الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


- مع ذلك فهى تدور؛ -

مجدي زكريا الصايغ

2012 / 5 / 19
الطب , والعلوم


يعلم الكتاب المقدس كيفية الذهاب الى السماء وليس كيفية عمل السموات. قال العالم والمكتشف الايطالى للقرن ال16 غاليليو غاليلى. وألقت به عقائد كهذه فى تعارض مع الكنيسه الكاثوليكيه الرومانيه التى هددته بالتعذيب والسجن.وبعد نحو 350 سنه اعادت الكنيسه النظر فى تهديدها لغاليليو. وماحدث ايام غاليليو دعى مجابهه بين العلم التجريبى والجزميه العمياء.
واليوم يمكن للباحثين عن الحقيقه ان يتعلموا من اختبار غاليليو. ولكن لماذا حدثت مجابهه كهذه ياترى؟ ان نظرة الى الاراء العلميه المقبوله لزمنه تزود الجواب.
فى منتصف القرن ال16 كان بعتقد ان الارض مركز الكون. وكان يفرض ان الكواكب تدور فى دوائر كامله.وعلى الرغم من عدم اثبات ذلك بطرائق علميه فقد جرى قبول هذه الافكارفى الواقع كحقيقه ثابته. حقا كان العلم بأفكاره الغامضه غير منفصل عن الدين.
فى عالم كهذا ولد غاليليو لعائله محترمه فى بيزا سنة 1564. واراد منه والده ان يدرس الطب ولكن الصبى الفضولى صار مفتتنا بالرياضيات. واخيرا كأستاذ فى العلوم. اكتشف بعض مبادئ العطاله. وعندما وصلت اليه تصاوير المقاريب الالمانيه الباكره ادخل على التصميم تحسينات كثيره وبنى الته المتفوقه. لقد وجهها الى السموات ونشر ماتعلمه فى كتابه الاول الرسول النجمى.معرفا جيله بأربعة اقمار للمشترى. وفى سنة 1611 دعى الى روما حيث قدم نتائج بحثه الى الكليه الرومانيه اليسوعيه. وقد كرموه باعلان يوم غاليليو.
على نحو ينذر بالسوء قبل ان يترك غاليليو روما اثار يسوعى ذو نفوذ الكاردينال بلارمن تحقيقا فى تعاليم غاليليو. اعتقد غاليليو ان القوانين التى يمكن للانسان ان يتعلمها بالدرس هى التى توجه الخليقه. وعارضت الكنيسه الكاثوليكيه وجهة النظر هذه.
اعترض بعض علماء الفلك ايضا على رأى غاليليو. فأعتقدوا انه كان مستحيلا ان يعظم المقراب الحقيقه. وان الاكتشاف كان خدعه. واقترح كاهن ايضا ان النجوم التى جرت رؤيتها كانت قد ادمجت فى العدسه. وعندما اكتشف غاليليو الجبال القمريه مؤكدا ان الاجسام السماويه ليست اجساما كرويه كامله. اعتبر الكاهن كلافيوس ان القمر كان مغطى ببلوره بحيث انه على الرغم من ان المرء يمكن ان يرى من خلالها الجبال فهو لا يزال كره كامله. هذا قال غاليليو فى الاجابه من ابتداع الخيال وليس الحقيقه الواقعيه.
ان اهتمام غاليليو الذى دفعه الى القراءه من كتاب الطبيعه كما دعى دراسة الخليقه قاده الى عالم الفلك البولندى بيكولاس كوبرنيكوس. ففى سنة 1543 نشر كوبرنيكوس كتابا يظهر ان الارض تدور حول الشمس. وغاليليو اثبت ذلك. لكن ذلك جعل غاليليو معارضا للمؤسسه العلميه السياسيه والدينيه لزمنه.
بينما استعملت الكنيسه الكاثوليكيه علم فلك كوبرنيكوس لتحديد التواريخ كعيد الفصح لم يجر الاقرار رسميا بوجهات نظر كوبرنيكوس. ودعم اساقفة الكنيسه تظرية ارسطو ان الارض هى مركز الكون. لكن افكار غاليليو الجديده تحدت سمعتهم وسلطتهم.
على الرغم من ان العلماء المستقلين فى كل اوروبا عملوا على تأكيد نظام كوبرنيكوس فقد كانوا مكتفين بأن يناقشوا ذلك ضمن العالم الاكاديمى. وعلى هذا الاساس تركتهم الكنيسه الكاثوليكيه وشأنهم. لم يكتب غاليليو باللاتينيه بل باللايطاليه التى للانسان العادى وهكذا جعل مكتشفاته فى متناول عامة الناس. فشعر رجال الدين بأنه لم يكن يتحداهم فقط بل يتحدى كلمة الله.
طبعا ان اكتشاف الحقائق عن الكون ليس حقا تحديا لكلمة الله واولئك الذين يدرسون هذه الكلمه يدركون ان الكتاب المقدس ليس كتابا علميا على الرغم من انه دقيق عندما يتطرق الى المسائل العلميه.
لقد كتب لنمو المؤمنين الروحى. وليس لتعليمهم الفيزياء او علوما طبيعيه اخرى.
هنالك امثله فى ايات مختلفه فى الكتاب المقدس احدها هى ايوب 38 العدد 6 حيث يتكلم الكتاب المقدس عن الارض وكأن لديها قواعد وحجر زاويه. لقد اساء البعض استعمال هذه كدليل على ان الارض ثابته. وعبارات كهذه لايقصد منها وصف علمى للارض لكنها بالاحرى تقارن شعريا خلق الارض بتشييد بناء اذ يكون الله البانى البارع.
بصفته كاتب سيره يوضح ل. غايمونا فى كتابه غاليليو غاليلى: ان اللاهوتيين المتعصبين ارادوا ان يحددوا العلم على اساس تفكير الكتاب المقدس لم يكونوا الا ليعملوا الا على اضعاف الثقه بالكتاب المقدس نفسه.ولاسباب انانيه فعل الرجال العنيدين ذلك تماما. لقد ارسلت رساله الى الى ديوان التفتيش تطلب اجراء تحقيق مع غاليليو.
فى 19 شباط 1616 عرضت على اللاهوتيين الكاثوليك مسألتان 1- الشمس مركز الكون 2- الارض ليست مركز الكون . وفى 24 شباط حكموا بأن هاتين الفكرتين سخيفتان وهرطوقيتان.وامر غاليليو بأن لا يؤيد او يعلم نظريات كهذه. وجرى ايقاف عدد من كتبه وتلك التى لاخرين عن الصدور.
اسكت غاليليو. ولم تكن الكنيسه الكاثوليكيه ضده فقط بل اصدقاءه كانوا عاجزين عن المساعده.فوقف نفسه للبحث ولو لم يجر تغيير البابا فى سنة 1623 لما سمعنا ربما عنه ثانية.
ولكن كان الحبر الجديد اوريان الثامن مفكرا ومؤيدا لغاليليو. فوصل الخبر لى غاليليو بأن البابا لن يعترض على كتاب جديد فبدأ غاليليو بالعمل على الكتاب.
على الرغم من نشر حوار على نظامين عالميين رئيسيين لغاليليو بترخيص كاثوليكى فى سنة 1632 سرعان ماتلاشى الحماس البابوى وبعمر 70 سنه استدعى غاليليو للمثول امام امام محكمة التفتيش للمره الثانيه. ان تهمة الاشتباه فى الهرطقه تطلبت ان يجرى اولا شرح ترخيص الكنيسه لنشر الكتاب وكان مؤكدا ان غاليليو اخفى بالحيله الحظر الابكر على تعاليم كوبرنيكوس فقد كان مؤكدا انه خرق الحظر.
تجاوب غاليليو ان كتابه كان انتقادا لكوبرنيكوس. لقد كان دفاعا ضعيفا لانه فى الكتاب صنعت حجه مقنعه الى حد بعيد تأييدا لكوبرنيكوس وعلاوة على ذلك جعل كلام البابا على لسان الشخصيه الابطأ فهما فى الكتاب مما اساء الى البابا اوريان الثامن.
وجد غاليليو مذنبا واذ كان مريضا هدد بالتعذيب مالم يعترف بالخطأ. اعترف وأقسم جاثيا: اقسم بالتخلى عن .... الاخطاء والهرطقه المذكوره انفا... لن اتكلم ابدا... عن امور كهذه يمكن ان تخضعنى لاشتباه مماثل. وعلى نحو مثير للاهتمام لدى الاسطوره انه عند نهوضه ضرب الارض وتمتم : مع ذلك فهى تدور.
كانت العقوبه السجن واعمال التكفير حتى موته الذى حدث بعد تسع سنوات. قالت رساله كتبها فى سنة 1634: لم يكن رأيى هو الذى ابدأ الحرب بل كونى مكروها عند اليسوعيين.
فى سنة 1822 رفع الحظر عن مؤلفاته ولكن لم يكن حتى سنة 1979 ان البابا يوحنا بولس الثانى استأنف المسأله واعترف بأن غاليليو تألم كثيرا .... من رجال الكنيسه وهيئاتها.وفى الصحيفه الفاتيكانيه قال ماريو داديو عضو شهير للجنه الخاصه التى عينها البابا يوحنا بولس الثانى: ان مادعى هرطقة غاليليو لا يبدو ان له اى اساس لا لاهوتيا ولا تحت القانون الكنسى. وبحسب داديو تخطت محكمة التفتيش سلطتها - فلم تخرق نظريات غاليليو اى بند للايمان. واعترفت الصحيفه الفاتيكانيه بأم ادانة غاليليو بالهرطقه لا مبرر لها
ماذا نتعلم من اختبار غاليليو؟ يجب ان ندرك ان الكتاب المقدس ليس كتابا مدرسيا علميا. وعندما يبدو انه يوجد تعارض بين الكتاب المقدس والعلم. لا يلزم ان نحاول تسوية كل تناقض فالايمان مؤسس على كلمة الكتاب المقدس لاعلى المرجع العلمى. وبالاضافه الى ذلك فان العلم يتغير باستمرار والنظريه التى يبدو انها تناقض الكتاب المقدس والتى تكون شائعه اليوم يمكن ان يكتشف غدا انها خطأ وترفض.
ولكن عند الاشاره الى قضية غاليليو للبرهان على القمع الدينى للعلم يفعل العلماء حسنا اذ يتذكرون ان مكتشف غاليليو لم يكن مقبولا من مؤسسة الابحاث لزمنه. وبخلاف التفكير المعاصر لم يكن الكتاب المقدس على عدم انسجام مع تلك الحقيقه. فلم تحتاج كلمة الله لتعديل . لقد كانت اساءة تفسير الكنيسه الكاثوليكيه للكتاب المقدس هى ماسبب المشكله.
كل شخص يجب ان يدفعه الانسجام الشديد والقانون الطبيعى فى الكون الى تقدير اعظم للخالق. سأل غاليليو: هل العمل اقل نبلا من الكلمه؟. تقول كلمة الله: امور (الله) غير المنظوره ترى منذ خلق العالم مدركه بالمصنوعات.
الى اللقاء فى المقال القادم من اجل مزيد من التنوير.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مع ذلك تدور
عبله عبد الرحمن ( 2012 / 5 / 19 - 12:22 )
تحياتي استاذ زكريا مجدي
مقالة تنويرية بامتياز منسجمة الاركان لنقول ان لا خلاف مع اناس كان تفكيرهم معاصرا حتى يقول بتصميم مع ذلك فهي تدور بانتظار مقالة تنويرية اخرى
تقبل تحيتي واحترامي


2 - مع ذلك تدور
عبله عبد الرحمن ( 2012 / 5 / 19 - 12:22 )
تحياتي استاذ زكريا مجدي
مقالة تنويرية بامتياز منسجمة الاركان لنقول ان لا خلاف مع اناس كان تفكيرهم معاصرا حتى يقول بتصميم مع ذلك فهي تدور بانتظار مقالة تنويرية اخرى
تقبل تحيتي واحترامي

اخر الافلام

.. وضع لؤي وائل لاعب المقاولون تحت الملاحظة الطبية 24 ساعة بعد


.. رئيسة جمعية العون الطبي للفلسطينيين تحذر من كارثة صحية في غز




.. بلع لسانه.. وضع لو?ى واي?ل لاعب المقاولون تحت الملاحظة الطب


.. دعوى قضائية: أطباء يابانيون يطالبون غوغل بتعويضات بسبب نشر -




.. مهندسة متفوقة في الطب في كاليفورنيا داعمة للفلسطينيين تحظى ب