الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دبلوماسية الرسائل التفاوضية ونصيحة يوسي بيلين

ماجد الشيخ

2012 / 4 / 16
القضية الفلسطينية


بين تأكيد ونفي وجود مفاوضات يفضل البعض تسميتها "محادثات لا مفاوضات" هي استكمال لمفاوضات عمان الاستكشافية التي اصطدمت بالحائط المسدود، وبين "دبلوماسية الرسائل التفاوضية" التي أعقبت تلك الجولة من المفاوضات، ها هي أطراف التفاوض تحاول معاودة إطلاق جولة أو جولات أخرى من أشكال مختلفة من سرديات تفاوض لا جديد فيها، يعرف الجميع رؤى بعضهم البعض، ولا يغيب منها حتى الرؤى المضمرة، فعلام يجري الدخول إلى أنفاق من محادثات مكشوفة، لا عناء في معرفة حيثياتها ومضامينها؟.

في "دبلوماسية الرسائل التفاوضية" عن بُعد، تكمن العديد من العقد التي يعجز كلا الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني عن تذليل أو إيجاد حلول واضحة لها، عوضا عن العقبات التي لم تزل حكومة نتانياهو تضعها في طريق التفاوض الممكن، ألا وهو الاستيطان ونوايا عدم تقديم أي تنازلات تجعل من المفاوضات مجدية وأكثر جدية.
في سياق العملية الجديدة "دبلوماسية الرسائل" جاء إعلان السلطة الفلسطينية بأنها شكلت وفدها للقاء نتانياهو يوم الإربعاء (17 نيسان/إبريل الجاري)، وتسليمه رسالة الرئيس الفلسطيني التي يوضح فيها الرؤية الفلسطينية للتفاوض مع اسرائيل على أساس الانسحاب لحدود عام 1967 بما فيها القدس الشرقية، مع إمكانية إجراء تعديل طفيف على الحدود، في إطار تبادل أراض متساوية بالمساحة والقيمة. وتؤكد في نهايتها "بأن السلطة الفلسطينية لم تعد سلطة بمعنى الكلمة وأنها فقدت الكثير من صلاحياتها، وأن الاحتلال لا يمكّنها من الاستمرار في أداء مهامها الطبيعية".

من جهته وفي رد غير مباشر على الرؤية الفلسطينية، وصف نتانياهو حدود 1967 بأنها لا يمكن الدفاع عنها، وقال ان مستقبل المستوطنات التي يخشى الفلسطينيون من أنها قد تحرمهم من دولة لها مقومات الحياة، يجب أن يتقرر في المفاوضات. وقال نتنياهو بمناسبة الذكرى السنوية الثالثة لتولي حكومته اليمينية السلطة "أريد حل الصراع مع الفلسطينيين لانني لا أريد دولة ثنائية القومية. وهذا "يحتاج الى مفاوضات، لكن ليس هناك سبيل الى الانتهاء من المفاوضات اذا لم تبدأ". وحتى هذه اللحظة فان "الفلسطينيين ولسنا نحن هم الذين اختاروا عدم التفاوض وآمل أن يغيروا رأيهم في الشهور القادمة".
وفي حين باتت نقاط الرسالتين واضحة من خلال التسريبات الإعلامية، فإنه يمكن القول وباطمئنان أن لا جديد فيهما لدى الطرفين، سوى إعلان نياتهما العودة إلى طاولة المفاوضات، ليس من دون شرط بالطبع، بل وبشروط مسبقة؛ لدى الطرفين، فلأن كان الشرط الأساس لدى الطرف الفلسطيني وقف الاستيطان وتحديد مرجعية واضحة للمفاوضات تحيلها إلى حدود عام 1967؛ فعلى الجانب الإسرائيلي يبدي نتانياهو استعداد اسرائيل تجديد المفاوضات التي جرت مؤخرا في عمان تحت رعاية الرباعية الدولية والعاهل الاردني الملك عبد الله الثاني، واستعداد اسرائيل لبحث كافة المواضيع الحدود، والأمن، واللاجئين، والمياه، والمستوطنات، والقدس . وهذا هو ديدن المواقف الإسرائيلية المتكررة، من دون إبداء أي استعداد لتقديم "تنازلات مؤلمة" على حد التعبير الإسرائيلي الأثير.

وبحسب مصادر إسرائيلية، فإن رسالة نتانياهو تتطرق إلى أن اسرائيل لا تضع شروطا مسبقة للعودة للمفاوضات المباشرة، ويتوقع من الفلسطينيين عدم وضع شروط مسبقة للبدء في المفاوضات المباشرة، ويعيد نتانياهو التطرق إلى بند يقول بأن "إسرائيل ستطلب من الجانب الفلسطيني الاعتراف بدولة اسرائيل كدولة للشعب اليهودي" حال التوقيع على "اتفاق السلام"، والموافقة على التفاهمات الأمنية. وذلك على الرغم من إدراك استحالة ذلك لدى الطرف الفلسطيني، لجهة استحالة الاعتراف بـ "يهودية اسرائيل"، لأن من شأن ذلك الحاق الضرر بحقوق اللاجئين الفلسطينيين، وبأكثر من مليون فلسطيني يعيشون في الاراضي المحتلة عام 1948.

بالرغم من ذلك، فقد استبق نتنياهو اللقاء المرتقب، بالإعلان عن توجهه لإضفاء شرعية على عدة نقاط استيطانية في الضفة الغربية، في خطوة من شأنها أن تدمر الجهود الرامية لإعادة مسار المفاوضات. ما من شأنه أن يقضي على الجهود التي تبذل من عدة أطراف دولية وفي مقدمها الولايات المتحدة، بهدف إعادة الفريقين الفلسطيني والإسرائيلي لطاولة المفاوضات، خاصة وأنها جرت في وقت وصل فيه ديفيد هيل المبعوث الأمريكي الخاص لعملية السلام للمنطقة، وقبيل اجتماع اللجنة الرباعية بأيام. وكثيراً ما تعمدت إسرائيل الكشف عن مخططات استيطانية جديدة في الضفة خلال زيارة وفود دولية وأمريكية بهدف إعادة مسار المفاوضات إلى مربعها الأول الذي توقفت عنده، وهو أمر شكل حرجا أكثر من مرة للإدارة الأمريكية. فقد تعمدت إسرائيل الكشف عن مخطط للبناء في المستوطنات خلال زيارة سابقة قام بها نائب الرئيس الأمريكي جو بايدن للمنطقة، في شهر ايار (مايو) من العام الماضي.

وليس من دون مغزى ما كشفت عنه صحيفة هآرتس (30/3) عن وجود عملية مسح واسعة للأراضي الفلسطينية لرصد مخزون من الأراضي لتوسيع المستوطنات في الضفة الغربية في المستقبل. وقالت الصحيفة إن هذا المسح شمل مئات آلاف الدونمات وتم إعطاء هذه الأراضي أسماء مشاريع لتوسيع مستوطنات قائمة مثل: إلكنا ب، وبيت أريه ج أو أسماء جديدة لمستوطنات غير قائمة على الأرض. وتمت هذه العملية سرا ولم يتم الكشف عنها إلا بفعل قانون حرية المعلومات. وأشار موقع هآرتس على الانترنيت إلى أن مسار جدار الفصل يحاذي حدود هذه الأراضي. وتؤكد المعلومات والخرائط الموجودة في مكاتب الإدارة المدنية أن تحديد مسار الجدار تم أحيانا بموجب توفر أراضي تم رصدها كأراضي يمكن استخدامها في المستقبل لصالح الاستيطان. وبحسب الموقع فإن مساحة الأراضي التي يشملها هذا المسح تضم 569 موقعا تمتد على مساحة 620 ألف دونما، تشكل ما يوازي 10% من مجمل أراضي الضفة الغربية. كما أن 23 بؤرة استيطانية من البؤر التي أقيمت منذ أواخر التسعينات كبؤر غير قانونية، قد أقيمت على مواقع محددة بموجب الخرائط المتوفرة في الإدارة المدنية، ويتم الآن "تبييض" قسم من هذه البؤر الاستيطانية وتحويلها إلى مستوطنات "قانونية وشرعية"، مثل شبوت راحيل وهيوفيل، مما يشي بأن هذه المعلومات التي كانت محصورة فقط في الإدارة المدنية كانت قد وصلت إلى مجموعات المستوطنين ( فتيان التلال) الذين بدا وكأنهم كانوا يقيمون مستوطنات عشوائية خلافا لسياسة الحكومة أو الإدارة المدنية، ليتضح الآن أن اختيارهم هذه البؤر الاستيطانية لم يكن عشوائيا. بل إن الدور الحكومي كان منهجيا وله الباع الأطول في خرق القانون من أجل توسيع المستوطنات.

بعد كل هذا، أي مفاوضات يسعى إليها نتانياهو، وها هي نتائجها تواصل تمظهرها على الأرض استيطانا وسياسات إستيطانية ومحاولات تهويدية مستميتة، وسرقة لثروات الأرض الفلسطينية من نفط وغاز منذ حوالي العامين بصمت، حيث تقدر كميات النفط المكتشفة بمليار ونصف المليار برميل، وفق تصريح لوزير شؤون الاستيطان الفلسطيني ماهر غنيم، وذلك قبل الوصول إلى ما سوف ترسمه المفاوضات من تسوية مختلة بالتأكيد لصالح كيان الاستيطان والمستوطنين؛ وأي مفاوضات تسعى إليها السلطة الفلسطينية قبل أن يجري ابتلاع المزيد من الأراضي وتشريد المزيد من المواطنين وإبعادهم من القدس؟ في وقت فاض الأمر حتى بيوسي بيلين، أحد مهندسي اتفاق أوسلو، حين دعا الرئيس الفلسطيني إلى إعلان نهاية عملية ما أسماه "سلام أوسلو" وحل السلطة الوطنية. وقال بيلين الذي تزعم حزب ميريتس اليساري بعد انسحابه من حزب العمل في "رسالة مفتوحة" إلى الرئيس عباس، نشرتها مجلة "فورين بوليسي الأميركية يوم الرابع من نيسان/إبريل الجاري "إن حل السلطة الوطنية الفلسطينية وإعادة إدارة الشؤون اليومية للفلسطينيين في الضفة الغربية سيكون إجراء لا يستطيع أحد تجاهله". وأضاف بيلين محذرا "لا تدعوا نتنياهو يختبئ وراء ورقة التوت المتمثلة بالسلطة الفلسطينية.. افرضوا عليه مرة أخرى مسؤولية 4 ملايين فلسطيني (في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس المحتلة)".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شاهد كيف تحولت رحلة فلسطينيين لشمال غزة إلى كابوس


.. قتلوها وهي نائمة.. غضب في العراق بعد مقتل التيكتوكر -فيروز أ




.. دخول أول دفعة من المساعدات الإنسانية إلى خانيونس جنوبي قطاع


.. على وقع التصعيد مع إسرائيل .. طهران تراجع عقيدتها النووية |#




.. هل تتخلى حركة حماس عن سلاحها والتبعية لطهران وتلتحق بمعسكر ا