الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حقوق الأقليات بين بشار والاخوان

أسد خياط

2012 / 3 / 26
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


لا تعرف الدولة الديمقراطية الحديثة مفهوم أقلية وأغلبية إلاّ بالمعنى السياسي والذي تحدده الانتخابات، حيث نستطيع الحديث عن حزب أو ائتلاف الأغلبية (البرلمانية) والمعارضة أي الأقلية (البرلمانية).
فالدولة الأمة (بالمعنى الحقوقي وليس الأثني) هي مجموع الأفراد الذين يحملون جنسية هذه الدولة على أرض محددة ويجتمعون حول عقد اجتماعي واحد (دستور)، ولذا لا تعرف دول كالنمسا مثلا أغلبية كاثوليكية وأقلية انجيلية أو أقلية سلوفانية. وكذا الأمر في سويسرا ذات القوميات والديانات والمذاهب المتعددة، وهذه حال كل الديمقراطيات. وإلى حين رسوخ الديمقراطية في مشرقنا نجدنا مضطرين لاستعمال هذا المفهوم دينياً ومذهبياً وقومياً.
في حقيقة الأمر كل المجتمعات الإنسانية مؤلفة من أقليات (ليس بالمفهوم السياسي)، فالأقليات في سوريا مثلا هناك الأميون والمتقاعدون، وطلاب الجامعة، والمتزوجات، وذوي الاحتياجات الخاصة، والمعلمون، والمهندسون، والأطباء، والفنانون، والمثقفون، والبدو، والحوارنة وهكذا. ولكل من هذه الأقليات مشاكل ومطالب واحتياجات تجمعها. لا ديمقراطية دون علمانية، هذا أحد أهم شروط الديمقراطية ولكن ليس شرطاً أن تكون العلمانية ديمقراطية.
إدّعى حزب البعث الذي حكم سوريا اسماً، وآل الأسد الذين حكموا فعلاً العلمانية والديمقراطية معاً، رغم أنهم مارسوا الطائفية على نطاق واسع. ولن أخوض في هذه الممارسات ومواد الدستور وقانون الأحوال المدنية، وسأكتفي من كل هذا بمادة واحدة تلك التي لا تسمح لغير المسلم تولي رئاسة الجمهورية إنها المادة المضحكة المبكية، والتي تنسف كل ادعاء بالديمقراطية والعلمانية، حيث أنه ومن المفروغ منه ألاّ تميز الديمقراطية ولا العلمانية بين المواطنين على أساس ديني أو مذهبي أو قومي.
مضحكة هذه المادة كونها لا تستثني أي من مكونات الشعب السوري سوى المسيحيين. فالسني والعلوي والدرزي والاسماعيلي بما في ذلك الايزيديون الذين يصنفون كمذهب اسلامي حسب قيد النفوس وقانون الأحوال المدنية مسلمون.
وهذه المادة تجعل من كل هذه المذاهب الإسلامية مواطنين درجة أولى، وتجعل الواحد أو الاثنين أو الخمسة أو الستة عشر بالمئة (لا أهمية للنسبة) من المسيحيين المستثنون من دون بقية السوريين، مواطنون درجة ثانية.
امتياز مضحك، إذا افترضنا أن المشرع أراد إرضاء غرور المسلمين بالتفوق والتميز وبالتالي كسب تأييدهم (ضحك على اللحى) على حساب كرامة وأنفة المسيحيين العرب منهم وغير العرب.
امتياز مضحك، إذ لا أحد يصدق فعلاً وواقعاً أن أي مسيحي حتى ولو كان فارس الخوري سيفوز برئاسة الجمهورية من الجولة الأولى أو الثانية أو الستة وستين بعد الألف.
هي فقط مادة للحط من شأن المسيحيين والدوس على كرامتهم. إنها مادة لزوم ما لا يلزم مادة للإذلال فقط لا غير كون المسيحيين بلا عزة ولا كرامة كما يعتقد المشرع.
لو قورن كل هذا ببيان الاخوان المسلمين، والذي يستحق الثناء لمضمونه وتوقيته، والذي سأكتفي منه بذكر الفقرة التي تقول، لكل سوري الحق في تسلم أعلى منصب في الدولة بغض النظر عن الدين والقومية. إن هذا التطور في فكر الاخوان سيجنب سوريا الكثير من المآسي والمعاناة، وسيوفر على سوريا الكثير من المراحل للوصول إلى الدولة الديموقراطية الحديثة والتي هي وفقط لا غير للوصول إلى النهوض والارتقاء إن فكر الاخوان في هذا البيان يتماهى مع قيم الحضارة الانسانية ومع أرقى فكر انساني حقوقي قانوني. إنه فكر على النقيض من فكر آل الأسد ومحازبيه، الفكر الطائفي التمييزي والعنصري، والذي يؤسس ويحمل في ثناياه كل أسباب الفتن والمعاناة والدمار.
أما المبكي في كل هذا فهو أن يخرج المسيحي مؤيداً لآل الأسد ومحازبيه وأن تدعم بعض السلطات الدينية المسيحية هذا القاتل هاتك الأعراض مدمر الإنسان والعمران والاقتصاد هذا أولاً، وثانياً استهانته بالمسيحيين.
إن الأسد الديكتاتور وكل مستبد لا يحمي أحداً مسيحي أو غير مسيحي أقلية أو أكثرية فالأسد مستعد لبيع المسيحيين وبيع أي مكون من مكونات الشعب السوري في سبيل بقاءه في السلطة من يحمي المكونات الصغيرة والأقليات في سوريا هو الدستور الديمقراطي والعقد الاجتماعي مثل الذي دعى إليه الاخوان المسلمين:








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - اقرأ واسمع
عدنان عبد الرحمن ( 2012 / 3 / 27 - 00:34 )
لأعلامي حسين مرتضى في الساعة الحرة 26 3 2012 ج

اخر الافلام

.. لابيد: كل ما بقي هو عنف إرهابيين يهود خرجوا عن السيطرة وضياع


.. عام على حرب السودان.. كيف يعرقل تنظيم الإخوان جهود الحل؟ | #




.. خالد الجندي: المساجد تحولت إلى لوحة متناغمة من الإخلاص والدع


.. #shorts yyyuiiooo




.. عام على حرب السودان.. كيف يعرقل تنظيم الإخوان جهود الحل؟ | #