الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هنيئا للشعب العراقي خطوته الأولى باتجاه الحرية

منير شحود

2005 / 2 / 1
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


ثلاث لحظات فارقة مرت على العراق, كان أولها سقوط الصنم الرمز, وتمثلت اللحظة الثانية بخروج الديكتاتور من جحره, أما اللحظة الثالثة – المنعطف فهي الانتخابات الأولى في 30/1/2005, وستتتالى اللحظات السعيدة في المستقبل.
لقد علمنا التاريخ أنه كلما كان النظام الاستبدادي أشرس, كان الثمن الذي يُدفع للخلاص منه أغلى, وخاصة ذلك الثمن الذي يدفعه الشعب المبتلى به. وهكذا قُدِّر أن يدفع الشعب العراقي هذا الثمن الباهظ للتخلص من نظامه الفردي الاستبدادي المريض, عبر مراحل لونت حياة العراقيين بالدم, ووسمتها بالحزن.
والعراقيون الذين ذهبوا أمس إلى مراكز الاقتراع, رغم سيف الإرهاب المسلَّط على كل خطوة يخطونها, كانوا يعبِّرون عن أشياء كثيرة, آخرها انتخاب هذه القائمة أو تلك؛ فهي إرادة الحياة التي تتغلب على الموت, والشعور بالانبعاث من ظلام عقود وقرون إلى مستقبل الحرية, والحلم بوطن الحب والخير. وسيتطلب الأمر منهم تضحيات أخرى لبناء عراق الأمل والمستقبل والنهوض به.
لقد تركَّز الصراع بين قوى الظلام والحرية في عراق ما بعد سقوط النظام الصدامي. وإن كان النظام قد سقط بهذه السهولة, فإن مرتكزاته ومواقعه كانت ستدافع عن نفسها بطريقتها الدموية التي لا تعرف سواها وسيلة "للتفاهم" مع الآخرين, وخاصة بعد أن وجدت نفسها في تحالف مصلحة شرير مع القوى الظلامية المتسترة بالدين. ولم يتوقف التحالف الاستبدادي على هذه القوى فحسب, بل ساهم فيه اليسار المزيَّف, الشيوعي والقومي.
ومهما كانت فنون الموت التي حاول المتوحشون تطبيقها, والأبواق التي هبت من قاع العالم العربي للدفاع عنهم, فإنها لم تحجب حقيقة الصراع الراهن, بين من يعتبر الشعوب مطية لعظمته وقطيع يسوسه كالحيوانات, ومن يريد لها أن تنعم بالحرية والحياة, وتتفجر طاقاتها خيرا. وإن احتلال العراق من قبل قوات أجنبية لا يغيِّر من هذه الحقيقة, مهما حاول المستبدون وأبواقهم أن يبرِّروا إرهابهم الدموي به؛ فالاحتلال سيذهب بإرادة الشعب العراقي ومشيئته هذه المرة, عبر ممثليه, وذلك تبعا لما تتطلبه مصلحة هذا الشعب.
ولم يكن الشعب العراقي, بدون هذه المساعدات الدولية متعددة الأوجه, ليتمكن من الظفر بحريته. ولجم ذلك بعض القوى المحيطة بالعراق من أن تضع كامل ثقلها في صف الإرهابيين, مدفوعة بمصالحها الضيقة, والتي لم تدرك أن هذا الإرهاب سيعود إلى ديارها عاجلا أم آجلا, كما استدار الأفغان العرب ليعيثوا قتلا وتكفيرا في بلادهم التي جاؤوا منها.
هل الانتخابات العراقية بداية اهتزاز جغرافيا الركود العربي والإسلامي, وإنقاذها من كل صنوف الاستبداد؟ أعتقد ذلك؛ فيكفي أن ترى الشعوب العربية إمكانية أن تختار ممثليها وتذهب على صناديق الاقتراع, حتى تبدأ بتلمس طريقها نحو الحرية بهداية العقل, عوضا عن العواطف العمياء التي تقودها إلى حيث لا مصلحة لها. ولا يقلل من هذا الأمر الجلل ما يمكن أن يعكِّر صفو عملية الانتخاب ويشوبها من شوائب, أو نسبية العملية الديمقراطية ككل. وستدرك الأطراف العراقية التي امتنعت عن المشاركة, بدافع الخوف, أو لأسبابها الخاصة, بأن مستقبلها ومستقبل أبنائها مرهون بالمشاركة في صناعة تاريخ العراق.
فهنيئا لشعب العراق بجميع أطيافه وفئاته, وتمنياتنا له بالخير والازدهار.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استهداف فلسطينيين أثناء تجمعهم حول نقطة للإنترنت في غزة


.. طلبة في تونس يرفعون شعارات مناصرة لفلسطين خلال امتحان البكال




.. الخارجية القطرية: هناك إساءة في استخدام الوساطة وتوظيفها لتح


.. مجلس الحرب الإسرائيلي يناقش خياري إيران ورفح.. أيهما العاجل




.. سيارة كهربائية تهاجر من بكين إلى واشنطن.. لماذا يخشاها ترمب