الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أجوبة على أسئلة الملف الخاص بتطور تركيب الطبقة العاملة

كامل كاظم العضاض

2012 / 4 / 26
ملف - المتغيرات فى تركيبة الطبقة العاملة ودورها، والعلاقة مع الأحزاب اليسارية - - بمناسبة 1 ايار- ماي عيد العمال العالمي 2012


- كيف أثر التطور التكنولوجي، ثورة الاتصالات، وتكنولوجيا المعلومات على تركيبة الطبقة العاملة كما ونوعا؟
السؤال يتسق تماما مع المنظور التأريخي للتطور، بمعناه الأشمل، فالتطور التكنولوجي وثورة الإتصالات وتكنلوجيا المعلومات تمسك بتلابيب التطور في تركيب وأوضاع الطبقة العاملة، كما ونوعا. وبلغ الأمر الى حد نشؤ الحاجة الى البحث عن تعريف جديد للطبقة العاملة نظرا لما طرأ من تغيّرات في تركيبها. ينصرف الفكر الى أن الطبقة العاملة، أية طبقة عاملة، تتالف من الأشخاص الذين يقدمون خدماتهم الإنتاجية من خلال تقديم جهودهم العضلية أو البدنية، اكثر منه جهودهم الفكرية والروحية. بذلك يصبح العامل البروليتاري هو العامل اليدوي أساسا، فمجهوده الفكري محدد ومقنن، وليس أمامه إلا أن يقوم بوظائف تتطلب جهدا يدويا مقننا ومحددا بخطوات جرى هندستها وتصميمها من قبل المهندس والفني مسبقا. وهذا يعني بأنه كانت هناك حدود فاصلة واضحة ما بين المهندس والفني، من جهة، والعامل الذي ينتمي الى طبقة العمال، من جهة أخرى. ولكن التطور التكنلوجي وحلول ثورة الإتصالات وتكنلوجية المعلومات، كان لابد من أن يؤثر على الوعاء المعرفي للعامل، فيزيد من فنه التقني ويرقّي في أساليبه في الإنتاج، بل ويجعلها أقل إعتمادا على الجهد العضلي وأكثر إستخداما للجهد الفكري أيضا؛ فهو بحاجة الى القراءة والتحليل لفك رموز التعليمات التكنلوجية، ولابد له من إستخدام تقنية المعلومات والإتصالات، بما فيه الإلكترونية لإنجاز مهامه الإنتاجية. من هنا، نجد بأنه أصبح يستخدم الجهد الفكري والعقلي الى جانب الجهد العضلي الذي صار يتقلص تدريجيا؛ فنظام الربوتز والرموت الكونترول، وتغذية المعلومات الفنية، بل وبرمجتها، صار يضفي على عمله الغالب صفة العمل الفكري والعقلي. وتأسيسا على ذلك، تقلصت الحدود ما بين العمل الفكري والعمل اليدوي، ويستتبع ذلك ان مفهوم الإنتماء للطبقة العملة صار غامضا أو، في متشابكا مع مفهوم الطبقة الفكرية، او العاملة فكريا وعقليا. وربما صار ينحصر في مفهوم العاملين بخط الإنتاج ولكنهم لايملكون وسائل الإنتاج. ولكن هذا الأمر لا يميزهم عن الفنيين والمدراء والمهندسين من الذين يعملون في خط الإنتاج ولا يملكون هم أيضا وسائل الإنتاج! فكيف إذن نميز الطبقة العاملة عن الطبقات الأخرى غير العاملة يدويا؟ ربما التمييز الرئيس هو أن العمال الطبقيين يتقاضون أجور منخفضة مقارنة بغيرهم من العمال غير اليدويين؟ ماذا يعني ذلك؟ يعني بأن الطبقة العاملة لا تزال تُحرم من فائض عملها، أي أن حصتها في كيكة المنتوج النهائي هي صغيرة بالمقارنة الى حصة غيرهم، ولاسيما منهم من يملكون وسائل الإنتاج. ولكن لوتَمّلك العاملون أسهم الشركة التي يعملون بها، لإنتفى وصفهم بأنهم محرومون من فائض قيمة إنتاجهم. وبناءا على ما تقدم، تقوم الحاجة اليوم، في ضؤ التطور التكنلوجي وثورة الإتصالات وتكنلوجية المعلومات الى إيجاد تعريف جديد لمفهوم الطبقة العاملة؛ فهي، في رأينا، ان الطبقة العاملة ليست هي التي تقدم الجهد العضلي الخالص، اوحتى المشوب ببعض العمل الفكري، بل هي التي تتقاضى أجور لا تتماهى مع حجم مشاركتها في الإنتاج. ولكن هذا التعريف يلغي كل الحدود الفاصلة بين الطبقة العاملة والعاملين الفكريين، من فنيين ومهندسين ومدراء ممن لايملكون وسائل الإنتاج؛ هل يجوز أن ندخل هؤلاء في الطبقة العاملة، حينما تكون أجورهم هم أيضا دون إستحقاقهم في فائض القيمة؟ ألا يؤدي ذلك الى ضياع مفهوم الطبقة العاملة؟ نعم، قد يؤدي الى إضفاء ضبابية على المفهوم! فما هو المخرج؟ قد يكون المخرج في تشكيل مفهوم للطبقة العاملة ليشمل جميع العاملين، اليدويين وغير اليدويين، ممن لا تتماهى أجورهم مع إستحقاقاتهم في فائض القيمة؛ عند ذلك سوف يتسع مفهوم الطبقة العاملة، اي ستضم الطبقة العاملة، العاملين يدويا وفكريا؛ المهم هو أن تكون نسبة أجورهم الى فائض القيمة من خط الإنتاج المباشر، وليس من القيمة المضافة التي تشكل مفهوما أوسع للإنتاج، واطئة أو متدنية، أي أقل من إستحقاقها بكثير. وهنا ستثار مشكلة جديدة وهي كيف نقيس أو نحدد بقياس علمي، نسبة الأجور الى فائض القيمة من خط الإنتاج المباشر والتي تقاس بالفرق بين قيمة الإنتاج وقيمة مستلزمات الإنتاج؟ ولكن هذا موضوع آخر، لا مجال له هنا، إذ سيخرجنا عن سياق هذا الحوار.
وقد يتسع مفهوم الطبقة العاملة ليضم جميع العاملين في أجهزة الحكومة البيروقراطية، حيث تتغوّل وتتهوّل الحكومة، في الإقتصادات الريعية، لتصبح القابض الأكبر للعوائد الريعية، فهي التي توظّف من تشاء وتسرّح من تشاء، وهي التي تحدد الأجور، دون إعتبار كاف لطبيعة النشاط والأداء الذي يقدمه العاملون. هنا يصبح الموظفون والمستخدمون، على حد سواء، أجراء، ولكن أجرهم قد لا يتماهى، عموما، مع قيمة منتجاتهم الخدمية والتي لا يتوفر سوق لتثمين قدرها، في ضؤ ندرتها النسبية؛ أي سنجد هنا إستغلال وإستلاب إقتصادي والذي قد لا يشمل كبار الموظفين، ممن يستلمون أجور ورواتب لا تتناسب مع مساهمتهم في تحقيق فائض في المنتجات الخدمية. وبهذا قد يمتد مفهوم الطبقة العاملة الى معظم العاملين في أجهزة الحكومات الريعية.

- هل ترى-ين تراجعا لدور الطبقة العاملة التقليدية في عملية الإنتاج، في مقابل تنامي دور شرائح اجتماعية وسطى وتحلل الحدود الطبقية القديمة؟
نعم سيكون الأمر كذلك لو بقي التمسك بمفهوم الطبقة العاملة بصياغته التقليدية كما أشرنا إليه آنفا. لابد إذن من توسيع مفهوم الطبقة العاملة بالإستناد الى مفهوم نسبة أجورها في قيمة فائض الإنتاج في خط الإنتاج المباشر وليس في خارجه؛ اي أن القيمة المضافة في الإنتاج ككل تأتي من مساهمات عوامل الإنتاج الأخرى، كالتنظيم ورأس المال، حاسبين قيمة الإدارة والإعلام أو التسويق وغيرها في تكاليف الإنتاج. وهذا ليس موضوعا سهلا فلابد من إيجاد وسائل قياسية موضوعية تقيس بدقة مساهمات عوامل الإنتاج، بضمنها مساهمات قيمة العمل المبذول على خط الإنتاج مباشرة.


- البطالة آفة اجتماعية واقتصادية كبيرة جدا في العالم العربي، كيف يمكن مواجهتها وإيجاد الحلول المناسبة لها؟
نعم هي آفة إجتماعية وإقتصادية كبيرة جدا في العالم العربي، حبث تشكل البطالة في بعض الدول، كالعراق، نسبة 30% من القوة العاملة، وفي دول عربية أخرى تتراوح مابين 35%- 10% من القوة العاملة. أما كيفية مواجهتها، فنوجزها بالأساليب الآتية:
1. أيجاد فرص العمل من خلال التصنييع الحديث وتوسيع النشاطات الإنتاجية والخدمية بشكل متوازن في عموم الإقتصاد الوطني، وعادة يكون ذلك بموجب خطط تنموية تقوم على تصورات إستراتيجية للتنمية المستدامة، وتستند الى إستغلال الموارد الوطنية إستغلالا أمثلا، معتبرة العمل حق مقدس لكل مواطن ومواطنة دونما تمييز إطلاقا.
2. وضع المعايير والمقاييس العلمية لحساب نسب الى الأجور الى فائض الإنتاج في خطوط الإنتاج المباشرة، بحيث يجري دفع إستحقاقات كاملة الى جميع العاملين في خط الإنتاج المباشر.
3. توجيه الإستقطاعات من الأجور الى تقديم منافع إجتماعية لجميع العاملين في الإقتصاد الوطني وأسرهم.


- لماذا لم تحقق الثورات العربية أهدافها لصالح الطبقة العاملة والجماهير الكادحة التي كانت القوة الرئيسية لتلك الثورات؟
بالمفهوم الضيق للطبقة العاملة لا يبدو بأن الثورات العربية قد جاءت بالأساس لصالح الطبقة العاملة والجماهير الكادحة التي ساهمت بقدر محسوس في تلك الثورات، وذلك لأن تلك الثورات إعتمدت على قيام نهوض عام ضد الأنظمة الديكتاتورية، فالى جانب العاطلين عن العمل ساهم شباب كثيرون من الطبقة المتوسطة، كما ساهم قطاع واسع من المثقفين فيها، ومع ذلك فقد كانت الجماهير المستلبة هي العماد الأساسي لقيام تلك الثورات. ولكن لابد من عدم التعجل والحكم بأن تلك الثورات سوف لا تخدم مصالح الطبقة العملة بالمعنى الضيق، فهي لا تزال في البداية، ولابد أن يدخل إنصاف الطبقة العاملة في برامجها، إن آجلا أو عاجلا. بيد أن المشكلة الرئيسة هنا أن الطبقة العاملة بالمفهوم الضيق، هي ليست صغيرة الحجم فقط، وإنما تنظيماتها لا تزال رخوة وغير فاعلة بشكل مؤثر، مما يقتضي قيامها بتفعيل تنظيماتها بشكل مؤثر في العهد الجديد. وهي من الناحية التأريخية، تنمو مع نمو القطاع الصناعي، وإتساع البنى الإرتكازية، وبعد إزدياد درجة التشابك الإقتصادي؛ فالطبقة العاملة تزدهر وتكون فاعلة عندما تشكل القاعدة الأساسية للتنمية الصناعية في البلاد. والحال اليوم في جميع دول الثورات العربية هو أن القاعدة الصناعية لا تزال محدودة وضامرة، ويستتبع ذلك ضعف دور الطبقة العاملة بالمعنى الضيق للمفهوم.

- كيف تقيم-ين العلاقة بين الأحزاب اليسارية والطبقة العاملة ومنظماتها ونقاباتها، وهل لعبت تلك الأحزاب دورا في تقوية النقابات العمالية؟

لايكفي أن تكون هناك أحزاب شيوعية أو يسارية لكي تلعب نقابات العمال دورا فاعلا في التحولات الإقتصادية في البلدان العربية، إذ لا بد أن يكون حجم القطاع الصناعي، وبالتالي حجم النقابات العمالية كبيرا ومؤثرا في الإقتصاد الوطني. فكما هو معروف ليس فقط من طبيعة المرحلة التأريخية، إنما أيضا من الإحصاءات الرسمية بأن حجم القطاع الصناعي، يتراوح ما بين 5%، كما في العراق حاليا، الى 18% في مصر حاليا، من الناتج المحلي الإجمالي؛ علما بأن مصر تعتبر الأكثر تصنيعا بالمقارنة الى بقية الدول العربية؛ فهكذا نسب لا يمكن أن تجعل النقابات العمالية طاغية وفاعلة، بحيث تستطيع شل الإقتصاد في إضراباتها الشاملة. فضلا عن ذلك، فإن الأحزاب اليسارية لم تنجح تماما في تحقيق درجة عالية من التنسيق والتكامل مع النقابات، ذلك لأن تمثيل الطبقة العاملة في هذه الأحزاب محدود بالأساس، مقارنةَ الى طبقة المثقفين والطبقةالمتوسطة.
أضف الى ذلك، أن أحزاب اليسار والأحزاب الشيوعية تخوض اليوم نضالات للخلاص من أنظمة ديكتاتورية، وليس لفك هيمنة طبقة من الرأسماليين إنها لاتخوض الآن صراعات طبقية بالمعنى الناضج للمفهوم، إنما هي تقود اليوم نضالا إصلاحيا، أو في أقصى الحالات تشارك في ثورات أو نهوض جماهيري ضد الأنظمة الإستبدادية.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيقاد شعلة دورة الألعاب الأولمبية بباريس 2024 في أولمبيا الق


.. الدوري الإنكليزي: بـ-سوبر هاتريك-.. كول بالمر يقود تشيلسي لس




.. الصين: ما الحل لمواجهة شيخوخة المجتمع؟ • فرانس 24 / FRANCE 2


.. إسرائيل تدرس -الأهداف المحتملة- للرد على الهجمات الإيرانية




.. سلاح الجو الأردني ينفذ تحليقًا استطلاعياً في أجواء المملكة م