الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قصة قصيرة: أنف التفاحة

رغد علي

2012 / 5 / 1
الادب والفن


- أبي يعرف كل شىء، انه يحفظ كل الكتب، سيعلمني كيف أرسم هذه الخريطة؟
يحمل كتابه صوب قلبه ويقفز كالأرنب الصغير..

- ، تبا لدرس الجغرافيا كم هو صعب، يمسك المدرس مسطرة كبيرة فأخاف منه، أبي لا يفعل هذا دائما يسهل علي الصعب، مسكين صديقي محمد لا أب له ُيدَرسهُ، لكن عندما أتعلم سأساعده..


التفاحة الحمراء على حافة المنضدة ، نجوم البدلة العتيقة المعلقة خلف الباب تختنق من الغبار، تقابلها على الحائط لوحة معلقة، داخلها خطوط كثيرة وأسماء مدن، مأطرة بايطارخشبي عريض، مروان يجلس على الأريكة المقابلة للمنضدة، يقرأ جريدة ..


: بابا بابا ارجوك ساعدني لا أستطيع رسم هذه الخريطة انها غير واضحة؟

يضع مروان جريدته جانيا و يربت على كتف ولده الصغير: دعني أرى..

يشد الكتاب المدرسي اليه ، يفتح عينيه على وسعهما يرفع حاجبيه ، يمد يده الى العدسة المكبرة القريبة منه ، يضعها فوق الخطوط والمنحنيات والتعرجات ، يحركها يمينا شمالا، ينقب كباحث أثار، الرؤيا لا تتضح، يغمض عينيه ويفتحهما، يعيد الكرة، يأخذ نفسا عميقا،.يلتفت الى اللوحة المعلقة على الجدار، يعود الى الكتاب، ويكرر اغماض وفتح عينيه أكثر من مرة ..بين لوحة الجدار والكتاب المدرسي فارق هوالخشب !!..

- بابا ..بابا.. كيف ارسمها لماذا أنت صامت؟

دوي .. وصفارات ....هياكل حديدية محترقة.. مصطفي احمد علي غسان زكريا يونس ووووو يقطعون الغياب، تختلط أسماؤهم ،يضرب بعضها بعضا..أيهما الأول ؟
غزت المدينة الصناديق الخشبية..
الخشب البخس .. وانتشر الورد السوداء ...
ازيز الذباب عاد ليضج بالغرفة .... .تتلألأ عين مروان

يكتم مروان صرخة كبرياء ، بصوت يمتوج :
- نعم يا ولدي ارسمها كما هي بالكتاب هكذا .. ويحرك القلم، على ورقة بيضاء، تأبى أن تطاوع فيها الخطوط ، يسقط القلم.....

المعظم المبجل أقبل ، أحسِنوا الاستقبال بما َيليق به ، استقر بمنتصف الدار ..هيا أفرغوا الصالة من الاثاث .. القهوة المرة .. دخان سجائر ..
ويواصل الغراب نعيقه..

- بابا سأعود اليك لا حقا صديقي محمد يناديني في الحديقة

النخلات بلا سعف ..، جثث واقفة مقطوعة الرأس، الازيز يتواصل ..
فجأة ينتفض مروان، كعصفور بلله المطر، يتوجه نحو لوحة الجدار، يرفعها بيديه ، يرميها ارضا ، ينتشر الزجاج في المكان، الان سيصرخ يقهقهة ساخرة :
أين الأنف المثلث في الخارطة ؟

تسقط التفاحة من على المنضدة ..

- وأنت ايتها الملعونة سر كل سقوط ؟ .. ما معني الوجه اذا سقط الأنف!

يتحرك بالغرفة جيئة وذهابا، يضرب الراح بالراح،..يعود الى الأريكة يشعل سيجارته ينفخ هواءها بالريح ، يتشكل من دخانه مثلث واضح المعالم ، يعلو يصعد يغير شكله الهندسي الى دوائر ثم خطوط متعرجة حتى يهبط و يتلاشى ، تتوالى المثلثات دون أن تثبت على شكل ..
سقط المثلث
لم يثبت مثلث الدخان
والسيجارة احترقت ..
..
تتلألأ التفاحة بقطرات على وجنتيها الحمراء، قطرات شفافة خرجت من نبض قلبها نحو السطح ، يتفتق جانبي التفاحة ، تبرز قدمان صغيرتان أشبه بقدم طفل حديث الولادة ..تبدأ بمحاولة التوازن تترنح قليلا ، ثم تعتدل ، وأخير تتحرك ببطىء خجول..

تخطو خطوة بعد خطوة ..حتى تصل الى قدمي مروان، تتشبث تلك الأقدام الصغيره بقدمه اليمين، وتقف ، تسقط قطراتها على قدمه.... قالت له هامسة : أنت الذي تعيد زراعتي دائما لم تعاتبني ؟ ! فأنا منذ فجر الوجود مهمتي أن أكون تفاحة !

تدخل ثمانية صناديق خشبية في أن واحد الى الشارع،..بعدها بقليل تتوالى صناديق وصناديق الى الشارع المقابل ..

ينحني مروان يلتقط التفاحة بين يديه: نعم. وأنا دائما دوري أن أتناولك بنهم ؟!

تعصف بروح سائق الدبابة عواصف قادمة من الصحراء ..

يقضم التفاحة، .. ينظر الى البعيد.. ويدير راسه الى الخلف ..يتوقف عن القضم ثم ينظر الى التفاحة النصف مأكولة يتفاجأ بالانف المثلث الظاهر عليها !
التهم المثلث
عاد المثلث
وقضم مروان الانف المثلث !

- بابا عدت اليك علمني رسم الخارطة!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كل يوم - الناقد الفني طارق الشناوي يحلل مسلسلات ونجوم رمضان


.. كل يوم - طارق الشناوي: أحمد مكي من أكثر الممثلين ثقافة ونجاح




.. كل يوم - الناقد طارق الشناوي لـ خالد أبو بكر: مسلسل إمبراطور


.. كل يوم - الناقد طارق الشناوي: أحمد العوضي كان داخل تحدي وأثب




.. كل يوم - الناقد طارق الشناوي : جودر مسلسل عجبني جدًا وكنت بق