الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ملعونة هذه الأرض

معاد محال

2012 / 3 / 25
الادب والفن


السادسة صباحا. أستيقظ على إيقاع نغمة فيروزية. ألقي نظرة على اليومية وعلى خيبات أملي السابقة. رأسي مصدع ومثقل بالأسئلة. هناك جرثومة بدأت تعشش في رأسي. لا تستوطن سوى رؤوس البؤساء المرميين على قارعة الطريق مثلي. تنبش في صفحات ذاكرتي. تذكرني بعاري وعجزي وانحطاطي وصمتي. لا تتركني وشأني. إنها تقودني نحو الهلاك. ما أطيب رائحة الهلاك في وطن فاحت منه رائحة الذل.
اليوم، والأيام القليلة المتبقية سوف تكون مختلفة..يجب أن تكون مختلفة. لن أكتفي بالصلاة والدعاء بعد الآن. لا العقاب ولا المغفرة سوف يعيدان ما ضاع. ولا استمطار اللعنات سيشفي غليلي الموشك على الانفجار. سأمسك قدري بيدي ولن أسمح لأحد بالتدخل فيه بعد الآن. أستعد للخروج وأنا أعلم بوجود كلاب ترصدني. لن أمنحهم ما يريدون هذه المرة. لن ينالوا ما يبتغونه. لن يحصلوا على كعكة البيت الكبير على حساب خطواتي المتمردة.
قضيت اثنتي عشر عاما وأنا أردد النشيد الوطني كل صباح مقابل الاستفادة من دروس محو الأمية، في فضاء بلا ماء. بلا كهرباء وبلا مرحاض. اثنتي عشر عاما وأنا أهان وألعن كي أحفظ القصائد المختارة والتاريخ المزيف، وفوق رأسي عصا كعصا الراعي الذي يقود بها قطعانه. واليوم، هناك غرباء عن هذا الوطن لم يتعلموا في مدارسه ولم يتوغلوا في وحله يريدون تلقيني دروسا في الوطنية والتحدث باسمي في المؤتمرات الدولية. لم أكن يوما أخرسا كي يتحدث باسمي أشخاص يتكلمون لغة غير لغتي، ويتبنون عادات غير عاداتي...
قسما بالله إني بريء من كل من يقول عني شعب مضياف
ذلك أني لم أشعر يوما بالانتماء حتى أشعر بواجب الضيافة
و قسما بالله إني بريء من كل من يقول عني شعب يأكل الكسكس ويشرب الشاي المنعنع
ذلك أني لا أبتلع سوى الهم والغم ولا أذوق سوى طعم المرارة
ولو مررت في حنجرتي أنهارا من العسل لن أحس بغير طعم المرارة.
ولو كانت لي إرادة وكان لي طموح سوف أكتبه بعرق جبيني. ودماء جروحي السابقة لن تمحوها كل تقاريرهم الكاذبة. وكوخنا الموشك على الدمار لن تحجبه كل دعاياتهم الرخيصة.
وإني أتحدى أي شخص يقول بأن حياتنا أسعد من حياة الكلاب. فالكلاب لا تدافع عن أرض سوى الأرض التي تحمل أجسادها، ولا تحني رأسها إلا لكي تلتقط طعامها، ولا تحرس إلا منزل من يطعمها ويحسن إليها. أما نحن فندافع عن أرض ونعلم بأن ثمارها لن تكون من نصيبنا، ولا نحني رؤوسنا إلا لجلادينا، ولا نحرس إلا أملاك من شردونا..ملعونة الأرض التي لا يُمجد فيها سوى اللصوص وقطاع الطرق.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وداعا صلاح السعدنى.. الفنانون فى صدمه وابنه يتلقى العزاء على


.. انهيار ودموع أحمد السعدني ومنى زكى ووفاء عامر فى جنازة الفنا




.. فوق السلطة 385 – ردّ إيران مسرحية أم بداية حرب؟


.. وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز




.. لحظة تشييع جنازة الفنان صلاح السعدني بحضور نجوم الفن