الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


البروفيسور العراقي سامي موريه يصدر مذكراته بعنوان -بغداد حبيبتي-

مازن لطيف علي

2012 / 4 / 10
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات


مازال الناس مختلفون في فهم وإفهام معنى العمر، فهل هو العيش، أو ما مضى وانقضى من الزمن، أو بكم وكيف العمل، أو مقدار ما مر به الإنسان من محن، أو هو محض عملية حسابية لأيام الهناء ـ مطروحا منها أيام الشقاء، تقدس العمر ، فأقسم الناس، فهو عزيز طال أم قصر، ثاب أم خاب، أو ثابت أم إفتراضي .
رحلتنا سوف تكون مع مذكرات شخصية كبيرة ومبدعة، عرفها العراقيون من خلال قراءة مذكراته التي نشرت بشكل حلقات، في جريدة إيلاف، إلى أن قرصنها ناشر بغدادي عام 2010، ثم أصدرها مؤلفها اخيراً في كتاب ، بطبعة منقحة ومزيدة، إنه البروفيسور سامي موريه، صاحب الباع الطويل في الأبحاث العربية والإسلامية والتجربة الثرية في الحضارة العربية، في كتابه الجديد الذي يحمل عنوان (بغداد حبيبتي - يهود العراق ... ذكريات وشجون) عن مكتبة كل شىء- حيفا 2012 . تحمل هذه المذكرات خواطر الأزمنة وتراكمات الأحدث. أهدى المؤلف قصيدة "الرحيل" في مستهل ذكرياته "الى أخواته وإخوانه العراقيين في كل مكان"، ولعل هذه القصيدة ستكون خاتمة لمساهمة الشعراء اليهود في الشعر العربي منذ أن نظم السموأل (شموئيل) بن عادياء اليهودي لاميته الشهيرة، لذلك يمكننا ان نقول، "بدأت مساهمة اليهود في الشعر العربي بشموئيل بن عادياء اليهودي، وانتهت بشموئيل بن ابراهيم العراقي اليهودي. وقد عارض قصيدة "الرحيل" العديد من الشعراء، ووضعها الاستاذ نوري علي في جريدة "ألأخبار" في باب ثابت من روائع الشعر العربي، ومطلعها:

قالت لي أمي، والأسى في عينيها:

"ظلمونا في العراق،

وضاقَ المُقامُ بنا يا ولدي،

فما لنا و"للصبر الجميل؟"

فهيا بنا للرحيل!"

وعندما بلغنا الوصيدا،

قالت لي: "يا ولدي لا تَحزنْ،

إِلـْـلِِّي ما يريدكْ لا تريدَهْ "،

هَمستْ: " يا حافرَ البير "

"بربكَ قلْ لي لهذا سببْ؟ "

ورَحلنا ...".

قدم الكتاب الكاتب العراقي سعد سامي نادر حيث ذكر إنه "كعراقي، وكواحد ممن ترك وطنه مرغما وعلى مضض، متعة، ان تعيد قراءة "بغداد حبيبتي- يهود العراق ... ذكريات وشجون" للبروفيسور سامي موريه، ستشدك زفرة ومرارة كلمات بسيطة نابعة من قلب ووجدان ونقاء مواطن عراقي يفيض حباً ووطنية صادقة يغلفها حنين للوطن بلا حدود. ستجبرك لوعات شجونه على المضي معه عبر طريق أحزان وآلام روح سُبيت وأجبرت يوماًعلى ترك وطنها الام، على مضض ...".

يذكر موريه في مذكراته إنه قضى طفولته الباكرة في محلة حنون صغير في بغداد القديمة ، وأنتقلت عائلته عام 1936 الى منطقة البتاوين مقابل بستان مامو، ويذكر هذه المنطقة في مذكراته مرات عديدة ويحلم ان تتكحل عيناه برؤيتها ورؤية مدرسته " السعدون النموذجية " ومدرسته المفضلة التي قبلته، الست "فاطمة"، وهي مدرسة التاريخ والطبيعة في مدرسة السعدون النموذجية في بغداد ... هاجر موريه قسراً من العراق بعد حملة التهجير القسرية ليهود العراق في منتصف القرن العشرين حيث يذكر "وضرب القدر ضربته ورحلنا ، وانهمكنا في الدراسة والعمل لنداوي بها جراحات الماضي وأهوال الحاضر بانتقالنا من عزّ العراق، مهما كان ثمنه، إلى ذلّ الحاضر، في خيام معسكرات اللاجئين الجدد، من جميع أرجاء العالم، والوقوف في طوابير الماء وبيت الخلاء والخبز وشراء اللحم والبيض والزبد بالكابونات والعمل كعمال بسطاء، رغم ثقافتنا، في البناء لنقل أكياس الإسمنت والحصى والرمل على ظهورنا كما كان يفعل "العمّالة" الذين كانوا يعملون عند والدي في البيوت التي كان يبنيها! بكيْتُ عندما جاء أخي ريمون يبشرني: "والله عندك حظ ! أول يوم وشِفتْ (وعثرت على) شِغِل بالعمالة (البناء)!" قلت له: "ما هذا الفرح بعمل حقير حصلت عليه بعد عزّ العراق!"، و"ما تعرف خيري لما تجرب غيري"، صرنا نشتغل بالبناء مثل الفقراء؟ ويل العراق، ماذا فعل بأبنائه المخلصين!"

هاجر موريه وعيونه ترنو متلفتة نحو العراق قدره وليلاه، يحن ويئن على بغداد وفراقها،

" لـَيْـتـَنِي أعُودُ إلى العِـرَاقِ يَوْمًا، فَأُحَدّثـُهُ بـِمَا فـَعـَلَ الفِرَاق "

تناول موريه سيرة والده ابراهيم معلم الذي عشق العراق وتعلق ببغداد فلم يفرط في تسقيط جنسيته عام 1951 ، بالرغم من احداث الفرهود الفظيعة وفضل البقاء في بغداد حيث كان يقول لعائلته دائما: "أنا عشتُ 2500 سنة في العراق واتركها في 5 دقائق، ماذا سأفعل في اسرائيل مع هؤلاء الصهاينة".

العراق ليلاه المريضة وقدر موريه الذي لايستطيع الهروب منه، فهو يلاحقه في كل مكان يذهب إليه، حتى لهجته العراقية لم تتغير، وحبّة بغداد التي في خده الايسر تميزه بعراقيته، ومواصلة القراء ومحبيه من العراقيين عبر التعليلقات والرسائل في البريد الالكتروني، تدل على انه يعشق العراق وناسه الطيبين، فالعراق ليس اسما ومسمى عند موريه، بل هو "الأنا" الرابضة في أعماق وجدانه وكيانه و شخصيته.
قراءة المذكرات تنبـِئُـنا إننا في حضرة مبدع كبيرة ترك بصماته خلال رحلة العمر على ناصع صفحات الدنيا بأبحثه ومؤلفاته. عشق بغداد، وأدمن في حب العراق بشكل لعب بنياط قلوب العراقيين بصورة لا توصف، فصرخ أحدهم "لغة عربية رهيبة"، أضحك قراءه وابكاهم بأسلوبه الساحر الغنائي المنوم، حتى صرخت الأديبة عأئشة، "من أباح لك قتلي"، ونظم الشاعر الدكتور جبار جمال الدين روائع قصائده بوحي من ذكرياته، وتغنى باسمه السموألي الملحن والمغني بشير صبري بوتاني في ثلوج السويد، وعارض "الرحيل" عراقيون مهجرون وفلسطينيون يائسون، واثار عند العراقيين ما نسوه من ذكريات الظلم والطغيان، فكتبوا ما نسوا تدوينه من أحداث مشابهة لتلك التي رواها موريه، فنشروها في الجرائد الالكترونية.

يتألف الكتاب من 424 صفحة من القطع الكبير، ويضم 53 فصلاً مع خاتمة وفهرس الأعلام وموثقا بقائمة فحلة من مؤلفاته وبالصور في نهاية هذا الكتاب الفذ.
نشرت بعض فصول الكتاب في موقع "البرلمان العراق"، كوثيقة ومثالا يحتذى لحب العراق والوطنية الصحيحة، ليقتدي بها النواب في بغداد، بل في العراق كافة، ومزينة بالصور في مجالس حمدان التي يحررها جلال جرمكا، وتوثيق ابياته لبعض الفنانين عن غرامه بليلاه المريضة في العراق بصور النخيل اكراما لقوله :

وهل تدري كيف كانت ترف عليّ نخيل العراق،

كما رفت قرون، ليلى

على المجنون في هواها،

رفيف الأقحوانة في نداها؟"

وبعد، فلا يسعنا سوى ان نشكر أديبنا الكبير على تدوينه لمذكراته وتخليده لأحداث العراق كباحث وأديب وشاعر وانسان، وآس ٍ لما يحدث في العراق من مآس ٍ متمنيا لشعب العراق من محنه واستعادة حريته واستقلاله وديموقراطيته ومساهمته الماضية في العلوم الانسانية التي كانت مصدرا للنهضة الأوربية الحديثة، والف تحية للعراقي الوفي للعراق وشعبه الذي اطلق عليه بعض الأدباء العرب في اسرائيل لقب "مربي الأجيال"، واطلق عليه بعض العراقيين لقب "محب العرب والمسلمين".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ابكاني المقال
علي جاسم السواد ( 2012 / 4 / 10 - 09:36 )
الصديق مازن ليس هذه المرة الاولى التي ابكي عندما اقرأ لك موضوع يتعلق بشخص عراقي (بصرف النظر عن انتمائه او قوميته) يحن على هذا الوطن الغائص في اتون الصراعات السياسية الخبيثة، لكن اعترف ان هذه المرة تختلف تماماً، لاني شعرت وان اقرأ مقالك وكأني طفل صغير تعلم القرأة للتو فاخذت اتهجأ حروف مقالتك ببطأ متمتعاً بكل ما فيها من احساس وصدق وانت تصف هذا العراقي الغريب المحن الى وطنه، وضعت القارئ امام حالة انسانية شديدة الحساسية لانها تتعلق بانسان ووطن وهما في فراق طويل في زمن يصعب فيه لقاء الاحبة لكن ارغب في القول اليك والى الاستاذ العراقي الخالص سامي موريه ان العراق ايضاً يشتاق اليك ويتمنى ان يمسح ترابه العذب بيدك ويرشف وجهك بماء دجةل والفرات لانه اشتاق الى ابنائه الذين ينتمون اليه بالحب والاخلاص لا باللجنسية والعيش فقط..حبي وتققديري اليك صديقي مازن والى الاستاذ الكبير سامي مويه متمنياً ان نراه يوماً يتجول في بغداد ام الجميع بدون استثناء واتمنى ان اقرأ الكتاب في اقرب وقت ممكن


2 - شكرا استاذ مازن محتاجين اعادة تربيه وطنيه عرا
الدكتورصادق الكحلاوي ( 2012 / 4 / 10 - 12:50 )
كالعاده مقاله مشبعه بانسانية عراقيه نخاف عليها ان تتاءكل وننساها
للاسف هذا الباب-التربية الوطنية العراقية-مهمل رغم اننا نرى تداعيات
انحسارها وتصحر نفوسنا منها صارت مجلبة لشر كثير-انظر الفساد والغش في البناء والتحايل في العمل
انا درست في بلد اوربي بعد الحرب الثانية بقليل وكان البلد محتلا من قبل الهتلريين جميع سنوات الحرب السته وكان الناس يموتون احيانا كثيره لعدم توفر الغذاء حتى بابسط اشكاله-الكارتوفل اي البتيته
ومرة عاد رجل كان يمارس اللصوصيه للحصول على قوت لعياله-عاد فارغ اليدين فقال له احدهم ولكن كان بامكانك على الاقل ان تسرق سياج الجسر القريب وتبيعهلان الحاجه ماسه عند الحرفيين للحديد
فوقف اللص غاضبا - وهو يصيح ومن قال لك انا خائن لبلدي انا لص نعم ولكني لست خائنا العدو فقط وابناء الزنا هم الذين يخربون بلدهم
وهكذا نتعلم من البرفسور موريه الوطنية العراقيه
استاذ مازن انا في بلد مجاور للعلاج وقبل ايام طلبت مني عائله عراقيه قادمه من الامارات باتجاه بغداد -طلبوا مساعدتهم لنشر كتاب لابنتهم الكاتبه الصغيره
قلت لهم روحوا لشارع المتنبي واساءلوا عن ا مازن لطيف هو يساعدكمووصفت ايضا مكتبة ااشطري


3 - كلمات مموسقه عن العمر
عبد الرضا حمد جاسم ( 2012 / 4 / 10 - 14:44 )
تحيه وتقدير
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=229765


4 - تحية طيبة
نبيل عبد الأمير الربيعي ( 2012 / 4 / 10 - 18:29 )
تحية طيبة اخي مازن لطيف .....اصبحت مصاب بمرض عشق ما تكتب والتعلق به وخاصة ما يخص اخوتنا اليهود العراقيين, وكانت مقالاتك السبب في بحثي في هذا الجانب , شكراً لهذا الجهد الرائع سيدي الكاتب مازن لطيف

اخر الافلام

.. آثار القصف الإسرائيلي على بلدة عيترون جنوبي لبنان


.. ما طبيعة القاعدة العسكرية التي استهدفت في محافظة بابل العراق




.. اللحظات الأولى بعد قصف الاحتلال الإسرائيلي منزلا في حي السلط


.. مصادر أمنية عراقية: 3 جرحى في قصف استهدف مواقع للحشد الشعبي




.. شهداء ومفقودون في قصف إسرائيلي دمر منزلا شمال غربي غزة