الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الطائفية السياسية ذخيرة الربيع الاطلسي

عبد الرحمن كاظم زيارة

2012 / 4 / 8
مواضيع وابحاث سياسية


امريكا وطبقا لرؤيتها ومصالحها لاتعتبر نفسها اخطأت في احتلال العراق ، بل تعده نصر ، وكل ما ترتب على الاحتلال مخطط له ومقبول لدى امريكا .. امريكا تجيد وضع المعادلات السياسية التي تبدو للبعض انها ضد مصالحها ، لكنها بنفس الوقت تهئ الحلول ، وكل شئ لديها في مراحل توجد فيه حلول المعادلات الصعبة ... في احتلالها للعراق نسقت مع ايران .. وهذا بالنسبة لها كان محسوبا حتى من ناحية الثمن الذي تدفعه .. والثمن في كل الاحوال ليس منها بل من العراق بالذات .. لاننسى ان بريطانيا منحت ايران الجزر العربية الثلاثة لقاء تحالفها الستراتيجي معها .. وليس من المستغرب ان تفتح امريكا المجال لايران في العراق ، بل ليس من المستغرب ان تسميلها بمنحها امتيازات اضافية في العراق .. والثابت ان امريكا ترفض رفضا باتا كل ما يمت بصلة الى النظام السابق بل تعاديه بشراسة ... اما من جهة امن الخليج العربي فلايهم امريكا بشئ طالما انها تستحوذ على امتيازات النفط ولديها القواعد العسكرية فيه ، معدة لحرب عالمية ثالثة . وكل التحركات العسكرية الامريكية ومن بينها انشاء درع صاروخي الذي قيل انه معد لمواجهة الصواريخ الايرانية الموجهة الى دول الخليج هي تحركات في اطار سباق التسلح بينها وبين الدول الاخرى كروسيا والصين خاصة .. وطبعا في هذه الحالة ان كلفة هذا الدرع كالعادة تدفع من اموال دول الخليج العربي بدعوى ان الصواريخ الايرانية تستهدف مصالح دول الخليج لكن الدرع اعد لمواجهة حرب كونية ، عالمية ثالثة .. ان ايران بالنسبة لامريكا قبة الميزان في صراعها مع روسيا والصين .. وان استمالتها هدف تسعى اليه كل من واشنطن وموسكو ..
ومن المستغرب الكلام عن حاجة دول الخليج العربي للعراق للدفاع عنه وقد تحول الخليج العربي كله الى قواعد عسكرية امريكية ، وتتمتع هذه الدول بافضل العلاقات مع ايران وانها صمتت عن عائدية الجزر العربية الثلاثة لدولة الامارات .. آخر ما تفكر فيه دول الخليج ان تستعين بالعراق او تأمل ان يعود كما كان قبل الاحتلال ، وان امريكا وحلفائها في ربيعهم الاطلسي يسعون الى تشكيل انظمة محاصصة طائفية في كل المنطقة ولاتستثنى منها دول الخليج العربي ، لذلك فأن امريكا تحتاج الى ايران في هذا لأنها تمثل الطرف الثاني في معادلة تطييف الانظمة العربية ..
ان الوعي بمسار التغييرات التي حصلت في المنطقة اعتبارا من احتلال العراق يؤدي الى استنتاج واحد وهو ان ما حصل من " ثورات " ادت وتؤدي الى العودة بالمنطقة الى مرحلة ما قبل الدولة كما حصل في العراق وليبيا ويحصل انجازه الان في تونس واليمن .. والاحداث السورية تدفع ايضا وبقوة صوب هذا الاتجاه .. نجحت الادارة الامريكية ومعها الحلف الاطلسي في حربها النفسية وفي جهدها الرامي الى التحويل العقيدي عندما استطاعت ان توجد مناخا طائفيا في المنطقة برز فيه المعيار الطائفي ركيزة المواقف ازاء الاحدالث الجارية واسلوبا جديدا لتعبئة والاصطفاف على المستويين الرسمي والاجتماعي .. وقد دفع المعيار الطائفي اناسا يؤيدون الثورة هنا ولايؤيدونها هناك ... اني لااتصور كيف لمواطن عربي يؤيد ثورة تؤيدها وتحث عليها امريكا .. تماما مثلما غزو العراق وصفوا غزوهم بسقوط النظام وتحرير العراق .. وكان احتلال العراق بداية للربيع الاطلسي ، والنموذج السياسي الذي اخذ يتكرر في بلدان عربية أخرى .. المعيار الطائفي يجيز وصف ما يحصل في البحرين على انه مؤامرة ايرانية وبنفس الوقت يصف ما يحصل في سوريا بأنه ثورة شرعية ، وعلى نحو معاكس وفي ظل معيار طائفي آخر ، يرى ما يحصل في البحرين ثورة شرعية وما يحصل في سوريا مؤامرة امبريالية .. ولو لاحظنا بدقة الموقف الامريكي من كل الاحداث نجدها تتفاوت طبقا لمصالحها هنا او هناك ، في هذا البلد او ذلك ، لذلك فأن المد الطائفي وبغض النظر عن لونه متحالف تحالفا ستراتيجيا مع الحلف الاطلسي ، ويقدم له الخدمات الجليلة كلفها مدفوعة من دماء ابناء امتنا في الوطن العربي بغض النظر عن الدين او المذهب او الطائفة ...
يخطأ من يظن ان الولايات المتحدة ندمت على اي اجراء في العراق ، ويخطأ من يظن ان امريكا تتجه نحو تصحيح أمر ما في العراق ، او تسعى لاستمالة البعث او اركان النظام السابق ، امريكا تريد تكريس نظام المحاصصة في العراق وتريد امرار هذا النموذج على كل الدول العربية وتساعدها في هذا قوى وفئات لاترى ما هو ابعد من الاحداث الانية والاهداف القصيرة .. لقد اضطرت الولايات المتحدة لاحتلال العراق بنفسها وبالتعاون مع بريطانيا وفرنسا ، لأنها لم تجد في العراق " ثوار " كثوار الناتو في ليبيا ، وكالجيش الحر في سوريا ، وكجمهور يسعى لاسقاط النظام دون ان تكون له قيادة ومنهج ثورة وبرنامج ورؤية سياسية كما حصل في تونس ومصر واليمن ، البعض يعتقد ان سقوط العائلة المالكة في البحرين نصرا له وينطلق في هذا من منطلق طائفي ، والاخر يعتبر سقوط النظام السوري نصرا له وفقا لمعيار طائفي آخر .. في هذه النقطة بالذات نجحت الولايات المتحدة في معركتها الفكرية والعقائدية في ان توظف فئات لتحقيق اهدافها غير المشروعة في منطقتنا .. امريكا ادركت اللعبة وتلعبها وفق قواعدها وهي الان تحقق اهدافها على حساب مستقبل الاجيال العربية ، كما ادركت فاعلية الطائفية في سرعة تفكك عرى الانتماء القومي والانتماء للامة ... والمراقب السياسي لو جال نظره في نتائج ما سميت بالثورات لادرك ذلك ، ولو دقق اكثر في مسألة تأييد الاطلسي وفي مقدمته الولايات المتحدة لهذه " الثورات " لوضع الف علامة استفهام حول هذه الثورات وما ستؤول اليه ..
ان التنافس الطائفي او المذهبي ليس محله العمل السياسي والثوري بل محله اليوم الاخر ، يوم القيامة .. فهناك يكون الفصل .. فليطمئن الجميع الى ما يؤمنوا به .. طالما انهم واثقون بنصيبهم في الجنة ...واذا لم يكونوا على درجة من هذه الثقة فعليهم ان يفكروا مليا في ما يسببونه من قتل ودمار باسم الدين والطائفة والمذهب ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تصحيح
عبد الرحمن كاظم زيارة ( 2012 / 4 / 9 - 14:47 )
وردت العبارة التالية في مقالي (لقد اضطرت الولايات المتحدة لاحتلال العراق بنفسها وبالتعاون مع بريطانيا وفرنسا ) والصواب هو بالتعاون مع بريطانيا واسبانيا ، وليس مع فرنسا .. اعتذر لهذا السهو

اخر الافلام

.. تحقيق مستقل يبرئ الأنروا، وإسرائيل تتمسك باتهامها


.. بتكلفة تصل إلى 70 ألف يورو .. الاتحاد الفرنسي لتنمية الإبل ي




.. مقتل شخص في قصف إسرائيلي استهدف سيارة جنوبي لبنان


.. اجتماع لوكسمبورغ يقرر توسيع العقوبات الأوروبية على إيران| #م




.. استخراج طفلة من رحم فلسطينية قتلت بغارة في غزة