الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تصريح السيد المالكي تأييد لسياسة التعريب والتطهير العرقي والتغيير الديموغرافي في كركوك

قاسم محمد علي

2012 / 5 / 19
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


زيارة رئيس الوزراء السيد نوري المالكي الى محافظة كركوك يوم الثلاثاء المصادف ل 8 مايس وعقد جلسة مجلس الوزراء فيها هي مسألة طبيعية جداً، إذا كانت الغاية منها زيارة ميدانية لتفقد المحافظة والإطلاع على اوضاع المدينة وسكانها عن قرب ومعالجة معاناة اهلها التي تعرضت لأبشع عمليات القمع والتهجير والتصفية الجسدية في عهد نظام صدام حسين البائد. إنها زيارة طبيعية جداً إذا كان الهدف منها إسترجاع الحق لأهله وإعادة الأراضي والممتلكات الى مواطني المدينة من الكورد والتركمان والتي سلبت منهم بقرار مجلس قيادة الثورة في عهد نظام صدام حسين. إنها زيارة طبيعية جداً إذا كانت الغاية منها إزالة آثار التعريب والتطهير العرقي والتغيير الديموغرافي التي خلفتها السياسات العنصرية والشوفينية للنظام العراقي البائد بحق المدينة وسكانها الأصليين. لكن بكل تأكيد لم يكن الهدف من الزيارة وعقد إجتماع مجلس الوزراء في المدينة لهذا الغرض، بل تصريح السيد رئيس مجلس الوزراء يكشف بشكل واضح وجلي النوايا السياسية الكامنة وراء تلك الزيارة ومحاولته تأجيج المشاعر القومية ضد الكورد. لقد اكد السيد نوري المالكي خلال الجلسة إن" هوية كركوك عراقية ويجب ان لا تطغى هوية على اخرى وإن حل مشكلة كركوك لا يتحقق بالقوة والإملاءات وإنما بإرادة اهلها وجماهيرها ... " . كان يتوجب على السيد نوري المالكي أن يتسم بالحكمة والعقلانية وضبط النفس وان يحاول من خلال كل مناسبة تعميق جذور الثقة بين الشعوب العراقية والإحتكام بالدستور بإعتباره الفيصل والمرجعية لمعالجة جميع المشاكل والخلافات، ولا أن يقفز هو شخصياً على الدستور ويعطل العمل بالدستور وبنوده ويؤجج في المقابل مشاعر القومية العربية ضد الكورد كما كانت يفعل سابقوه من حكام العراق قبل 2003. كان يليق بالسيد رئيس الوزراء أن يشير بالدستور وبالآليات التي وضعها الدستور لتحديد مصير مدينة كركوك وبقية المناطق الكوردستانية التي تعرضت للتعريب. الآليات التي وضعها الدستور واضحة وصريحة ومحددة لتطبيع الأوضاع في المناطق المناطق الكوردستانية المستقطعة عن الإقليم وهي - التطبيع، الإحصاء السكاني ومن ثم الإستفتاء الشعبي العام لتحديد إرادة مواطنيها. إن" هوية كركوك عراقية " ، نعم لا خلاف على ذلك طالما إقليم كوردستان جزء من العراق في هذه المرحلة، لكن " ويجب ان لا تسيطر هوية على اخرى " إنما هي إشارة ضمنية بالإبقاء على الأمر الواقع وقبول الوضع القائم في المدينة الذي فرضته السياسات الشوفينية للنظام البائد، إنما هي إشارة ضمنية بالدفاع عن قرار مجلس قيادة ثورة صدام حسين بالتهجير القسري للكورد في كركوك والتغيير الديموغرافي للمدينة، إنما هي إشارة ضمنية بتأييد قرار مجلس قيادة ثورة صدام حسين بالتعريب والتطهير العرقي في كركوك. هذا التصريح يؤكد بشكل قاطع بأن السيد رئيس مجلس الوزراء لايلتزم بالدستور ولا ببنود الدستور المتعلقة بالحقوق القومية للكورد، وبالتالي لا ينوي أبداُ تطبيع الأوضاع في مدينة كركوك وخانقين وبقية المناطق الكوردستانية المستقطعة عن الإقليم. لقد أثبت السيد رئيس مجلس الوزراء من خلال هذا التصريح أنه لا يختلف كثيراًعن سابقيه من حكام العراق قبل 2003 في إتخاذ القرارات الفردية وفي حكمه على القضايا السياسية من خلال التصريحات الشخصية بعيداً عن دور مؤسسات الدولة التشريعية والقضائية. هذا التصريح الغير موفق للسيد رئيس الوزراء قد يكون مفاجأة لقيادة الحزب الديمقراطي الكوردستاني والإتحاد الوطني الكوردستاني، لكنه قطعاً ليست مفاجأة للشعوب الكوردستانية، ونحن ندرك مسبقاً ومن خلال قراءتنا الدقيقة للواقع السياسي في العراق الجديد القديم ومن خلال تجربة 9 سنوات الماضية من سقوط النظام العراقي البائد بأن مشاكل القضايا القومية وبالتحديد المشكلة الكوردية ليست مع الحكام وإنما هي مع العقلية الشوفينية العربية في العراق وسرعان ما يصلوا الى دفة الحكم سوف يمارسوا نفس السياسة القديمة لكن بأساليب أخرى وبصبغة ديمقراطية هذه المرة. إن النظام العراقي البائد نفذ سياسته الشوفينية بتغيير الواقع الديموغرافي للمدن الكوردستانية منذ عام 1969 حين فصل دهوك والمناطق المجاورة لها عن لواء الموصل في نهاية الستينيات، ومن ثم أنتهج سياسة التعريب والتهجير القسري المنظم والمبرمج بحق الكورد في كركوك وديالى والموصل بعد إنتكاسة الثورة الكوردية عام 1975 في وضوح النهار وامام أنظار السيد نوري المالكي وبقية قادة العراق الجدد، وبالتالي الحديث عن " ويجب ان لا تسيطر هوية على اخرى " في مدينة كركوك وخانقين وباقي المناطق الكوردستانية التي تعرضت للتعريب والتغيير الديموغرافي، او مجرد التشكيك في كوردستانية هذه المدن، إنما هو إمتداد لسياسة التعريب التي إنتهجها نظام البعث البائد.

العيب ليس في السيد رئيس مجلس الوزراء، العيب ليس في حكام العراق الجدد، لأنهم إمتداد لنفس عقلية سياسة التعريب، بينما إلزام الدولة العراقية بتنفيذ جميع المواد الدستورية المتعلقة بالحقوق الوطنية والقومية للكورد وإسترجاع المناطق الكوردستانية المستقطعة عن الإقليم الى حدوده الإدارية إنما هو بالدرجة الأولى والأخيرة مسؤولية القيادة السياسية الكوردستانية. وبالتالي الخلل في القيادة السياسية الكوردستانية التي أخفقت خلال 9 سنوات الماضية في إنتزاع الحقوق القومية المشروعة للكورد في العراق الجديد القديم، في حين إنها كانت خلال السنين الطويلة الماضية منشغلة بعقودها النفطية ومصالحها الحزبية ومواقعها الرئاسية في العراق والإقليم، وكانت أولوياتها وإهتماماتها السياسية تتركز فقط حول عقودها النفطية، وكلما حاولت الحكومة المركزية الضغط على القيادة الكوردية من خلال تلك العقود يثير هذا الموضوع بالذات غضب القيادة الكوردية وتدخل في صراع سياسي مباشر مع الحكومة المركزية، لكن ولا مرة دخلت القيادة الكوردية في صراع مع المركز حول القضايا القومية المصيرية والمحورية المشروعة بغية إرغام المركز لمعالجة مشكلة كركوك وخانقين وبقية المناطق الكوردستانية المستقطعة عن الإقليم وفق الدستور وبالتالي رسم الحدود الجغرافية للإقليم.
الخلل في القيادة السياسية الكوردستانية التي كانت منشغلة ومهتمة خلال 9 سنوات الماضية بحل الخلافات بين الكتل السياسية والمكونات العراقية على حساب الحقوق القومية والوطنية للشعوب الكوردستانية. الخلل في القيادة السياسية الكوردستانية التي لعبت خلال 9 سنوات دور الوسيط في تقارب وجهات النظر بين القوى السياسية العراقية المتصارعة على السلطة. هذه القيادة التي تتباهى واكدت أكثر من مرة بأن الكورد اليوم جزء من الحل في العراق، ورسمت سياستها وتعاملت مع القضايا السياسية من هذا المنطلق، لحد انه أصبح شعاراً يتردد على ألسنة نواب كتلة التحالف الكوردستاني داخل الپرلمان العراقي. لقد قلنا وكتبنا مراراً حول الموضوع ووضحنا بأننا الكورد لسنا جزءاً من الحل، بل أصبحنا جزءاً من المشكلة في العراق، من ناحية نتيجة تقصير القيادات الكوردية وضعف إداءها السياسي وعدم قدرتها لممارسة الضغط على الحكومة المركزية من أجل إسترجاع المناطق الكوردستانية المستقطعة عن الإقليم الى حدوده الإدارية ورسم حدود الإقليم الجغرافية ومن ناحية أخرى نتيجة تهرب الحكومة العراقية من مسؤولياتها الدستورية والقانونية تجاه الحقوق القومية والوطنية للكورد، وبالتالي من غير المعقول والمنطق السياسي أن نكون وسيطاً شفافاً ونزيهاً لمعالجة مشاكل الآخرين في حين نحن الكورد جزءاً من المشكلة، الا إذا تخلينا عن حقوقنا القومية وتغاضينا النظر عن مشاكلنا وقضايانا الخلافية مع الدولة العراقية في سبيل إنجاح مبادرة الوساطة لقيادتنا السياسية. هكذا تعاملت القيادة الكوردية مع القضايا السياسية في العراق والتي تثبت فشلها يوم بعد يوم. لقد إجتمعت القوى السياسية العراقية السنية والشيعية وتوحدت رؤاها ومواقفها مرةً أخرى، رغم جميع خلافاتهما، حول قضية كركوك وضد إرادة مواطني كركوك الأصليين وضد الحقوق القومية للكورد متجاهلين الهوية الحقيقية لهذه المدينة الكوردستانية كما كان يفعل نظام صدام حسين وبقية الأنظمة منذ تأسيس الدولة العراقية، وبالتالي الخلل في الرؤية السياسية للقيادة الكوردية.
الخلل في طبيعة القيادة الكوردستانية وفي أولوياتها وإهتماماتها السياسية، حيث بادرت بعقد الإجتماع الوطني في أربيل عام 2010 وتشكلت بموجبه الحكومة العراقية الحالية وأوصل السيد نوري المالكي الى رئاسة مجلس الوزراء وأخرج العراق مرةً أخرى من أزمته السياسية، لكن لم تعالج ولا قضية واحدة من القضايا الوطنية والقومية الخلافية مع المركز، بل على العكس إشتدت الخلافات أكثر تعقيداً. وها نحن نقطف اليوم ثمار تلك المبادرة المشؤومة للقيادة الكوردية، وللأسف الشديد القادم أسوء مما عليه اليوم! وعندما سُئل السيد رئيس الإقليم خلال لقائه مع الإعلاميين الكوردستانيين في 22 نيسان حول موضوع تشكيل الحكومة الحالية وبنود إتفاقية أربيل، فأجاب سيادته " صحيح نحن أيضاً مقصرين، لكن إتفقنا على حل المشاكل العالقة بين الإقليم والمركز، ونيتنا كانت صادقة وإن السيد نوري المالكي وقع شخصياً على الإتفاقية وبكل نية صافية كنا نثق به لأنه هو شخصياً وقع على الإتفاقية " . جواب سيادته للأسف الشديد غير مقنع ومرفوض جملةً وتفصيلاً، لأن هل تضمنت إتفاقية اربيل بند واضح وصريح يشير الى سحب الثقة من الحكومة عندما لا تنفذ إلتزاماتها (بنود الإتفاقية) خلال سقف زمني محدد؟ بالتأكيد الجواب منفي ولا تتضمن إتفاقية اربيل هكذا بند، هذه من ناحية ومن ناحية أخرى التحلي بالنوايا الصافية هو بكل تأكيد صفة إنسانية نبيلة في العلاقات الإجتماعية، لكن لم تنفع للأسف الشديد في التعامل السياسي، وفي الإتفاقات السياسية لايمكن الإعتماد على حسن النوايا وصدق النوايا، وإنما بالرجوع الى الإتفاقات الخطية المدونة ومتابعة بنود الإتفاق وإلزام الطرف الآخر بتنفيذ وعوده.

القيادة الكوردية هي التي أبدت عدم رضاها من الإداء السياسي لرئيس الحكومة السيد ابراهيم الجعفري وبالفعل تم تغييره عام 2006 برئيس الحكومة الحالية السيد نوري المالكي، واليوم أبدت القيادة الكوردية رغبتها، حسب ما أعلن ديوان رئاسة الإقليم قبل عدة أيام، بتبديل نوري المالكي بابراهيم الجعفري من جديد، اذا وافق الائتلاف الوطني. القيادة الكوردية تدور على ما يبدو في حلقة فارغة ولم تستوعب حنى اليوم ومن خلال تجربة 9 سنوات الماضية بأن إنتزاع الحقوق القومية المشروعة للكورد وإسترجاع المناطق الكوردستانية المستقطعة عن الإقليم الى حدوده الإدارية لن يتحقق من خلال تبديل الوجوه والأشخاص لرئاسة الحكومة ولا من خلال المشاركة في حكومة شراكة وطنية شكلية وبعيدة عن صنع القرار السياسي أو من خلال عقد المؤتمرات الوطنية بحد ذاته، بل يتحقق من خلال

- تغليب المصلحة القومية العليا على المصالح الحزبية والشخصية وعلى المواقع السيادية والرئاسية لدى القيادات الكوردية وان ترتقي الى مستوى المسؤولية القومية وتقدم إداءاً سياساً يعبر عن طموحات وتطلعات الشعور الكوردستانية وتجاوز الإداء الحزبي الضيق وسياسة إقصاء القوى الكوردستانية خارج ائتلاف التحالف الكوردستاني لممارسة دورها داخل الحكومة العراقية، في خدمةً القضايا الوطنية والقومية للكورد.

- توفير الشفافية في ميزانية الإقليم وعقوده النفطية وإيراداته المالية والمنافذ الحدودية وإيراداتها المالية،

- ترتيب البيت الكوردي وتوحيد الخطاب السياسي والمواقف خدمةً للمصلحة الوطنية والقومية العليا والإتفاق على استراتيجية قومية واضحة وصريحة ومن خلال وضع الاهداف القومية الاساس والقاعدة والقاسم المشترك لبرنامجنا وعملنا السياسي في العراق

- الدخول في مفاوضات مباشرة مع الدولة العراقية، بغض النظر عن الجهة التي تحكمها، وطرح جميع المشاكل العالقة بين الإقليم والمركز بكل وضوح وشفافية وصراحة ومطالبة الدولة بمعالجة جميع تلك القضايا الخلافية وفق الدستور وإستناداً الى الدستور بإعتباره المرجعية خلال سقف زمني محدد.

من غير توفير هذه الشروط يستحيل على القيادة الكوردية أن تطالب ومن موقع القوة الدولة العراقية بتنفيذ إلتزاماتها تجاه الحقوق القومية للشعب الكوردي وفق الدستور، وكلما تسير الأوضاع السياسية بالشكل الذي رسمته الحكومة لاتمانع على العقود النفطية وتصدير النفط بشكله الغير قانوني وتلبي المصالح الحزبية والشخصية للقيادة الكوردية، شريطة أن لا تتحدث عن الحقوق القومية وتحرج الحكومة سياسياً، لكن كلما حاولت القيادة الكوردية المطالبة بأكثر مما تسمح لها وتحاول تخطي الإطار السياسي الذي وضعته الحكومة المركزية، فتستخدم الحكومة آنذاك جميع الملفات السوداء التي في جعبتها ضد القيادة الكوردية (ملف الفساد وإنعدام الشفافية وتهريب النفط والحكم الفردي وتوريث الحكم وملف حقبة الإقتتال الداخلي والإستعانة بدول الجوار و...) وتطالب القيادة الكوردية بالرجوع الى الدستور لمعالجة جميع القضايا الخلافية بين الإقليم والمركز، لأن الحكومة العراقية على دراية تامة بالضبابية في ميزانية الإقليم وفي الإيرادات المالية للعقود النفطية والصادرات النفطية البرية والغير قانونية من خلال المنافد الحدودية في الإقليم. وهنا تهب الرياح السياسية بما لا تشتهي القيادة الكوردية.

- أليس فشل القيادة السياسية الكوردستانية في إنتزاع الحقوق الوطنية والقومية المشروعة للكورد وإسترجاع المناطق الكوردستانية المستقطعة عن الإقليم الى حدوده الإدارية خلال فترة أكثر من 9 سنوات هو السبب الرئيسي لكل الأزمات بين الإقليم والمركز؟
- أليس إخفاق القيادة السياسية الكوردستانية في قيادة هذه المرحلة هو السبب الرئيسي لكل الأزمات بين الإقليم والمركز؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - اطماع بكركوك قديمة متجددة
جمال شاهين ( 2012 / 5 / 19 - 15:16 )
هل تعني سياسات التعريب الصدامية ان يحولها برزاني اليوم الى سياسات تكريد ضج منها التركمان قبل العرب وهل سيعني ايضا ان يتوسع الاقليم على حساب العراق الام وهل سيعني ان نظل اسراء الهولوكوست الكردي الذي سيعني ان يتحول العراق رهينة عند الكرد
الاكيد ان ذلك لن يكون ابدا وان الاطماع ستجابهها ارادة اصحاب الحق

اخر الافلام

.. قصف مستمر على مناطق عدة في قطاع غزة وسط تلويح إسرائيلي بعملي


.. عقب نشر القسام فيديو لمحتجز إسرائيلي.. غضب ومظاهرات أمام منز




.. الخارجية الأمريكية: اطلعنا على التقارير بشأن اكتشاف مقبرة جم


.. مكافأة قدرها 10 ملايين دولار عرضتها واشنطن على رأس 4 هاكرز إ




.. لمنع وقوع -حوادث مأساوية-.. ولاية أميركية تقرّ تسليح المعلمي