الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الربيع العربي الذي اوشك ان ينقلب خريفا

قاسم السيد

2012 / 4 / 5
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


لقد ترك سقوط كل من صنمي تونس زين العابدين بن علي ومصر حسني مبارك اكثر من علامة استفهام عقب اروع واكبر انتفاضتين شهدتها المنطقة العربية في تاريخها المعاصر ولعل السؤال الملح الذي كان يفرض نفسه هو ماسر هذا التداعي الدراماتيكي في سقوط الرجلين الذي لم يستغرق وقتا طويلا رغم ان كل من النظامين في مصر وتونس يمتلك تاريخا من الأستقرار السياسي وجرى تسليم السلطة فيهما من رئيس لأخر بهدوء اضافة الى ان سجلهما في مجال الديمقراطية او حقوق الأنسان لم يكن هو الأسوأ بين الأنظمة العربية بل ان تونس فيها من التشريعات الأجتماعية خصوصا فيما يتعلق بالأسرة والمرأة على وجه الخصوص مايفوق ان لم نقل مايوازي مافي تشريعات اوربا الديمقراطية .
النزوع للأمرة شيء فطري داخل النفس العربية ذات الجذور البدوية وقاعدة التداول للسلطة وفق هذا الفكر هو التوريث وليس بالضرورة ان يكون هذا التوريث عائلي بل قد يكون هذا التوريث عرقي او مذهبي او لعله يكون حزبيا المهم ان لاوجود لأي خيار ديمقراطي في تداول السلطة يقوم على انتخابات حرة وشفافة فهذا الأمر حتى وان وجد فهو شكليا وعلى قاعدة 99ر99% .
ذهبت السكرة وجاءت الفكرة وبدأت الستارة تزاح من على خشبة المسرح السياسي في كل من مصر وتونس لنجد ان التغيير قد انتج اغلبية اسلامية سلفيه لم تكن حاضرة في الشارع المصري او التونسي لحظة سقوط النظام فيهما وانما كان الطيف الشعبي المنوع هو من اسهم في هذا السقوط رغم عدم امتلاكه اي برنامج سياسي ولكنه تبنى فكرة اسقاط النظام كمشروع مرحلي ولم يكن يملك القدرة على ان يجعل ذلك الأسقاط كمدخل لمشروع تغيير اشمل مما طمئن القوى السلفية وحملها على الأنتظار والتربص فهي غير قلقة من مشروع الشارع ولكنها تخاف النظام وتهابه لهذا لم تشترك في هذا الحراك خوفا من ان يستهدفها النظام في حال تراجع هذا الحراك وانحساره لكنها ما ان رأت النظام يتهاوى حتى رأيناها تقفز الى الصفوف الأمامية ولعل اغرب مافي الأمر ان الغرب الذي يملك فوبيا من كل ما يمت للأسلام بصلة كان داعما ولاعبا اساسيا في تمكين السلفيين لكي يرثوا نظام حكم كل من مبارك وبن علي بينما التيارات ذات الصبغة العلمانية لم تحضى بنفس هذا الدعم رغم مشتراكاتها الكثيرة مع هذا الغرب .
بعد قيادة الناتو للأنتفاضة الليبية المسلحة فقد الحراك الشعبي العربي بريقه الأخاذ وبدأت علامات الأستفهام والتشكيك تطرح نفسها من ان يكون هذا الحراك المسوق تحت مسمى الربيع العربي يقف وراءه فكرا معلبا قادما من خارج حدود المنطقة وان اصبطغ بالصبغة الأسلامية وآلية اسقاط النظام الليبي المتعسفة لم تتح الفرصة الكافية للشارع في هذا البلد لكي تنضج حراكه الشعبي مستفيدا من دروس الأنتفاضتين المصرية والتونسية وليتجنب مخرجاتهما التي لم تكن تنسجم مع تطلعات القوى التي ساهمت بفعالية في اسقاط نظاميهما .

ثم هناك عند جنوب الجزيرة العربية رأينا اخر ابداعات الغرب في كيفية الألتفاف على ثورات الشعوب من خلال سيناريو ترك علي صالح السلطة في اليمن بعد ان تم منحه الحصانة من كل تبعات جرائمه اثناء فترة حكمه لقد كان سيناريو اكثر من رائع في ترتيب ترك السلطة وتم تصوير ذلك على انه تغيير ديمقراطي دون ان يكون اي اثر للديمقراطية على ارض الواقع ويبدو ان الدرس المرير الذي حدث في العراق كان حاضرا في اذهان المخططين الستراتيجين وهم يكتبون السيناريو اليمني لكي تكون تجربة اليمن في حدود السيطرة ولاتشب على الطوق .
اما النظام السوداني فقد تفادى المرور بمرحلة الربيع العربي التي تمر بها المنطقة خصوصا شمال افريقيا عندما قام بحركة سياسية بارعة فقد فيه رأس النظام البشير اي علاقة له بالوطنيه عندما تخلى عن جنوب السودان ليتحول هذا الجنوب الى دوله معادية للسودان وليس شقيقة له .
ثم توقفت نسائم الربيع العربي طويلا طويلا عند بوابات كل من سوريا والبحرين ففي الحراك السوري الذي وقفت وراءه وتقوده دول الخليج بإمتياز ممثلة بقطر والسعودية ومن ورائهما الغرب عموما وامريكا خصوصا لدرجة ان حماسهما في اسقاط النظام وصل الى درجة التحالف مع احد اكثر قوى السلفية الأصولية تطرفا وارهابا والمتمثل بتنظيم القاعدة فهم حينما يحاربون القاعدة في كل من افغانستان وباكستان واليمن نراهم يدعمونها في سوريا ولاادري لعل هناك جناحين للقاعدة يميني ويساري ولعل هذا هو التبرير الوحيد الذي يحملنا على استساغة الموقف الأمريكي ونفس الحال ينطبق على موقفي كل من قطر والسعودية اللذان يعتبران اهم حليف لأمريكا في المنطقة بعد اسرائيل ففي حين يحتطب كل منهما لزيادة اوار الصراع لأحداث التغيير في سوريا نراهما يساهمان في قمع الحراك الشعبي بالجوار منهما حيث وصل بهما الأمر للتدخل العسكري المباشر متذرعين بإن هذا الحراك تقف وراءه ايران .
ولفرط الثقة التي ولدتها الأمكانيات المتوفرة لدى هذا التحالف ان دفعت قادته بالتسابق بإطلاق التوقعات حول مدة بقاء رئيس النظام من انه لن يتجاوز الأسابيع ثم ارتفعت درجة توقعاتهم لتتحول مدة السقوط المتوقعة الى شهور ثم سكتوا عن تحديد اي سقف زمني لتتبدل لغة التوقع لتتحول الى مقولة ان الأسد سيترك السلطة عاجلا ام آجلا على قاعدة لابد له ان يموت ان لم يكن اليوم فلا بد ان يكون غدا .
لايزال مسؤولوا تسويق الربيع العربي متحيرين في توصيف الأنتفاضة البحرينية التي عبرت عامها الأول لتدخل الشهر الثاني من عامها الثاني فهم يرفضون اضافاتها لأنتفاضات هذا الربيع ويعتبرونها خروجا غير شرعي على ولي الأمر بل ووصموها بالطائفية لكون غالبية الشارع البحريني المنتفض يشكله الشيعه رغم وجود لابأس به لبقية الطوائف والتيارات السياسية المساهمة في هذه الأنتفاضة لكنهم رغم ذلك اسبغوا عليها هذا التوصيف ونسبوا هذا الحراك الى ان ايران هي من تقف وراءه بإعتبارها بلدا شيعيا لكن المشكلة ان الصمود الأسطوري للمنتفضين البحرينين امام نظام قمعي فاتك وسلمية انتفاضتهم جعل اخراج هذه الأنتفاضة من توصيف الربيع العربي امر صعب ولعل الأيام القادمة تقيض للبحرينين احمد بن حنبل اخر ليضيف انتفاضاتهم الى الأنتفاضات العربية التي حازت على الشرعية مثلما فعل ابن احمد بن حنبل في العهد الغابر مع علي بن ابي طالب حينما اضافه الى الخلفاء الراشدين .
الأندفاع الغربي في دعم التوجه الأسلامي وخصوصا السلفي منه لكي يتصدر واجهة التغيير سببه ثقة هذا الغرب الأكيدة من ان السلفية بعيدة كل البعد عن فكرة اي تداول ديمقراطي للسلطة فهذا الأسلوب يتقاطع فكريا مع ثقافتها وإن تمكينها في تصدر المشهد السياسي من شأنه اعادة انتاج انظمة شمولية بواجهات مختلفة ولعل الصبغة الطائفية ستكون اكبر علامة فارقة لها لكي يتم استخدامها مستقبلا لمواجهة ايران التي تم الفراغ من تسويقها كعدو استراتيجي للعرب والمسلمين السنة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - حقيقة لا نعلم ما يدور من وراء الكواليس
بشارة خليل قـ ( 2012 / 4 / 6 - 04:58 )
لكن هنالك حقائق ثابتة على ارض الواقع لا بد ان لها ثقلها في تشكيل مسار الوضع الراهن
اولا:اولى اولويات الغرب مصالحه المادية وعلى رأسها ضمان استقرار امداده بالطاقة النفطية ثم تأتي بالدرجة الثانية القيم الديمقراطية والرغبة في تصديرها ما لم تتناقض مع رأس الاولويات
ثانيا:هناك نغمة طائفية ازدادت في ال15 سنة مع ظهور الفضائيات التحريضية بالتوازي مع ارتفاع سعر النفط وبالتالي الامكانيات المادية لانظمة الرجعية اخليجية ومن ضمنها ايران
ثالثا:بروز النوايا التوسعية الاقليمية وتحديدا بين الجبهة السنية المتمثلة بالسعودية وافلاكها وانضم على الخط مؤخرا العامل التركي يتنازع مركز الثقل كونه الجسر الطبيعي مع الغرب خاصة الاوربي هذا من جانب والجبهة الشيعية ومركز ثقلها بلا منازع ايران التي دخلت على خط للنزاع الطائفي في لبنان بإنشاء ودعم حزب الله كرأس حربة وورقة ضغط على الجبهة المقابلة.هناك في لبنان في العقد الاخير من الالفية برز التنازع بين المشروعين التوسعيين بشكل خافت توَّجَهُ اتفاق الطائف
رابعا:خلل موازين القوة الذي احدثه تغيير النظام في العراق وربما كان بقصد وبحساب مدروس
خامسا:عشوائية تقاطع المصالح

اخر الافلام

.. الشرطة الأميركية تعتقل عدة متظاهرين في جامعة تكساس


.. ماهر الأحدب: عمليات التجميل لم تكن معروفة وكانت حكرا على الم




.. ما هي غايات الدولة في تعديل مدونة الاسرة بالمغرب؟


.. شرطة نيويورك تعتقل متظاهرين يطالبون بوقف إطلاق النار في غزة




.. الشرطة الأرمينية تطرد المتظاهرين وسياراتهم من الطريق بعد حصا