الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل بات قيام الدولة العلوية وشيكاً؟

علي الأمين السويد

2012 / 4 / 10
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


كثُرَ الحديث في الآونة الأخيرة عن خطط بديلة قد يلجأ لها نظام بشار الأسد للخروج من أزمة فقدانه ملكه في سورية. و من المرجح أن تكون آخر أوراقه هي سلخ الجزء الحيوي المتمثل بالقسم الغربي من أرض سورية ليعلن فيها عن إقامة الدولة العلوية ليبقى بشار الأسد رئيساً و من بعده الطوفان. والذي يبعث على الميل نحو هذا الظن المتشائم هو تلازم ايقاع الحديث عن مشروع الانفصال الأسدي مع حركة الخط البياني لمراحل صراع النظام الأسدي من أجل البقاء القسري.
و من قبيل التحليل لما بات يعتبر أكثر من مجرد ارهاصات لسلخ الرئة السورية البحرية من جسد أمها، و ربما أكثر من الحديث عن بدء فعلي لعملية العزل المتأني و التي يُخطط لها على نارٍ هادئة بموازاة جهوده لإبقاء سورية كما كانت قبل الخامس عشر من آذار 2011. نضع هذه التحليلات التي يتمنى كاتب هذه الكلمات أن تكون أضغاث أحلام كاتب ليس إلا.
وقبل المضي في ثنايا هذه الدراسة البسيطة يتوجب توضيح قضية أن ولاء الطائفة العلوية للنظام الحاكم أمر فيه الكثير من عدم الدقة إلى درجة يمكن القول فيها بأن ولائها "مختطفٌ" من قبل آل الأسد أو "مجيَّر" لصالحهم بالقوة تارة، و بالتخويف تارة أخرى. و هذه مناسبة أخرى للتأكيد على وجود ما يسمى فعلاً بــ "طائفة النظام" والتي تكشف أن عدد الموالون للنظام من غير العلويين يفوق عدد الموالين له من العلويين.
و بدون شك أن الحديث عن امور صادمة كهذه قد يدخل في دوامة التكهنات إذا لم يكن هنالك ما يبعث حقيقة على إثارة هكذا مواضيع حساسة. ولهذا وقبل الحديث اللاحق عن رقعة الدولة وبنيتها الديموغرافية بالتفصيل تبرز الحاجة إلى معرفة دوافع داعمي هذه الدولة "الحلم" لإقامتها. فمن البديهي انه يمكن لأي اثنية في العالم أن تطالب بدولة تخصها، ولكن ليس من السهولة بمكان أن يتم لها ذلك إذا لم تكن هنالك مصالح كافية تدفع كيانات مؤيدة للعمل على اقامة تلك الدولة.
و لهذا سيكون من المفيد جداً الآن الإجابة على السؤال :" من هي الدول التي ستدعم قيام هذه الدولة، ولماذا تدعمها؟" لما للإجابة من اهمية قد تفيد في إيقاف عملية التقطيع بضربة استباقية ما.
و تشكل التحليلات المتوفرة للاجابة عن هذا السؤال مفارقة عظيمة. فالنظام الذي قام اساساً على فكرة فناء اسرائيل، هو ذات النظام الذي ربط وجوده بوجود الصراع العربي الصهيوني، وبكلمة اخرى قام النظام بربط وجوده بوجود اسرائيل، و هذا ما ظهر جلياً للعالم حينما شعر بالخطر الداهم من قبل ثورة الشعب السوري عليه فوجه تلك الرسالة الشهيرة على لسان رامي مخلوف، فكشف عن أنيابه وانكشفت سوءته. ولكن اللافت للإنتباه أن هنالك ثلة من الدول لها مصلحة في اقامة مثل هذه الدولة مثل إيران والعراق الحالي، و روسيا، اسرائيل.

A. إيران و الدولة العلوية في سوريا
تسابق إيران الزمن كي تتمكن من فرض عضلاتها على المنطقة العربية عامة و منطقة الخليج العربي خاصة. و من رؤوس اسباب دعمها المحتمل جداً لقيام الدولة العلوية هو امور كثيرة نجتزئ منها العوامل التالية:
1. تسعى إيران للسيطرة على منطقة الخليج العربي بكل ما اوتيت من قوة وبكل الوسائل الممكنة. وقد اثبتت انها تستطيع التلاعب بالمواقف الدولية تجاه خططها النووية و ربما تحد للعالم كما حدث أخيراً حين أعلنت عن نيتها إغلاق مضيق هرمز إن تمت العقوبات الاقتصادية عليها بسبب برنامجها النووي الآخذ في الاكتمال. ولكن ما علاقة تركيع الخليج العربي بما فيه مضيق هرمز بالدولة العلوية؟
a) تطمح إيران لأن تكون حاكمة منطقة الجزيرة العربية و ما حولها سياسياً و اقتصادياً عن طريق القوة و عن طريق تحولها إلى ما يسمى شبيح أو بلطجي الخليج الذي يقف بوّاباً على مضيق هرمز ليقرر مرور هذه الناقلة، و بعدم مرور تلك الشحنة تحت بند "مصلحة الأمن القومي الإيراني فتضغط على دول المنطقة اقتصادياً لتتحكم في تصدير منتجاتها النفطية و الغازية، ولتسلبها بالتالي حريتها السياسية و هنا مربط الفرس.
b) تحقيق طموحات إيران يستدعي احكام السيطرة بكافة اشكالها على دول المنطقة قاطبة تحت مسميات مختلفة تتفق في كونها كلها استعراضية و فارغة من معناها الحقيقي.
1. ففي لبنان و سورية تستخدم منظمتين ارهابيتين هما النظام الأسدي و حزب الله الإيراني تحت مسمى مقاومة العدو الصهيوني.
2. تستخدم إيران ورقة الشيعة في الخليج للسيطرة على مياه الخليج العربي و مضيق هرمز للتحكم في سياسات المنطقة بما يخدم اقتصادها واقتصاد من يحميها – روسيا.
3. محاولة الهاء تركيا بمشاكل سيادية تتعلق بتحريك ورقة الكورد كلما ارادت إيران ان تحصل على شيء تنافسها عليه تركيا.
4. رغبة إيران بلعب دور فاعل لتحقيق مصالح القطب الدولي الجديد بالإضافة إلى تحقيق مصالحها في هذا الجزء من العالم. و القطب الدولي الجديد والذي تلوح ملامحه في يتكون اساساً من روسيا و الصين و ايران في مقابل قطب دولي قديم صار عجوزاً مهلهلاً.

B. إسرائيل و الدولة العلوية

يستطيع متتبع شؤون منطقة الشرق الأوسط والمنطقة المحيطة بإسرائيل أن يلمس و أن يتيقن من النقاط التالية:

1. في الوقت الذي قاربت إسرائيل أن تصل إلى وضع مأزوم دولياً بعد نجاح القوى الفلسطينية، ولو على مستويات دنيا، في إحراج اسرائيل في قضية الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية، ولم يبق لها من منقذٍ سوى أن يُخلق وضعٌ جيوبولتيكي جديد يثير عاصفة ديموغرافية يتسلى بها العالم ريثما تنجزُ اسرائيل مهمة تهويد القدس نهائياً، وفصل غزة عن القطاع نهائياً، وايصال المخططات الصهيونية إلى مبتغاها. و هذا الوضع لن يتم لإسرائيل إلا باستثمار الوضع الراهن في سورية لصالحها بتشجيع بشار الأسد على السطو المسلح على الجزء الغربي من سوريا ليعلنه دولة علوية مرضيُّ عنها من قبلها.
2. بتسهيل تحقيق حلم آل الأسد الأبدي بقيام دولة علوية تمهد اسرائيل الطريق لإعلان نفسها دولة يهودية أسوة بالدول القائمة على اسس ديني كالدولة العلوية، والدولة الكردية التي ستستغل الفرصة لتعلن نفسها في الشمال الشرقي من سورية على اساس اثني. و هذا التقسيم قد يزلزل المنطقة كلها ويمحو خطوط سايكس بيكو ليحل محلها خطوط نتنياهو- نجاد حيث ستقسم المنطقة الى التالي:
a) دولة كردية في الشمال من سورية والعراق سابقاً
b) دولة "سنية" تضم المستطيل السني الموحد المكون من الوسط السوري و الوسط العراقي حسب سايكس بيكو سابقاً.
c) دولة شيعية في الثلث الجنوبي من العراق والذي يطمح لضم الشمال السعودي في المستقبل.
d) دولة درزية في جنوب سورية و لبنان سابقاً
e) دولة علوية في الغرب السوري و تضم معظم مدينة حمص ، و كامل محافظات اللاذقية و طرطوس و قد تتصل بالبقاع اللبناني بطريقة أو باخرى.
وهذا التقطيع و التوصيل، بدون أدنى شك، ينتج درعاً لإسرائيل قوامه الدولة العلوية، و الدولة الدرزية وهما دولتان يتشكلان من أقليتين لا يمكن لهما أن يتحالفا مع بقايا الدولة السورية أو العراقية السنية ليشكلا خطراً على اسرائيل اليهودية لأسباب تتعلق بالطابع الأيديولوجي الناشيء لهما.
وما البطئ الدولي في محاولة وقف العنف الأسدي تجاه الشعب السوري إلا من أجل ايصال شعوب المنطقة في مرحلة من المراحل المتقدمة إلى طلب الانفصال باي شكل من الأشكال من أجل الخلاص و طلباً للنجاة والحياة.
3. اقامة الدولة العلوية المحتملة سيكون سبباً في تمزيق المنطقة الى دويلات صغيرة بحجم الكيان الصهيوني او اكبر قليلاً، علماً ان حجم هذه المسوخ لا يهم اسرائيل طالما أنها كيانات بلا حول ولا قوة.

C. روسيا و الدولة العلوية
بعد استقرارها عالمياً وانتعاشها اقتصادياً صارت روسيا تمد بصرها إلى ابعد من انفها سعياً وراء مصالحها. ويساعدها في ذلك عوامل مثل ضعف الولايات المتحدة الأمريكية الذي بدا جلياً بعيد سقوط بغداد عام 2003 و تحالف روسيا مع الصين ووضع يدها على الكنز الايراني المتعطش للقوة النووية. ومن أسباب التأييد الروسي للدولة العلوية:
1. تتطلب العودة الروسية للساحة الدولية والتربع على سدة القطب الكوني الآخر فرض إرادة روسيا على المجتمع الدولي عامة و على أمريكا خاصة. وكان الدعم الروسي للنظام الأسدي شديداً فقط من باب اظهار العضلات حتى ولو كانت الضحية هي الشعب السوري الأعزل الذي مزقه السلاح الروسي بأيدي الشبيحة و الباسيج و عناصر حزب حسن نصر الله اللبناني.
2. إقامة دولة علوية على طول الشريط الساحلي السوري يحرم الخليج من الاتصال السهل مع اوروبا وهذا يخدم روسيا بمنع تصدير الغاز والمواد الاخرى لأوروبا بطريقة اقل كلفة و ذلك لتبقى متحكمة بالجزء الأهم بالنسبة لها من العالم ألا وهو أوروبا. ومن الواضح أن ثمن دعم روسيا اقامة الدولة العلوية هو منع مرور انابيب الغاز القطري و الخليجي الى المتوسط عبر سوريا.

3. تعمل روسيا على ابقاء ايران تحت رحمة الحاجة لها من أجل الاستحواذ على صناعتها النووية و حَلْبِ خيراتها المالية و كل ذلك إرضاءاً لسياسات قادتهاولهذا سيكون دعم الدولة العلوية جزء من سياسة روسيا لإرضاء إيران.

وفي ختام هذا الفصل من "هل بات قيام الدولة العلوية وشيكاً؟"
يمكننا القول بأن المنطق يعلمنا أنه لا يوجد دخان بلا نار، و لا نار بلا سبب. والواقع يدفع بالرغم من الأماني نحو القول بأن ثمة أمر اسمه الدولة العلوية يدبر بليل و أقطابه عبدة اسرائيل الذين يسجدون لها بكرة و اصيلاً مثل آل الأسد و النظام الإيراني و الولايات المتحدة الأمريكية و بعض من لا يرى مصلحته دون مباركة العم سام.
يتبع...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - قراءة تحليلية
نصر اليوسف ( 2012 / 4 / 11 - 18:47 )
جهد فكري رائع يستحق التقدير والإشادة

اخر الافلام

.. بعد هجوم إيران على إسرائيل..مقاطع فيديو مزيفة تحصد ملايين ال


.. إسرائيل تتوعد بالردّ على هجوم إيران وطهران تحذّر




.. هل تستطيع إسرائيل استهداف منشآت إيران النووية؟


.. هل تجر #إسرائيل#أميركا إلى #حرب_نووية؟ الخبير العسكري إلياس




.. المستشار | تفاصيل قرار الحج للسوريين بموسم 2024