الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
الاغتيال باسم الحرية.. فمن لا يقرأ التاريخ ويعتبر سيكون مختبرا لعينات كانت تعرف فيما سبق بأنها خير أمة خرجت لدنيا
فيفا صندي
2012 / 3 / 19مواضيع وابحاث سياسية
"إما معنا.. أو ضدنا " !!
هكذا كان التهديد المباشر لجورج بوش الابن وقت تحضير غزو العراق، وبهذا الأسلوب الديكتاتوري تم إقناع العالم بضرورة نشر الحرية والديمقراطية...
وبعد قرابة تسع سنوات من احتلال العراق، لم تكن الحرية / الديمقراطية المنشودة سوى وهم غارق في بحر من الدماء، أو ربما هي الحرية على الطريقة الأمريكية المتخيلة فى بلاد العالم الثالث وخاصة بالمنطقة العربية.!
فمن يحتل البلاد، وينهب خيراتها ويقسم ثرواتها، ويرتكب الجرائم في سجن أبو غريب، ويقتل مليون عراقي، ويحمي مجرمي الحرب الإسرائيليين، بالتأكيد لا يدافع أبدا عن الحرية / الديمقراطية، بل يدافع عن حسابات أخرى بلغة أخرى غير المصالح واللغة التى "نتحنجر" بها ليل نهار بدون فائدة سوى المزيد من الكوارث التي نجلبها لأنفسنا باسم الحريات المخلوطة بسر"السبيسي" الأمريكي المسموم.
ولليوم، لا تزال الأوضاع دامية في العراق، مع استمرار الاعتقالات والحملات الظالمة التي حولت العراق وبشهادة العالم أجمع إلى سجن كبير ترتكب فيه أبشع الجرائم.. باسم الحرية والديمقراطية !
فهل هذه هي الديمقراطية التي كان يتوقعها الشعب العراقي يوم سقوط بغداد، وعند الإطاحة بتمثال الراحل صدام حسين؟!
وليس بعيدا عن هذا السيناريو، نجد اليوم أمريكا / المشروع الغربي بمباركة قطرية / سعودية تسعى إلى تطبيق نفس الحرية والديمقراطية على الأراضي السورية، متجاهلين أصوات الملايين من الشعب الذين خرجوا في مظاهرات مطالبين بعدم التدخل الأجنبي في الشؤون الداخلية.
أصوات لم تجد لها صدى، بل ورافقها في المقابل تجاهل إن لم نقل تستر على العصابات المسلحة المنتشرة، التي سجل مراقبو الجامعة العربية جرائمها.
وباسم الحرية عمت الفوضى والانفلات الأمني، وسادت المظاهرات كل المناطق السورية، مظاهرات قوبلت بالتدخل الأمني العنيف ومشادات بين الجيش والشعب من جهة، ومن جهة أخرى لا يستطيع المواطن السوري التنقل بحرية داخل بلدهم، لأن قطاع الطرق المسلحين يهاجمون السيارات بالرصاص. وقد يكون مصير الركاب نفس مصير عمال النسيج الذين فجّر بهم الباص بعبوة ناسفة في "إدلب"، أو مصير عمال النفط الذين قتلتهم عصابة مسلحة بالرصاص في "حمص"، أو مصير سائق سيارة الإسعاف الذي قتل في "الرستن"، والأمثلة كثيرة..
وأصبحت سوريا مرتع للدمار والعنف وحرب العصابات، وأصبح المواطن البسيط مهدد بالقتل حتى وهو في عقر داره، فلا ثمن للدم السوري اليوم مادام الاختبار "اختبار الحرية"، فيمكن ببساطة أن يقتل برصاص مجهول وتباع صور جثته لرجال الحرية، التي تستثمرها قنواتهم الإخبارية كأداة لشحن الشعب ضد بعضه وضد النظام الديكتاتوري.
والحرية في سوريا لن تكون أقل شراسة وانتهاكا لحرمة الإنسان وحقوقه، من سابقتها في العراق. وبالتأكيد ليست الغيرة على الديمقراطية هي السبب وراء اندفاع أمراء النفط والسياسيين الغربيين للتدخل في سياسة سوريا، وجهدهم لإسقاط نظامها. لإسقاط سوريا القلعة الأخيرة في الدرع العربي.
فمتى يعي الشعب بكل مكوناته أن التغيير في سوريا مرفوض بالتدخل الخارجي، ومقبول فقط بانتخابات نزيهة واحترام أصوات الأغلبية؟
أما في ليبيا، فلم تخلو الثورة الليبية من حمل شعار الحرية والديمقراطية، ولم يكن تدخل حلف الناتو عسكريا من أجل إسقاط نظام القذافي إلا تعبيرا عن الوجه الآخر لهذه الديمقراطية الجديدة، وما ترتب عنه من قتل شنيع على مرأى العالم للراحل القذافي.
وعمليات العنف لم تنتهي بمقتل العقيد، بل طالته لتشمل عائلته وأقاربه ومؤيديه.. هذا وقد أعرب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون عن قلقه العميق من عمليات القتل والتعذيب والانتقام والاغتصاب في السجون الليبية التي تسيطر عليها الميليشيات، مضيفا أن الميليشيات أسست سجونا سرية، تمارس فيها أبشع أنواع التعذيب، في الوقت الذي فشلت فيه الحكومة الانتقالية في بسط سيطرتها على البلاد.
من جهة أخرى، وبعد سنة من انطلاق الثورة التي أسقطت حكم العقيد القذافي، شهدت بنغازي ثورة جديدة، لم تتضح معالمها بعد، بعد أن أعلن مؤتمر عقد في إقليم برقة الشرقي عن حكم فيدرالي، متجاهلا سلطة المجلس الوطني الانتقالي الذي يرأسه المستشار مصطفى عبد الجليل إلا في ما يتعلق بالأمور الخارجية. وأثار مؤتمر برقة عاصفة هزت ليبيا لما يشكله من فرصة لإعادة أصوات الوصاية على جهات ليبيا الثلاثة (برقة، طرابلس، فزان).
فبعدما قفزت ليبيا في الماضي خطوة ما بعد الفيدرالية، ها هي اليوم باحتمال قرار العودة إليها، تقفز مرة أخرى، لكن إلى الخلف، وخصوصا إذا عرفنا ما يمكن أن يلحق هذه الخطوة من انفصال وانقسامات نتيجة طبيعة ليبيا التاريخية والجغرافية و ثقافة الفرقة والقبلية والجهوية السائدة، مما يرسخ المجتمع القبلي، ويبتعد عن مرحلة نظام الدولة.
فهل سوف نشاهد دارفور جديد في ليبيا، وهل سوف يستسلم الليبيون لمخطط الانقسامات؟
وفي مصر، لم تكن فاتورة الحرية أقل ثمنا. فمنذ الإطاحة بنظام مبارك والساحة المصرية لم تخلو من الصراعات والعنف والفوضى والإحراق والبلطجة مما أنعش تجارة الموت / السلاح والمخدرات في البلد.
هذا وقد عادت الاشتباكات الطائفية تطفو بحدة بدءا بأحداث كنيسة الشهيدين، وصولا إلى أحداث ماسبيرو التي أسفرت عن مقتل 20 شخصا وإصابة المئات.. مرورا بالاشتباكات التي عرفتها المنيا وقرية المارينا وكنيسة مارمينا، مما وسع الفجوة أكثر بين المسلمين والأقباط.
وبعد مرور عام على سقوط نظام حسني مبارك ما زال المجلس العسكري برئاسة المشير حسين طنطاوي، الذي شغل في عهد مبارك منصب وزير الدفاع، يمسك بزمام السلطة.. ورغم إعلانه في أكثر من مناسبة نيته الانتقال إلى حكومة مدنية، لكن بالعودة إلى قرارات المجلس وخاصة فيما يتعلق بقانون الطوارئ وملاحقة النشطاء الديمقراطيين والحملات التي تقوم بها الأجهزة الأمنية بحق النقابات المستقلة، كلها تدابير تطرح ألف استفهام وتشكك في نوايا الجيش.
أضف إلى ذلك صراع الأحزاب السياسية المختلفة حول السلطة، وما أفرزته الانتخابات من وصول الإسلاميين ممثلين في جماعة الإخوان ذات المرجعية المعتدلة والسلفيين المتشددين الذين شكلوا المفاجأة الأكبر خلال الانتخابات بحصولهم على عدد من الأصوات أكثر بكثير مما كان متوقعا. وما يمكن أن يترتب عن ذلك من اسلمة المجتمع وتراجع في مجال الحريات الشخصية.
فهل هذه هي الحرية والديمقراطية التي خرج من أجلها ملايين المصريين إلى الميادين حاملين شعارها ومترقبين بزوغ فجرها؟
يقول أمين الريحاني: "الثورة الحقيقية ونحن من أنصارها ورسلها، إنما هي الثورة التي يزرع الزمان بذورها في قلوب الناس وعقولهم.. هي الثورة التي يتقدمها ري العراق مثلا، وسكة الحجاز، وحرية الطباعة والتجارة والتعليم.. الثورة الحقيقية، أو بالحري الانقلاب العظيم، هو الذي يساعد في ارتقاء الأشياء، أي ما ينبغي أن يكون؟".
فأين نحن من هذه الثورة الحقيقية؟ وأين نحن مما ينبغي أن يكون؟
وواقع الحال يقول أننا لم نزل بعد لم نحقق أي شيء مما ينبغي أن يكون، هذا أن لم نقل أننا تحركنا، لكن إلى الوراء.
فلم نصل بعد إلى مرحلة وعي الذات والقدرة على رسم ملامح جديدة للدولة والبدء في بناء أسسها. ونحن اليوم أبعد ما يكون عن الحرية والديمقراطية، التي لازال أغلب المجتمع يجهل معناها، ولو سألنا مليون مواطن عنها، لحصلنا على مليون إجابة.. فكل يرى الحرية من منظوره وحسب فكره وثقافته واحتياجه.. وهذا نتيجة قلة الوعي وكثرة الفساد الذي عاناه وتعانيه الشعوب.
إن ما يحدث في المنطقة العربية هو جرائم وفوضى وتقطيع أوصال الأوطان.. واستثمار ضحالة الوعي الفكري لدى العامة والبسطاء وأنصاف المتعلمين من الشعوب، من أجل تنفيذ مخططات قذرة تهدف إلى زعزعة أمن المنطقة العربية مع إعادة هيكلتها.
فالديمقراطية في بلادنا العربية لم تأتي سوى بتفريغ المجتمع من روابطه وقيمه، وتهديد أمنه الإقليمي، ولن تفرز سوى أنظمة ذات فكر أحادي أشد ديكتاتورية من سابقاتها.
الحرية التي ينشدها العاقل هي التي تلبي احتياجات الداخل ومتطلبات الفرد وتكون نابعة من رؤية الشعوب نفسها لمفهوم الحرية التي يجب أن تتفق مع ثوابت المجتمع العربي، فالحرية الوافدة منذ عام وأكثر إلى الآن لم تسفر عن الدماء في كل مكان لم تسفر عن العرى في كل مكان لم تسفر عن النفاق والكذب في كل مكان. الحرية الوافدة ما هي إلا حرية الاستعمار القديم الذي جاء ليحتل العالم بحجة إنارة العالم وهو في الأساس ما جاء لينير بل جاء ليسرق.. وما نتج عنه إلا سجون انفرادية تحت مسمى "الحدود" في شكل نقاط حمراء على الخارطة العربية..!
إن حرية الاستعمار الجديد ما هي إلا شعار ظاهره لامع وبراق، وباطنه مشروع تغيير خريطة المنطقة بالقوة. تغيير قائم على طمس الهوية والقومية والفكر العربي مع تقزيم المنطقة وإخضاعها راكعة باستمرار كسوق تجريبي ( لكافة أنواع الأسلحة لكافة أنواع المخدرات لكافة أنوع الأفكار الهادمة لكافة......) أو مختبر تحليل على كائنات كانت تعرف فيما سبق بأنها خير أمة خرجت لدنيا..!
فهل سوف نستفيد من دروس التاريخ ونعي لخطواتنا ونضع مصلحة الأوطان وترابطها أولا.. أم سوف نكرر نفس الأخطاء لنقع بالنهاية في لجة التقسيم والفوضى والدمار؟
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
التعليقات
1 - أمران.. أحلاهما : مرّ
حميد خنجي
(
2012 / 3 / 19 - 13:07
)
أيتها الزميلة الكريمة
شكرا على المقال وعلى الأفكاروالآراء في حنايا المقال
قد نختلف في أمور بسيطة ولكنها اشكالية! فقد كتبتي قائلة
فمتى يعي الشعب بكل مكوناته أن التغيير في سوريا مرفوض بالتدخل الخارجي، ومقبول فقط بانتخابات نزيهة واحترام أصوات الأغلبية؟
أنا ايضا، قد أكون من حيث المبدأ - مثاليا- وأكون ضد التدخل الغربي وحتى الخارجي في الشأن السوري! ولكن ؟! هل تعتقدين يا آنسة أن نظام الجزار وعرينه الاسدي، سيسقط من تلقاء نفسه او أنه سيسمح بـ -انتخابات نزيهة- كما تفضلتي
إن هذا النظام -كشبيهه العراقي البائد- لايسقط إلا بقلعه عنوة .. ولا توجد قوة على الأرض
تستطيع ذلك إلا القوة الغربية- الأمركية تحديدا.. سنرى والأيام بيننا
2 - كشف ألان النقاب
سوري فهمان
(
2012 / 3 / 19 - 14:36
)
كنت أظن أن يوجد فقط نبيحة فوجدت أنه هناك أيضا نبيحات...أنت تدعين حب الحريه والعلمانيه وحقوق الانسان والحيوان وتدافعين ألان عن وريث ظلامي أهبل حليف ايات الله وقاتل الألاف من أبناء شعبه وتصفي هذا النظام الشمولي بانه قلعة العروبة .كشف ألان النقاب وفهمنا لماذا كل هاللف والدوران !!!!!
3 - نعم للثورة وفى الغد القريب سوف تأتى حين ينهض
محمد طلعت
(
2012 / 3 / 19 - 15:21
)
للأسف وبكل وضوح ثورتنا لم تقم بعد،...
كانت لعبة سياسية وسقط فيها العقل العربي بما فيه من النخبة التى شاركت وايدت الحماس الثورى الغاضب الذى حرك غضب الشعوب ولم يحرك عقلها..؟!
نعم يسقط ويرحل كل نظام عربى فاسد وعلى الشعوب ان تخرج وتطالب باسقاطه شريطة ان يكون التحرك من الداخل بمعنى من داخل عقل وفكر الشعوب العربية وليس من غضبها وحماسها غير المدرك لظرف الراهن... تصفيق وتحية اعجاب بعقل الاستاذة صاحبة المقال لأنها تمشى ضد التيار وضد هوجة حماس الشعوب التى يجيد اللعب عليها انصاف الكتاب غير مدركين خطورة الظرف التاريخى الذى يعصر المنطقة العربية إن لم تنتبه له..
نعم للثورة وفى الغد القريب سوف تأتى حين ينهض العقل العربى من أزمته..
بارك الله لنا فى حسن عقلك، وحقا الجمال لا يتجزأ
4 - اخالفك ا لراي سيدتي
ميس اومازيغ
(
2012 / 3 / 19 - 19:46
)
سيدتي تقبلي تحياتي/لك رايك لكن لا تعتقدي انه محترم كما قد يعتقد غيرك معك نعم انا معك في حقك في ابداء رايك واقف معك واناضل من اجل حقك في ابداء رايك لكن لن اوافقك اياه ان كان مخالفا لرئيي. لا نفاق سيدتي ولا تملق.هل تعتقدين ان الشعب الذي تنتمين اليه كان قادرا الى غاية تاريخه على ابداء رايه في امر تسيير شؤونه والتعبير عن ارائه وبكل حرية؟ ان الجواب الموضوعي لن يكون الا لا ثم لا . سيدتي ان مقدمة مقالتك وحدها تعبر وبكل وظوح انك لم تدركي بعد مراد الحكيم الغربي من سلوكه السياسي تجاه اقطارنا الملعوب بشعوبها من قبل عصابات لصوص.
سيدتي افظل انا المعلق على مضمون مقالتك ان ينهب ثروة بلدي عدو اجنبي من تنهب من قبل ابن جلدتي الذي يوهمني على انه يخدم مصلحتي. استيقضي سيدتي ان محور الشر ليس فقط ما عناه بوش الأبن بل محور الشر الحقيقي هي العصابات الناهبة لثروات اقطارنا والحكيم الغربي يعلم ان الأولى بحماية مصالحه في ألأيطار الديموقراطي هي الشعوب وليست الأنظمة حتى تلكم التي ساندها وعضدها بالأمس انه عاقل سيدتي وليس خرافيا كما قد تخالين. ابعدي عنك نظرية الؤامرة انها من فكر العربان وليست من بنات افكار ابناء مازغ
5 - تحية إلى : فيفا صفدي
أحــمــد بــســمــار
(
2012 / 3 / 20 - 10:44
)
سيدتي الرائعة
لا بد أنك قرأت وشاهدت التعليقات الحربجية القاطعة التي وردت على مقالك الصادق الرائع. لأن الحقيقة الحقيقية ـ اليوم ـ وخاصة في هذا الموقع وفي غالب أصوات الإعلام المصور والمسموع والمقروء, مـمـنـوعــة.. وحتى في هذا الموقع الذي نحاول فيه من وقت لآخر أن نبدي رأي المصداقية والحياد الإيجابي والحقيقة الحقيقية المنطقية.
تابعي يا سيدتي الرائعة..رغم الصعوبات الجمة الظاهرة.. من يدري؟.. قد يسمع البعض أو حتى النادر منهم صوت الحكمة والعقل ويتراجع ويتناقص عدد القتلى الأبرياء على أرض سوريانا الحبيبة.
ولك مني كل المودة والصداقة والاحترام.
وأطيب تحية مهذبة.
أحمد بسمار مواطن عادي بلاد الحقيقة الحزينة
.. تمييز وعنصرية...هل تتحول ألمانيا لبلد طارد للكفاءات الأجنبية
.. غزة - مصر: ما تداعيات -استبدال- معبر رفح على النفوذ المصري؟
.. الرئيس الأوكراني يطالب حلفاءه بتسريع تسليم بلاده مقاتلات إف-
.. انتخابات بلدية في تركيا.. لماذا قد يغير الناخب خياراته؟
.. النيجر تؤكد أن الولايات المتحدة ستقدم -مشروعا- بشأن -ترتيب ا