الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في ذكرى النكبة: عملية السلام ومطالبات اللاجئين الفلسطينيين

الفرد عصفور

2012 / 5 / 14
مواضيع وابحاث سياسية



تأليف: مـايـكـل فـيـشـبـاخ
الترجمة العربية: الـفـرد عـصـفـور
منشورات جامعة فيلادلفيا – عمان/ الاردن

عملية السلام ومطالبات اللاجئين الفلسطينيين، كتاب صدر عام ألفين وستة عن معهد الولايات المتحدة للسلام في واشنطن وهو من تأليف البروفسور مايكل فيشباخ الذي تخصص في دراسة قضايا ملكية الأراضي في الشرق الأوسط الحديث. سبق له ان وضع كتابا بعنوان: سجلات الاقتلاع: ممتلكات اللاجئين الفلسطينيين والصراع العربي الإسرائيلي (2003). وكتاب الدولة والمجتمع والأرض في الأردن (2000). وعمل محررا مساعدا في موسوعة الشرق الأوسط الحديث وشمال أفريقيا (2004).
الكتاب من الحجم المتوسط في مئة وخمسين صفحة ويشتمل على جداول بالممتلكات التي هجرها الفلسطينيون، وهي جداول وضعتها دراسات مختلفة فلسطينية وإسرائيلية وأميركية ودولية.
يجادل الكتاب بان إيجاد حل عادل ومنصف لخسائر الفلسطينيين من الممتلكات (الأراضي، المنازل، وغيرها) بعد حرب 1948 سيكون المفتاح لحل المشكلات الأكبر.
ومع أن مسألة الحدود النهائية، وضع القدس، والمستعمرات مسائل حساسة للسلام الشامل، فان فيشباخ يصر على أنه جدليا لا توجد مسألة أخرى تثير العواطف بين الإسرائيليين والفلسطينيين مثل مسألة اللاجئين ومصيرهم النهائي
يقيم الكتاب بصورة موضوعية حجم وقيمة الخسائر في الممتلكات الفلسطينية من خلال التركيز على التقديرات المختلفة المقدمة من العرب والإسرائيليين والأميركيين والأمم المتحدة.
يناقش الكتاب واحدة من أكثر المسائل أهمية ذات العلاقة باللاجئين الفلسطينيين، من حيث معاناتهم ومستقبل عملية السلام: مصير الممتلكات التي تركت عام ثمانية وأربعين والطرق التي يمكن بواسطتها معالجة مسألة تلك الممتلكات.
يتحدث الكتاب أيضا عن سبب إخفاق العرب والإسرائيليين والمجتمع الدولي، في حل مشكلة ممتلكات اللاجئين على الرغم من الجهود الواضحة طوال ستة عقود وكيف أن المشكلات العملية والمفاهيمية أعاقت كثيرا الوصول إلى حل لهذه المسألة.
يقدم الكتاب خلفية تاريخية لمشكلة أملاك اللاجئين الفلسطينيين. ويبحث في الإجراءات الإسرائيلية لمنع عودة اللاجئين ومصادرة أملاكهم. كما يركز أيضا على جهود لجنة التوفيق الدولية بشأن فلسطين في التعامل مع تعويضات أملاك اللاجئين. ويبحث أيضا في التقديرات المختلفة لتلك الأملاك. كما يتحدث الكتاب عن الجهود الدبلوماسية التي صرفت على هذه المسالة للإجابة على السؤال التالي: لماذا لم تفلح جهود تعويض الممتلكات ولا عودة اللاجئين؟ وبناء على هذا، يبحث الكتاب خططا عدة انبثقت في الخمسينات والستينات من اجل حل قضية الممتلكات. ويتناول الكتاب كيفية قيام عملية السلام العربية الإسرائيلية بتسهيل أو إعاقة قرار تعويضات الملكية ويكشف نماذج وأفكار من السوابق التاريخية يمكن أن يساعد صناع السلام عندما يتعرضون لمعضلة ممتلكات اللاجئين في المفاوضات المستقبلية.
إسرائيل تمنع إعادة اللاجئين وتصادر ممتلكاتهم
شكلت الكارثة الفلسطينية كسبا هائلا مفاجئا للإسرائيليين ووصفها بعضهم كهدية من السماء. وفي حزيران عام ثمانية وأربعين صوتت الحكومة الإسرائيلية على قرار يمنع اللاجئين من العودة إلى ديارهم. وأعطيت الأوامر للجيش ليطبق بالقوة هذه السياسة.

واجهت إسرائيل كسبا مفاجئا آخر جراء الخروج الفلسطيني. الكميات الهائلة من الممتلكات التي خلفها اللاجئون الفلسطينيون وراءهم. وتحركت السلطات الإسرائيلية بسرعة لمصادرة تلك الممتلكات. وتمشيا مع سياسة منع عودة اللاجئين، فان هذا القرار ولد معضلة ممتلكات اللاجئين برمتها.

دور الأمم المتحدة
سرعان ما برز مستقبل هذه الممتلكات كمكون أساسي لكل من الصراع العربي الإسرائيلي وجهود الأمم المتحدة لإقامة سلام بين إسرائيل والعالم العربي وكانت الفقرة 11 من القرار 194 محور نقاشات عديدة بهذا الخصوص:

تقرر وجوب السماح بالعودة، في أقرب وقت ممكن، للاجئين الراغبين في العودة إلى ديارهم والعيش بسلام مع جيرانهم، ووجوب دفع تعويضات عن ممتلكات الذين يقررون عدم العودة إلى ديارهم وعن كل مفقود أو مصاب بضرر، عندما يكون من الواجب، وفقاً لمبادئ القانون الدولي والإنصاف، أن يعوض عن ذلك الفقدان أو الضرر من قبل الحكومات أو السلطات المسؤولة.

تشير هذه الفقرة إلى العلاقة الوطيدة بين العودة والتعويض. فاللاجئون أما أن يعودوا أو يعوضوا على ممتلكاتهم التي تركوها إذا اختاروا عدم العودة. وهذه المعادلة تربط فكرة تعويض الممتلكات بالتوطين الدائم في خارج فلسطين. وقد وافقت إسرائيل والولايات المتحدة دوما على هذه الفكرة. ونظرت الدولتان إلى التعويضات كوسيلة لتوفير رأس المال اللازم للتوطين الشامل. ولهذا السبب نفسه عارض الفلسطينيون مفهوم التعويض فلم يقبلوا أن يتنازلوا عن حق العودة.

تقديرات متباينة
أصدرت لجنة التوفيق الدولية “تقريرا كليا" شاملا حول خسائر اللاجئين، وقامت بوضع تقديرات أكثر تفصيلا للممتلكات العربية في إسرائيل. وتمكنت من انجاز ثلاث اتفاقيات بدء من عام 1952 قادت إلى إعادة الحسابات المجمدة لأصحابها من اللاجئين.

كم كانت بالضبط قيم الممتلكات التي هجرت في العام 1948؟ هذه هي واحدة من المشكلات المركزية المرتبطة بقضية ممتلكات اللاجئين الفلسطينيين والتي على المفاوضين المستقبليين ان يعالجوها.

ينطلق حجم كبير من الجدل بين العرب والإسرائيليين والأمم المتحدة وغيرهم بشان أحجام وقيم الممتلكات التي خلفها اللاجئون وراءهم من الفرضيات الثقافية المختلفة التي تحكم مفهومية مختلف الأطراف بشان ما تعنيه الممتلكات. وبصورة مشابهة فان وضع قيمة أو تثمين أي ممتلكات يختلف بشكل كبير.

ما العمل إزاء أولئك اللاجئين الذين كانوا مزارعين مستأجرين ولا يملكون بأنفسهم أي أراضي؟ فحوالي ثلث اللاجئين فقط كانوا يملكون أراضي في ما أصبح يعرف بإسرائيل. فهل يجب تعويضهم؟ إذا كان الأمر كذلك، فبماذا يعوضون وعن ماذا؟

تختلف الأرقام الصادرة عن الإسرائيليين والعرب والأمم المتحدة بخصوص مساحات وقيم ممتلكات اللاجئين عن بعضها بشكل كبير وهي تعكس المفهوميات العديدة لما يحدد الأراضي المتروكة وكم هي أثمانها. فالأرقام الإسرائيلية بشان المساحات هي دوما في اغلب الأحيان اقل من التقديرات العربية. وعادة ما تكون اقل بخمسين في المئة. بينما نجد أرقام الأمم المتحدة اقرب ما تكون إلى الأرقام العربية.

هناك أرضية مشتركة ما بين التعويض والعودة للديار. ويمكن للتفكير الدبلوماسي الخلاق ان يسعى إلى طريقة حول التعويض في مواجهة معضلة العودة. وعلى سبيل المثال تحدث البعض عن تسوية تعيد فيها إسرائيل قانونيا الأراضي المصادرة إلى اللاجئين، الذين سيقومون حينئذ بتأجير تلك الممتلكات نفسها إلى الحكومة الإسرائيلية ورجال الأعمال والأفراد الذين يستخدمونها فعلا الآن.

التعويض المستند على غير العقارات
من المهم جدا ملاحظة حقيقة تاريخية هامة: ان اقل من نصف اللاجئين لعام 1948 كانوا يملكون أراضي وقد هجروها وتركوها فيما أصبح يعرف بإسرائيل وهكذا يمكنهم المطالبة بالتعويض والاستفادة من أي تعويض مستقبلي على الممتلكات و/أو استعادتها. فماذا عن الذين لم يكونوا يملكون أي عقارات؟

لقد كانت مسالة التعويض المستند حصرا على الملكية العقارية للاجئين الفلسطينيين مصدر قلق للدبلوماسيين الأميركيين وغيرهم منذ نشوء مشكلة اللاجئين. ولهذا وقفت الولايات المتحدة وإسرائيل ضد عودة اللاجئين وطالبوا بتوطين اللاجئين الفلسطينيين في العالم العربي ورأوا في التعويض كمصدر رأس مال ضروري لمثل ذلك التوطين الواسع المدى.



الخطط السرية لحل مشكلة ممتلكات اللاجئين
كان هناك العديد من المشاريع الموضوعة لحل مشكلة ممتلكات اللاجئين. وبعضها تشكل خططا ناضجة. وبعضها الآخر كانت مجرد أفكار ومواقف. ومعظمها كانت تفترض ان غالبية اللاجئين سيتم توطينهم بصورة دائمة خارج إسرائيل.

أرسلت العديد من اللجان إلى المنطقة لدراسة قضية اللاجئين ووضع تصورات عن كيفية التعويض وحجمه ومن هم المستحقون له. وفي البداية عملت لجنة التوفيق الدولية على خطة اقتصادية شاملة للتطوير الاقتصادي يتم فيها إعادة توطين الفلسطينيين وتعويضهم.

تصورت الخطط ان يتم دفع التعويضات من خلال شكل ما من الوكالة الدولية. ودعت بعض الخطط لان يقوم اللاجئون بالاختيار الطوعي بين العودة أو البقاء في المنفى والقبول بتعويض. واقترحت أيضا ان تقوم الولايات المتحدة بتأسيس صندوق يقوم بدفع التعويضات..

لكن جميع خطط التعويض على الممتلكات كانت تشترط السماح بإعادة مئتي ألف لاجىء فقط إلى ديارهم وإعادة توطين الباقين في البلدان العربية.

في عام 1951، طورت الولايات المتحدة الخطوط العريضة للتعويض واقترحت ان قيمة التعويض التي تدين بها إسرائيل يجب ان تستند على تقديرات قيم الممتلكات كما استنبطت من سجلات الانتداب البريطاني وان على إسرائيل ان تدفع جزءً من التكلفة الكلية إلى صندوق خاص وفق قدرتها على الدفع.

في عام 1954 أكمل الأميركيون والبريطانيون خطة سرية شاملة للتعامل مع النزاع العربي الإسرائيلي دعيت باسم مشروع ألفا. وكان جزء من هذا المشروع يعالج تعويض اللاجئين. وسيكون على إسرائيل ان تدفع مبلغ مئة مليون جنيه فلسطيني كتعويض وتوقف من بعد أي مطالبات مضادة. وعلى اللاجئين ان يتخلوا عن مطالبهم بالتعويض عن الممتلكات المنقولة والأملاك العامة. وسيكون على إسرائيل ويهود العالم ان يدفعوا مباشرة حوالي 30 في المئة من المئة مليون جنيه فلسطيني، وستقوم البنوك العالمية والحكومات الغربية وخصوصا الولايات المتحدة وبريطانيا بإقراض باقي المبلغ إلى إسرائيل.

كان لدى الولايات المتحدة فكرة واضحة بان التعويض سيكون فقط على حساب التخلي عن حق العودة. و"يجب" ان أمكن ان يكون خيار التعويض جذابا أكثر من العودة. وسيكون ممكنا لكل لاجىء ولاجئة ان يغير رأيه بعد ذلك ويختار العودة ولكن ذلك سيظل مرهونا بموافقة إسرائيل. وسيكون، وفق خطط التعويض، من حق كل اللاجئين الذين لم يختاروا العودة الحصول على مئة دولار نقدا سواء ملكوا عقارات في فلسطين أو لم يمتلكوا.

لماذا لم يكن هناك تعويض
ولم تكن عودة وإعادة ممتلكات
يمكن القول ان الأطراف المعنية آثرت التعامل مع دعاوى الملكية فقط ضمن إطار حل مشكلات اكبر. بالطبع هناك منطق قوي يظهر هنا: كيف يمكن للمرء ان يتعامل بواقعية مع دعاوى ممتلكات اللاجئين في ظل غياب محادثات متزامنة بشان حق العودة؟ ان التزام الأطراف بمثل هذا الربط إذا ما أضيف إلى تخاذل لجنة التوفيق الدولية وعدم قدرتها على فرض صفقة سلام شاملة يخبرنا الكثير عن افتقاد حل لدعاوى الممتلكات.

رفضت إسرائيل طويلا النظر في دفع تعويضات للاجئين في ظل غياب معالجة عدة قضايا أخرى. أولى تلك القضايا كان إصرارها ان تتم تسوية مشكلة التعويض ضمن حزمة سلام شامل مع العالم العربي.

ولهذا السبب بالذات ظلت إسرائيل ترفض بصورة تلقائية ان تنظر في مسالة إعادة الممتلكات، حتى وان كانت الحكومة الإسرائيلية تعد بالالتزام بدفع تعويضات. ويتجسد الموقف الإسرائيلي في رسالة المفاوض الإسرائيلي والتر ايتان إلى لجنة التوفيق الدولية: "إذا راهن أي لاجىء عربي على انه سيعود للعيش في البيت الذي تركه... أو ان يحرث الحقول التي عرفها يوما في قريته فانه يعيش في الوهم".

مواقف الأمم المتحدة والولايات المتحدة
كان تفويض لجنة التوفيق الدولية بالتعامل مع اللاجئين هو العمل باتجاه إعادة اللاجئين أو تعويض أولئك الذين يختارون التوطين. وبحسب ذلك القرار، فان الإمكانات الوحيدة التي تتيح لأولئك اللاجئين الذين يعودون إلى ديارهم ان يعوضوا هي ان تكون ممتلكاتهم قد دمرت أو تعرضت للخراب بإسراف دون أي دواع حربية. وبكلمات أخرى، فان القرار لم يدع لتعويض اللاجئين الذين يودون العودة إلى ممتلكاتهم المصادرة. ولم تكن إسرائيل ملزمة أبدا بان تدفع للاجئين العائدين ثمن ما صادرت من أراضي أو ممتلكات منقولة.

عزز القرار 194 وتفسير لجنة التوفيق الدولية له شكوك العالم العربي كله فيما بعد بشان نشاط لجنة التوفيق الدولية. فقد أكد موقف اللجنة مخاوف العرب والفلسطينيين بان قبول أي شكل من أشكال التعويض يعني التخلي عن حق العودة. حتى انه ليس للاجئ العائد أي حقوق منصوص عليها بوضوح في هذا القرار بخصوص إعادة الأملاك إليه. بل يمكن للعائدين ان يذهبوا إلى وطنهم لكنهم لن يتلقوا أي تعويض على خسائرهم في الأرض أو غيرها من الممتلكات. أما اللاجئون الذين سيتلقون تعويضا ماليا فان عليهم ان يرضوا بالعيش الدائم في المنفى.

عملية السلام ومطالبات الملكية
برزت أهمية مطالبات ممتلكات اللاجئين للسلام العربي الإسرائيلي الدائم بسرعة في المفاوضات ووجدت طريقها في المحادثات الثنائية بين مصر وإسرائيل وكذلك المحادثات الأردنية الإسرائيلية. وهكذا توضح أكثر قضية مطالبات الفلسطينيين.

قدم الفلسطينيون في طابا مقترحا مفصلا يوضح ثلاثة توجهات شاملة بشان قضية ممتلكات اللاجئين: إعادة الأرض للاجئين العائدين، التعويض على الممتلكات المنقولة للاجئين العائدين، وتعويضات عن كل من الأرض والممتلكات المنقولة للاجئين الذين لن يعودوا.

وبعد طابا استؤنفت الجهود لجمع المعطيات عن خسائر ممتلكات اللاجئين لكي يتم استخدامها في المستقبل. إلى جانب الخطط الدولية القديمة ظهرت حديثا خطط بديلة أصدرها أكاديميون وسياسيون فلسطينيون وإسرائيليون تحدثت عن التعويض لكنها لم تتحدث عن عودة اللاجئين إلى ديارهم التي أصبحت "إسرائيل" بل عودتهم إلى الدولة الفلسطينية التي ستكون في الضفة وغزة.
أولى هاتين الخطتين صدرت عام 2002 باسم "مبادرة صوت الشعب" وابرز ما فيها:
 يعود اللاجئون إلى الدولة الفلسطينية فقط ويعود اليهود إلى دولة إسرائيل فقط.
 يقدم المجتمع الدولي تعويضات وتسهيلات لتحسين أحوال اللاجئين الذين يرغبون في البقاء في مواطن إقامتهم أو الذين يرغبون بالهجرة إلى دولة ثالثة.
الذي كان مطروحا كخيار هو التعويض وليس العودة. وحتى هذا كان فقط للذين يرغبون في البقاء في المنفى في البلدان التي هاجروا إليها أو في بلد ثالث. وأي لاجىء ينتقل إلى الدولة الفلسطينية الجديدة سيكون غير مؤهل لينال إي تعويض على الإطلاق.

الخطة الثانية كانت عام ألفين وثلاثة وعرفت باسم اتفاقية جنيف. اقترحت الخطة التعامل مع قضية مطالبات الممتلكات للاجئين الفلسطينيين فقط على أساس التعويض وليس العودة. اقترحت الاتفاقية إنشاء مفوضية دولية للإشراف على العملية وصندوق دولي لدفع قيمة المطالبات.

وهكذا اقترحت الاتفاقية نظاما جانبيا للتعويض، مطالبات التعويض القليلة سوف تحل بشكل سريع نسبيا حيث سيتلقى كل لاجىء صاحب مطالبة مبلغا محددا وفق ما يمكنه إثباته من حق قانوني. أما المطالبات الأكبر فهي تتطلب ان يقوم صاحب المطالبة بإثبات حقه القانوني وتعيين قيمة الممتلكات المفقودة.

دعاوى الممتلكات في إطار العودة مقابل التوطين
لا يمكن بدء مناقشة قضية تعويض ممتلكات اللاجئين أو استردادها في غياب اتفاق على العودة والتعويض. يظهر السجل التاريخي ان إسرائيل والولايات المتحدة فكرتا طويلا ان قبول الفلسطينيين للتعويض يتطلب التنازل عن حق العودة.

أنماط التعويض وأشكال الدفع
عندما يتحدث كثيرون حول العالم عن "التعويض" للاجئين الفلسطينيين، فإنهم يقصدون شيئا أوسع من مجرد تعويض على الممتلكات. بالنسبة لأولئك الذين ينظرون للتعويض خصوصا على انه سيوفر رأس المال اللازم لتوطين اللاجئين بصورة دائمة، فان الدفعات يجب ان تشمل اكبر عدد ممكن من اللاجئين الأفراد حتى أولئك الذين لم يكونوا من أصحاب الأملاك والذين لن يستفيدوا من تعويض الممتلكات.

فما هي أنماط التعويض التي يجب الأخذ بها بخصوص تعويض غير الممتلكات؟ وكيف يمكن للتعويض على خسائر الممتلكات ان يدفع؟ لقد ركزت هذه الدراسة بصورة خاصة على تعويضات الممتلكات، شكل التعويض الذي تمت الدعوة إليه بشكل خاص في القرار رقم 194 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة وهو النموذج الذي بنيت عليه معظم الجهود الدبلوماسية الدولية. ومع هذا عرضت إسرائيل ان تدفع التعويض فقط على الممتلكات المتروكة على أنواع معينة من الأرض. لقد جادلت إسرائيل لمصلحة تعويض بمبلغ شامل إجمالي ودفعة واحدة بدلا من الدفعات الفردية، وكان ذلك الموقف معلنا منذ عام 1949.

من سيدفع التعويض للاجئين الفلسطينيين؟ الجواب المنطقي هو: ان إسرائيل ستفعل ذلك. وبالفعل تعهدت إسرائيل بما سمته "مبلغا كبيرا جدا" للتعويض في ظروف محددة ولأنواع محددة من الممتلكات منذ البداية. ومع ذلك تظهر الشواهد التاريخية ان معظم الأطراف شعرت منذ البداية ان الولايات المتحدة ستدفع في النهاية النسبة الأكبر من دفعات التعويض.

إشراك اللاجئين في العملية
لا تظهر الشواهد التاريخية ان اللاجئين أنفسهم، وخصوصا منهم الذين يعيشون في المخيمات، قد تم شمولهم بالمناقشات حول التعويض أو الخيارات المتعلقة بمستقبلهم طوال السنوات الماضية. فالمادة الأرشيفية متخمة فقط بآراء دبلوماسيين وسياسيين وضعوا فرضيات وتوقعات بشان ما يمكن للاجئين قبوله أو رفضه بخصوص وسائل خطط التعويض.

رصد الكتاب التاريخ الدبلوماسي لقضية ممتلكات اللاجئين الفلسطينيين بقصد مساعدة الدبلوماسيين والمسؤولين اليوم فيما هم يسعون لإيجاد حل سلمي للصراع العربي الإسرائيلي. وركز الكتاب خصوصا على المحاولات التي سعت إلى تحديد خسائر اللاجئين في الممتلكات وعلى الخطط المتعلقة بتعويضهم، وركز أيضا على محاولة الإجابة عل السؤال التالي: لماذا لم يكن هناك تعويض ولا استعادة للممتلكات طوال العقود الستة الماضية؟ كما بحث الكتاب في الشواهد التاريخية للأفكار والخطط والمقترحات والسوابق والأمثلة الراهنة من نزاعات إثنية أخرى يمكن ان تكون مساعدة لأولئك الذين يسعون اليوم لمعالجة دعاوى الملكية للاجئين الفلسطينيين في إطار سلام عربي إسرائيلي دائم.
وبالنسبة لمشكلة متجذرة في التاريخ وفي الرؤية التاريخية لكلا الشعبين اللذين يرتبطان بالأرض نفسها هل من المدهش ان يكون التاريخ هو من يملك المفاتيح لسلام المستقبل للفلسطينيين والإسرائيليين؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غارة إسرائيلية تقتل 3 عناصر من -حزب الله- في جنوب لبنان


.. عملية -نور شمس-.. إسرائيل تعلن قتل 10 فلسطينيين




.. تباعد في المفاوضات.. مفاوضات «هدنة غزة» إلى «مصير مجهول»


.. رفح تترقب الاجتياح البري.. -أين المفر؟-




.. قصف الاحتلال منزلا في حي السلام شرق رفح