الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحوار الوطني الشامل ودوره في تفكيك حدة الاستقطاب السياسي وعزل التطرف والإرهاب في العراق؟

فاخر جاسم

2005 / 1 / 29
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


يلاحظ المتابع لتطورات الوضع في العراق زيادة حدة التوتر السياسي ـ الاجتماعي، كلما أقترب آوان حل القضايا الحاسمة مثلما جرى قبل انتقال السيادة في حزيران الماضي وما نشهده في الوقت الحاضر حيث تجري الاستعدادات لإجراء الانتخابات في 30 كانون الثاني من العام الحالي. إن ذلك يرجع إلى سببين رئيسيين، الأول إصرار الولايات المتحدة على الإنفراد بالملف العراقي والأخطاء الفادحة التي أرتكبتها سلطة الاحتلال قبل نقل السلطة. والثاني، استمرار الخلافات بين القوى السياسية والقومية والطائفية، حول القضايا العقدية التي تواجه المجتمع العراقي.
إن ما زاد من تفاقم حدة الصراعات في المجتمع، عدم حدوث تحسن جدي في الوضع الامني، على الرغم من الجهود الكبيرة التي تبذلها الحكومة المؤقتة. حيث نلاحظ تصاعد العمليات الإرهابية الموجهة ضد المؤسسات المدنية التي تقدم الخدمات الأساسية للمواطنين، النفط والطاقة، والأجهزة العسكرية المختلفة التي تحاول جاهدة مكافحة العناصر الإرهابية. ونتيجة للطريق المسدود الذي وصلت إليه العناصر الأرهابية والمتطرفة، زادت من أعمالها الأرهابية ضد المواطنين.
إن أستمرار حالة العنف والارهاب وحالة الإنقسام بين القوى السياسية حول سبل حل الأزمة السياسية ، يتطلب من جميع الأطراف التي يهمها عودة الاستقرار إلى العراق، أن تعي المخاطر الحقيقية التي تنتج عن استمرار الحالة الراهنة. فالولايات المتحدة تتحمل المسؤولية الرئيسية، وفق الشرعية الدولية، باعتبارها الدولة التي تقود القوات المتعددة الجنسية، إضافة إلى مسئوليتها الأخلاقية والمعنوية، بناءً على الأهداف التي شنت بموجبها الحرب على العراق، حيث وضعت تحقيق الديمقراطية في مقدمة تلك الأهداف. إن ذلك يتطلب منها العمل على ما يلي:
أ ـ المساعدة على إعادة اعمار فعالة تؤدي إلى عودة الحياة إلى الاقتصاد العراقي، وبما يضمن تشغيل المؤسسات الاقتصادية والخدمية. إن هذه القضية مهمة في الظرف الراهن، لأنها تعجل بتخفيف المستوى المرتفع للبطالة.
ب ـ مصداقية سياسية، تستند على تنفيذ وعودها بدعم الحكومة العراقية المؤقتة، خاصة في مجال تعزيز دورها في السيطرة على الملف الامني.

ج ـ السماح بمشاركة دولية واضحة، خاصة من الأمم المتحدة، سواء فيما يتعلق بإعادة الأعمار أو الإشراف على العملية السياسية والانتخاباتُ وقيادة القوات المتعددة الجنسية.

أما فيما يخص دول الجوار، فأن القلق الذي تبديه بين آونة وأخرى، لا يكفي إذ يجب عليها أن تدرك المخاطر المحتملة على أمنها القومي واستقرارها السياسي والاجتماعي التي يمكن أن تنشأ من استمرار حالة عدم الاستقرار في العراق. إن الموقف المسؤول لدول الجوار ينبغي أن يقوم على ركيزتين، الأولى، عدم التدخل في الشئون الداخلية العراقية. والثانية، التخلي عن الحسابات الضيقة التي تقوم على استخدام الورقة العراقية كأداة ضغط لتعزيز موقعها في الخلاف بينها وبين الولايات المتحدة.
أما على الصعيد الداخلي، فإن القوى والأحزاب السياسية العراقية، خاصة الممثلة بالحكومة العراقية المؤقتة ، تتحمل المسؤولية الرئيسية عن استمرار الحالة الراهنة، حيث يلاحظ ضعف فعاليتها السياسية في الشارع العراقي. فالنشاط العملي، لأغلبها، ما زال محدوداً وموجهاً ، في أغلب الأحيان، إلى كسب الموالين والأنصار. ولذلك يأتي فعلها السياسي كرد فعل على ما يجري الأمر الذي أفقدها المبادرة السياسية، خاصة في أنضاج المشروع الوطني العراقي لتجاوز المرحلة الراهنة.
إن مكونات الشعب العراقي السياسية، القومية، الطائفية والاجتماعية، مطالبة اليوم بالتحلي بالمرونة والعقلانية السياسية، في طرح المطالب. وهذا يتطلب منها عدم استغلال الصعوبات الراهنة وتعقيداتها، لتنفيذ أهدافها الكبرى عن طريق تحقيق المكاسب الفئوية الضيقة، والاعتماد، بدلاً عن ذلك على سياسة التوافق الوطني والمساومة التاريخية للتوصل إلى حلول للقضايا العقدية المختلف عليها: كالجدول الزمني لرحيل القوات المتعددة الجنسية، المشاركة في العملية السياسية والموقف من إجراء الانتخابات وكيفية إعادة بناء الدولة، مركزية أو فيدرالية.
ختاماً، أن عقد مؤتمراً " للمصالحة الوطنية " يمكن أن يشكل مدخلاً مقبولاً، من كل الأطراف العراقية، خاصة بعد أن فشل الحل الذي يعتمد على القوة ، فقط ،في القضاء على تصاعد العنف والإرهاب، لإنهاء الأزمة الراهنة وتفكيك حالة الاستقطاب الطائفي ـ القومي ـ الإقليمي في المجتمع العراقي، وبالتالي توفير الأرضية المناسبة، لعزل العناصر المتطرفة والإرهابية من خلال تضييق دائرة المؤيدين لها في المناطق التي تصاعدت مشاعر الغبن فيها مؤخراً.
ولكي ينجح مؤتمر الحوار الوطني الشامل، لابد من توفر بعض المستلزمات الضرورية، من أهما:
أولاً، توفر قناعة لدى المكونات السياسة والقومية والطائفية والاجتماعية في المجتمع، بجدوى المساومة التاريخية التي تقوم على التنازلات المتبادلة بهدف التوصل للوفاق الوطني.
ثانياً، إعداد جيد يقوم على نبذ المعيار الطائفي، كأساس لتحديد نسبة المشاركين فيه، واعتماد معيار التوافق الوطني في إعداد البرنامج السياسي والاجتماعي للفترة الانتقالية.
ثالثاً، اعتماد مبدأ مشاركة جميع القوى السياسية والتنظيمات الاجتماعية والدينية، بما فيها العناصر التي إنسلخت عن السلطة، قبل الاحتلال، وكافحت فعلاً ضد الدكتاتورية وتؤمن بالممارسة الديمقراطية.
ـ وأخيراً أن النجاح في تحقيق المهام أعلاه، يؤدي إلى توحيد كل الجهود الوطنية التي تسعى إلى إنهاء الاحتلال الأجنبي بأسرع وقت ممكن واستكمال السيادة الوطنية لبلدنا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غزة- إسرائيل: هل بات اجتياح رفح قريباً؟ • فرانس 24 / FRANCE


.. عاصفة رملية شديدة تحول سماء مدينة ليبية إلى اللون الأصفر




.. -يجب عليكم أن تخجلوا من أنفسكم- #حماس تنشر فيديو لرهينة ينتق


.. أنصار الله: نفذنا 3 عمليات إحداها ضد مدمرة أمريكية




.. ??حديث إسرائيلي عن قرب تنفيذ عملية في رفح