الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المنبر الديمقراطي والثورة

محمد زكريا السقال

2012 / 4 / 30
مواضيع وابحاث سياسية


كثيرون هم الذين يريدون ثورة مفصلة على المقاس، وكثر هم الذين يجلسون على كل الموائد والطاولات ويخرجون دون أن يتركوا أثراً لوجودهم، وتكثر الإنتقادات بل والتهجمات على المجتهدين. هكذا هي حال الثورة السورية، وهكذا حال كثير من مثقفيها وسياسييها. تجول بين صفحاتهم وعقولهم، فتجد هذا يهبش بذاك والآخر يتهجم على الآخر وشعبنا يدخل أتون النار والقتل والسحق، بل تزداد المخاطر التي تحيط به، يحاصر ويجوع ونحن مازلنا نفتش عن أخطاء الآخر ونهبش لحمه عند أية هفوة أو زلة.
كلنا يجب أن نعترف، إن هذا الحراك وهذه الروح التي دبت بنا بعد عقود من الإذلال والوهن والسحق والفساد المعمم، لم نخلقها نحن، ولم نفجر ربيعها ونطلق شمسها، هم الذين أطلقوها، وهم أصحاب الجرح وهم أصحاب الهم والأمل، هم الحرية والكرامة، ويجب أن نعترف أيضا إننا نحن، لم نكن بينهم وطليعتهم ومحركي نضالهم. كنا عبئاً عليهم، ومارسنا كل أمراضنا وعقدنا بما أضعف حالهم وأدخلهم لأكثر من جبهة وزاروب وحقنهم بأكثر من مرض. علينا ان نعترف ونقر، أننا قصرنا، ونريد أن نبدأ من جديد، نبدأ معهم ونتفاعل مع جروحهم ومصائبهم.
المنبر الديمقراطي السوري كان هذه الحالة، حالة لقاء حر لم يفرض ولم يشترط، كان هاجسه أن يلم شملا كبيراً من الشباب الناشطين والكوادر التي تجتهد والشخصيات التي تتطلع لأن تلعب دوراً وتتفاعل مع أماني وأحلام شعبنا.
لم يحدد المنبر نفسه حزبا سياسيا، ولم يطرح نفسه منافسا لدور وموقع، بقدر ما جسد مظلة ومناخ. مظلة بمعنى الحضور، والمناخ بمعنى حرية التفاعل. التفاعل والحوار دون محرمات ودون حواجز لكل ما تطرحه الثورة وما أفرزته أيضا، وكانت الديمقراطية حاضرة ومترفة، بل ومبتزة أحيانا. فالكل دافع عن أفكاره وأحلامه وهمومه، والكل استمع للكل. لم يكن مسموحا الخلاف، بل مسموح الإختلاف، جملة ترددت كثيرا وحققت الكثير، حيث روجت بأريحية عالية وكان الجميع يختبرها ويجهد بممارستها. وبهذا فقد خرج المنبر وهو معافى، رغم الكثير الكثير مما شابه من مشاحنات، إلا ان الجميع كان مروض على تقبل الأخر، وتحسس أوجاعه وهمومه. أليس غريبا، أن تنجح التجربة بعد عقود من المرض والعفن والإستهانة والمهانة، أن نكون لوحة مشرقة لما ستكونه سوريا المستقبل. هكذا نريدها، لوحة تضم الكثير من الأطياف والألوان، ولكنها تشكل حياة وتعايش آمن وجميل ونظيف.
ناقش المنبر كل القضايا، لم يترك شيء، وكان يدخل المناطق الوعرة والشائكة، وكل المخاطر، أليست هذه إفرازات الثورة، وتراكمات أكثر من نصف قرن ونحن غرباء، لم نفهم أنفسنا ولا نعرف بعضنا ولا جغرافية وطننا، واليوم تتكدس كل هذه التراكمات لنصنع منها طريقا للوطن الذي نحن أبنائه ونريد مستقبله وسيادته لكل مواطنيه.
ليست هناك نتائج مقولبة وجاهزة. هنا علينا أن نفكر سويا، ليس التفكير بنا نحن المؤتمرون الذين يبحون صوتهم لضبط ايقاع الحوار والتفاهم، بل بكل الذين هناك، وكل السوريين الذين يواجهون ويتحدون مجمل الظروف والتعقيدات التي خلقها نظام الإجرام والإستبداد.
ما نتج عن المنبر كبير ومشجع، أليس توحيد المعارضة وإيجاد القواسم المشتركة والتوحد على اسقاط الإستبداد وبناء دولة المواطنة والحريات وإشاعة العدالة والدستور والقانون شيء جيد ومهم يجب التوحد عليه وبذل الكثير لخلق مناخه. كما أن الكفاح والنضال من أجل ان تكون لقاءاتنا ومؤتمراتنا على أرض وطننا باعتبارنا مواطنين حقنا التظاهر والإجتماع والإحتجاج بالطرق السلمية على أرضنا ووطننا.
هاتان المهمتان التي عقد المنبر عزمه وجند نفسه من أجل ان يقدم حلولا ومبادرات لهما، مهمتان جديرتان بالإحترام والتعاضد، وعلى كل الأحرار والمؤمنين بوطن يتسع لجميع أبنائه أن يبذلوا جهدا وان يقدموا كل المساندة للمنبر لإنجاز مهامه وتسهيل مبادراته.
للأسف كثيرون، تناولوا المنبر بغير حق، منهم من حضر وشاهد وعاين، ولم يقدم رأيا ولم يطرح اجتهادا، بل راح يكيل الإتهامات ويثير الشكوك دونما حجة أو دليل، وآخر لم يحضر ولم يسمع، ونفترض أنه أطل على بيان التوافقات، لكنه وبكل صفاقة راح يكيل الهجوم ويتعرض لجهد عبر عنه الشباب وبذلوا الكثير من أجل ان يجسد نفسه واقعا عمليا. كنا نتوقع بل ونتمنى أن يكون هناك توضيح لمهمة أو نقد لفكرة، أو استفسار لأية مهمة، هكذا وبكل تهور وحماقة تناولت الألسنة السليطة والغير موضوعية والبعيدة عن الحقائق هذا المنبر. لست غاضبا فحرية التعبير مهمة ناضلنا جل عمرنا من اجلها ولن ننكرها على احد، لكن ما في نفسي بعض غصة من استسهال النقد وبقاءه سطحياً عنجهياً، وهذا التعاطي إن دل على شيء فهو يدل على آفة مازالت تسيطر على بعض مناضلينا، مما يعني في بعض زواياه أن الثورة وكل التضحيات التي بذلها شعبنا ويبذلها بسخاء لم تعلمنا التواضع وأحترام الآخر، بمعنى مازلنا نغمض أعيننا على الكثير ونصر على الإدعاء وهذا مرض لايصنع أوطانا، ولا يحقق نصراً لشعب بحجم شعبنا وثورته في سوريا.
برلين 30/04/2012








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عاجل.. شبكة -أي بي سي- عن مسؤول أميركي: إسرائيل أصابت موقعا


.. وزراءُ خارجية دول مجموعة السبع المجتمعون في إيطاليا يتفقون




.. النيران تستعر بين إسرائيل وحزب الله.. فهل يصبح لبنان ساحة ال


.. عاجل.. إغلاق المجال الجوي الإيراني أمام الجميع باستثناء القو




.. بينهم نساء ومسنون.. العثور جثامين نحو 30 شهيد مدفونين في مشف