الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة في كتاب قراءات في الخطاب الهرمنيوطيقي للدكتور عامر عبد زيد

عامر عبد زيد

2012 / 4 / 12
الادب والفن



لقد بدى المؤلف كعادته حيويا ، لكن هذه المرة كان أكثر حيوية ، من ناحية ان أحكام الموضوع اضطرته الى ذلك ، ويبدو ان عملية القفز على الأوتار في هذا الكتاب كانت مجدية للغاية .فأن الانتقالات بين الموضوعات ساهمت في ولادة رؤى متكاملة عن موضوع الهرمنيوطيقا . فنلاحظ مدى التماسك والتعاضد بين فصول الكتاب الثلاثة ، وكيف ساهمت في عملية استنطاق النصوص واستدراجها في بناء منظومة الكتاب الداخلية .وتعرفنا على ماحمله الكتاب بين ثناياه ساهم في إعداد هذه القناعة .فنلاحظ ، ان المؤلف عرف ( التأويل ) لغة واصطلاحا ، وحاول ان يبحث في مفهوم ( التأويل ) كظاهرة غربية حاضرة في ثقافتهم ، وسعى الى التجذير لها في العصر اليوناني . حيث أكد على ان ( التأويل) في مفهومه الدلالي في الفكر الفلسفي اليوناني ، كان يهتم بالفعاليات بوصفها تأويلا وتفسيرا لنصوص خاصة . في الرواقية . لتأخذ شكل القراءة الاستعارية .كذلك فأن الهرمنيوطيقية ، أخذت جانبا جديدا في هذا الكتاب وهو النوايا العميقة للمؤلفين . وبهذا فأن الهرمنيوطيقية ، هي (الفن) بالمعنى الاستعمالي التقني لآليات ووسائل لغوية ومنطقية وتصويرية واستعمالية ورمزية . ويرى المؤلف ، ان الفن لاينفك عن الغائية . والكشف عن الحقيقة شيء ما ، وعليه فأن الهرمنيوطيقا ، هي فن ( التأويل ) . ومن أهم وظيفة للتأويل هي ايضاح مقاطع غامضة وغير مستوعبة في النصوص ، لان المعنى الواضح والجلي لايحتاج الى تفسير . وهكذا ذهب المؤلف الى ان التأويل اخذ بعدين ، التأويل القديم ، والتأويل الرمزي وميز بين التأويل الهرمسي ، الذي لايلتزم بقواعد ثابتة ، والتأويل العقلاني ، الذي يقيد النص بقواعد أساسية في تأويله .
ومما زاد الكتاب رصانة علمية ، انه أجرى عملية تفكيك وإعادة تركيب بطريقة تجعل النتيجة الجديدة ، تقوم على استشهاد بنص ، ومؤلف ، كما في ذكره لمقولة امبرتو ايكو ، وثنائيته بيت التأويل الفلسفي اليوناني العقلاني والتأويل الهرمسي ذات الدلالة الانزلاقية والذي يغيب العقل .والجميل انه يذكر المقاربة مع الجابري ، الذي فصل بين العقل البرهاني والعقل الغنوصي والعرفانية .
وكانت ميول المؤلف واضحة جدا في سعيه لإثبات ان التأويل ذا جذور يونانية ، وتأكيده على التأويل الهرمسي ، من خلال إرجاع الموضوع برمته الى النوع الأول من التأويل الذي يرتبط بهرمس ودور الوحي في الوساطة والنقل الأمين عن الرب ، وكانت هذه البصمة واضحة أيضا حتى من خلال الاتجاهات الثلاثة التي أناط لها المؤلف مهمة الكشف عن التأويل .
وان جرأة الباحث دفعته الى ان يذهب بعكس مايراه غادامير ، حيث يرى ان الموقف اليوناني من التأويل تمثل في ثلاثة تيارات : الوسيس ، الاورفية ، الفيثاغورية ، وكان لهذه التيارات ملامح متشابهة وتركت اثر في الفكر اليوناني لدى أفلاطون وأرسطو ، في حين ان غادامير يرى العكس تماما .وكان لهذه الاتجاهات ممارسات تعبر الى حد كبير عن الرمزية .مثل ماذكر عن اسم فيثاغورس الذي يعني ( حامل البشارة ) وحياته التي تميزت بالطابع السحري ،ومازالت بعض العبارات لديه رمزية ، مثل اكل الفول ولاتتحدث في الظلام وعدم التضحية بالديك .ولكن هذا لايعني عدم انفرادهم بالرياضيات التي تشير في أعلى مستوياتها الى الرمزية .
ولم تسلم السفسطائية من شباك المؤلف ، ونسب إليهم أنهم أعادوا ترسيم حدود المعنى والتأويل ، وأكد ان تسميتهم ( سفسطائية ) تتفق مع فعلهم المعرفي ، التي أشارت الى الرجل الحكيم الذي اثبت أمام الجمهور قوة بارعة في الأمور العقلية ، وقد أدلى المؤلف بخصوص السفسطائية دلوا غير مسبوق ، عندما ارجع الحملة الموجهة ضد السفسطائية ، بأنها نتيجة موقف سياسي ومعرفي وأخلاقي ، يقوم على مرجعيات فكرية وسياسية . والذي يمكن رصده من خلال الانجازات المعرفية للسفسطائية في مجال المعرفة والوجود والأخلاق ، ويكمن الانجاز التأويلي الرمزي لهم من خلال التصور الجديد على صعيد المعرفة الذي يجعل من الإنسان هو المقياس للوجود .وبعدها قدم لنا التعبير الرمزي عند أعلامهم : بروتاغوراس ، جورجياس .
وهناك في الجهة المقابلة كان ( سقراط ) أول المدافعين عن الاستراتيجيات الفيثاغورية ، والرادين على الشك السفسطائي ، وهو اسبق القائلين في القدم برد العقيدة والعبادة الى الضمير وبهذا وضع ( تأويل ) جديد يربط المعرفة بالقيم الأخلاقية وان له أفق ديني يرتسم ضمن ثنائية الجسد والروح عبر التمييز بين موضوع العقل وموضوع الحس .
أورد الباحث ان تأصيل ( التأويل ) العقلي لدى أفلاطون ، مرده لما تركه من أثار معرفية .ويورد المؤلف آراء جميلة عن مواضع (التأويل ) في فلسفة أفلاطون ،كما في تحليله للمحاورات ، حيث يكون المشارك في المحاورة شبيها بظل . وان أفلاطون كان يمارس التأويل بموجب الشكل الذي يقوم به النص المقتبس .
وتمت الإشارة الى ان المؤلف يتبنى موقفا جديدا من أفلاطون ، فيرى ان موقعه مختلف عن الفترة الأسطورية ، إذ ان اعتماد التصور العقلي ، الذي أيضا يعتمد على الأسطورة من خلال التجريد الذي يحيل المعنى من دلالته الحرفية الى دلالته الرمزية ، سواء كان ذلك في مجال المعرفة او الأخلاق او الوجود ، فأنه يعتمد على وساطة الأسطورة ، لكن بعد تحويلها الى بعد تجريدي .
وعليه يبدو ان أفلاطون تبنى مواقف فيثاغورية بامتياز .
أما ثنائية الصورة والمادة فكانت دليل المؤلف في الرمزية الأرسطية فكون أرسطو يرمز الى العالم المادي بكل تجلياته ب ( المادة ) ويرمز الى كل ماهو روحي ووجداني في ( الصورة ) . فهو (تأويل) بأعلى مراتبه ، العقل الفاعل والعقل المنفعل ، والقوة والعقل . وهكذا عمد أرسطو أسلوب الثنائية في التجسيد . وعليه فأن ماقدمه أرسطو في العلل الأربعة . يعد بيانا واضح المعاني في اختزال التصورات في المعاني والمعاني في الرموز .
لكن هناك ثمة سؤال . هل ان ( التأويل ) هو تفسير لموضوع معين من خلال تفكيكه الى معاني متعددة وبالتالي تتم عملية إزالة الغموض فيه . ام ان ( التأويل ) هو عملية اختزال واقتضاب لمجموعة تفسيرات وصور في معنى واحد او رمز واحد ؟ وبوجهة أخرى . هل ان التأويل هو تكثر الواحد . ام انه وحدة المتكثر ؟ فأن مجموع صور العالم المادي المتكثرة تمثلت في مقولة ( المادة ) وكذلك في صور العالم المثالي ( الصورة ) .
وينتقل المؤلف من العالم اليوناني وإبداعاته في التأويل الى تجلياته وتمظهراته في الفلسفة الحديثة والمعاصرة .وهاهو يجعل من الريبة مصطلحا ملازما للتأويل . عند ماركس ونيتشه وفرويد . فأن القراءة في المشروع التأويلي لدى ماركس ونيتشه ، تحاول ان تبين كل شيء يوجد ، او يتجلى أثناء لحظة القراءة ، أي لحظة المواجهة . ويرى المؤلف ان هؤلاء المفكرين الثلاثة . جسدوا حلقات نقدية بارزة في تحديد ملامح فترة جديدة ، تجسد كشف الخطأ وتطالب برؤية نقدية للهيمنة البرجوازية . ووصفهم (فوكو ) بأنهم غيروا طبيعة الدليل وبدلوا الكيفية التي بأمكان الدليل ان ( يؤول) بها . وأكد المؤلف على انهم ارسوا مفهوما لم يكن له ان يعرف من قبل ، هو مفهوم ( الايدولوجيا ) وأقاموا نظرية في التأويل تريد ان تتجاوز الميتافيزيقا وتقلب الأفلاطونية والهيجلية وتقضي على الثنائيات الميتافيزيقية . وأكد هنا ان التأويل فكرة . أي الشعور الإنساني في مجموعه مزيف في وقت كانت الديكارتية تثبت ان الأشياء مشكوك فيها . بالمقابل تنكر ان يكون الشعور مخالفا لما يبدو عليه ، ان هناك توافقا بين المعنى والوعي ، بهذا المعنى انطلاقا من مدرسة (الارتياب ) ماركس ونيتشه وفرويد .
وأورد طريقتان للتعامل مع الرموز .
الأولى : التعامل مع الرموز بوصفها نافذة نطل منها على العالم في المعنى والرموز فبهذه الحالة وسيط شفاف ينم عما وراءه .
الثانية : يمثله كل من فرويد وماركس ونيتشه . وهي تتعامل مع رموز بوصفها حقيقة زائفة . لايجب الوثوق بها . بل يجب إزالتها وصولا الى المعنى المختبئ وراءها .
وهذا ماركس ينطلق في التأويل من رؤية تقوم على الارتياب بالمؤسسة والمنهج الفلسفي . ويعمل على المزج بين الاثنين في تصوراته لنظرية المعرفة ، أي علاقة الذات العارفة بموضوع المعرفة فتتحول من مثالية هيجل الى المادية التاريخية .
وأجمل ماقدم المؤلف هو ( الاغتراب ) ومراحله والأساس الذي قام عليه وتقسيماته . وذهب الى ان الاغتراب في مجال العمل هو أساس جميع أشكال الاغتراب . وميز بين الوعي الصادق والوعي الزائف ، أي الايدولوجيا . إذن المعنى الذي يشير إليه ماركس يقع بعد دلالة الإيحاء . فالفلسفة هنا تضع استعارتها في الفحوة القائمة بين المعنى والإحالة ، وبالتالي لاتعدو استعارته سوى سلطة ، مجرد تأويل ، إلا إنها تعتقد أنها حقيقية . وبذلك رفعت الماركسية ضد البرجوازية الدعوة التي رفعتها البرجوازية ضد النبلاء والكنيسة ، عبر ادعاء ماركس ان ( الايدولوجيا ) تخشى مصلحة طبقة ، ويعلل قوله استنادا الى تطور التاريخ . ويعدها الدكتور عامر عبد زيد خطوة نحو ( مشروع الانسنة ) .
وفي نظرية الاغتراب يقدم لنا ماركس هذا التصور الشعوري لأثار تقسيم العمل لدى العامل ، الذي تعود ان يرى منتجه مكتملا بين يديه وعبر ملكيته المنتجة . لقد فصلت المتعة عن العمل ، والوسيلة عن الغاية ، والجهد عن المكافأة والإنسان ، وبعد ان قيد أبديا الجزء الواحد من الكل ، أصبح لايتكون هو ذاته إلا بصفته جزءا مقتطعا . والاغتراب ، هو شعور الانسان بالاغتراب عن عمله عندما يشعر ان عمله لاينتمي إليه . وإذا كان نشاط العمل ينتمي إليه كان نشاطه غريبا عنه . وأجمل مافي الأمر ان انتصار الطبقة العاملة يزيل ( الاغتراب ) . فعاد ماركس دون ان يدرك انه قدم لنا تصورا ذات طابع لاهوتي . وهكذا فأن تصوره يقوم على أساس البعد التاريخي ، أي تصور بعد حتمي لقوانين التاريخ في مسيرتها داخل قانون التطور وهذا مايعرف ب ( التاريخية ) .
وأما نيتشه ، فقد جعل المؤلف من موقفه تقييما حضاريا ونفسيا وأخلاقيا حققته الحداثة في القرن التاسع عشر . التي تعد ثمرة غير مباشرة لعصر النهضة . ومباشرة للتنوير الحداثوي الذي استمد شرعيته من العلم . ويرى المؤلف ان ثنائية الطبيعة والثقافة مثلت النقد النيتشوي لمشاريع الادلجة والتمايز العنصري بين أهل الشمال وسواهم . فالثقافة تحاول السيطرة على الإنسان تعمل على مسخ طبيعته من خلال فرض قيمها الثقافية . لهذا عمل نيتشه على تقديم نقد الثقافة المهيمنة والعمل على إحياء الجانب المقصي من الإنسان الذي يعبر عن طبيعته ، لهذا قام بإعادة قراءة الميراث الغربي اليوناني .لقد اشر نيتشه انقلابا جديدا في إستراتيجية التأويل ذاته . من خلال الكشف عن إرادة القوة والتمركز حول الذات ،ومنطلقا من خلفيات متنوعة ، علم النفس والانثربولوجيا والتاريخ ، مثل باتاي وفوكو، او باحثين في نقد التمرس بالميتافيزيقا . مثل هايدغر ودريدا . لقد ركز المؤلف في التصورات الجديدة التي جاءت في إعادة (تأويل ) العلاقة والأشياء . في ان تأويل يثير الريبة بما يحيط بنا من علاقة بين المعرفة والقوة والسلطة . كما وقد لنا رؤية نيتشه في موضوع (الحداثة ) ، وتقديم عرض عنها وبالتالي وبالتالي آلية نقدها . ووصل الى أنها بعد وهمي الحاضر الغربي . والحاضر حضور خالص ومطلق ، وعلى هذا الأساس قدم لنا آراء نيتشه في الديمقراطية وموقفه من القيم الجمالية .
وادخل المؤلف الى إسماعنا مفهوما جديدا . دعاه ( سلطة القارئ) فلننظر كيف تعامل مع هذا المصطلح ، فها هو يتكلم حول تجذير لهذا المصطلح وخاصة في البعد المعرفي . وقد تطورت سلطة القارئ من مؤول رمزي لنص الى مؤول يبحث عن مقاصد المؤلف الخفية الى مؤول بوصفه قارئا على طرف المساواة مع المؤلف ، والنص بوصفه القراءة بعدا حواريا بل انها تعدت النص لتمثيل العالم . والتأويل واحد من مناهج الفكر القديم . وفي الفكر المعاصر فقد بدء التأويل بكتابات رجال لاهوت القرن السابع عشر البروتستانت من الألمان الذين طوروا منهج فهم الكتاب المقدس لتدعيم أساس لاهوتهم ، وقد ارتبطت بمستويات القصدية الدالة .
وفي درج المؤلف التأويلية التاريخية ضمن خانة التأويل المعاصر . عندما اقر بأنها تنتمي الى القراءة الحداثوية ، هدفها الاعتداد بقيم الحداثة والأنوار التي تبحث عن قاعدة موضوعية او مبدأ وضعي صارم او قانون كوني شامل .لكن المؤلف وضح لنا نقده لهذه المدرسة من خلال ترسيخ الاقتناع بالتطابق بين مطالبنا الداخلية وبين المعطيات التاريخية الموضوعية .
وهذا فشلاير ماخر ، ينظر الى النص باعتباره وسيطا فرديا موضوعيا ينتقل من خلاله فكر المؤلف الى القاري او المفسر . وهذا الوسيط اللغوي يكون موضوعيا لأنه يمثل الجانب المشترك الذي يجعل عملية القيم ممكنة . وبمثل هذا النحو ينظر دلتاي الى العلامات اللغوية باعتبارها أساسا عاما تتموضع من خلاله الحياة والأحداث الباطنية .
وفي التأويلية الوجودية ، يبدأ المؤلف مع هايدغر في عرض هذا النوع من التأويلية . حيث غدا التأويل مع هايدغر وغادامير يأخذ نمطا في الوجود وليس نمطا في المعرفة ، أي من غير الممكن ان يتأسس الكائن على قاعدة ثابتة وإنما يقوم على التغير والتعدد أي استحالة ان يبقى كما هو دون تغير او تحول او يبقى بماهيته ، فأن هايدغر أقام الهرمنيوطيقا على أساس ظاهراتي ، فان المجال الحيوي في إدراك الانسان للوجود في شكله الأكمل وهذا الفهم هو تاريخي واني في الوقت نفسه ، انه يتصف بالتغير الدائم وهذا ماتعكسه التجربة المعاشة . لكن غادامير قدم فهما مختلفا للهرمنيوطيقا ليشتمل فهم وتفسير كل مايكون قابلا للفهم والتعقل ، فأنها وان لم تكن تكرارا لهرمنيوطيقا هايدغر ، فقد كان امتدادا لمناطقها وتوسيعا لآفاقها . لذلك فهي الأخرى تعد ( فينومينولوجية الطابع )
وعندما توقفنا عند بول ريكور ودراسة المؤلف له .وجدنا انه ينطلق من مذهبه الفلسفي في ان الإنسان يؤلف وحدة كلية ،وينطلق الى مجال التأويل . فتحدث عن الانعتاق ، نعت أطلق على منهجه التأويلي . ورد هذا النعت من قبل كثير من الباحثين . ونلمس ان موقفه التأويلي كان خاضعا لقراءته التي كانت تقوم على متابعة وحرص عاليين . لذلك تصور التأويل على انه ( عملية فهم الذي يتمحور مجاله في البنية اللغوية وتجعل من عملية الفهم حركة شاملة وكلية ، فالفهم ليس نمطا من أنماط السلوك ، وإنما هو نمط وجود الذات نفسها .
كما ووجدنا حضورا مميزا للمؤلف في عرضه لموضوع ( الايدولوجيا واليوتوبيا ) من خلال استخدام منهج بنيوي لبول ريكور ، وارجع كل من هذين المصطلحين الى عملية المخيلة التي لها وظيفتان : الأولى . قد تشغل المتخيلة من جانب ، لكي تحافظ على نظام معين ، في هذه الحالة تتمثل المخيلة في تقديم عملية تماهي تعكس كالمرايا النظام للمخيلة ، هنا مظهر الصورة .والثاني . ان المخيلة من جانب أخر هي وظيفة تدمير .
وقد أشار الدكتور عامر عبد زيد الى أهمية هابرماس وقراءاته في الفكر العربي لأننا بأمس الحاجة إليها في واقعنا العربي المعقد الحافل بالهويات وهيمنتها ، وهذا ماذهب اليه برهان غليون أيضا .
وذكر المؤلف دواعي استحضار هابرماس في بيئتنا العربية .
الأول : هو الطابع التوجيهي . وسعى هابرماس لربط النظرية بالممارسة .
الثاني : النظرية النقدية .
الثالث : مفهوم الفضاء العمومي ، وهو مفتاح الممارسة الديمقراطية في نظر هابرماس .
والمميز لدى هابرماس انه جمع بين التحليل النفسي لدى فرويد والنقد الماركسي للايدولوجيا من اجل إقامة الهرمنبوطيقا النقدية المختلفة عن المنهج الذي أقامه غادامير رغم انه يتفق معه في ممارسة لعبة التأويل ، نعني ممارسة لعبة اللغة .
وذهب المؤلف الى ان سلطة النص بين محورين أساسين هما الكاتب والقارئ . وما ألت إليه في ضوء الإشكالية الحديثة للفردية كما وبين سلطة النص من ناحية البنية والخطاب ، أي البنيوية ومرحلة ماقبل البنيوية ، وعلاقتها بالسيمائية ، من خلال استعراضه أراء ( بارت ) في إظهار السيمائية وإخفاء البنيوية ، حيث نستطيع القول بأن التحليل البنيوي عند بارت لم يكن إلا طريقا يتوصل من خلاله الى تأصيل وتفعيل الممارسة التحليلية للسيمائية .
ثم عرض لنل المؤلف مرحلة مابعد البنيوية عند بارت ، وشكلت هذه المرحلة التفعيل المنهجي لمسيرته النقدية وفيها تحددت آراؤه .
ولما أدرك المؤلف مرحلة التأويلية المعاصرة كان لابد عليه من التوقف عند فوكو والتفكيك عند جاك دريدا .
فأن دريدا يعد أول من حاول تحرير هايدغر من التأويل الوجودي الذي قدمه سارتر للفلسفة الهايدغرية . ولا غبار من القول ان تحكم النص قاد البنيوية الى التأويلية سواء مع فوك واو بارت او التفكيكية مع دريدا . ظهر هناك تصور أوسع للنص في الخطاب او النص الذي أصبح يعني مشاركة القارئ في الحفر داخل الأثر ، وهذا يختلف في بنية المدلول للنص . وظهر عند فوكو ليفصح عن العلاقة المضمرة او الخفية التي تظهر حالة تحالفية تحالفية بين طرفي خطاب المعرفة ومنطق السلطة في العلوم الإنسانية الغربية
وجاءت ابحاث دريدا التفكيكية لتصب في نقد مابعد الحداثة وتعمل على زعزعة اليقين المهيمن حول العقل وشموله عبر مايسمى بمركزية اللوغوس .
والتفكيك إذن او التجربة التفكيكية تقف بين الإغلاق والنهاية ضمن إعادة الشأن الفلسفي ، لكن بوصفها انفتاحا للسؤال على الفلسفة ، غير ان التفكيك ليس منهجية ، أي تطبيقا للقواعد . والتفكيكية تدافع عن أولوية الدليل ضدا على المرجعية ، أي لاوجود للمرجعية خارج الدليل .
كما ان القراءة في منظور الدكتور عامر عبد زيد تعد عملية خلق عما هو مسكوت عنه في النص ولم تتح له ان يقوله من قبل ، وان نظرية القراءة التي وان كانت ذات صلة مع المنهج التأويلي الا انها تمثل تجربة خاصة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تكريم إلهام شاهين في مهرجان هوليود للفيلم العربي


.. رسميًا.. طرح فيلم السرب فى دور العرض يوم 1 مايو المقبل




.. كل الزوايا - -شرق 12- فيلم مصري يشارك في مسابقة أسبوع المخرج


.. الفيلم اللبنانى المصرى أرزة يشارك فى مهرجان ترايبيكا السينما




.. حلقة #زمن لهذا الأسبوع مليئة بالحكايات والمواضيع المهمة مع ا