الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحراك السياسي ومعالم النظام المغاربي الجديد

سعيد هادف
(Said Hadef)

2012 / 5 / 4
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


في الندوة المغاربية التي انعقدت بمدينة وجدة المغربية، يومي الأربعاء و الخميس18 و 19 أبريل 2012، تطارح الباحثون جملة من القراءات التي أجمعت على خطورة الوضع الذي تعيشه المنطقة المغاربية، ليس جراء التحولات المنزلقة في اتجاه بروز الحركات الانفصالية وتنامي العنف والإرهاب والاحتقان السياسي والتردي الاقتصادي، بل جراء استقواء جيوب الفساد والاستبداد المتمترسة ضد أي تغيير يصب في مصلحة الشعوب و بسبب هشاشة المجتمع المدني وقصور الأحزاب الديمقراطية. الندوة العلمية التي نظمها مركز الدراسات والبحوث الإنسانية والاجتماعية بوجدة، أطرها خمسة عشر باحثا في موضوع: "الحراك السياسي ومعالم النظام المغاربي الجديد". كما عرفت أشغال هذه الندوة مائدة مستديرة حول مفاهيم البناء الديموقراطي والهوية والتحدي الأمني ووصول الاسلاميين لسدة الحكم.

لابديل عن الديمقراطية، ولا ديمقراطية بدون حقوق الإنسان

إن الوضعية المأزومة للاتحاد المغاربي ليست سوى نتاج غياب أرضية ديمقراطية صلبة؛ و غياب إرادة سياسية حقيقية تترجم إرادة الشعوب المغاربية وتوقها نحو التعاون والاندماج؛ على طريق بناء تكتل إقليمي عربي في منطقة استراتيجية هامة؛ هذا ما أكد عليه الباحث والأستاذ الجامعي إدريس لكريني (أستاذ العلاقات الدولية ومدير مجموعة الدراسات الدولية حول إدارة الأزمات)، في مداخلته "المدخل الديمقراطي لبناء الاتحاد المغاربي"، واعتبر أن تكلفة الاستبداد في المنطقة المغاربية باهظة؛ على المستويين: الداخلي عبر قمع الحريات والحقوق وصدّ أي تغيير سياسي بنّاء وإهدار الطاقات وتعطيل مسار التنمية.. أو الخارجي المتمثل في تدهور النظام الإقليمي العربي وتنامي التهديدات الخارجية والصراعات في عدد من البلدان العربية وتأزّم المنظمات الإقليمية العربية. وفي عرضه المستفيض، خلص إلى القول انه لامناص من إعمال إصلاحات سياسية ديمقراطية مبنية على الحوار والحرية وحقوق الإنسان والانفتاح على المجتمع..؛ وفي نفس السياق كانت مداخلة الأستاذ التونسي عفيف البوني في موضوع: "الديمقراطية وحقوق الإنسان شرط الاندماج المغاربي"، معتبرا أن شروط نجاح الاتحاد المغاربي تكمن في انتهاج الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان. وهو ماذهب إليه الأستاذ أنس المشيشي، في مداخلته: "الديمقراطية والإصلاح في دول المغرب العربي"، حيث يرى أن الديمقراطية في البلدان المغاربية، مشروع حتمي سواء عبر الثورات أو عبر الإصلاح، وأن الاتحاد المغاربي لن يتحقق إلا بسيادة الديمقراطية على كافة البلدان المغاربية.
في مداخلتها: "آفاق الإصلاحات السياسية بعد الحراك"، استهلت الباحثة سمية حامدي حديثها بطرح الإشكالات التالية: هل الإصلاحات التي تمت مباشرتها في البلدان المغاربية تمهد فعلا للتحول الديمقراطي؟ وهل تؤدي هذه التحولات إلى إحياء مشروع الاتحاد؟ ولمقاربة هذين الإشكالين، تناولت وضعية كل بلد على حدة، ومظاهر التحول التي انخرط فيها طوعا أو كرها، غير أن الإشكال، في رأي الباحثة، هو مآل هذه الإصلاحات تفعيلا وتنزيلا.
لكن ثمة سياق عالمي لا يجب إغفاله، وهذا ما ما انتبه إليه الباحث مصطفى البوعزاتي (طالب بسلك الماستر)، في مداخلته: "الحراك المغاربي: قراءة في الفهم والتحديد"، وقد قدم قراءة حول السياق العام للحراك المغاربي وأسبابه المباشرة ومساره ونتائجه؛ فعلى المستوى العالمي تطرق إلى الأزمة المالية ودكتاتورية الأسواق وهيمنة المال على عالم السياسة والاقتصاد، وبالموازاة الحراك الاحتجاجي في اليونان وبعض البلدان الغربية، أما السياق الوطني بكل تجلياته السياسية والثقافية والافتصادية، فقد اتسم بطغيان النزعة الفردانية والفساد واقتصاد الريع وغياب الشفافية والإفلات من العقاب؛ كما أشار إلى تسريبات وكيليكس التي سبقت الحراك ودور الشباب في الاستعمال الجيد لتكنلوجيا الاتصال ودورها في تعبئة الرأي العام وتشجيعه على الاحتجاج. فالحراك، في منطوق مداخلة الباحث ومضمرها، عالمي بقدر ما هو محلي، فالمعركة الديمقراطية مفتوحة على المكان والزمان، ومتجددة في خطابها وآلياتها، ويمكن القول أن خلاصة المداخلة تؤكد أن المعركة تدور رحاها بين قيم تحاول الانتصار للإنسان وأخرى تكيد بكل الوسائل من اجل استغلاله.

قوة الديمقراطية من قوة المجتمع المدني وقوته من قوتها

حول الديمقراطية والمجتمع المدني، استعاد الدكتور عثمان الزياني في عرضه: "دور المجتمع المدني في البناء المغاربي"، الوضع المغاربي غداة الاحتلال، وقد ركز على الحراك المدني وبوادر تشكل مجتمع مغاربي مدني، غير أنه تعرض للإجهاض بعد الاستقلال في ظل الدولة الوطنية، كما تحدث عن المعيقات السياسية والقانونية والبيروقراطية وأثر ذلك على قدرات المجتمع المدني، كما تطرق إلى الانقسام الذي ظل يطبع أنظمة لبلدان المغاربية؛ وخلص إلى القول أن نجاح البناء المغاربي لن يكون إلى على أسس ديمقراطية، وهذا مشروط بتشكل مجتمع مدني مغاربي قوي وفاعل، يتمتع بالاستقلالية ومتشبع بالثقافة الحقوقية.
المظاهر الحقوقية والمدنية ليست سوى تجل للفعل السياسي بمفهومه العميق، ومادام هناك نقاش حقوقي فلابد أن تكون حقوق المرأة جزء من كينونة هذا النقاش بوصف المرأة عنصرا أساسا من مكونات المجتمع المدني، في هذا السياق، كانت مداخلة الأستاذة نعيمة البالي في موضوع: "تأثير الحراك السياسي على الحقوق السياسية والاجتماعية والثقافية للمرأة، "، فقدمت عرضا حول حقوق المرأة في مرآة القانون الأممي والوطني، كما تحدثت عن المرور من القانون الشكلي إلى الواقعي، وتنصيصه على الحقوق السياسية والمدنية وحول تغير الوضع ومآله، لتخلص الباحثة إلى أن التمثيلية المتدنية تعكس النظرة الدونية التي تكرسها ثقافة المجتمع ما يستلزم ضرورة التأطير الجيد للمواطنين وتجديد الثقافة السياسية.

الاندماج مطلب الشعوب وحتمية ديمقراطية

ثمة وشائج عضوية وروابط جدلية بين الديمقراطية وحقوق الإنسان والمجتمع المدني وروح الاندماج الإقليمي، مكونات وبنيات ومؤسسات وقوانين ينتظمها نسق واحد. فليست ثمة سبيل تفضي إلى الاتحاد إلا الديمقراطية، فكيف تحققت الاستقلالات الوطنية وفشلت في اتحادها؟ يرجع الباحثان عفيف البوني وإدريس لكريني إلى البدايات من أجل استنطاقها، فمشروع حركة التحرر المغاربية، لم يكن يفصل الاستقلال عن الاتحاد، فأين وقع الخلل وكيف ومن المسؤول؟ وهل يصلح الربيع المغاربي ما أفسدته سياسات الاستقلالات الوطنية؟ في هذا المنحى كانت مداخلة الباحث محمد بوبوش (باحث في العلاقات الدولية – جامعة محمد الخامس) في موضوع: "الربيع العربي ومستقبل التكامل المغاربي"، حيث استهل مداخلته بمحور حول "الاتحاد المغاربي وتحديات الربيع العربي"، تطرق، من خلاله، إلى المخاضات التي عرفتها المنطقة المغاربية أثناء الثمانينيات من القرن العشرين وما أسفرت عنه من تحولات، ومن هذا المدخل تحدث عن ثورات الربيع العربي وما ترتب عنه من سقوط النظامين (التونسي والليبي) ومسارعة باقي الأنظمة إلى الإصلاحات.وحول محور "ملامح النظام الإقليمي المغاربي الجديد"، عرض الباحث جملة الخصائص العامة للتحولات المغاربية التي بدأت تسم المشهد المغاربي بملامح جديدة: (الريادة التونسية في قدرتها على تجاوز الثنائيات، البراغماتية التي جنح إليها النظامان المغربي والجزائري من أجل تجاوز الجمود، انخراط المجتمع المدني في النقاش السياسي، التحولات التي مست الإسلام السياسي). أما المحور الثالث فقد أفرده لـ"محفزات تفعيل التكامل الاقتصادي المغاربي"، وقد أجملها في توفر المنطقة على مخزون من الثروات وعوامل بناء التكامل الاقتصادي، فضلا عن المشترك الثقافي والحضاري. و قد خلص إلى القول، أن تحقيق المسيرة التكاملية يتوقف على مدى توافر المقومات السياسية ومدى فاعلية المؤسسات التكاملية، وخلص أن الظروف الحالية المفعمة بالديمقراطية والحرية تشجع على تحقيق الاتحاد خاصة إذا صدقت نوايا الحكام، غير أن "محفزات بوبوش"، ليست كافية لبناء الاتحاد، هذا ما ورد في مداخلة: "إشكالية الاندماج المغاربي" (أعدها الأستاذان لؤي عبد الفتاح ويوسف اليحياوي، أطرها الأستاذ يوسف اليحياوي)، حيث يرى الباحث أنه رغم هذا الانسجام فإن البلدان المغاربية ظلت عاجزة عن الاندماج في ما بينها، وتجلى هذا القصور بشكل صارخ في ضعف الاعتماد المتبادل، وهو ضعف، في رأيه، يرجع إلى غياب النظم والبنيات القانونية الكفيلة بتحقيق وتنظيم وضبط التكامل بمختلف مجالاته. واعتبر الديمقراطية عاملا أساسا في بناء الصيرورة الاندماجية. وحول تعاطي البلدان المغاربية مع الخيار الديمقراطي تناول محطتين، اعتبرهما أساسيتين في مسار الديمقراطي لهذه البلدان، وهما انهيار المنظومة الشيوعية ثم ثورات الربيع العربي.
المداخلة التي جاءت في موضوع: "دور تماثل العقائد السياسية في عملية الاندماج" (من إعداد الباحثين حميد بلغيت ولطفي علاي – سلك الماستر)، كشفت أن العقائد المتحكمة في السلوك الخارجي للبلدان المغاربية تتمثل في مجملها في (عقيدة الاحتواء، عقيدة الارتهان للماضي، عقيدة التلازم بين أمن النظام والفوضى الإقليمية...). وقد اعتمد الباحثان في قراءتهما معيارين كأساس للتحليل (معيار شكلي وآخر سلوكي)، الأول يتمثل في الاتفاقيات والمعاهدات، وهي في الغالب لا يُحترم تفعيلها والثاني سلوكي يقف على الطرف النقيض من الأول؛ وحول الطبيعة السياسية لهذه العقائد، يتساءل الباحثان: هل نشأت عن طبيعة التفاعلات العالمية؟ أم أنها ناجمة عن سلوك هذه البلدان إزاء محيطها المغاربي؟ وكيف تتحكم هذه العقائد الموروثة في تأزيم العلاقات البينية؟ وكيف يمكن للحراك السياسي أن يؤسس لعقائد بديلة ذات نزعة اندماجية؟
ويخلصان إلى القول، أنه رغم كل ما يؤشر على إمكانية التماثل العقائدي للسلوك السياسي المغاربي، فإن واقع الحال السياسي يبدو استاتيكيا أكثر منه ديناميا، وأن العلاقات البينية لن تخضع إلا لمراجعة سطحية دون أن تمس بجوهر الاتجاهات والمواقف والسمات والخصائص.

الإسلام كانتماء ثقافي للشعوب المغاربية: عامل قوتها واتحادها،
وكأديولوجيا: أداة لتكبيلها والهيمنة عليها

في مداخلته: "البعد الديني وأثره على مسيرة الاتحاد المغاربي"، انطلق الدكتورعمران محمد عبدالنبي (جامعة الزاوية بيلبيا)، من البحث في مسألة الدين والدولة والإثنية كمجال يكتنفه الكثير من الصعوبة والجدل، وقدم الباحث قراءة متأنية خرج من خلالها إلى جملة من الملاحظات من ضمنها أن ثالوث (الدعوة، القبيلة والدولة) يمثل القانون المضمر والسبب الخفي والعقل الباطن الذي حرك التاريخ ووجه مساره ورسم غاياته وجعل منه مسرحا تتصارع فيه قوى يطبعها التضاد والتحالف، وهذا ما جعل المسألة السياسية دائما جوهرية في الإسلام، وتبعا لذلك تشكلت ملامح الوضع في ليبيا، التي اعتبرها أرضا بكرا للدراسة والبحث. كما تحدث عن العامل الديني كموجه وضابط للسياسة المغاربية، باعتبار أن مختلف الأنطمة وظفت الدين كأديولوجيا، وانعكس ذلك على صعوبة التحول من منظومة إلى أخرى، فكان الثمن مكلفا وباهظا. في نفس السياق السوسيوتاريخي، كانت مداخلة الباحث محمد الكنفودي في موضوع: " تحولات التيار السلفي بالمغرب العربي في ضوء الحراك السياسي خلال سنة 2011".، حيث تطرق إلى التفاعل السياسي للتيار السلفي و التفاعل الأمني وتحولات تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي وطبيعة الاحتجاجات السلفية والعلاقة البينية بين السلفية والأحزاب الإسلامية ثم مؤشرات التحول؛ بعد ذلك انتقل إلى مقاربة المحور الثاني،حول تحديد بعض معالم التوجهات المستقبلية للقضايا ذات الارتباط بالتيار السلفي ومنها التفاعل الديني السياسي مع الفكر السلفي، والإسلام في تمثله المغاربي وتجلياته الجغرافية والتيار السلفي كظاهرة جديدة، ثم كفرضية للنقاش تحدث عن بروز التيار السلفي مع انتشار العنف السياسي ( تونس 2002 – المغرب 2003).
وقد صنف التيارات السلفية إلى تقليدية وهي المعروفة بالسلفية العلمية، والجهادية ذات التوجه السلفي الأكثر بروزا في المنطقة وثالثا، السياسية ذات التوجه الذي يؤمن بالمشاركة السياسية وقد ظهر في الجزائر مع مشروع جبهة الإنقاذ كتيار يتبنى الفكر الوهابي ويؤمن بالتفاعل السياسي.
أما عن معالم التوجهات المستقبلية للقضايا ذات الارتباط بالتيار السلفي، فيرى انها مرتبطة بطبيعة التحولات في المنطقة المغاربية ومحيطها الجنوبي.

من زاوية أخرى، كانت مداخلة الباحث الموريتاني سيدي اعمر بن شيخنا في موضوع: "أزواد امتداد ثقافي واجتماعي للمغرب العربي". تحدث الباحث عن ثلاثة مظاهر تؤكد الامتداد الثقافي والاجتماعي المغاربي في منطقة أزواد، والمتمثلة في (التركيبة السكانية الأمازيغية العربية) و (ارتباط حواضر أزواد مثل "تمبكتو" و"غاو" بالحواضر المغاربية مثل "فاس" و"تلمسان" وغدامس") و(وحدة المرجعية الثقافية الصوفية). تطرق إلى جذور المطالبة بلستقلال أزواد، من خلال وثيقة مؤرخة في 30 أكتوبر 1957، بعثها أعيان أزواد عبر نائب الإقليم بالبرلمان الفرنسي حبيب مصطفى وافي إلى الجنرال ديغول الذي رد عليهم عبر قاضي تمبكتو محمد الشيخ في رسالة بتاريخ 18 ديسمبر من نفس السنة، معبرا عن اهتمامه وتقديره لمطلبهم، وحول العلاقة المغاربية بمحيطها الجنوبي، يقول الباحث، اتصفت باللامبالاة كون المحيط المغاربي نفسه ظل يعيش حالة من التشرذم، وما الراهن الذي تعيشه البلدان المغاربية ومحيطها ليس سوى تجل للماضي، وهو راهن أمامه تحديات عديدة جراء ما تتعرض له منطقة أزواد من قبل (الجماعات الإرهابية، وتجارة الممنوعات كالمخدرات والسلاح، والهجرة السرية فضلا عن الأطماع الخارجية)، وتطرق الباحث إلى تداعيات هذه الأزمة على المنطقة المغاربية مما يؤكد ضرورة الانخراط في الإصلاحات الدستورية والسياسية المؤسسة للممارسة الديمقراطية بوصفها الحل الوحيد لبناء منطقة مغاربية آمنة، وبالتالي المساهمة في بسط الأمن بأزواد عبر بدائل حقوقية وديمقراطية وتنموية، بعيدا عن المقاربات الأمنية الصرفة التي برهنت على إفلاسها.
ويتضح من خلال هذه المداخلات، كيف ان الإسلام في بعده الشعبي وعمقه المدني، ظل يشكل المناعة الثقافية بتجلياتها السوسيولوجية والأنتربولوجية للجسم المغاربي وعمقه الإفريقي، وبالموازاة، كيف تم استغلال الإسلام، أيديولوجيا، من قبل جهات معادية للشعوب (سواء تلك التي استولت على الحكم وأقصت الديمقراطية من ممارستها) أو التي ظلت تسعى إلى الحكم بالتحريض على العنف والإرهاب ومعاداة الديمقراطية، وبث مشاعر الكراهية والانغلاق والاستغراق في الغيبيات ومحاصرة المجتمع بسياج من الممنوعات.

التكنلوجيا في خدمة المعلومة والشفافية

مداخلة الدكتور محمد الإمام ماء العينين (جامعة محمد الأول بوجدة) في موضوع: "التعاطي الإعلامي مع الحراك وآفاق المشهد بدول المغرب العربي"، تمحورت حول الدور الفعال للإعلام البديل في نجاح الحراك الشعبي، من خلال الاستغلال الجيد لتكنلوجيا التواصل في نقل الأحداث وتعبئة الرأي العام المحلي والعالمي وربط الاتصالات بين مختلف الفاعلين.
في مقاربته لمشهد الحراك المغاربي، أفرد الباحث فقرتين خاصتين بتونس وليبيا بوصفهما البلدين اللذين عرفا مشهدا إعلاميا مطبوعا بالكثافة والإثارة والتنوع سواء بالنسبة للإعلام الداعم للحراك أو للإعلام الرسمي، بينما أجمل باقي البلدان في فقرة واحدة. بعد ذلك أعطى فكرة عن ملامح المشهد الإعلامي بعد الحراك، سواء على مستوى الأداء أو التضييق أو الإصلاحات التي مست قانون الصحافة. وتناول البحث كيف استطاع شباب الحراك استثمار التكنلوجيا في معركته الإعلامية بكفاءة أبطلت كل مناورات الإعلام الرسمي. ويجدر في هذا المقام أن نشير أن الثورة التي عرفتها تكنلوجيا الاتصال، سحبت البساط من تحت أقدام المحتكرين للمعلومة، ووفرت إمكانيات أكثر فاعلية للمبادرات الفردية وحررت الشباب من طوق التلقي السلبي إلى التلقي التفاعلي، فكانت هذه التكنلوجيا، فعلا، في خدمة الإعلام الجماهري.

هل الأزمات الأمنية، استراتيجية ضد الاندماج؟

الأستاذ خالد القضاوي استهل مداخلته: "الأبعاد الأمنية في الاندماجات الإقليمية"، بمدخل مفاهيمي ونطري حول الاندماج الإقليمي انطلاقا من نظريات مختلفة (النظرية الاتحادية، والوظيفية الجديدة، والنظرية الاتصالية)، بعد ذلك انتقل إلى الأهداف العامة للتكاملات والاندماجات ومن بينها (الوحدة السياسية، السلم والأمن الإقليميين، الازدهار الاقتصادي والرفع من مستوى عيش المواطنين، مشاريع تنموية تكاملية ومستديمة، التعامل مع قضايا العولمة...)، لينتقل بعد ذلك إلى الأبعاد الاستراتيجية الأمنية في البلدان المغاربية، على مستوى الواقع المحلي والبيني وعلى مستوى الاتفاقيات والمعاهدات وفي ضوء تجارب أخرى، وخلص إلى أن بناء الاتحاد المغاربي مشروط بصيرورة العمل التكاملي على أسس ديمقراطية بوصفها مدخلا عريضا لكل مشروع تنموي أو اندماجي.
في ضوء مداخلة الباحث خالد القضاوي ومداخلة الباحث سيدي اعمر بن شيخنا، نستنتج أن التدهور الأمني لايمكن معالجته إلا في إطار اندماجي، غير أن الاندماج كما أكدت كل المداخلات لايمكنه أن يتحقق إلا على أسس ديمقراطية، وعليه فإن الديمقراطية تكون ثمرة نضال مجتمع مدني مغاربي قوي يعرف كيف يحرر ثقافته من الأيديلوجيا ويستثمر ما تحمله من قيم إنسانية كونية لافتكاك حقوقه التي ترتهنها شبكات الفساد والاستبداد التي ليس من مصلحتها الاندماج، بل هناك ما يؤشر على افتعالها، بشكل محترف وبتحالف لوبيات عالمية، للأزمات الأمنية بهدف تعطيل أي تقارب بين الشعوب، كما لو أن لسان حالها، يقول للشعوب: "الخنوع مقابل الأمن".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سيول دبي.. هل يقف الاحتباس الحراري وراءها؟| المسائية


.. ماذا لو استهدفت إسرائيل المنشآت النووية الإيرانية؟




.. إسرائيل- حماس: الدوحة تعيد تقييم وساطتها وتندد بإساءة واستغل


.. الاتحاد الأوروبي يعتزم توسيع العقوبات على إيران بما يشمل الم




.. حماس تعتزم إغلاق جناحها العسكري في حال أُقيمت دولة فلسطينية