الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإسلام ضد العلمانية : صراع بالوكالة !!

محمد السلايلي

2012 / 4 / 22
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


يخوض حزب العدالة والتنمية زعيم " الثورة الهادئة المغربية" !، بنوابه ووزرائه و شبيبته و فقهائه ... حربا مكشوفة ضد المسيطرين على إحدى أهم المؤسسات الإعلامية الرسمية ( القناة الثانية تحديدا).
إلى هنا فالأمر عادي ولا يحتاج لتعليق، لان هذا الحزب الإسلامي الكومبارس في مسرحية الديمقراطية المغربية، يريد إن يفرض تصوره و برنامجه على الإعلام ويضع النقط على حروف الدستور الجديد الذي يمكنه من ذلك.
السجال الحاصل اليوم بين وزير الإعلام و إدارة القناة الثانية العمومية، هو صورة مصغرة للجدل القائم حول تنزيل الدستور و محكا حقيقيا لإرادة الحاكمين، و كشفا مسبقا على محدودية العمل الحكومي و هامشية قراراته داخل البنيان الصلب للنظام السياسي القائم. لكن اطراف عديدة تعمل على وضع هذا السجال بين الحكومة والمؤسسة الاعلامية العمومية في سياق الصراع بين العلمانية والاسلام.
لا نعتقد أن مسؤولي هذه المؤسسة الإعلامية العمومية، بصفتهم الإدارية المرموقة هم من يقف في وجه هذه الحكومة التي تطالب بتغيير دفتر التحملات. الصحافة المغربية درجت على شخصنة الأحداث و تبسيطها، مما جعل منها موضوعا قابلا للاستهلاك ضمن الإستراتيجية الجديدة المؤسسة على تقسيم المبادرات السياسية بين طرفين لا ثالث لهما : الإسلاميين و العلمانيين.
هي حالة مكررة وشبيهة بالصراع حول خطة ادماج المرأة التي تقدمت به حكومة عبد الرحمان اليوسفي ( 1998-2002)، لكن العلمانيين كانوا في الحكونة بقيادة حزب الاتحاد الاشتراكي و الاسلاميين في المعارضة، ممثلة في حزب العدالة والتنمية الذي يرأس الحكومة الحالية.
لم يكن أحد مثقفي المخزن الجديد، وهو الباحث الانثروبولوجي محمد الطوزي، ينطق من فراغ حين قال بعد وصول العدالة والتنمية لرآسة الحكومة، أن الصراع السياسي الذي افرزته دينامية 20 خلال عام 2011، سيتحول من ضد النظام الى صراع بين الإسلاميين و العلمانيين... ! وما هي إلا أيام معدودة عن تشكيل هذه الحكومة، حتى سارعت جماعة العدل والإحسان الأصولية إلى الإعلان عن انسحابها من 20 فبراير، موجهة كل سهامها للحركة ولمكوناتها اليسارية والديمقراطية.
ينطلق منظري النظام المغربي، من تصور هلامي لنظام الحكم المغربي. فهو نظام لا لون ولا رائحة له. نظام متعالي وفوق الجميع، يملك من مقومات النضج والمبادرة والمناورة ما يجعله فوق الجميع. بينما المجتمع المغربي بهياكله السياسية والاجتماعية و الثقافية فهو غير مؤهل بعد لفرض سيادته على الدولة وليست له مقومات ولوج العهد الديمقراطي.
لذلك، سنجد الباحث محمد الطوزي، الذي عين ضمن لجنة المنوني لصياغة الدستور، يعبر عن تحفظه على الملكية البرلمانية التي طالب بها الشارع واقترحتها أحزاب لم تقاطع اللجنة. وهذا التحفظ مبني على عدم نضج المجتمع المغربي وضعف قواه السياسية . بعبارة اخرى، التشبث بمحورية المؤسسة الملكية و الحفاظ على سلطتها المطلقة با عتبارها السلطة الوحيدة القادرة على توحيد المجتمع وحمايته من التفتت و الانقسام.
الباحث الانثروبولوجي المغربي عبد الله حمودي والأستاذ بجامعة بريستون الأمريكية، كانت له وجهة نظر معاكسة ، تتسم بالرزانة العلمية و بفهم عميق لدينامية المجتمع المغربي . الأكثر من ذلك، د.حمودي من الاوائل، ان لم نقل الوحيد من الدارسين للجمتع المغربي و المتتبعين لتحولاته، الذي دعم حركية الشارع المغربي و ساهم خلال تواجده في العطلة الصيفية بالمغرب، في اثراء النقاش حول الحركة و مطالبها المتمحورة حول اسقاط الفساد والاستبداد.
و على عكس الضجيج الاعلامي المثار حول شعارإ سقاط النظام ، والمخاوف التي بثها في صفوف اوساط عريضة من الطبقات الوسطى المغربية، يرى الأستاذ حمودي أن ما يحدث في المشرق وما يحدث في المغرب، "يؤكد ان الحركة التي تطالب بسقوط النظام هناك لا تختلف عن الحركة التي تطالب هنا ب " الملكية البرلمانية ".
مؤكدا في حوار اجرته معه جريدة " الحياة الجديدة" شهر يوليوز الماضي، أن الحركة الديمقراطية المغربية، اذا دافعت وتوحدت حول مطالب 20 فبراير، فسيكون بإمكانها أن تقف في وجه أي استغلال للحركة. أما بخصوص دور المثقفين المغاربة، ولم يخف خيبة أمله بسبب رفضهم تفسير مجريات الأحداث بالمغرب، مشيرا إلى أن ما يجري اليوم في المنطقة العربية "يفند أطروحات علم السياسة الفرنسي التي تمعن في إعطاء الانطباع بأن الحركة الوحيدة الموجودة في مجتمعاتنا هي الإسلاميون لاغير."
يقول الباحث الفرنسي هنري توراس في وصفه للسلطة المخزنية : " لم يشكل المخزن سوى ائتلاف مصالح، ولا يمثل فكرا بناءا أو ارادة ايجابية موحدة، هدفه الأسمى ينحصر في خدمة الجماعات والأشخاص الذين يكونونه ( ... ) لكنه يعاني في نفس الوقت من أنانية أعضائه وعدم استقرارهم داخل " الجماعة المستفيدة " ، حيث تكفي حظوة السلطان لبلوغ الثروات الهائلة أو السقوط في الافلاس لذلك كان على كل واحد منهم أن يدافع عن حظه. وتحت هذا الغطاء، تكون صراعات الأشخاص والمجموعات قاسية ودائمة وبدون شفقة، بالاضافة الى أن القلق حول مستقبل كل واحد منهم، يزيد من احتدام الطموحات ومن اشباع رغبات اللحظة الانية" .
كعادتها، تمكنت السلطة المخزنية كجهاز تاريخي وثقافي متغلغل في بنية النظام السياسي، من استثمار مناوراتها لاحتواء النخب السياسية والثقافية و فصلها عن محيطها الاجتماعي. ولو يعد غالبية معارضي هذه السلطة، بعد ان انفتحت لهم أبواب القصر، يخفون ولاءهم المطلق للنظام و دفاعهم عنه بشراسة.
لأن "المجتمع متخلف و تخترقه تيارات ثقافات و عقليات غير حداثية و ديمقراطية" !!، فهو مجتمع لا يمكن الوثوق فيه !. صاغت النخبة التي كانت تناهض مجتمع الرعية و شعب القطيع، كل التاويلات للحفاظ على تمركز السلطة في يد المؤسسة الملكية، وعلى العلاقة العمودية التي نسجها التحالف الطبقي السائد بامتداداته الداخلية والخارجية.
مسيرة الهرولة بدأت مطلع التسعينات في العشرية الاخيرة من حكم الملك الحسن الثاني، وكانت شبيهة هي الاخرى بعمليات تجديد الأعيان و النخب التقليدية خلال تاريخ الدولة المخزنية الطويل، لكنها اليوم، بفعل التطور و التحولات التي شهدها المجتمع المغربي، تتم بلوس متكيفة مع هذه التحولات الضاغطة ايضا اقليميا و دوليا ضمن سياق تحرك الامم نحو الديمقراطية خاصة بالقارة السمراء.
مواقفهم ظلت تزرع الشك والريبة في صفوف الحراك الشعبي، تارة باسم العفوية والعدمية وتارة أخرى باسم المغامرة والاصولية .. . والواقع، بل إن عددا من المثقفين المغاربة وإطاراتهم الثقافية، أصبحوا بعد اندراجهم في منظومة الاعيان الجدد، مفصولين عن دينامية المجتمع وعن أي حركية ينتجها في مواجهة الدولة.
منذ انطلاق حركة العشرين، اتخذوا مواقف مسبقة، وهم اليوم يشيعون الحركة لمتواها الأخير، شامتين في من راهنوا على العدل و الإحسان الأصولية. إلا أن المسألة لم تكن رهان على العدل أو غيره، كانت متعلقة بتوقع هذه النخب داخل بنية النظام وتضمر مواقفهم المناهضة للحراك أصلا، وإلا، لما لم ينزلوا للشارع ويعبؤون المواطنين من وراء مطالب الحركة التي يدعون تبنيها؟
لازال المقهورون والكادحون يدافعون عن حقوقهم بعيدا عن مختبر النخبة وصالوناتها المغلقة. و الصراع أصلا لم يندلع بين الإسلاميين والعلمانيين، انه صراع اجتماعي اقتصادي من اجل الخبز والشغل والكرامة، ضد الحكرة و الفساد والاستبداد. والمواطنين، سواء كأفراد أو كمجموعات منظمة ( المعطلين، العمال، الفلاحون، سكان الأحياء الشعبية ..) أصبحوا يعرفون آن لهم حقوق وان إمكانية تلبيتها ممكنة جدا، وان من يحكموهم ليسوا بالصورة التي يصورها الإعلام.
بدأ المخزن بتصفية خلافاته بالانتقام من الشباب الذي قاد الحركة الاحتجاجية وكسر حاجز الصمت. وبالموازاة مع ذلك، تعمل وسائل الإعلام على ترتيب الأجواء المناسبة لمبارزة الاسلام مع العلمانية فوق حلبة النظام القائم. وجر ما يمكن جره من النخب للمشاركة في صراع بالوكالة، بمن فيهم من يعتقدون أنفسهم أنهم يمتلكون الصفاء الثوري !!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - اليسار والعلمانية
حميد المصباحي ( 2012 / 4 / 22 - 20:51 )
الفكر اليساري في المغرب والإشتراكي عموما,تجاهل العلمانية في بداياته مجاملة للحكم,وتفاديا لإحراجه,وإحراج الحركة الوطنية,التي لم تكن لها توجهات اشتراكية علمية,بل كان الشيوعي فيها استمرارا للحزب الشيوعي الفرنسي,ولو أن اليسار المغربي لم يرتكب أخطاء الحركة الوطنية السلفية في مجملها,لما استعان المخزن نفسه بالتبرير الديني لحكمه,الذي يعتبر الدين مرتكزا قويا لسلطاته وإيديولوجيته,وهو ما أعاق التنوير الثقافي والسياسي للنخبة المغربية.


2 - صراع الافكار=صراع الالهة=وهم لا ينتهي
سليم ( 2012 / 4 / 23 - 04:58 )
ان الاغراق في التجريد وكأن الاسلام والعلمانية ايدلوجيات ثابتة هو مصدر كل خطل العقيدة ايا يكن هي اساس الصراعات ما الحل؟ ارجو ان نرى الواقع.


3 - في نهاية المطاف ستنصر ارادة الشعوب
ميلود بن سالم الحمري ( 2012 / 4 / 27 - 01:48 )
ان توظف الدين في السياسة لم يكن وليد المرحلة، بل كان مند سنة 1968م حينما قررت الامبرالية توظيف الدين لناهضة الفكر التنويري ن و محاصرة اليساريين في جميع أنحاء العالم ودهبت الى ابعد من لتتهمهم بالالحاد و تتني عنهم المجتمعات المتدينة و لا سيما الاسلامية، ونظرا لقلة التعلم و ارتفاع نسبة الامية ، استطاعت الرأسمالية المتوحشة و لا سيما الامبرالية بامكانيتها الاعلامية و التواصلية ان تتمكن من خلق التناقضات الفكرية في المجتمعات الاسلامية . و اكبر دليل هو صناعتها سامة بن لدن وحركة طالبا و دعمها المطلق لهذه الجماعة.نحن نخاف من ان تدهب الامور الى ما لاتحمد عقباه في يوم من الايام .لاننا نحب بلدنا.

اخر الافلام

.. الرد الإسرئيلي على إيران .. النووي في دائرة التصعيد |#غرفة_ا


.. المملكة الأردنية تؤكد على عدم السماح بتحويلها إلى ساحة حرب ب




.. استغاثة لعلاج طفلة مهددة بالشلل لإصابتها بشظية برأسها في غزة


.. إحدى المتضررات من تدمير الأجنة بعد قصف مركز للإخصاب: -إسرائي




.. 10 أفراد من عائلة كينيدي يعلنون تأييدهم لبايدن في الانتخابات