الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في اصطفافات المعارضة ومجازر النظام.. بإذن الله وإرادة الشعب

المثنى الشيخ عطية
شاعر وروائي

(Almothanna Alchekh Atiah)

2012 / 3 / 28
مواضيع وابحاث سياسية





في مقاله الأخير بجريدة السفير اللبنانية يوم السبت 24/ مارس 2012، تحت عنوان "رسالة إلى السيد حسن نصر الله: إذا طال الصراع خسرنا جميعاً".. ينقل ميشيل كيلو (اليساري العلماني كما يفترض) في رسالته لحسن نصر الله (الأصولي الشيعي المنضوي واقعاً تحت راية ولاية الفقيه) خطاب المعارضة السورية الملتبسة المتمثلة بهيئة التنسيق، بعد بلوغه الذروة بتأييد الفيتو الروسي الصيني، إلى حقل اختيار موقعه، والإفصاح عن اتجاهه بالتباس آخر يميز طبيعته، وذلك برفعه: "تحية المودة والوفاء، تحية الحرية والتحرير".. إلى مستوى الحلف المقدّس الممتد: "حاضراً ومستقبلا".. والمنعقد بين الكهنوت والعلموت، بما لم يخطر على بال ديالكتيك كارل ماركس، ولا على حال تكتيك لينين: "بإذن الله وإرادة الشعب".. ويفتح بذلك التكهنات والتحليلات عن مرحلة جديدة للنظام واصطفافات جديدة لهيئة التنسيق ومفكريها، تتقاطع معها مساعي تخفيف عبء الدفاع المرهق عن كاهل أصدقاء النظام، الروس والإيرانيين، وإيجاد حلّ يحفظ مصالحهم في ظلّ مصير السقوط الأسود الماثل للنظام، أمام الجميع...

وانسجاماً مع هذه الانعطافة، بأسلوب التأدب في حضرة رجل الدين، ينتقل ميشيل كيلو من خطابه التخويني الصارخ والشاتم للمعارضة السورية الراديكالية/ اليسارية العلمانية خاصة والتي أوضح أنها "إعلان دمشق"، كي لا يعرض نفسه للسخرية بقصده حزب الشعب الديمقراطي السوري، ورمزه رياض الترك (مثبتي هدف وشعار الثورة: إسقاط النظام بكل أركانه لدى المعارضة في المجلس الوطني السوري، وداعمي تسليح الجيش الحرّ).. إلى خطاب المستشار الناعم اللهجة وبصورة تقرير غريب إلى زعيم حزب الله اللبناني، وذلك بالقول: "لا أفكر لحظة واحدة أن أضع نفسي في موضع من يشرح لسماحتكم أبعاد ومنطويات الأزمة السورية القائمة".. ويسترسل في شرحه الناعم للمعلم أبعاد الأزمة ويعرض عليه مقترحه لحلها، بأسلوبه المعتاد في إرباك القارئ وتغيير الصورة أمامه من خلال خلط الأزمنة، ومماثلة واقع مع واقع مختلف في الزمان والمكان والتطور وبالأخص الواقع العراقي المخيف، وإلباس الخصم ثوباً مغايراً مليئاً بالثغرات ومهاجمتها وكأنها صفات الخصم، بما يبلور خطابه جوهراً بالتالي:

ـ الأزمة كما يسميها لها وجهان متعارضان أولهما يكمن في ما يختزله بـ "مطالبة قطاعات واسعة من الشعب السوري بما هو حق لها: الحرية والكرامة والعدالة".. في تعتيم على مطالب الثورة الواضحة بعد أشهر القتل بإسقاط نظام بشار الأسد وإحالة رؤوسه إلى محكمة الجنايات الدولية لارتكابهم مجازر مثبتة بحق الشعب السوري الأعزل، وثانيهما يكمن كما يقول في "الطريقة المفجعة التي آثر النظام اعتمادها لمعالجة مطالب أقر أول الأمر بشرعيتها وأحقيتها، لكنه سرعان ما تصدى لها بعنف لا مسوغ له، ولا يصلح، فضلا عن ذلك، لمعالجتها"، في تخفيف لمجازر النظام إلى "عنف لا مسوّغ له"، وتعام عن حقيقة أن هذا النظام ببنيته المستعصية لم يكن أمامه سوى حل القتل أو الرحيل...
ـ يتبنى هذا الخطاب ويروج مقولة النظام بـقبوله أمام نصر الله: "الفرضية التي ترى أنه كان هناك عناصر استخدمت العنف منذ بداية الحراك الشعبي ضد أفراد ومراتب جيشنا السوري" كما يقول، وإيمانه: "أن من أفاد من مواجهات النظام الدامية مع الشعب، وإغلاق باب السياسة ورفض الحوار، والسير على طريق، تبين منذ وقت طويل أنها مهلكة، هم هؤلاء المسلحون وأنصار العنف، الذين أزاحوا بدورهم خط السياسة والحوار، وأسهموا من جانبهم في إيصال البلاد إلى حال الانقسام الراهنة، التي تنذر بنشوب حرب أهلية".. في تعتيم على حقيقة أن النظام وحده بلجوئه إلى حل القتل، هو من أزاح ومنذ أول مظاهرة سلمية وبصورة مستمرة لا حياد عنها خط السياسة والحوار، التي مشت معه فيها هيئة التنسيق نفسها دون جدوى، وأوصل البلاد إلى ما يدعوها بحالة الانقسام الراهنة، وفي تعتيم على حقيقة أنه ليس في صفوف الثورة أنصار عنف، وأن جميع قوى الثورة هي قوى سلمية، وأن من يردّ على عنف النظام المريع هم أفراد الجيش السوري الحرّ الذين انشقوا عن جيش النظام كي لا يقتلوا أهلهم المدنيين العزل، وكي لا يتحوّلوا إلى مجرمين أو شهداء على أيدي النظام، وكي يحموا المظاهرات السلمية، وأن من دفع الناس المسالمين إلى الدفاع عن أنفسهم بالسلاح هو قتل النظام لأطفالهم واغتصابه لبناتهم، وسبيه لأموالهم وأعراضهم، وأن من دفع المعارضة الحرة التي تتبنى إسقاط النظام إلى تبني وطلب تسليح الجيش الحرّ هو ضرورة منع هذا النظام من جرّ السوريين إلى الحرب الأهلية كما يفعل مسعوراً ويشاركه الذين يساوون القاتل بالضحية، ويروجون الأكاذيب عن الثوار والشهداء...
ـ يكرر مقولة النظام بأن ـدولاً خليجية وراء الثورة بقوله: "في حين يعلن من يعلن من العرب رغبته في كسر التوازن الهش، القائم من خلال تسليح خصوم السلطة إلى الدرجة التي تمكنهم من قصم ظهر نظامها".. معتّماً على حقيقة أن هذه الدول أعطت النظام فرصاً مديدة للإبقاء على الأوضاع مع بعض الإصلاحات، وأنها دول تفكّر بمصالحها أمام المشروع الإيراني الزاحف، وأن خصوم السلطة الذين لا يريد أن ينكسر التوازن الهش لصالحهم أمام السلطة هم الجيش السوري الحر وقوى الثورة السورية الضامنين لمنع الحرب الأهلية التي يريد النظام جرّ البلد إليها...
ـ ينشر خوف الأقليات من الثورة بدلاً من دفعها للانخراط فيها وترجيح كفة ميزانها بالنسبة للنظام وبالنسبة لديمقراطيتها، من خلال الادعاء "بانتصار متطرفين مذهبيين في الصراع الحالي"، ويقصد السنة بقوله لزعيم حزب شيعي طائفي: "أخاطبكم في هذه اللحظة الصعبة، لاقتناعي بأنكم تعلمون أكثر مني ما قد تنتهي إليه الأوضاع في المشرق برمته، إذا ما طال الصراع على سوريا وتفاقم، وانكشفنا جميعا أمام خارج أميركي/ إسرائيلي متربص، أو إذا انتصر متطرفون مذهبيون في الصراع الحالي".. ويكرر بهذا ادعاء النظام بأنه يحارب متطرفين إسلاميين سنة، ويلتقي مع سياسة روسيا العمياء في تصدير وزير خارجيتها لكوميديا خشية روسيا من إقامة دولة سنية في سورية.. في تعامٍ وتعتيم على حقيقة أن جميع قوى الثورة السورية الفاعلة متوافقة على الدولة المدنية التعددية الديمقراطية، وأن السنة في سورية، دون الخوض في خلافات هذا الكلام، ليسوا طائفة بالمعنى الكلاسيكي لكلمة طائفة...
ـ يدعو زعيم حزب شيعي/ طائفي، خارجي متدخل أصلاً بالأسلحة والرجال في شأن داخلي سوري، ومعروف دون لبس بإعلان من زعيمه أنه ينضوي تحت ولاية دولة خارجية شيعية هي إيران، للتدخل في الشأن الوطني السوري، ولهدف طالما روّجه النظام لكسب الوقت في محاولته المستحيلة للقضاء على الثورة: "وضع أيدينا في أيدي بعضنا من أجل تحقيق هدف رئيس هو وقف العنف من جميع الأطراف، كما اقترحتم سماحتكم".. مثبتاً مقولة النظام في مساواة القاتل بالضحية، ومستبدلاً لاءات هيئة التنسيق الثلاث: "لا للتدخل الخارجي، لا للعنف، لا للطائفية"، التي رفعتها كما هو معروف في وجه ثورة هي ضد هذه العناصر الثلاث أصلاً بدلاً من رفعها في وجه النظام الذي يكرّسها.. بطلب تدخل طرف خارجي يوحي الطلب منه الإقرار أصلاً مع تعمية ذلك بأنه متدخل كطرف مع النظام، كما يوحي طلبه من هذا الحزب الصغير الذي فقد قيمة المقاومة لدى السوريين بهذا التكبير لدوره وبما هو وكيل لإيران في المنطقة أنه طلب للتدخل من إيران، ولدعم النظام كما يفصح ضربه للمثل الملتبس، بقوله لنصر الله: "ولأنني أتذكر مناشدتكم العراقيين عام 2003 الوقوف وراء نظامهم درءاً للعدوان والغزو الأميركي للعراق".. وقد سبق لنصر الله أن دعا السوريين كما هو معروف إلى الوقوف مع نظامهم وهددهم بذلك كذلك؟
ـ يتهم الثورة السورية بأنها تطلب الغزو الأمريكي، وأنها لو انتصرت فسوف تكون مذهبية سنية، رغم أن النظام فعل المستحيل لتصوير ذلك للأقليات داخل سورية، وللعالم الذي يعرف ذلك ويماطل من أجل حسابات مصالحه التي لا تبعد عنها إسرائيل، وفشل في ذلك، حيث يجبر الدم السوري العالم على وضعه أمام مسؤولياته، وتطلب الثورة حماية المدنيين بتدخل الأمم المتحدة تطبيقاً لشرعة حقوق الإنسان التي تلتزم بها الدولة السورية، وتفرض الثورة نفسها كطرف وازن وحيد في أي معادلة، بامتدادها المذهل وإصرارها على إسقاط النظام، وتحقيق الدولة المدنية التعددية الديمقراطية السورية لكل مواطنيها...
ولا يفصح هذا الخطاب بطبيعة الحال، كيف لحزب الله المنحاز كلياً إلى النظام إعلاماً وأسلحة ورجالاً وزعيماً أن "يوقف العنف من جميع الأطراف"، وبالتعاون مع من لا تحددهم تقية كيلو سوى بنحن؟ هل يفعل ذلك بنصح بشار الأسد أو بإجباره على التنحي، حيث من المستحيل أن تتراجع الثورة السورية بعد المجازر وبعد انتصارها عن هذا المطلب؟.. أم بالطلب من بشار الأسد الذي انكشفت وثبتت مسؤوليته عن المجازر التضحية ببعض المقربين منه والضياع في استحالة ذلك كذلك؟ أم باحتلال سورية السافر من الإيرانيين والروس كأشقاء غير خارجيين، ومن "العين الساهرة، وساعد حسن نصر الله القوي الذي سيجعل السوريين كما جعل مواطنيه: "يذهبون إلى النوم بأمان" كما يقول ويثني، بعد القضاء المستحيل بهذا أيضاً على الثورة؟ أم باحتلال إسرائيل السافر لسورية وفرض بشار الأسد المفضل لديها مرة أخرى على السوريين بطلب من "سلطته الشرعية" وبرضا الجيران عن ذلك؟.. أم بمفاجأة فانتازية أخرى من عبقرية سياسة التقية التي ينصح بها المستشار فم الثورة السورية، في أن يقبّل يد القاتل ويدعو عليها بالكسر؟...

أمام كلمة المشرق التي يكررها ميشيل، في أيام الاحتلال الفرنسي ردّ فارس سورية المسيحي السوري فارس الخوري على قول الجنرال غورو أن الفرنسيين جاؤوا إلى سورية لحماية مسيحيي الشرق، بأن قصد الجامع الأموي في يوم جمعة وصعد إلى منبره وقال: "إذا كانت فرنسا تدّعي أنها احتلت سورية لحمايتنا نحن المسيحيين من المسلمين، فأنا كمسيحي من هذا المنبر أشهد أن لا إله إلا الله".. وفي أيام مجازر الأسد، مع أسف المقارنة، يردّ "العلماني اليساري المسيحي" ميشيل كيلو على قول بشار الأسد في أنه يقتل الشعب السوري لحماية الأقليات في سورية والمشرق بأن يقصد الضاحية في لبنان، ويرتدي عمامة الحاج ويحيي حليف الأسد السيد حسن نصرالله بـ: "تحية المودة والوفاء، تحية الحرية والتحرير حاضراً ومستقبلاً.. بإذن الله وإرادة الشعب"...

لكن أيضاً وكالعادة: أي شعب يا حاج؟

[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الماسك بمفتاح الجنه
عدنان عبد الرحمن ( 2012 / 3 / 27 - 23:05 )
حاولت من هذا المقال ان افهم ماذا تريد؟ للاسف وجاءت متطابقه مع نتائج مجلس استانبول٠ وكما يقال من كثره الطباخين احترقت الطبخه ٠ التخريب سهل ، لكن الاعمار اصعب٠


2 - خذو العبر وكفاكم حقدا
عدنان عبد الرحمن ( 2012 / 3 / 27 - 23:27 )
اليسار، الديمقراطية، والعلمانية في العالم العربي
شيرين سباهي - مفتي السعودية يُطبل على رق ..... الافتاء
نُغطي عيباً فيأتنا عيب أكبر منه..كيف أختار الله انبياءه...بالطبع هناك معاير سماوية لكل امة ونبيها.. وكُلنا بشر فينا الخطيئة والنفسُ الامارةِ بالسؤوفينا عذوبة التوبة ومهابة الجليل العالي.ولكن عندما يصل الامرمن رجالات الدين ..الى العبثِ في كينونات ترعدُ منها السماء وترتجفُ الاضلع خشيةًَ ومحبةوأخرها هبهبة مُفتي السعودية في هدمِ الكنائس في الجزيرة العربية ومنعها ....


3 - خطة عنان والمعارضة !!!0
نايـــــــــــــــــا ( 2012 / 4 / 4 - 00:02 )
ما رأي الأستاذ بمقاله هذا بعد تصريح رياض الترك المؤيد (للمجلس الوطني) ودعوته المعارضة لقبول خطة عنان ؟


4 - سياسة الثورة
المثنى الشيخ عطية ( 2012 / 4 / 5 - 03:36 )
مع التحية
هذا المقال يتوافق كلياً مع تصريح الأستاذ رياض الترك: - إن حرصنا على وصول الثورة السورية الى اهدافها، وإدراكنا لضرورة ايقاف مسلسل القتل والمجازر واستباحة المدن والقرى وتهجير سكانها الذي تقوم به القوات التابعة للنظام، يدعواننا اليوم الى القبول الأولي لبنود خطة كوفي انان . فهي تنص على وقف القتال وسحب الدبابات من الشوارع وخروج الجيش من المناطق المأهوله بالسكان ، وتأمين المساعدات إلى المناطق المنكوبه ؛ واطلاق سراح المعتقلين السياسيين؛ وضمان حق التظاهر للمواطنيين السوريين.. إن قبولنا من داخل سورية، لهذه الخطة نابع من مسؤوليتنا الوطنية. لكننا في المقابل نعلم ان النظام سوف يستمر في المماطلة والتسويف والكذب، وسوف يتابع ارتكاب جرائمه. اننا نضع بذلك المجتمع الدولي أمام مسؤولياته في حماية المدنيين ووقف مسلسل القتل والتهجير بحقهم . ونحرص على كشف كذب النظام واصراره على المضي قدما في سياسة الهروب إلى الامام التي لا افق لها سوى القتل والمزيد من المعاناة .
وأرجو قراءة التصريح كاملاً لملاحظة سياسة الثورة فيه، والفرق بينها وبين السياسة المخادعة في خطاب كيلو.

اخر الافلام

.. الأرمن في لبنان يحافظون على تراثهم وتاريخهم ولغتهم


.. انزعاج أميركي من -مقابر جماعية- في غزة..




.. أوكرانيا تستقبل أول دفعة من المساعدات العسكرية الأميركية


.. انتقادات واسعة ضد رئيسة جامعة كولومبيا نعمت شفيق لاستدعائها




.. -أحارب بريشتي-.. جدارية على ركام مبنى مدمر في غزة