الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الذهب الذى نقل الجبال

مجدي زكريا الصايغ

2012 / 5 / 31
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


تنظر الى ذلك الجبل فتراه منحوتا على شكل كاتدرائية قبابها كثيرة. ومن نحته؟ انها روما المتعطشة الى الذهب. الا ان جمال منحوتتها التى اضفى عليها الزمن روعة وسحرا برأها من فعلتها الشنيعة - بيدرو غارسيا ترابييلو
فى شمال غرب اسبانيا تجدون تكوينا صخريا غريب الشكل منحوتا فى جبل من حجر رملى ذهبى. وعندما تنظرون الى البساط الأخضر من اشجار الكستناء التى تكسوه تظنون ان جروفه الوعرة وبروجه الشاهقة صنعتها يد الطبيعة. الا ان فتحة مصنوعة فيه تأخذكم عبر نفق لتطلعكم على سر قديم. ففيما صار مايدعى اليوم لاس ميدولاس. انتصب ذات مرة اعظم منجم ااذهب فى عهد الامبراظورية الرومانية.
لطالما سلب الذهب عقل الناس ودفعهم الى بذل جهود حثيثة لامتلاكه.
وعندما حكمت روما العالم بعد مئات السنين. كان لا يزال للذهب قيمة كبيرة. فقد اراد الامبراطور اوغسطوس ان يجعل النظام الاقتصادى مستقرا. لذلك كان بحاجة الى الفضة والذهب لسك ما يلزمه من نقود معدنية مثل الدينار الفضى والاريوس الذهبى اللذين كانا سيدعمان تجارة روما.
وهكذا اتى المنقبون عن الذهب فى اعقاب الفيالق الرومانيةالفاتحة.
عندما قهرت الفيالق اخيرا شمال غرب اسبانيا قبيل ابتداء العصر الميلادى. اكتشفوا مواقع جديدة للذهب. ولكن من المؤسف ان المعدن الثمين كان مطمورا فى طمى جبلى يأبى ان يتخلى عنه بسهولة. وكان سيتطلب اخراج الكنز الدفين قرنين ونصفا من الكدح.
لكن ذلك لم يكن ليثيط عزم الرومان. فأجر العمال الزهيد وطرق التعدين انذاك رغم كونها مجهدة. جعلت المشروع ممكنا. لقد خططوا لأستخراج الذهب باخضاع الجبل تدريجيا لفعل المياه. ولتحقيق هدفهم. شقوا اكثر من خمسين قناة. بنوا عدة خزانات كبيرة فى اعالى الجبال. وحفروا مئات الكيلومترات من الانفاق.
وحالما كان يكتمل بناء شبكة انفاق داخل جزء من الجبل كان المهندسون يجعلون المياه تتدفق فيها بقوة مفككة جزءا كبيرا من التربة. وكان الرمل والصخر الحاملان الذهب ينجرفان الى اسفل الجبل. حيث يفصل الذهب عن الحصى بواسطة الغسل والغربلة. ثم يعيدون الكرة ببناء عدد اخر من الانفاق.
وهل كان الامر يستحق كل هذا الجهد؟ استخرج الرومان بصبر نحو 800 طن من الذهب من لاس ميدولاس. وللحصول على كل هذا الذهب نقل الاف العمال الجبال حرفيا - اكثر من 24,000,000 متر مكعب من التربة. ومن كل عشرة اطنان من التربة التى استخرجوها كانوا يحصلون على 30 غراما من الذهب.
لم يبق اليوم سوى الانفاق والنتوءات المسننة فى ذلك الجبل المهشم الذى صقلته عوامل التعرية وزينته غابات من اشجار الكستناء. وما يدعو الى السخرية هو اشجار الكستناء ذات الطعم الحلو التى ادخلها الرومان الى اسبانيا لتبرهن انها تدوم اكثر من الذهب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مهاجمة وزير الأمن القومي الإسرائيلي بن غفير وانقاذه بأعجوبة


.. باريس سان جيرمان على بعد خطوة من إحرازه لقب الدوري الفرنسي ل




.. الدوري الإنكليزي: آمال ليفربول باللقب تصاب بنكسة بعد خسارته


.. شاهد رد مايك جونسون رئيس مجلس النواب الأمريكي عن مقتل أطفال




.. مظاهرة أمام شركة أسلحة في السويد تصدر معدات لإسرائيل