الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الكون المهيب : مايفسره الأنفجار العظيم وما لا يفسره

مجدي زكريا الصايغ

2012 / 5 / 27
الطب , والعلوم


كل صباح هو اعجوبة. ففى باطن شمس الصباح يندمج الهيدروجين ليتحول الى هليوم فى درجات حرارة تصل الى الملايين.ومن لب الشمس الى الطبقات المحيطة به تتدفق الاشعة السينية وأشعة غاما بشدة تفوق الخيال. ولو كانت الشمس شفافة لشقت هذه الاشعة طريقها الى السطح خلال ثوان قليلة حارقة. ولكنها عوضا عن ذلك تثب من ذرة الى ذرة ضمن الذرات المتراصة لهذا العاذل الشمسى. فتفقد طاقتها تدريجيا. وتمر الايام والاسابيع والقرون. وبعد الاف السنين ينبعث اخيرا هذا الاشعاع الذى كان مميتا من سطح الشمس منتشرا فى شكل ضوء اصفر جميل. لقد زال الخطر منه وصار مناسبا تماما ليغمر الارض بدفئه.
وكل ليلة هى اعجوبة ايضا. فالشموس الاخرى تنتشر فى رحاب مجرتنا وتغمرنا بتلألئها انها نجوم بألوان واحجام ودرجات حرارة وكثافات مختلفة جدا. بعضها من فئة النجوم فوق العملاقة. وهى كبيرة جدا الى حد انه لو وضع واحد منها مكان شمسنا لأستقر مايتبقى من كوكبنا داخل سطح هذا النجم الهائل الحجم. وبعض النجوم صغيرة الحجم وهى تدعى الاقزام البيض انها اصغر حجما من ارضنا لكن ثقلها يضاهى ثقل شمسنا. البعض لن يعكر صفو وجوده شئ لبلايين السنين والبعض الاخر واقف على شفير الزوال لينفجر ويسطع نوره لفترة وجيزة الى حد يفوق سطوع مجرات بكاملها. وعندئذ يكون مستعرا فائقا.
تحدث القدماء عن وحوش بحرية والهه متحاربة.عن تنانين وسلاحف وفيلة.عن ازهار لوتس والهه حالمة . وبعد ذلك خلال ماسمى عصر العقل حل محل الالهه السحر المكتشف حديثا . سحر حساب التفاضل والتكامل وقانون نيوتن. ونحن اليوم نعيش فى عصر تجرد من السحر القديم والاسطورة. ولكى يفسر ابناء العصر الذرى فى ايامنا كيف نشأ الكون لم يختاروا الوحش البحرى القديم ولا نموذج نيوتن للمجموعة الشمسية بل ذلك الرمز الابرز للقرن العشرين - القنبلة الذرية.فالذى خلقهم هو انفجار. وقد دعوا تلك الكرة النارية الكونية الانفجار العظيم .big bang.
مايفسره الانفجار العظيم
ان الصيغة الاكثر شيوعا لنظرة هذا الجيل لنشأة الكون تذكر انه منذ 15 الى 20 بليون سنة تقريبا لم يكن الكون موجودا. ولا حتى الفضاء الحالى. ولم يكن هناك زمن ولا مادة - الا نقطة متناهية الصغر والكثافة دعيت نقطة فريدة وانفجار هذه النقطة انتج الكون الحالى. وابان هذا الانفجار مرت فترة قصيرة جدا خلال الجزء الصغير الاول من الثانية توسع او تمدد فيها الكون الطفل بسرعة تفوق سرعة الضوء بكثير.
وخلال الدقائق القليلة للانفجار العظيم حدث اندماج نووى على نطاق كونى مما انتج التراكيز التى يجرى قياسها حاليا من الهيدروجين والهليوم وعلى الاقل جزء من الليثيوم فى الفضاء الممتد بين النجوم. وربما بعد 300,000 سنة انخفضت درجة حرارة الكرة النارية الكونية وصارت ادنى بقليل من درجة الحرارة على صطح الشمس. مما اتاح للألكترونات ان تستقر فى مداراتها حول الذرات واطلق وميضا من الفوتونات او الضوء. ومع ان درجة حرارة هذا الوميض الابتدائى صارت منخفضة جدا يمكننا قياسه اليوم بصفته اشعاع الخلفيه الكونى ذا الترددات الصغرية الموجه الذى يقابل درجة حرارة تبلغ 2,7 كلفن. وفى الواقع كان اكتشاف شعاع الخلفية هذا سنة 1964 و 1965 هو ما اقنع معظم العلماء بوجود بعض الصحة فى نظرية الانفجار العظيم. وتدعى النظرية ايضا انها تفسر لماذا يبدو الكون وكأنه يتمدد فى كل الاتجاهات بحيث يظهر ان المجرات البعيدة تجرى مبتعدة عنا وعن بعضها البعض بسرعة كبيرة.
بما ان نظرية الانفجار العظيم تفسر امورا كثيرة كما يظهر. فلماذا يشك فيها؟ لأنه ثمة امور كثيرة ايضا لاتفسرها.
لأيضاح ذلك اطلق الفلكى القديم بطليموس نظرية تقول ان الشمس والكواكب تدور حول الارض فى دوائر كبيرة.وهى فى الوقت نفسه ترسم دوائر صغيرة تدعى افلاك التدوير. وبدا ان النظرية تفسر حركة الكواكب. وكلما كان الفلكيون يجمعون معطيات اضافية خلال القرون التالية كان بأمكان علماء الكون من مدرسة بطليموس ان يضيفوا المزيد من افلاك التدوير الى افلاك التوير الاخرى التى رسموها ويفسروا المعطيات الجديدة. لكن ذلك لم يعن ان النظرية صحيحة. وفى النهاية صارت هناك معطيات كثيرة بحيث لم يعد من الممكن تفسيرها. فى حين ان نظريات اخرى كفكرة كوبرنيكوس القائلة ان الارض تدور حول الشمس فسرت الامور بشكل افضل وابسط. ومن الصعب اليوم ايجاد فلكى من مدرسة بطليموس.
ان هذه الجهود التى بذلها علماء الكون من مدرسة بطليموس لترقيع نظريتهم الفاشلة التى حرفتها الاكتشافات الجديدة شبهها البروفسور فرد هويل بجهود المؤمنين بالانفجار العظيم لابقاء نظريتهم قابلة للتصديق. وذكر فى كتابه الكون الذكى : تركزت جهود المحققين على اخفاء التناقضات فى نظرية الانفجار العظيم. فتكونت فكرة صارت معقدة ومعرقلة اكثر من ذى قبل.وبعد ان اشار هوبل الى افلاك تدوير بطليموس التى لم يجد استخدامها نفعا لأنقاذ نظريته تابع قائلا : لا أتردد فى القول انه نتيجة لذلك يهدد الان نظرية الانفجار العظيم مصير اسود. وكما ذكرت سابقا عندما تتعارض وقائع محددة مع نظرية ما يظهر الاختبار انه نادرا ماتسترد النظرية مصداقيتها.
وعبرت مجلة العالم الجديد عن افكار مشابهة عندما ذكرت : طبق اسلوب بطليموس بشكل مبالغ فيه على......شرح الانفجار العظيم للكون. ثم سألت : كيف يمكننا ان نحقق تقدما حقيقيا فى فيزياء الجسيمات وعلم الكون؟ .... يجب ان نكون صادقين وصرحاء اكثر عندما تكون بعض الافتراضات العزيزة على قلوبنا ذات طبيعة تخمينية محض. وتنهال علينا الان ملاحظات جديدة.
فى المقال القادم سنجيب على اسئلة لا يجيب عنها الانفجار العظيم








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سقوط جسم من الفضاء على منزل في فلوريدا.. خبير يشرح لـCNN سبب


.. مدينة أثينا تتحول للون البرتقالي بسبب غبار الصحراء




.. الجزائر تستعد لإعادة إحياء نشاط صناعة الهواتف الذكية بعد توق


.. أبو عبيدة: فاتورة الدماء التي دفعها شعبنا لن يكون مقابلها سو




.. صور الأقمار الاصطناعية تظهر إقامة عشرات الخيام الجديدة في جن