الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التاسع من نيسان يوم يستحق الأحتفال به لا الخجل منه

قاسم السيد

2012 / 4 / 11
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


التاسع من نيسان يوم تعاقبت فيه احداث جلل ذات دلالة مهمة في تاريخ العراقيين حيث شهد هذا اليوم من عام 1980 اعدام شخصية لامعة من رجالات العراق الا وهو المفكر الأسلامي ذائع الصيت السيد محمد باقر الصدر من قبل نظام صدام وتشاء المصادفة ان يكون نفس هذا اليوم بعد ثلاثة وعشرون عاما يشهد السقوط المدوي لأعتى دكتاتورية ليس في تاريخ العراق والمنطقة فقط بل وتاريخ البشريه برمتها .
في مثل هذا اليوم قبل تسعة اعوام دخلت بغداد قوات الولايات المتحدة لتحتلها منهية عهدا دكتاتوريا اغتصب العراق وظل جاثما على صدور العراقييين لأكثر من خمسة وثلاثين عاما استعصى سقوطه رغم خوضه حربين ضروسين لم يبقيا او يذرا كذلك لم تفلح الأنتفاضة الشعبانية العاصفة في اسقاطه رغم انها عمت العراق من جنوبه الى شماله اثر الهزيمة النكراء التي تعرض لها نظام صدام عقب غزوه للكويت بسبب نجاح هذا النظام بتصوير هذه الأنتفاضة على انها تمردا شيعيا على النظام السني وان المنتفضين مجرد ادوات لما وراء الحدود ليكملوا الذي فشلت الولايات المتحدة وحلفائها في انجازه مما ادخل الرعب في قلوب حكام الخليج وعلى رأسهم حكام السعودية الذين استطاعوا اقناع الولايات المتحدة بضرورة ايقاف عملياتها العسكرية ضد جيش صدام وتقديم التسهيلات اللازمة له ليتمكن من مجابهة هذا التمرد الشيعي الكردي وفعلا قدمت الولايات المتحدة الدعم المطلوب منها وتم سحق الأنتفاضة التي اطلق عليها صدام تسمية صفحة الغدر والخيانة علما ان العاصمة بغداد وبعض المحافظات لم تصبها عدوى هذه الأنتفاضة كذلك فشلت الكثير من المحاولات الأنقلابية التي اعقبتها والتي تصدى لتنفيذها ضباط كبار في الجيش ولعل اشهرها حادثة قائد القوة الجوية محمد مظلوم الذي ينتسب لمحافظة الأنبار والذي تم اعدامه بتهمة التآمر لقلب نظام الحكم مما تسبب بإثارة احداث شغب وعصيان مدني في تلك المحافظة قمعته اجهزة صدام الأمنية بقسوة وبطش .
قبل ست وثمانين عام من تاريخ الأحتلال الأمريكي في 9/4/2012 اي في عام 1917 كان هناك احتلال اخر قد حل ببغداد حيث دخل الأنكليز المدينة في ذروة حربهم الكونية مع الأتراك حينما كان العراق احد ولايات السلطنة العثمانية حيث وزع الأنكليز منشورا عقب دخولهم المدينة موقعا من قائد الحملة الجنرال مود يقول فيه اننا دخلنا بغداد محررين لافاتحين بينما الأمريكان حينما دخلوا بغداد استصدروا قرارا من مجلس الأمن بإعتبارهم قوة احتلال لاتحرير لهذا كان الأنكليز دائما لايحتاجون بسبب دهائهم الا لنصف قوتهم فقط بينما الأمريكان بسبب غطرستهم يحتاجون دائما لكامل قوتهم .
اخطأ الأمريكان بحق العراقيين مرتين وتشاء المصادفة ان يحدث ذلك في الفترتين التي حكمت فيها عائلة بوش الولايات المتحدة الأولى في عهد الاب عندما سهل على صدام قمع اروع انتفاضة شعبية ليس في تاريخ العراق وحده بل اجدني لااجانب الصواب ان قلت انها كانت اروع ماشهدته المنطقة في تاريخها الحديث ولو كان قرار بوش الاب هو العكس من ذلك اوعلى الأقل غل يد صدام من الوصول الى ترسانة اسلحته ليسحق بها المنتفضين وليس اكثر من ذلك لطوق عنق العراقيين بجميل سيظلون يستذكرونه لسنين طويلة والأخرى عندما جاء بوش الابن ليرتكب خطأ اخر لعله لايقل فداحة من خطأ ابيه بحق العراق والعراقيين حينما اعتبر قوات بلاده قوات احتلال فهو بدلا من ان يفعل كما فعل اسلافه الأنكليز من قبل ويعتبر نفسه محررا وليس محتلا سيجعل من التواجد الأمريكي على ارض العراق شيئا مرحبا به الى حين لكن ان يعتبر نفسه محتلا فهو امر صعب الأستساغة في وجدان المواطن العراقي ذي الجذور البدوية.
مرت الأيام الأولى لسقوط بغداد بهدوء على كل مدن العراق بل ان المحافظات التي لم تلتحق بالأنتفاضة الشعبانية والتي اطلق عليها صدام تسمية المحافظات البيضاء لنقاء صفحتها من التمرد عليه سلمت مفاتيح ابوابها الى المحتل الأمريكي من دون اي مقاومة تستحق الذكر برغم ان اغلب قيادات القوات المسلحة العراقية وخصوصا الحرس الجمهوري هم من ابناء هذه المحافظات ولكن .. !!! وآه ما اتعس هذه اللاكن ما ان تبين ان الأمريكان يميلون الى ايجاد نوع من الموازنه في ترتيب نظام الحكم في الدولة العراقية الجديدة المنوى تأسيسها على انقاض دولة صدام المنهاره حتى تنادى الصناديد وأحدهم ينتخي بالأخر.. واذلاه..!!! وسلت السيوف من اغمادها ... هؤلاء الصناديد لم يطلقوا بوجه المحتل رصاصة واحدة عندما جاست اعقاب احذية جنوده ازقة وشوارع مدنهم بحجة حفظ البلاد والعباد لكن ما أن احسوا ان هذا المحتل سينصف بعض الشيء اخوانهم وشركائهم في هذا الوطن من الظلم الذي تعرضوا له على مدى عقود طويلة حتى اعتبروا مقاتلة هذا المحتل جهادا واجبا فرض عين وطبعا لم يكن المحتل هو المعني وحده بهذه المقاومة بل ايضا الذين اضطر المحتل للأقرار بحقهم في ان ينالوا فرصتهم .
مشكلة هؤلاء الذين انتخوا لمقاتلة اخوتهم تحت مسمى التصدي للمحتل لم يكسبوا سابقا اي شيء حينما تلاعب صدام بالورقة الطائفية بل لعل هناك رجال كثيرون ولعل من المفارقة ان منهم رجال دين من نفس ابناء طائفتهم نكل بهم في عهد صدام نفسه لأنهم لم يقبلوا على انفسهم تسويق هذا الطاغية كبطل قومي لانضير له كما فعل اخوة لهم ممن ارتضوا ان يبيعوا أنفسهم لهذا الأخرق بثمن بخس ان الذي يجعل الورقة الطائفية جاهزة للعب بها واستخدامها من قبل السلطان متى شاء هو ماتملكه هذه القضية من عمق تاريخي على مدى عشرات القرون مما جعلها راسخة في النفوس لهذا اصبحت الطائفية عبارة عن عقائد متعاندة وليس وجهات نظر مختلفة فالعناد يورث القطيعة والجمود والأختلاف يولد التواصل والغنى وما تشهده المنطقة اليوم يعكس ذلك بشكل واضح إذ رأينا كيف يتحول مايسمى بالربيع العربي الى اصطفاف طائفي يوظف لصالح اعداء الأمة من غير ان يكون اي فريق من الأمة له مصلحة حقيقية فيه .
قال بعض علماء المسلمين ان الله يرفع الدولة العادلة وإن كانت كافرة ويخسف بالظالمة وإن كانت مسلمة والسؤال المطروح ايهما افضل الحاكم المسلم الجائر الظالم ام الحاكم الكافر ..!!! قالت جمهرة كثيرة من العلماء ان الحكام الكافر العادل افضل من الحاكم المسلم الظالم لان الحاكم الكافر كفره لن يضر به إلا نفسه اما عدله فسينتفع به سائر الناس اما الحاكم المسلم الظالم فإسلامه لنفسه وظلمه سيقع على جميع الناس وبالتأكيد سينبري وعاظ السلاطين ممن بوأهم هؤلاء السلاطين على منابر الوعظ ليكفروا من يقول مثل هذا القول فوظيفة هؤلاء الوعاظ هو تسويغ ظلم السلطان للناس لكونه ظل الله في الأرض وما ظلمة الا امتحان الرب لعباده .
لم تمتلك القوى الماسكة بسدة السلطة الآن الشجاعة الكافية للتعامل مع هذا اليوم بما يستحقه من قيمة لكونه حدثا تاريخيا مفصليا في تاريخ العراق حيث مرت هذه الذكرى في الأعوام السابقة دون اي احتفالات خاصة بالخلاص من اعتى دكتاتورية بغيضة وكان التعامل مع هذه الذكرى يتم بإستحياء وخجل وكأن اطلاق أي تسمية لتعطي هذا اليوم بعدا وطنيا يعد خطيئة لاتقبل توبة مرتكبها حيث نجح ممن تضررت مصالحهم او تقزمت تطلعاتهم من نهاية عهد صدام في ارباك قيادات الدولة في التعامل مع هذه الذكرى وهذا مؤشر خطير على حجم الأستعباد النفسي المغروس في النفوس والعقول الذي يمنع قيادات بمثل هذا الحجم تحجم من تسمي الأشياء بما تستحقه من تسميات لائقه .
استغلت ذكرى استشهاد السيد الصدر على مدى السنين التسعة الماضية للتواري خلفها خجلا من نعوت الأخرين وليصبح يوم استشهاد السيد الصدر وكأنه الحدث الوحيد في هذا اليوم ولعل متخابث يتسائل مامنعكم من ان تحيوا هذه المناسية قبل تسع سنوات حينها سيجبرون على الأجابة ان سقوط النظام في مثل هذا اليوم هو الذي اتاح لنا هذه الفرصة ولعل هذا المتخابث يسترسل الا يستحق هذا الحدث الذي اتاح لكم الفرصة بالأحتفال بإستشهاد هذا الرمز الديني ان يشار له ولو من باب التذكير .
ومن الملفت للنظر ان بعض القوى المشاركة في العملية السياسية كانت تستغل هذا اليوم في تظاهرات منددة بالمحتل بالرغم من ان هذا المحتل هو من سهل لها فرصة الأنتظام كقوة سياسية لها شأنها وهي في تصرفها هذا تشارك الأخرين خجلهم من الأشادة بهذه المناسبة .
طبعا لاتزال كردستان تعتبر هذا اليوم عطلة وطنية من دون أي احساس زائف بالخجل لأن مامورس ضد الكورد في عهد احتلال صدام للعراق لايمكن ان يمارس ضدهم من قبل أي احتلال اخر ومن كان يتاجر بنص الآية القرآنية > في لمز فريق من العراقيين من انهم يتخذون من هؤلاء الذين يعتبرهم كفارا اولياء لهم نراهم الآن يتخذونهم اولياء له يستقدومهم الى ليبيا ويهيأون لهم الان الأجواء للتدخل في سوريا كما لاتفوتنا الأشارة الى ان هؤلاء قد سبقوا العراقيين بزمن بعيد في التعاون مع هؤلاء الأولياء عندما استعانوا بهم على سحق صاحبهم صدام الذي يتباكون الآن على زوال ملكه .
هناك شعار رائع لااظن ان هناك احدا لايشاركني الأعجاب به الشعار يقول ــ الأرهاب لادين له ــ ومن وحي هذه المقولة اظني قادر على اطلاق مقولة بشأن الأحتلال ومقولتي تقول ــ المحتل ليس بالضرورة ان يكون اجنبيا فلعل اسوء الأحتلالات هي من يقوم بها من اهل الوطن نفسه ـ ولكني لااريد ان الزم احدا في ان يشاركني القناعة ذاتها في مقولتي ولكني اقول لمن يخالفني هل يحق للمرء ان ينتهك عرضه من دون أي تبعات لمحاسبته لكون العرض عرضه وليس عرض اخرين فإن كانت الأجابة هي كلا لأن لا فرق لمنتهك العرض سواء كان العرض عرضه او عرض غيره فهنا تصح المقارنة من ان الأحتلال ليس بالضرورة ان يكون من قبل الأجنبي فقط فلقد فعلها صدام واحتل العراق حقا ولربما كان احتلاله اسوء الأحتلالات التي مرت على العراق .
وهنا لابد لنا من وقفة جريئة وشجاعة لكي نسمي الأشياء بأسمائها من غير خجل او استحياء فبسبب ماحدث بهذا اليوم تم الأنتصاف فيه لملايين العراقيين بكل مكوناتهم وطوائفهم ممن ظلمهم وطمس حقوقهم نظام صدام واذا كان البعض يخجل من الأحتفال به بسبب الأحتلال فإن المحتل قد رحل وان طمس هذه الذكرى وعدم الأحتفاء بها بما تستحقه هي خدمة مجانية للنظام البائد واتباعه ولولا ماحدث في التاسع من نيسان عام 2003 لما كانت هناك فرصة لأحتفال البعض بمناسبة كمناسبة استشهاد السيد محمد باقر الصدر .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - لايمكن إغضاب الجيران
كاظم الأسدي ( 2012 / 4 / 12 - 17:23 )
صحيح ما تفضلت به أخي قاسم .. وصحيح أن الحكام المستبدون قد إحتلوا بلدانهم وإستباحوا شعوبهم وأذلوا وطنيين منهم ؟؟ لكن الأحتفال في 9 نيسان بإعتباره كان تحريرا- للعراق كما تفضلت سوف يحمهم من نشوة النصر والأستحواذ التي تسيطر على مخيلتهم الآن ؟ كما أن إعتبارها يوما- وطنيا- وعطلة رسمية سوف يغضب جيرانهم من العرب والفرس ولاسيما أن القمة العربية ليست بالبعيدة ونحن على أبواب إستضافة مؤتمر جارنا الأيراني المسمى ( 5+ 1 ) وتقبل خالص الأحترام

اخر الافلام

.. الشرطة الفرنسية توقف رجلاً هدد بتفجير نفسه في القنصلية الإير


.. نتنياهو يرفع صوته ضد وزيرة الخارجية الألمانية




.. مراسلنا: دمار كبير في موقع عسكري تابع لفصائل مسلحة في منطقة


.. إيران تقلل من شأن الهجوم الذي تعرضت له وتتجاهل الإشارة لمسؤو




.. أصوات انفجارات في محافظة بابل العراقية وسط تقارير عن هجوم بط