الفيسبوك
التويتر
اليوتيوب
الانستغرام
لينكدإن
تيلكرام
بنترست
بودكاست
الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
قلب للصمت ووجه فوق كل اللغات
بشير ونيسي
2012 / 4 / 11الادب والفن
قلب للصمت ووجه فوق كل اللغات ...
سيدة المقام عائشة
هذه قراءة وتأويل لقصيدتين من ديوانين الأولى فوق كل اللغات للشاعر مصطفى صوالح والثاني صخب الصمت للشاعر أحمد مكاوي قصيدة سيدة المقام أحمد مكاوي وقصيدة عائشة مصطفى صوالح نفكك القصيدتين من خلال الشعري ومتخيله والجسدي وكينونته مع الآخر إمرأة ...
1
في هذا المقال جذبني حال القراءة لتأويل قصيدتين لشاعريين جزائريين صدر لهما ديوانين الأول بعنوان فوق كل اللغات للشاعر مصطفى صوالح والثاني صخب الصمت للشاعر أحمد مكاوي ووقع الاختيار بقصدية على قصيدتين وقع بينهما علاقة وصل يوميء بتطابق بين الشاعرين في حالة التجلي وشغف الروح‘ وأردت أن أفكك البنية الفكرية للقصيدتني قصيدة عائشة في فوق كل اللغات وقصيدة سيدة المقام في صخب الصمت ‘ فعائشة إمراة لها شكل النور وظل الروح وظفها البياتي ليعادل موضوعيا مرحلة التحول الشعري واغتراب الجسد في تراث المقدس وسيدة المقام وظفها الروائي واسيني الأعرج بنفس العنوان ليكشف حالا للبوح يهبل ذاكرة الجسد ‘ أنا في هذه القراءة في لحظة مابين بين عائشة لها سر الرؤيا وطقس الحب ودفء الكينونة ‘ وربما هي رمز أم المؤمنين وسيدة المقام رمز لعشتار وشهرزاد أو بلقيس وقد تكون سيدة المقام هي عائشة أو ليلى ...
بين القصيدتين نترصد المسافة الجمالية ونقتنص شبقا سرمديا من أفق الانتظار ‘ اننا نقرأ في القصيدتين
معطى الجسد عبر لغة كل شاعر ‘ وامكانية المتخيل الشعري التي تشكل رؤيا كل شاعر .
2
القراءة التي نراهن عليها من خلال القصيدتين تفكيك البنية الفكرية من خلال معطى الجسد وتجليات المتخيل الشعري والتركيز على شذرات شعرية وشظايا جمل ومقاطع من القصيدتين نكشف من خلالها وجه المعنى وامكانية الشاعر في استرجاع جنته الضائعة بكينونة مخضبة بالحب تريد من عودته البدية ملك الوجود التائه الواله .
3
ثمة وجه نظر تتعلق بعنونة الديوانين يجب أن نشير اليها تتمثل أن كلا العنوانين يريد معنى يكمن في حلمه المرتقب فوق كل اللغات يراهن على تجاوز كل اللغات ليعبر عن وجود ويعبر ليسكن في دهشة الصمت الذي هو سر كل اللغات أما صخب الصمت فإنه يخرق الصمت بالصخب وما الصخب الا لغة تريد نطقا يزعزع هذا الصمت السديم بلغة الصخب ليعود الى وجوده المستلب عبر لغة لم تستجب لحبه السرمدي .
فوق كل اللغات عنوان يحيل من خلال تأويله الى فرضيتين الأولى تجاوز اللغة للكشف عن حرية الصمت والثانية أنت تحب يعني أنك تتكلم بكل اللغات .
صخب الصمت يرجع الصدى الى أصل اللغة التي تسمي كل شيء لكن مابال اللغة وهي تريد أن تسمي مالا يسمى وتريد مالا يرى وتحب ما يشبه المستحيل ولا تسمية الا بصخب الصمت ‘ في صخب الصمت أنت تمارس اللغة بنورانية تجمع المتناهي باللامتناهي اللغة دال والصمت مدلول ها انت تعود للصمت لتعرف كنه اللغة اللغة حفر في الصمت الصخب هو اللغة الموشحة بالصمت الصخب هو حركة اللغة في سكون الصمت ‘ الصمت في لغته يشتهي امرأة لها مقام يريد الشاعر أن يسميها وهي مائية الحال تنساب حوله طوفانا سماوية الخيال .
بين العنوانين تشعر وأنت تقرأ بكيمياء تناص وامتصاص يحيل كل منهما الى الآخر فوق كل اللغات صدى للصخب الصمت أصل الصمت كل اللغات أنت تصمت لأنك فوق كل اللغات صامت أنت لأنك فوق كل اللغات . اللغة فراشة تحلق في فضاء الصمت الصمت غزالة تجمح في بر اللغة .
اذن بين فوق كل اللغات وصخب الصمت ألفة وتوهج عذري ووله وشجن في الول اللغة تريد صمتا هو بندى عائشة وفي صخب الصمت يريد الصمت لغته وهي بشذى سيدة المقام .
ما وراء الصمت كل اللغات / ما وراء كل اللغات الصمت الظاهر لغة والباطن لغة والعكس .
الوجود في صخب الصمت يريد جسدا من لغة وفوق كل اللغات يريد جسدا من صمت صمت اللغة سيدة المقام ولغة الصمت عائشة الصمت سيدة المقام بكل اللغات عائشة تتجلى في مرآة سيدة المقام عائشة المرآة صمت والوجه لغة .
سيدة المقام تحكي حال الصمت بوقت اللغة وعائشة تحكي حال اللغة بوقت الصمت عائشة شهرزاد قبل شهريار وسيدة المقام شهرزاد أمام عرش شهريار .
الصمت في أبلغ لغته سيدة المقام ‘ اللغة في أبلغ صمتها عائشة .
فوق كل اللغات
الصمت إمرأة هي وردة الوقت
لي منها لحظات
إشارات
همسات
تجليات
مقامات تشبه هسيس الشطحات
هيهات هيهات ...
1ماهية عائشة /
عائشة
أي ليل تلحفته
والنبوءات التي بشرت
بالذي يحتضن الحلم
سراب...
قصيدة عائشة للشاعر مصطفى صوالح تحكي جرحا نضج من شجرة الحياة حين أصابها ذبول الموت انه زمن الطفولة وهي تعانق براءة الأمومة ..امرأة تشبه النور الملتبس بالظلماء .دفء في الشتاء .أثقلت خطوها مساءات من زبد وهي تكتفي بالعتاب والغراب الذي حط في ارضها غاب تتوالى والعيون في ظمأ الحلم تشرب شك اليقين .الرؤيا محض حلم .تلتحف الليل وصار الحلم سرابا .النبوءة لم تعد بشارة للوقت المنسي . توسدت الويل وكل المدارات حبلى والقلب أسلم قلبه للناي .تأتي من حطام الليل والمدى يباب والحزن يتفقد الجسد يتذكره يتفحصه ولم تكن ملكا للجسد بل جمعت أشلاء الضياع وتحصنت بالغياب .فراقها ظلام والحب مازال يشتهي وجوده الشبح السرمدي .رممت الأمنيات لكن التراب أعادها الى أصلها والجسد الشعري خلف ظلها النوراني حافي لاأرض له لا صوت لا قافية ولم يبق منها سوى الوهم يهذي .
قصيدة عائشة يمكن تحديد بنيتها الفكرية في :
1 – عائشة وذكرى الرؤى وهم
أسرجت فكرها
والغراب الذي حط في أرضها
طار ذاك الغراب
والمساءات من زبد
أثقلت خطوها
واكتفت بالعتاب
أسلمت قلبها للناي عمرا
تتوالى والعيون الحالمة
والرؤى محض أوهام
هذه اللوحة تكشف توال المآقى الحالمة برؤياالتي لم تعد وحيا بل حلما
2- عائشة ونبوءة بشرت بالسراب
عائشة
أي ليل تلحفته
والنبوءات التي بشرت
بالذي يحضن الحلم
سراب ...
3- عائشة ضياع الحلم
عائشة
أي ويل توسدته
والمدارات حبلى
والذي ضيع الحلم غاب
والمداءات التي عانقتك
يباب
آه ياحزنها
لو تذكرتني
لو تفحصتني
4- عائشة ووجع الظلم
عائشة لم تكن لي
ولم لملمت أشلاء هذا الضياع
واحتمت بالغياب
أرسلت زفرة
من تراه يكون
أهو هو
5- عائشة وزمان الوصل
عائشة
ليس للحب زمان أو أفول
والذي رمم الأمنيات
ارتضاه التراب
وأنا خلف أوهامها الدامية
حافي الأقدام
لا ارض لي ..
لا صوت لي ..
لا قافية
غير وهم راح يهذي
من خلال قراءة البنية الفكرية لعائشة نجد تيمة الحلم حين يلبس العيون في اللوحة الأولى وتصير الرؤى محض أوهام وفي اللوحة الثانية النبوءة تبشر بمن يحتضن الحلم وفي اللوحة الثالثة ضياع الحلم في المدارات الحبلى أما اللوحة الرابعة الحلم يلبس الصبا ويصير ظلما موجع وفي اللوحة الخامسة الحلم يهذي بطقس الحب .
الحلم في ماهيته رؤيا في زمن قد يجيء ورؤية لشيء كائن يمثل في عائشة ‘ يمكن تأويل الحلم في قصيدة عائشة على مستويين مستوى كشف يوحي بواقع عائشة المتشظي بجمر الزمن ومستوى تجل يوميء بعائشة الروح التي تغادر الجسد لتصير شكلا سرمديا لجسد متوهج بالنور الطهر الذي يتجلى للشاعر في كل لحظة .
قصيدة عائشة تريد كشف وجود الشاعر وحالة تفكك ذاته بحياة تغتال الذكرى يمكن أن نقرأ القصيدة بالفرضيات التالية :
نشوة الحلم التي تلاشت
اغتراب الروح والضياع
الحب عودة أبدية .
2 يوتوبيا الحلم / قصيدة عائشة هي تجاوز للصمت ظل يلبس الشاعر مصطفى حتى أشرق الوقت بكلام فوق كل اللغات من خلاله رسم يوتوبيا حلم لمقام عائشة ويبدو ذلك متجليا في القاطع الشعرية التالية
* أسلمت قلبها للناي عمرا.
* ليس للحب زمان أو أفول
الشكل الأول ليوتوبيا الحلم يحيل القلب الذي أسلم للناي عمره الناي سر أنشودة الروح المتوهجة من القلب جوهر الجسد الفرد الناي نفس الروح انه يسلم وحيه وحنينه وشجنه للقلب باعتباره مركز الذات الناي يهذي يهدهد يهزج يغني يرتل أهازيج الوحي المتوج بوردة الحياة .
الناي في اليوتوبيا يوحي بشيئين
أنه سر الوجود كما قال جبران في رائعة المواك
أعطني الناي وغني فالغناء سر الخلود
وأنين الناي يبقى بعد ان يفنى الوجود
وانه عودة الحياة الى براءتها الأولى حين كل شيء صفاء وحرية .
الناي في ملحمة التصوف لجلال الدين الرومي له حكاية شجن مدهشة الناي عنده نديم لكل من فرقه الدهر عن حبيب ‘ من رأى مثل الناي سما وترياقا ورفيقا ومشتاقا ‘لو كانت شفتاي تقترنان بشفة حبيبي اذن لكنت كالناي أقول ما ينبغي قوله .
عائشة أسلمت القلب للناي عمرا لتعرف حكاية حالها ووجودها ‘ عائشة في يوتوبيا الحلم هي هوية الأمومة الوطن سكنى العالم وهي حرية إمرأة يتمناها الشاعر سيدة المقام وخليل الروح عبر جسد عضه الدهر ودهسه الوقت بعدمه وجحيمه . عائشة قلبها الناي لكن الشوكة في القلب فكيف يهدهد ويرتل ترانيم وحيه لم يعد الزمن رأس مال بل افلاس والشاعر يبحث عن رأس مال جديد للروح في جسد أفلس دنس بدجل الحياة أنى له أن يعود القلب الى نايه وهويتقلب في تيه الأشياء والكلمات .
الشكل الثاني ليوتوبيا الحلم يوميء بأن الحب لازمن له ولاأفول انه أي الحب شكل الزمن السرمدي الأزلي الأبدي به يعود الشاعر الى جنته الضائعة به يسكن الشاعر هياكل النور الحب عودة الروح الى أصلها ونورها وفيضها لتضمن للجسد خلوده بفاكهة الحب التي لامقطوعة ولاممنوعة وظله الظليل وكوثره السلسبيل
زمن الحب مصدره الروح ‘ طقس الوصل ‘ طوفان الوحي ‘ نشوة المدهش ‘ شهوة البقاء ‘كأس دهاق للصفاء ألطف من الهواء أسلس من الماء ‘ سر الوجود ‘ شبق الخلود ‘ خبز الحياة ‘ ماء الفناء ‘ ديمومة الدم ‘ صيرورة الصلاة ‘ كينونة الكلام ‘ حينونة الحنان ‘ بينونة البيان .
يوتوبيا الحلم يرسمها الشاعر مصطفى صوالح بكينونة تراهن على البراءة وتاريخ الجسد حين كان روحا ومن خلال الشكلين نصل الى قاعدتين في مدينة الحلم تتمثل الأولى في لبنة القلب حين يصير نايا والثانية تهويدة هذا الناي المتمثلة في اللبنة الثانية خلود الحب وهو يتجاوز الزمن والأفول فالقلب مركز للحب والحب مدينة للروح عائشة هي سيدة المقام والشاعر يقدم جسده قربانا يعيده الى بدء التكوين ‘ انه الحب الروحاني الذي تحدث عنه ابن عربي في الفتوحات المكية انه الحب دواء لكل داء لا داء ليس له دواء .
2 مائية سيدة المقام / تمتص رحيق اللقيا من مائه
إمرأة لها شكل الأسطورة سوريالية الطقس رومنسية النفس لها جسد يكاد يكون عشتار تخوض الحرب لأجل الحب ‘ قصيدة سيدة المقام هي نص أنثى بلون الماء إمرأة لها عين الشمس والشاعر يغمره طوفان العتمة والدهشة يقف الشارع في أفقها المسعور يرقب شذى ألقها والأمل لهب في ابتسمتها والطيف يجيء ممتطيا صهوة اللهفة إ نها تحن لحبيب أعطته مفاتيح الروح كلها تستعطف الوهم الذي أرشدها للسراب الحيرة رحيق اللقاء تمتصه من مائه الماء دمع يغسل الشوق يحمل للربيع يحضن يعري يغوي بفجر من ظمأ في أنواء لياليها .
سيدة المقام إمرأة بهمس النور بشذى الروح ‘ همس الروح شذاها ‘ شذى النور همسها يمكن تقسيم البنية الفكرية لسيدة المقام :
1 – سيدة المقام الكينونة آخر
إلام على هواك وليس عدلا
إذا أحببت مثلك أن ألاما
وقفت ..
وعيون الدهشة تأكلها
تجتاح كيانا في دمها
زرعته الريح وقد مرت ذات مساء
وقفت
أضواء العتمة تغريها ..
2- سيدة المقام وحكاية الليالي وطقس شهرزادي
كم حنت لحبيب يحمل في كفه تسابيح البدر
أغاني النجم يرددها
طيفا يأتي ممتطيا صهوة لهفتها
كم حنت لحبيب يزرعها في قلب أعطته مفاتيح الروح وما أبقت
ومضت تستعطف وهما أرشدها لسراب الحيرة تتبعه
تمتص رحيق اللقيا من مائه
كم حنت
يادمعا يغسل أشواقا
يحملها لربيع يحضنها .. يغؤيها ..
يسكب في دمها أنساما تعبق بالوجد
3- سيدة المقام وسؤال الحب
وقفت ..
من يوقف أحزانا تتراقص في أفياء أمانيها
من يسرح في أنواء لياليها فجرا من ظمأ
من يحذي مسمعها أنغاما تعزفها أوتار القلب على أنسام تولهها
من مثلي سيدتي
يعطيني الكل ويسألك الحب
وما ذنبي الا أني
أهوااك كما أنت
غفرانك سيدتي .
من خلال تفحص البنية الفكرية أود أن أشير الى مقامات وشذرات تكشف عن رؤيا الشاعر أحمد مكاوي لسيدة المقام ونقترب افتراضيا من اسم سيدة المقام الذي لم يبح به الشاعر حسب حالة الوله والشغف عيون الدهشة تأكلها ‘ أضواء العتمة تغريها ‘ الألق المورق في عينيها ‘ لهب الأمل الساكن في أمداء تبسمها ‘ حنت لحبيب يحمل في كفيه تسابيح البدر ‘ طيفا يأتي ممتطيا صهوة لهفتها ‘ أعطته مفاتيح الروح ‘ تستعطف وهما أرشدها لسراب الحيرة ‘ تمتص رحيق اللقيا من مائه ‘ يا دمعا يغسل أشواقا ‘ فجرا من ظمأ ‘ يسكب في دمها أنساما تعبق بالوجد .
هذه الشذرات الشعرية المدهشة توحي بوحدة الوجود في الحب رومنسية الجملة مخضبة بدلالة وهج عذري يبشر بحب ملائكي الشبق نوراني الوصل شعشعاني الشوق عين الدهشة في أضواء العتمة تسري ألقا مورقا ‘ تسابيح البدر تبدد الطيف اللهب والبسمة لهفة تعطي المفاتيح للروح حتى تلج سراب الحيرة الدمع يلبس الدم يغسل الشوق ويسكب أنساما تعبق بالوجد فجر من ظمأ هذا الارتواء منها . مايجب أن يقال في تأويل هذه القصيدة سيدة المقام وهي نص يضيء صخب الصمت نوجزه في فرضيتين الأولى أن سيدة المقام إمرأة أحبها الشاعر في واقع تشيء فيه الحب وإمرأة تخيلها في لحظة تجل أوحت له بمدينة فاضلة تشبه الوطن .
قصيدة سيدة المقام تسرد بحوارية أسطورية طقسية ملحمة الحب تبين سلطانة الحب إمرأة بلون الماء يغمرها حنين الروح للغائب الآخر أعطته مفاتيح الروح والشاعر يشكل نصه بوله أنثوي الطقس هائي الجرس دمها تغريها مخلبها تأكلها مسرتها عينيها تبسمها لهفتها أرشدها يحضنها يغريها لياليها تعزفها تولهها الهاء في هذا النسق تسري بدينامية الفعل الذي يجمع بين حركية الصورة وتطور الحياة الفعل المنسوب لسيدة المقام يبعث السرد ليجعل القصيدة تتموج معلنة عن عشق سرمدي الهاء أعطت للقصيدة ماء الشعر الذي يجمع في جوهره بين المعرفة والجمال لكن السؤال الذي يجب أن يطرح هل سيدة المقام إمرأة مثالية أسطورية تنبلج من أنفاس خيال الشاعر أم هي نموذج معرفي جمالي يطمح إليه الشاعر ؟
ما نستشرفه من أبجديات المعنى وخاصة في حركية الفعل التي جعلت شكل الصورة الشعرية يتجاوز الواقع ليبدع إمرأة الخيال والجمال أحمد مكاوي شاعر مدهش خلاق راهن على اللغةالشعرية الشفافة ليرسم مشهدا سحريا لسيدة المقام .
سيدة المقام إمرأة أسطورية شهرزادية البوح والحكي تبوح بمقامها للشاعر المولع بشكلها القرمزي الذي اختلط فيه بعدها الأزرق السماوي بدمه القاني الهاء هي نفس الشاعر الذي يسري في روحها انها أي الهاء قافيته في مستحيلها الممكن .
سيدة المقام تقف بقامة هيفاء ميساء كما النخلة أمام أفق الشاعر وبؤرة الشاعر في تصويرها بخطابين خطاب هي في مقام حيرتها وخطاب هي تريد أنا غائب توأم للروحها الواله المشتاق لأنا بعيد قريب ولعل الفصل الأول في القصيدة يبدأ باعتراف الشاعر بحبها مع سبق الاصرار والترصد ثم يسرد كينونة سيدة المقام وحلمها وهي تعلن عن حبيبها لعله يأتي بفرسه الأبيض ليخلصها من سراب الظلام العدمي الشكل انه الجسد يبحث عن روحه بحرقة أما الفصل الثاني يسرد الشاعر هوية الآخر الحبيب ويجعله الشاعر بظل الغياب - من - من يوقف حلما مسعورا يمتص الألق يبدد لهب الأمل من هذا الحبيب الذي يحمل تسابيح البدر ويردد أغاني النجم من هذا الطيف الذي يؤنس كما قالت العرب في أمثالها آنس من طيف من الحبيب يزرعها في قلب أعطته مفاتيح الروح من الذي تمتص رحيق اللقيا من مائه من هذا الذي يوقف أحزانا في أفياء أمانيها من هذا الذي يسرج في أنواء لياليها فجرا من ظمأ من يحذي مسمعها أنغاما ..
ان همس سيدة المقام يوميء بعطش الجسد لماء الروح الجسد سيدة المقام سلطانة تريد ماء النور والروح ليسقى عطش الجسد . سيدة المقام شكل الجسد الذي يحن لديمومة الماء والروح حتى تحيا كينونتها من العودة الأبدية للروح ولا عودة للروح الا بالماء . قصيدة سيدة المقام قصيدة الروح التي تحن للماء حتى تعود لهاالحياة والمدهش في هذه القصيدة انسياب الأفعال كأنها أغصان في القصيدة وحرف الهاء أوراق خضراء مخضبة بقطر الندى الماء الروح . الهاء لها إيقاع مائي يوحي بالسباحة وهوائي يوحي بالطيران.
ما يجب أن نصل إليه من خلال تأويل هذه القصيدة نوجزه في :
- سيدة المقام إمرأة بمتخيل الشاعر لها لون الروح
- سيدة المقام إمرأة بتكوين الماء ولونه
- سيدة المقام إمرأة لها بعد سماوي يجعل الشاعر طائرا معلقا في الهواء .
- سيدة المقام إمرأة بكنه الحب السرمدي .
- سيدة المقام إمرأة شكل البهاء والفناء والبقاء .
لامعنى للجسد بدون إمرأة جسد بلا تأنيث لا يعول عليه ‘ حكي بلا شهرزاد لايعول عليه ‘ حب بدو بوح لا يعول عليه هكذا قرأ الشاعر أحمد مكاوي الحب انه نبي لحظة البوح يريد المقام موشحا بأنفاسها ودهشتها ومسرتها وتبسمها ولهفتها وأمانيها ولياليها وتولهها ما أروع هذه الهاء الزلالية الماء وهي تجمع أشتات المعنى بلفظ ساحر أنثوي الحكي صوفي المقام رومنسي الحال فراشي الطيران زنبقي الشذي انها هاء هي هوى هواء هباء يهدهد . هي هوى هباء يهدهد.
الهاء تأكل عيون الدهشة تجتاح كيان الدم الهاء تمتص اللق في العين الهاء بسمة تبدد لهب الأمل ها اللهفة تعانق الطيف وهو يمتطي الصهوة الهاء تحضن الربيع الهاء تغري بالوقت الفناء الهاء
أماني الهاء ليالي الهاء عزف وله .انها الهاء صوت مائي الجريان ‘ نوراني السريان ‘ روحاني الفيضان .
قد ينتبه المتلقي عبر أفق الانتظار الى سر الهاء وهو يخضب القصيدة بحناء سيدة المقام مثل
- عيون الدهشة تأكلها
- من يوقف حلما مسعورا يمتص الألق المورق في عينيها
- يحمل في كفيه تسابيح البدر
- طيفا يأتي ممتطيا صهوة لهفتها
- وهما أرشدها لسراب الحيرة
- يسكب في دمها أنساما تعبق بالوجد
- فجرا من ظمأ
هذا نموج من الصورفي ظاهرها الواقع وفي باطنها أسطورة الحب صور لها شذى الفراشات وندى الروح صور تحيل لطقس وجودي عميق يوقظ في النفس الفرح والنشوة والبراءة انه الشعر في عرسه النوراني ..أحمد مكاوي شاعر أحب بصدق وعفة وعبر عن ارادة حبه بنبوءة تبشر بانسان لا كينونة له الا بالحب انه يعلمنا فلسفة الحب بقلب يغمره النور في واقع تنهشه فوضى العتمة .
مقام الوصل / هذا الفصل نريد أن نكشف فيه يوتوبيا الشاعر أحمد مكاوي من خلال بعض عباراته
ونتعرف على شكل مدينة الحب عند الشاعر ووطنه وفردوسه المفقود نبدأ في تفكيك وعرض بعض العبارات :
1 – أضواء العتمة تغريها
2- كم حنت لحبيب يحمل في كفيه تسابيح البدر
3- يزرعها في قلب أعطته مفاتيح الروح
4- من يسرج في أنواء لياليها فجرا من ظمأ
يبدو من خلال تفكيك مقام الوصل سر الليل زمن البوح والفناء والحكي والبهاء ‘ الليل طوق الحب وجه الروح طقس الجسد ‘ الليل حين يغشى كل شيء فتسري الروح في كل شيء لتصبغه بشهوة الوجود ‘ الليل زمن الفناء معنى الكينونة التي تلبس ديمومة الحب ‘ الليل عودة للصفاء ودهشة الخلق ونحس ونحن نقرأ تجليات أحمد مكاوي الليلية كأن الليل يلبس بل يتقمص الروح ويغمر الجسد بطوفانه لكن الجسد يفتق ما رتقه الليل ليرى الحب المتجلي . أضواء العتمة تغري سيدة المقام بإشراق النور نور الحب وتنبلج تسابيح البدر في كف الحبيب فتعادل الأضواء في جمعها تسابيح البدر تسابيح البدر أضواء العتمة ثم نجد الحبيب أعطته مفاتيح الروح التي هي تسابيح البدر أضواء العتمة ليسرج في أنواء ليلها فجرا يشبه الظمأ ومن هنا يمكن رسم الوضعية الجمالية لسيدة المقام تماهي الليل كزمن كوني بالروح كزمن وجودي ليصير شكل الصورة الشعرية بمنطق الطير
أضواء العتمة + تسابيح البدر + مفاتيح الروح + فجر من ظمأ
أضواء هي تسابيح هي مفاتيح هي فجر من ظمأ هذه الكلمات توحي بشكل يوتوبيا الشاعر الروحانية فالروح لها أضواء وتسابيح ومفاتيح وفجر الأضواء تمحو الظلمات والتسابيح تمحو التعاويذ والمفاتيح تفتح أبواب الجسد والفجر يمحو دجل العتمة .
ما يمكن أن نصل إليه من خلال قصيدة سيدة المقام نوجزه في :
• المقام أضواء تسابيح مفاتيح فجر يعيد الروح لشكلها النوراني
• المقام نسوي الاشراق يبعث في الجسد تجليات الوجود .
• المقام بهي شهي بهمس إمرأة الحلم إمرأة التجلي .
• المقام كالأبد المؤقت في الرؤيا لا يدوم ولا يزول .
• المقام سيدة إسمها شهوة للروح .
• المقام أنثى لإمرأة بكل الهويات هي جوهر الحرية .
• المقام الجسد/ الروح / النور / الماء .
يمكن ان نصل من خلال هذا التفكيك الى ربط ما تشتت بين القصيدتين عائشة كانت عند الشاعر مصطفى صوالح فوق كل اللغات وسيدة المقام هي وردة النور المتشظية عبر صخب الصمت .
شعرية الفضاء / في هذا المقطع التفكيكي نقرأ شعرية الفضاء بين صخب الصمت وفوق كل اللغات ان جمالية التشكيل الفضائي التي نقرأها بين القصيدتين يراهن على زمانية المكان وديمومة دفق الحياة الشعري في صخب الصمت نكشف عن شعرية للمقام فضاء التجلي للسيدة يتشكل هذا الفضاء بطقس زمني شعري نحسه في مفاتيح الروح الت تحيل الى أبواب هذا الفضاء المقام هذا الفضاء ليلي السر سرابي الحيرة ‘ المقام فضاء لتجلي السيدة انه منبع الحضرة عن الصوفي ومجلى الذات موضع الاقامة فالشاعر أقام في شيء أنثوي على التمام هذا المقام هو فضاء المشاهدة والرؤيا والشاعر يدشن القصيدة بعنوان سيدة المقام ليسكن الكينونة في وجودها الآخر ‘ ان جمالية التشكل الفضائي في القصيدة تظهر في شكلين
شكل الفضاء الآني ينبيء بحال الجسد وبوحه
شكل الفضاء المستقبلي ينبيء بفيض الروح
فالفضاء الآني يندمج في الفضاء المستقبلي فيتجاوز الجسد أرضه الى جنة عدنه المنبعثة من الروح . يقول ابن عربي محي الدين في رسالة لا يعول عليه كل مقام شأنه الاستصحاب فلا يصحبك لا يعول عليه . مقام السيدة شأنه في صخب الصمت يصحب الشاعر وهو يعول عليه لأنه يملك مفاتيح الروح ولا مفتاح للروح الا الحب للدخول الى مقام سيدة الشاعر إمرأة يخلقها الشاعر بمرآة وهجه العذري الشاعر شهيد المقام والمقام شهيد الشاعر.
أما قصيدة عائشة فجمالية التشكيل الفضائي تتمرأى أمامنا من خلال الصور التالية :
- الغراب الذي حط في أرضها طار
- المداءات التي عانقتك يباب .
الفضاء الذي يفترضه الشاعر في الشكل الأول أرض حل فيها الغراب وطار انه زمن الشتات ذكرى اللعنة . أما المداءات التي عانقت عائشة فهي يباب أليس متخيل الشاعر في لحظة تبئيره يشير الى أرض اليباب لم يعد للمكان طقسه الملائكي وعائشة هل هي الحمامة التي لا يدري الشاعر أغنت أم بكت كما رثى المعري الحياة وبين أن داء الحياة لادواء له فبين الأرض والمداءات التي عانقت اليباب يقف الشاعر في مقام الحيرة شعرية الفضاء في قصيدة عائشة يحيل الى سراب الزمن طوفان العدم الذي يحتل صفاء المكان المتوج بوله عائشة ‘ الفضاء الذي يريده الشاعر في قصيدة عائشة هو فوق كل اللغات يدل على شيئين :
1- فضاء سرابي الأشياء يمحو حلم عائشة مثل كل شيء .
2- فضاء تيه يشتبك فيه الغراب باليباب والمداءات بالأرض فتفقد الذات حلمه في الخلاص .
الفضاء بين قصيدة سيدة المقام وقصيدة عائشة هو المكان المتجلي ايحائيا برؤى الشاعر حيز المتخيل الذي يمزج خلجات النفس بالمكان في براءته الولى في سيدة المقام شعرية الفضاء تراهن على المحكي الأنثوي للوصول الى سر الحب أما عائشة فشعرية الفضاء تتمثل شتات الحب والشاعر يبحث عن روحه التي ضاعت في الزمن بضياع الحب .
من خلال ماتقدم يمكن القول أن الفضاء يشير الى ماهو أبعد من المكان واعمق منه بالمتخيل بالحساسية المتعالية فالشعرية بين القصيدتين يجعل الفضاء له قيمة رمزية تجريدية معرفيةتبين حساسية العلو والتجاوز ويتمثل ذلك فضاء الصمت يجسد سيدة المقام وفضاء عائشة ينتج فوق كل اللغات .
فوق كل اللغات / الصمت
1 – في الصمت تشهد اللغة كينونتها .
2- حين تكون في الصمت فالمقام فوق كل اللغات .
3- فوق كل اللغات الصمت حرية وهوية .
4- صخب الصمت أول الجسد وفوق كل اللغات آخر الروح.
5- الصمت في جوهره الفرد فوق كل اللغات .فوق كل اللغات جوهره صخب الصمت .
6- عائشة ذكرى من صخب الصمت .
7- فوق كل اللغات شكل لسيدة المقام
بشير ونيسي 10/04/2012 الجزائر
|
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. وداعا صلاح السعدنى.. الفنانون فى صدمه وابنه يتلقى العزاء على
.. انهيار ودموع أحمد السعدني ومنى زكى ووفاء عامر فى جنازة الفنا
.. فوق السلطة 385 – ردّ إيران مسرحية أم بداية حرب؟
.. وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز
.. لحظة تشييع جنازة الفنان صلاح السعدني بحضور نجوم الفن
