حد السلب ؟
- بل صامتة ، خاوية تماما جوفاء ، فاللحظة صفر تترجم عن الهوة السوداء تجتذب الأشكال وتمتصها ، الواقع ليس صلبا ، فلن تجد الحركة مواجهة تذكر عند الخلق - بل تجد الخراب والركام - و اختراق العالم الصامت!!!
- لأن اللحظة صفر تنبثق من طياته ، أعني من غيابه !!!
- عبر الحركة !!!
- بلى ، اللحظة صفر لا تمثل المنتصف بل البداية ، صدى صوت الله في الخلق ، بث الروح ونفخها، وبدونها يقبع الإنسان في السلب غائبا غائما غريبا ، العالم يولد في اللحظة صفر ، أي في حضور الله ، ولو لم يكن الأمر كذلك لمَ تمَّ الخلق ، إذ يستحيل الكون بدون الله ، في هذه اللحظة عاد الإنسان لذاته عبر الإيجوسنتريزم ، إثر الإنفعال بالموضوع ، الصور المتفككة المتآكلة ، يكون الله غائبا بغياب الإنسان .
- أجل ، السلب انعدام الحركة إذ كان الإنسان غائبا ومن خلاله غاب صوت الروح ، لا يمكن الحديث عن الصورة في الشكل ففضلا عن أن هذا لأخير لا يمثل ذاتا مستقلة بحكم تحلله ، لا نكتشف زيفه إلا بعد اللحظة صفر حين يتساقط في الهوة السوداء ، أو هكذا يبدو لمن يعشق الوهم والزيف من خلال تصور السلب ، وحقا أين كان الله ، قبل اللحظة صفر ؟
- كان في الغيب ، في الماوراء ، وهذا واضح في حضوره عبر الإنسان كميتافيزيقا بالعودة إلى الذات ، فلا يظهر في غير الآيات والمعجزات ولهذا كان قوس قزح حقيقة الروح ، وإنقاذ الإنسان من الغرق في الهوة السوداء .
- هذا صحيح ، الله ظهر في الموضوع ، كان غياب الإنسان عبر الإستيلاب والتغريب ، فالواقع ليس صلبا ، بل هشا ، أو في الأصل فارغا خاويا ، يرتبط بالهوة السوداء العميقة ، لأن الله يظهر في اللحظة صفر خلقا ، انعكاسا في الإنسان .
- وإكليل الشوك والصليب ؟
- تقصدون السلب ، اللحظة صفر تتحقق في إكليل الشوك والصليب عبر نزول الروح لتتعين ، أي ميلاد الحياة مقابل الموت ، الوجود مقابل الإغتراب ، اللحظة صفر تعني ظهور الروح ، تعني لقاء الإنسان ذاته في الخلق .
- كان الإنسان في السلب قبل اللحظة صفر، وحين ظهر سعى الصالحون المنفعلون بالموضوع ، أعني بالشر لقتله ، معتقدين أنه الإنسان ، وبدل ذلك طرحت قضية الهوية : من هذا الإنسان ؟
- يظهر الله في الذات ميتافيزيقا ، في الماوراء ، في السلب ، فيغيب الشكل ويتوارى ، ورغم ذلك يتعين صوت الله في الوحي ، هاهنا يصبح صوت الإنسان منطلق اللحظة صفر حين تمثل النور في السواد ، انفتاح العالم في الخواء والفراغ ، إثر انغلاقه في الفناء و الشر ، ليس العالم وليد الشر فقد كان عدما . لأن الله يبعث الوجود في صوته خصبا وثراء ، نموا وحركة دائبة ، هكذا نفهم إكليل الشوك والصليب هيمنة الإستيلاب ، غياب الذات .
- أتعني أن من أراد قتل الإنسان هم القتلة واللصوص وعبدة الأوثان وسائر المجرمين المارقين عن القانون ؟
- أجل ، فاللحظة صفر مثلت حضور الله ميتافيزيقا في الإنسان ، أي إرادة الله .
- والتقاة ؟
- تعنون المعلمين، الصالحين ، الكهنة المشعوذين ، هو أمر يثير السخرية ، فأين كانوا قبل انبعاث الوجود روح الله في الإنسان ؟
- كانوا في السلب !!!
- ذاك ما أريد تأكيده .
- ألذلك يجب رفض الواقع يا روح الله ، يكتنفه الزيف والوهم لأنه هش ومخترق ، لا وجود له أصلا ، بغياب الذات ، ولو كان الأمر عكس ما نعتقد كيف نفسر ميلاد اللحظة الصفر من رحم السّلب ، متمثلة في صوت الله خلقا ، ولكن من هؤلاء ؟
- عبدة الأوثان !!! هذا صحيح ، هل تعتقدون أنهم يحفظون استمرار العالم ، ماذا فعل التقاة والدعاة للفضيلة ، البر والتقوى غير تضليل الناس وسلبهم رغباتهم ودوافعهم الذاتية الأصيلة ، بالتشريع للعمى ، للإستيلاب و الإغتراب ، الفناء في الهوة السوداء ، معتمدين على السحر والطلاسم ، الشعوذة والخرافة .
- هذا بديهي ، يا صوت الإنسان ، لأنهم كانوا في السلب في الغي والغيب ، في الشهوات والهوى ، اللحظة صفر عبر ظهور الروح تعني هوية الإنسان ، وليس الواجب بل العودة إلى الذات بعد اغتراب ، إذ تعلن الروح آنذاك عن نفسها في الكفر والنجاسة ، أعني الشريعة ، ماذا وجدت اللحظة صفر عند انبثاقها ؟ طمس الإنسان وقتله ، في الغي و الزيغ ، الزيف و الفساد .
- هذا هو بيت القصيد ، يا أصفياء الله ، هؤلاء الوثنيون سيسعون لتكذيبكم ، سيعمَدون لتصغيركم و تحقيركم ، سيؤلبون الناس عليكم ، وسيحطون من عزيمتكم ويحبطونكم في عملية الخلق ، ولكن اللحظة صفر هي إرادة الله تحقق خلقا.
- أنت لا تعني الواجب طبعا بل الهوية ، تعني الحرب المقدسة في اللاشعور لتحقيق شريعة الله مثال الخير ، الله يتجسد شريعة قانونا لتحقيق الإيجاب خلقا ، فليس هناك خلافة لأن الوجود غائب في السلب ؟
- أجل لا يمكن الحديث هنا عن القانون ، بل عن الروح .
- قلتَ أنها اللحظة صفر، أليس كذلك ؟
- هذا صحيح ، الإنسان ظهر في عالم السلب ميتافيزيقا ، ، وما الإنسان إن لم يكن ايجوسنتريزم وما الأرض إن لم تكن جيوسنتريزم ؟ وما الإيجاب إن لم يكن وحيا من السماء تتجلى وجودا ؟ وما اللحظة الصفر إن لم تكن الخلاص من الشر ؟ ثم لنكن واقعيين ولا نجنح في عالم الخيال ، أسألكم سؤالا مباشرا ومحددا ، لماذا هذه المحاولة لطمس الإنسان عبر القمع والقتل؟ لماذا الدماء ؟.
- اعتقدنا أنها دماء الخطيئة الكبرى !!!
- هي كذلك حين تعني نفي الذات عبر اللاشعور ، ستحتجون لا محالة مستشهدين بالسلب ، ولكن القرابين البشرية تلك في مختلف تلك العصور السلبية وفي مختلف الأصقاع لم تحقق اللحظة صفر ، لأنها قدمت لوجه الله عبر الصالحين والتقاة ودعاة الخير والبر والإحسان بالأحاجي ، الطلاسم والسحر ، كانوا أدوات السلب في نشر السواد وهيمنته على القلوب ، هكذا كان السلب يفعل فعله السحري كما يبدو في كبت الروح واستخدام الجسد كأداة كآلة لسجنها .
- يا صوت الروح ، كان الإنسان في السلب سلبا ، بدليل الأساطير والخرافات التي تملأ وقته وحياته الحافلة بالضجيج والضوضاء ، كان يقلب وجهه في السماء انتظارا ظهور الله في الشكل ، لأنه كان يؤمن بالمعجزات ، لم يكن يعمل ، بل كان يتمثل فحسب ، فالإيمان أتاهه في الغيب ، فماذا بقي منه ؟ هؤلاء التقاة سجناء البر والإحسان ، تمكنوا من تغريب الإنسان عن ذاته عبر الحكمة ، وحولوه فريسة سهلة للوهم في اللآشعور .
- أجل تاريخ الإنسان حافل بالدماء ، سخر لحماية الزيف ، الخرافة والأسطورة الكاذبة ، عبر الكذَبة من محترفي السحر والدجل . ورغم ذلك ولد الإيجاب في السلب عبر اللحظة صفر.
- ظهرت الروح في الذات ، وهذا مثير للغاية ، إذ يمثل صورة واضحة لأهداف السلب في عملية التغريب. هكذا إذا ، كانت العلاقة هرمية ، خلاصة الحكمة التي من أجلها وجد القمع والقتل . آلية دفاعية للسلب ، أعني احتكار الحكمة ، أغلال الإنسان وأصفاده ونفيه في الظلمات .
- هذا صحيح ، فالخلق انبثق من الماوراء عبر اللحظة صفر في الإنسان بالعودة إلى الذات .
- لا يمثل الإنسان الشر فظهوره في اللحظة الصفر كفيل بجني ثمار الروح من خصب وخير ، محبة و فرح ، سلام و طمأنينة ، جمال وتهذيب ، لباقة واحترام ، لأن اللحظة الصفر تعني ظهور الروح ، في الإنسان صوتا.
- ولكن الواقع ليس صلبا ، بل هشا ، مخترقا !!!
- خاويا ، أليست هذه حقيقة السلب ؟ ثم لماذا القتل ؟
- تقصد حقيقة السلب في مقابل الإيجاب ، الموت في مقابل الحياة ، الشر في مقابل الخير ، لا يمكن التعجب يا صوت الإنسان ، فاللحظة الصفر ظهرت في السلب ، أنظر إليها تولد من رحم العدم ، يا لعظمتها ورهبتها ، قلتَ من قبل أن إكليل الشوك والصليب هي آخر حدود السلب قبل اللحظة صفر .
- نعم كعملية طمس الإنسان ، نفي روح الله ، لا موجب للسؤال عن معنى السلب ، إذا اتضح لنا عودة الإنسان لذاته في اللحظة صفر ، أعني ظهور الوجود في حضوره ، وفي مقابل محاولة القتل والطمس ظهرت قضية الهوية ، وهذا بديهي لأن اللحظة صفر تعني حضور الله في الإنسان ، والحديث عن الشر مجرد وهم وثرثرة فارغة كحالة السلب فحضور الإنسان في اللحظة صفر نفي للسلب باعتباره مجرد فراغ وعدم ، أو بالأحرى غياب الإنسان .
- الآن نفهم يا جوهر الروح أن الشر هو غياب الإنسان ، و ينبثق الوجود في اللحظة صفر رغم الدماء بل الدماء تكون أساسا لها ، في إطار نفي الشر ، فكيف تتم عملية النفخ ؟ ورغم ذلك طرحت قضية الهوية ، ولكن ما أردتَ الإشارة إليه هو التالي : أين كان الوجود قبل اللحظة صفر؟ فالهوية فهمت بشكل مبسط و سطحي بل ساذج ، كان مفقودا إذا كانت اللحظة صفر مبدأ نفي السلب. ولكن الهوية لا يجب أن تفهم كرد فعل على محاولة قتل وطمس الإنسان ، لا يجب أن تفهم كبسط الإنسان هيمنته على الوجود لأنه كان مفقودا ، ماذا يعني ذلك غير ابتذال اللحظة صفر أعني الحضور الميتافيزيقي - بما فيها من قوة و عظمة ، رهبة و قداسة ، سطحية وسوء فهم لحقيقتها أعني حضور الله في الإنسان وخوضه الحرب المقدسة .
- هذا صحيح يا صوت الروح ، ليس العالم وليد الشر ، بل ينغلق فيه ويظلم ، وينفتح في حضور الله عبر الإنسان ، لا يمكن الحديث عن عقم الوجود في السلب ، فصوت الإنسان ، مصدره ميتافيزيقي ما ورائي أي صوت الله ، لم تشرع اللحظة صفر لهيمنة الإنسان على الوجود ، بل إذا كانت مصدره ستبيح للإنسان حتما خلقه ، فإذا ، الحرب المقدسة هي الإيمان بالذات صوت الروح الخالقة للوجود في اللاشعور ، وبريق الميتافيزيقا في لحظة الصفر يعني ظهور الله ، يعني تجلي الوجود ، بريق في الظلام ببناء المدينة التي تؤكد الجيوسنتريزم ، لا بالفسفسائية المنتشرة على سطح الأرض لأنها السطح بل بالروح التي تحركها .
- أجل ، يكون الوجود في السلب مفقودا ، ويحظر في اللحظة صفر حضورا تاما خلقا نابعا من الروح ، لا نظاما ، شكلا يتآكل يتساقط في الهوة السوداء .
- إذا فاللحظة صفر هي البداية ، تتجدد في حضور الروح عبر الإنسان خلقا للوجود .
- نعم فالهوية تقتضي تحقيقها ، خلافة الله في الخلق ، واللحظة صفر هي عملية تجسيدها ، لأن الوجود لم يوجد قبل ذلك إلا في علم الله ، ثم ظهر عبر النبوة في الإنسان ، وإذا فالإنسان كائن ميتافيزيقي لا شكلا وجسدا يعذب ويقتل ويطمس .
- الحقيقة كامنة في السلب حين يقول الله:>> كنت كنزا مخفيا فأردت أن أُعرف> أنا هو الطريق ، والحق والحياة << .
- يا شباب القصبة ، يا روح الثورة لا تقولوا : نحن قلة ، فهذا بديهي ، هذه الأقلية هم من يحركون العالم ويخلقونه ، اُذكروا وول ستريت و أولئك الذين أرادوا غزوها والإستيلاء عليها رافعين صورة محمد البوعزيزي ، هؤلاء القلة يجدون الشر بانتظارهم كامنا في اللاشعور حيث يغيّب الإنسان عن ذاته المقدسة . لا يهم أن يكون تنظيمكم الثوري رسمي أو رمزي ، التنظيم الرسمي يعني تشكيل اللحظة وبناء المدينة ، والتنظيم الرمزي دائم عبر الخروج عن الإطار، وهو الإختراق المستمر للواقع ، للإشارة إلى شكله المزيف الوهمي ، أعني الحضور المتواصل في ساحة القصبة ، هي ذي الهوية تتحقق عبر اللحظة صفر .
- أجل يا صوت الإنسان ، الأقلية هم من يعلنون الحرب على الوهم والزيف على الإغتراب الكامن في اللاشعور، لأنهم الذوات الملهمة عبر الروح التي تسري في تفاصيل المدينة وتحدد هندستها كتيار متدفق على الدوام ، وبقدر تجلي شريعة الله وظهورها في الإنسان خلقا ، بقدر تحقق الخير والخصب - وهو ما يبرر قدرتهم على الخروج عن الإطار والشكل .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ازالة هذه النسخة
صالح محمود ( 2012 / 3 / 13 - 21:16 )
تحية طيبة أصدقائي الساهرين على الحوار المتمدن
أرجو الإنتباه إلى هذه النسخة للنص -اللحظة صفر- أنها ناقصة مما تسبب في خلط ف-أنا هو الطريق ، والحق والحياة -قالها المسيح
الرجاء تعويض النسخة المنشورة بالنخة التي أرسلتها لكم منذ قليل.
تقبلوا فائق احترامي
صالح محمود

اخر الافلام

.. تحذير من الحرس الثوري الإيراني في حال هاجمت اسرائيل مراكزها


.. الاعتراف بفلسطين كدولة... ما المزايا، وهل سيرى النور؟




.. إيران:ما الذي ستغيره العقوبات الأمريكية والأوروبية الجديدة؟


.. إيران:ما الذي ستغيره العقوبات الأمريكية والأوروبية الجديدة؟




.. طهران تواصل حملتها الدعائية والتحريضية ضد عمّان..هل بات الأر