الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


زحمة القوائم والشعارات لا تلغي الوعي المتأصل عند المواطن العراقي

فرات الحداد

2005 / 1 / 28
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


بدأً نقول , ان الانتخابات العراقية مدخل الى مناخ سياسي عراقي جديد , و وعي حقوقي للفئات الشعبية العراقية , الانتخابات العراقية , صعدت من المزاج للمواطنين العراقيين بأهمية الحرية والديمقراطية واحترام حقوق الإنسان , والانتخابات عملية ديمقراطية ستفرض قيم عليا عند الفرد المواطن العراقي لاحقاً , وستعجل من الارتقاء بالعمل السياسي وباشكال واساليب تختلف عما نراه اليوم من حركات سياسية نخبوية , تأسست عشوائياً او على هامش حركة وحاجة الإنسان العراقي , تحاول فرض ارادتها وتصوارتها وقناعات شخوصها , مستعينة بواقع وظروف غير طبيعية تسود الساحة العراقية حالياً , ويمكن ملاحظة ذلك من خلال الكم الكبير من الاتجاهات والحركات والاحزاب التي تتشبث بمصالح اوجدتها الحالة والواقع العراقي الجديد , والتي تمثلت اخيرا بزحمة القوائم الانتخابية للجمعية الوطنية العراقية المؤقتة , الكل ولمن توفرت عنده الامكانية والدعم يحاول ايجاد حيز يتحرك منه بعد حين , لا يهمها رأي المواطن وارادته وهذا مطب للكثير من هذه القوى ( القوائم ) ان تستكين وتستريح حال فرز النتائج الانتخابية .
ضرورة تحقيق الديمقراطية في العراق سيعجل بنمو حركة مطلبية , وربما حركات , عملها وزادها صيانة الحرية والديمقراطية الفتية , حركات لا تتناسب وحسابات وبرامج اغلب القوى المشاركة بالعملية السياسية والعملية الانتخابية , حتما ستتراجع هذه القوى امام اندفاع نمو هذه الحركات الناهضة , وتعيد حساباتها وبرامجها واسلوب عملها وبما يعني استيعاب هذا النمو وتطويره ورعايته وبمجهودات يمكن ان تساهم بصياغة وبلورة برامج ديمقراطية وطنية , وفي نهوض حركات سياسية نضالية ومؤسسات قادرة على ان تكون نواتاة النظام الديمقراطي , ان هذه الحركات والمؤسسات هي التي تضمن تجاوز العراق احتمالات النزيف او الصدام بين مكوناته واحتمالات التزييف المناهض للديمقراطية والتي تقصرها على التوازنات بين الكتل المتنفذة في الجمعية الوطنية او مجالس المحافظات و بمجالس استشارية فوقية , وكذلك تجاوز الادعاءات بالديمقراطية من قبل أي حزب او ائتلاف او تكتل تدعي الوصاية على الشعب العراقي .
الصورة الحالية للانتخابات العراقية ليست مثالية او مكتملة لشروط الانتخابات كما في المجتمعات الغربية , ولكنها البداية والحل للشروع بفتح نوافذ اغلقتها عهود الارهاب الفاشي الصدامي وتقاليد الاستبداد السياسي والفكري , على الفكر الإنساني بتراثه وغناه وآفاقه العظيمة .
وبمناسبة الانتخابات العراقية , من الضروري بمكان التوقف ولو قليلا عند العملية الانتخابية وما رافقها ويرافقها ,فالانتخابات العراقية والحملةالمرافقة لها اعلاميا ً, اغرت واغوت الكيانات والائتلافات السياسية والاشخاص ممن سيخوض الانتخابات العراقية , رفد قوائمهم باسماء وعنوانين , ( ديمقراطية , وطنية , موحدة , وحدة , ائتلاف , قيادة قوية , تحرير , مصالحة , ملكية , جمهورية , فيدرالية , حقوق الإنسان , حقوق المرأة , بيئة .... الخ ) , وهي عنوانين كبيرة في مضمونها , وخطيرة في عناوينها , وشعارات ويافطات , لا تتناسب وامكانيات او حجم هذه الكيانات والائتلافات , ومدى استطاعتها تحقيق ولو جزء بسيط من برامجها, لاسباب عديدة اهمها طبيعة الظروف الحالية من وجود اجنبي تقوده الولايات المتحدة الامريكية , ومشروعها في العراق والمنطقة , وقرارات دولية بأجندة وتواريخ ,لا يمكن تجاوزها, وعمليات عسكرية مناهضة للتغيير في العراق وللعملية الديمقراطية , وعمليات تخريب وارهاب ضد الشعب العراقي بقيادة فلول النظام الفاشي المقبور, ومنظمات ارهابية , وقوى تكفيرية سلفية, تسفك دماء العراقيين على الهوية , وعمليات لمخابرات دول عديدة منها ايران وسوريا وتركيا والاردن واسرائيل , وعصابات اجرامية منظمة , انتهزت حالة الانفلات الامني , وضعف ووهن الاجهزة الدفاعية والامنية والمخابراتية للسلطة العراقية المؤقتة , وهذا الاختراق والتواطئ الواسع لكل هذه القوى في جسد المؤسسة العراقية , اضافة لتصاعد حالة الفساد والرشوة والمحسوبية بين المسؤولين العراقيين , من درجة وزير الى ادنى الدرجات الوظيفية , واخيرا الطامة الكبرى نظام المحاصصة ! انها اسباب تجعل من الصعب والمستحيل تحقيق اي قائمة لمشروعها واهدافها , وبالاخص ان اغلبها تشكل وتأسس بظروف فوضى الحرية ! وبعضها من مخلفات النظام المقبور وحزبه الفاشي , والبعض الاخر تشكل لغايات ومصالح دول كبرى وصغرى . انها اسباب تجعلنا نلح بأجراء العملية الانتخابية بالرغم من تعقيداتها وظروفها وباوسع مشاركة داخلياً وخارجياً .
نحن ليس في وارد الدعاية لقائمة ما على حساب قائمة اخرى وليس في واردالنكاية بهذه القائمة اوتلك الا اللهم بالقدر الذي نمنح انفسنا الحق بأبدا الرأي وتوضيح وجهة نظرنا بمن يحاول ان يبتزنا ويسرق الباقي من امل بعراق جديد يراد تأسيسه او اعادة صياغة لعراق يحفظ كرامة الانسان وحرياته وحقوقه , بفوضى الشعارات والوعود , نستغرب مثلا من قائمة ( المصالحة والتحرير – مشعان الجبوري ) تروج وفي دعايتها لعملية التصويت للتفرقة بين الصداميين والبعثيين ! , وهنا يراودنا السؤال هل هناك فرق بين البعثي والصدامي .... ؟ هي دعوة ساذجة ومشبوهة حتماً , تحاول تكريم حزب البعث الفاشي ومنتسبيه واعضاءه وبالتالي تبرئتهم من جرائمهم وحروبهم وعسفهم بحق الشعب العراقي وتبرئتهم مما لحق بالعراق من وضع كارثي وانساني , يجب الوقوف امام هكذا دعوات وكشفها وتعريتها وكشف حسابات المروجين لها , وقائمة اخرى ( الديمقراطية العربية ) توعد وفي حال فوزها بأعادة تشكيل الجيش العراقي وأعادة المؤسسات الامنية والمخابراتية , وهي دعوة اكيدة لصياغة الاستبداد من جديد وبحجة الوطنية... ! وغيرها من قوائم , بعض مرشحيها متهمين بجرائم حرب وجرائم تعذيب واغتصاب وقتل , ومرشحين اخرين يروجون للطائفية والمذهبية والعرقية وعلى حساب الوطنية العراقية , الغائب الحاضر في مزاد القوائم , لكن رغم هذا كله نحن متفائلين ولا بد ان تنتصر الارادة العامة والوطنية العراقية اخيراً .
الوضع العراقي بحاجة الى رؤية وطنية موحدة , الى مشروع وطني عراقي موحد , مشروع يجمع بين القواسم المشتركة للقوائم المختلفة بعيداً عن سياسة الاستقواء او الغاء الاخر , والفوز بأغلبية المقاعد لهذه القائمة او تلك سوف لا يعني لهاالاستفراد او الانفراد بتقرير مصير شكل الدولة العراقية ومؤسساتها .
زحمة القوائم والشعارات لاتلغي الوعي المتأصل عند المواطن العراقي في 30/1/2005 , لا تلغي وعنده قرار صائب وفي سبيل ترسيخ نهج الوطنية العراقية وتغليبها
فرات الحداد








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السودان الآن مع عماد حسن.. هل سيؤسس -الدعم السريع- دولة في د


.. صحف بريطانية: هل هذه آخر مأساة يتعرض لها المهاجرون غير الشرع




.. البنتاغون: لا تزال لدينا مخاوف بخصوص خطط إسرائيل لتنفيذ اجتي


.. مخاوف من تصعيد كبير في الجنوب اللبناني على وقع ارتفاع حدة ال




.. صوت مجلس الشيوخ الأميركي لصالح مساعدات بقيمة 95 مليار دولار