الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المرأة بين سنادين السلطة ومطارق الدين

محمد البدري

2012 / 3 / 30
ملف - افاق المرأة و الحركة النسوية بعد الثورات العربية - بمناسبة 8 اذار/ مارت 2012 عيد المرأة العالمي


لولا اكتشاف الانسان لعيوبه لما سعي لتغييرها ولن يرتقي الا بعد ان يغيرها. والعيوب عديده تغطي مساحات متنوعة موزعة بين البشر رجالا ونساءا، ثقافيا واجتماعيا. وليست الثورة سوي اداة للتغيير شرط أن يدرك المشاركين فيها انهم يسعون للتغيير لما اصبحوا واعيين به. وتصبح قضية المرأة طبقا لهذه المقدمة القصيرة قضية وعي. شاركت المرآة من كل الفئات العمرية في الثورة. فعلي اي شئ ثارت ولاي هدف خرجت؟

الثورة في مجملها ليست فقط ثورة علي الذات التي تشكلت علي واقع ادي لقيام الثورة انما علي الواقع ذاته لاعادة تشكيل الشخصية علي اسس جديدة. فالبشر، حسب ما تقوله السلطة وتردده الكتب البالية، ابناء نجباء اوفياء ومخلصين لثقافتهم. أما الاكثر اخلاصا ووفاءا ونزاهة هم المتمردون خونة الواقع الوضيع الثائرين علي تلك الثقافة السائدة المنجبة للثورة. انهم الابناء وهذا هو السبب في انها ثورة الشباب وليست ثورة كهول الفكر والثقافة بتنوع مشاربهم. الثورة إذن هي قيمة مضافة لمعني الانجاب والولادة لكل الامهات اللائي شاركن في الثورة وعليهن ان يتعلمن ان الولادة تعني ولادة كل ما هو مختلف كثورة علي الام ذاتها. إمرأة ما بعد الثورة عليها الا تستنسخ نفسها والا تعلم ابناءها وبناتها سخافات الشيوخ ومترهلي الفكر والثقافة. خرجت المرأة ضمن الثوار فتحية لكل من خرجت وانضمت لابنائها لانها الاكثر اخلاصا ووفاء لمعني التغيير بهدف التغلب علي كل ما اعاقها في واقع ما قبل الثورة. وهنا نأتي للنقطة الثانية، في ملف المرأة في موقع الحوار المتمدن، لنؤكد ان التغيرات ستحصل علي كل الاصعدة إذا ما تشكل الوعي علي قواعد تختلف جذريا عما كان سائدا.


كان القديم يؤكد ولاية الذكر حسب ثقافة العروبة والاسلام السائدة بعقلية التسلط والاستعلاء. فنصوص الاستعلاء الذكورية تملأ نصوص الاديان، التي روجها نظم الفساد والتسلط، ويجاورها بالتلازم معها ما يخص المرأة ويؤكد الحاجة الدائمة للثورة عليها. فالمدي الذي يمكن ان تذهب اليها الثورة لتحقيق وضع جديد للمرأة مشروط بتغيير النظام بكليته وليس فقط في عزل راس النظام، ولعل ما ويجري حاليا في تونس من مطالب اسلامية سلفية تسمح ببيع وشراء النساء طبقا للشريعة الغراء التي روجها مشايخ وفقهاء وحكام ما قبل الثورة، وما يجري في مصر من حزب النور باعضائه البرلمانيين كمشروعات قوانين بالغاء حد سن الزواج من اجل الاستمتاع بالصغيرات كفيل بالتأكد ان نتائج الثورة قد سارت في اتجاه عكس ما كان يسعي اليه الثوار وكس مطالب النساء المشاركات في الثورة. صحيح ان المطالب لو شرعت واصبحت قوانين فهي وبلا جدال تغيرات جوهرية، والاصح انها فتح من الله ونصر قريب لمن يريد وضع المرأة اسفل سافلين باعتبارها وتاكيدا لوضعيتها الاسلامية بانها عورة وناقصة عقل ودين وان الشيطان يتتبعها حيثما حلت. هتاف الثورة "كرامة حرية عدالة اجتماعية" يجعلنا نؤكد ان الاحزاب الدينية التي اوصلها عسكر ما بعد الثورة الي المجالس النيابية وحسب مشروعات القوانين السابقة هم ضد الكرامة والحرية والعدالة الاجتماعية، علي الاقل في مجال المرأة وفي مجال الشعب برمته عامة.
أخطأت المرأة قبل الثورة مثلما أخطا الرجل عندما انصتوا لاقوال المشايخ والفقهاء المضللين للعقل والفكر، فمن لبس الحجاب الي التحول الي النقاب ثم التحول لداعية، اي التوظف ليكونوا نخاسين وموردي عبيد علي هوي الحكم الفاسد، أمر ادي للثورة فلماذا بقي الحجاب في الميدان وقت الثورة؟ اليست الثورة ثورة علي وضعية المرأة؟ عند هذه النقطة الحساسة فان مسؤولية المرأة مضاعفة وعلي الرجل مساعدتها في تجاوز محنة الثورة بشكلها الشامل. ولن يتقاعس عن المساعدة الا من يمني نفسه بالتسلي بالصغيرات وتعدد الزوجات كفرض عين لانه من المعلوم من التخلف بالضرورة أو متسكعي الاسواق بحثا عن جواري زمن ما بعد الثورة !! فهل العودة للمجتمع الذكوري ثورة وهل قامت الثورة من اجل النخاسة؟


في زمن العجز عن الثورة، زمن القوميين واليسار صاحب الاكليشيهات المنقولة، تمرد الرجل علي تعدد الزوجات بشكل فكاهي ساخر فقال: إن عقوبة تعدد الزوجات هي تعدد الحموات؟ حتي ثورة الفكاهة كانت تخشي مما ينغص الذكر الفحل باكثر مما يحق للانثي حقها. وربما البسها الرجل الحجاب والنقاب حتي يجد عصا غليظة ضد الحموات وضدها ايضا عن اللزوم. وساهمت المرأة في تكريس وضعها المتخلف بايمانها بما يقوله رجال الدين ومشايخ السلطان. فالايديولوجية الدينية المؤسسة علي قواعد العقيدة الاسلامية انجبت فكرا اسلاميا يؤكد وضعية للمرأة سادت طوال عصور الاسلام التي ادعت التحرر وعادت مرة أخري بعد الانقلابات العسكرية خدمة للسلطان صاحب الرتب، بينما حقيقة الامر انها كانت تسحب الحريات التي تمتع بها المواطن في ظل الاحتلال الاجنبي لكثير من سكان الشرق الاوسط ليقدموا المواطن علي طبق من ذهب الي العنصرية والفاشية الدينية. فاذا كان خلع النقاب ممكنا في زمن الحتلال القديم فكيف يعود في زمن التحرر الجديد؟ انها معادلة مغلوطة فرضتها ثقافة العرب والاسلام باعتبارها ثورة (ثورة كاذبة) في وجه المحتل بينما هي في حقيقتها ارتداد لزمن البربريات القديمة والبرهان واضح فيما قدمه نواب تونس ومصر من مشروعات قوانين.


سؤال الملف عن الأسلوب الأمثل لنضال المرأة لفرض وجودها ودورها ومشاركتها النشيطة في الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية في تلك الدول العربية التي وصلت فيها الأحزاب الإسلامية السياسية إلى الحكم لا اجابه له الا باعطاء المرأة ظهرها لكل القديم، فلا شئ فيه يستحق الحرص عليه.
يقول اليساريون التقليدين علي اختلاف مشاربهم انهم مع الحرية ولا حرية بدون اشتراكية لكنهم لم يتصدوا للاسلاميين ودعاة النخاسة ولا حتي زعماء القومية العربية الفاشلين بقدر ما تصدي الليبراليين لكل التخلف الاسلامي. ذهبت هدي شعراوي كرمز واحد ضد الاحتلال وضد الملك وضد القوي الدينية زمن الخلافة الاسلامية. فخلعت حجابها علنا في وجه الظلم بكل انواعه، كانت هي ثورة بمفردها. الآن المرأة انجبت شباب اصبحوا ثوارا علي وضعيتها وعلي اوضاعهم، بعد ان ازاحها القوميين والعروبيين والاسلاميين والعسكرتارية الي ما قبل زمن هدي شعراوي. اسست شعراوي الجمعيات النسائية لكن كثيرات في زمن الاكاذيب القومية والتخلف الاسلامي انضممن الي مشايخ النخاسة سمعا وطاعة لغثائهم فكانت الحاجة للثورة ضرورة ليس فقط للعودة الي ما سبق من زمن انما لكل ما هو تحرري ويحلم به شباب الثورة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الحقيقة المرة ... التي لاتخفى على أحد ؟
سرسبيندار السندي ( 2012 / 4 / 1 - 01:45 )
بداية تحياتي لك ياعزيزي محمد البدري وتعليقي ؟

1 : إن مايراه المرء اليوم من صراع في منطقتنا فهو بالحقيقة صراع بين قوى الحداثة والتخلف وبين قيم الإنسانية وقيم العروبة والإسلام ؟

2 : لأن الحقيقة المرة تقول أنه بسقوط العروبة يسقط ألإسلام وبسقوط ألإسلام تسقط العروبة ؟

3 : إذن الصراع سيكون مرير وقاسي ودامي جدا ، ولكن كل الدلالات والوقائع تشير إلى تقهقر ألإثنين بسبب مفاهيمهم البالية التي أكل الدهر وشرب عليها ؟

4 : إذن مانراه اليوم من إقتتال العروبين والإسلاميين للسطو على ثورات الشباب حتى وإن أدي بهم إلى الصدام المسلح وهو ليس ببعيد أبدا بدليل تقيتهم وإستعانتهم بالشيطان ألأكبر أمريكا ؟

5 : فما نراه ويراه كل ذي عقل وبصيرة يستنتج أنها الزفرات ألأخيرة قبل موتهم أو إنتحارهم لأن زمن الضحك على الذقون والعقول قد ولى ، لأن في عالم اليوم لم يعد يصح إلا الصح ، فما كان خفيا قد ظهر وما كان متوما قد أعلن على الفضاء ؟


2 - على التعليق
الاعرج محمد ( 2012 / 7 / 22 - 19:07 )
الملاحظة الواضحة للعيان : هي سرقة الموضوعات دون ردها الى اصحابها؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

اخر الافلام

.. أصفهان... موطن المنشآت النووية الإيرانية | الأخبار


.. الرئيس الإيراني يعتبر عملية الوعد الصادق ضد إسرائيل مصدر فخر




.. بعد سقوط آخر الخطوط الحمراءالأميركية .. ما حدود ومستقبل المو


.. هل انتهت الجولة الأولى من الضربات المباشرة بين إسرائيل وإيرا




.. قراءة عسكرية.. ما الاستراتيجية التي يحاول جيش الاحتلال أن يت