الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حسنى مبارك...براءة !

سعد هجرس

2012 / 3 / 14
مواضيع وابحاث سياسية


تتوالى الأحكام القضائية بتبرئة متهمين بقتل وإصابة الآلاف من أبنائنا وبناتنا منذ اندلاع شرارة ثورة 25 يناير. فهل يعنى ذلك أن شهداء الثورة أكذوبة وأن مصابى الثورة مجرد ادعاء واختلاق؟
نفس السؤال يطرح نفسه بعد صدور حكم القضاء العسكرى بتبرئة طبيب مجند متهم بإجراء كشف العذرية على عدد من بناتنا فى السجن الحربى، فهل يعنى هذا الحكم أن كشف العذرية لم يحدث من الأساس؟!
البعض يحاول تصوير الأمر على هذا النحو ، فى إطار محاولة اكبر لتشويه الثورة والثوار ومحاولة تضليل المتعاطفين معها. بل لم تكتفى هيئة الدفاع عن الطبيب المجند المشار إليه بذلك، بل ذهبت أبعد من ذلك بالتلويح بأنها ستقوم بتوجيه تهمة البلاغ الكاذب إلى الناشطة السياسية سميرة إبراهيم التى فجرت قضية كشوف العذرية، والتلويح كذلك بإقامة دعوى ضدها لتعويض الطبيب المجند المذكور.
وهذا يعنى ببساطة انه لم يكن كافيا هتك عرضها فى السجن الحربى وإنما يتم تهديدها بان تدفع من حريتها ومالها – إن وجد – ثمن تجاسرها على الشكوى من الهمجية التى تعرضت لها، حتى تكون عبرة لمن تسول له نفسه أن يحذو حذوها.
وهو ما يعنى بعبارة أخرى ذبحها مرتين، أو ذبحها ثم سلخ جلدها.
فى حين أن حكم البراءة الذى انتهت إليه قضيتها لا يعنى أكثر من الاحتمالات التالية:
1- أن النيابة العسكرية لم تبذل الجهد الكافى لتوفير الأدلة والقرائن التى تؤيد ما جاء فى قرار الاتهام الذى أعدته.
2- أن النيابة العسكرية أخفقت فى التحديد الدقيق لهوية الجانى فوجهت الاتهام إلى فلان، بينما الجانى الحقيقي هو علان الذى لم يتم التوصل إليه. لكن عدم التوصل إليه لا يعنى أن الجريمة لم تقع.
3- أن الآلية المعمول بها فى القضاء العسكري ليست هى الأنسب لتحقيق العدالة فى هذه النوعية من القضايا، سواء لأن الخصم يكون هو الحكم أو لأسباب أخرى ليس هذا مجال الإسهاب فى الحديث عنها. وإذا كانت قضية استقلال القضاء "الطبيعى" محل جدل شديد داخل الأوساط القضائية ذاتها فما بالك بالقضاء العسكرى وبخاصة عندما يتصدى لمحاكمة مدنيين.
****
وسواء كان القضاء "طبيعياً" أو "عسكريا" فإن المسألة الأكبر من "كم" القضايا المنظورة وما تنتهى إليه من أحكام ، هى مسألة تصفية الثورة بـ "القانون"، وفى أطار هذا النهج العجيب الذى لم نرى له مثيلا فى أى ثورة فى مشارق الأرض ومغاربها ليس مستبعداً أن تتم تبرئة حسنى مبارك وولديه أو الحكم عليهم بأحكام "رمزية" و "شكلية" لا تتناسب باى حال من الأحوال مع الجرائم الحقيقة التى اقترفوها والتى تصل إلى حد الخيانة العظمى والإضرار بالأمن القومى والعبث بالمبادئ الجمهورية وتقزيم مكانة مصر إقليمياً وعالمياً، ناهيك عن إفقار وتجويع ملايين المصريين ودفعهم إلى براثن الأمية والجهل والمرض والإذلال وامتهان الكرامة الإنسانية.
كل هذا يتم اختزاله – بالمواجهة القانونية المعمول بها – إلى إتهامهم الحصول على قصرين بأقل من ثمنهما الحقيقي من حسين سالم!!
أليس هذا هو العبث والاستهزاء بالعقول؟!
ثم تعالوا نرى هذه المفارقة المدهشة: 12 ألف من المدنيين المصريين تمت محاكمتهم أمام القضاء العسكري والحكم عليهم فى غصون ساعات أو أيام معدودات دون أن تتوفر لمعظمهم ابسط ضمانات المحاكمة العادلة، بينما رأينا مشهداً مغايراً لذلك على طول الخط فى قضية كشوف العذرية. وكل هذا – الشيء وضده – يتم تبريره باسم القانون .
وليس أدل على ذلك من فضيحة ما يسمى بقضية تمويل منظمات المجتمع المدنى وما اشتملت عليه من تلاعب فج بالقانون وزج ممجوج بالقضاء فى مغامرة أو صفقة سياسية خائبة .
وكم من الجرائم ترتكب باسمك أيها القانون .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - شكراً للكاتب الوطني الحر
ختام الغبراوي ( 2012 / 3 / 15 - 02:05 )
شكراً للكاتب الوطني الحر على هذا المقال الرائع العذب ، فقط للدعابة لو نشرت هذا المقال في موقع المثقف العراقي لما رأوا فيه سوى حذف حرف العلة في ( لم نرى ) و ( لم تكتفي ) وهذا قمة انحطاط الوعي التقدمي في العراق وسيطرة الأصوليات والإرتزاق الثقافي

اخر الافلام

.. واشنطن تعتزم فرض عقوبات على النظام المصرفي الصيني بدعوى دعمه


.. توقيف مسؤول في البرلمان الأوروبي بشبهة -التجسس- لحساب الصين




.. حادثة «كالسو» الغامضة.. الانفجار في معسكر الحشد الشعبي نجم ع


.. الأوروبيون يستفزون بوتين.. فكيف سيرد وأين قد يدور النزال الق




.. الجيش الإسرائيلي ينشر تسجيلا يوثق عملية استهداف سيارة جنوب ل