الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


برامج التلفزة بين اغناء التفاهة وتفقير التقافة

المامون حساين

2012 / 6 / 6
الصحافة والاعلام


يقال لكل زمن رجاله وأدباؤه ومبدعوه وفنانوه وفكاهيوه.. ، يعبرون عن نبض الوطن ونبض الشارع بأخلاق المبدعين ودماثة المتزنين نفسيا وأخلاقياً ، و يطهروه من دنس التافهين المتسلقين الذين ترعرعوا على هامش التفاهة والتعلق بأذيال الفن ، وفي زمن التفاهة والرداءة التلفزيونية يخرج أولئك التافهين من عمق المياه الضحلة الراكدة المليئة بالجراثيم والفيروسات لتبث سمومها وتغزو جسد المجتمع مناسبة هدا الحديث عرض برنامج يسمى زورا ظلما ب"الكوميديا".
المتأمل في فحوى هدا البرنامج انه في كل مرة يزداد انحدارا كأنه يصر على أن ينتصروا بالتفاهة للتفاهة ، اد أن ما تحمله نصوص "الكوميديين" سيجد أن تخرج عن دائرة الكوميديا إلى دائرة الهدم لقيم العلم والمعرفة والحب والجمال والإبداع...وكأن من يريد أن يضحك المغاربة عليه أن يمتح قاموسمه من المنقولات الهادرة بالغضب والويل والثبور والجنس، ومن صراخ ملئ بالسخط والكراهية والشتائم والاهانة...، كأنهم سيتفرغون في هدا البرنامج كل ما لديهم من بلادة وغباء وعبث وكراهية وصراخ وعنف وخراب وعقد وتشوهات، عوض الانتصار لقيم العقل والجمال والحب والفكر والعلم والحرية والفن...
وقد قيل أن التافهون لا يجيدون سوى صناعة التفاهة، إنهم يتفننون في صناعتها، إنه ميراث التفاهة وهو الذي يجب أن ينتصر دائما ، أن ينتصر بتابعيه على تابعيه بالضرورة الحتمية ، ليسلب المواطن المغربي حقه في الفرح و النقد أو الرفض أو التفكير في واقعه ، بل الأخطر يجعله في احتياج دائم لهده الرداءة وكأنها الإبداع الكوميدي الحق، لأنه أصبح أكبر وأقوى منهم ، ويضعف و يستكين خاضعاً للبشاعة والكراهية والقباحة في منقولات وحمولات بدئية لا تصلح أن تقال في الشارع فما بالك أمام الأسرة والعائلة والأطفال...لدا نخشى أن تتم مثل هده البرامج ما تبقى من التفافة والوعي بعد أن سلبتنا الأفلام والمسلسلات المد بلجة الجزء الأكبر منها، نخاف أن نفكر فى إننا قد وصلنا درجة متدنية من الثقافة ، وهى حالة التفاهة أو ثقافة التفاهة لأنه أمر صعب جدا على أى شعب أن يصل إلى حاله التفاهة في كثير مما يحدث في مجتمعه ، ولكن الذي يؤكد لنا أن فى مجتمعنا جزء ليس بقليل قد أصابه هذا المرض وهو التفاهة ، حينما شاهدنا أحد المشاركين في إحدى حلقات "كوميديا" يستهزئ بقيمة العمل والكفاح والفكر والمفكرين والفلاسفة وقيم العطاء و الإنتاجية ويمجد ثقافة الرداءة و الجنس والعلاقات العاطفية و تسليع و تشيء المرأة وكأننا لسنا سوى مجتمع مكبوت ، وكأنه لا يشغلنا سوى هده القضايا ، الشيء الذي يسوق لثقافة ضحلة وأفكار مسطحة وقيم الرداءة والانبطاح للضحك الموبوء باهانة دكاء المغاربة الدين يصرفون على هده البرامج من جيوبهم.
ليس هناك أكثر مأساةً من أن تصبح التفاهةَ في غالبية البرامج التلفزية وعنواناً للسلوك الأمثل والصورة الناصعة للأطفال الدين يبحثون عن القدوة والنموذج في البرامج التلفزية، وعنوانا للحق والصوت المنافح عن المواطنة والفضيلة والأخلاق والنظافة والشرف والنقاء بدعوى ما يطلبه المشاهد وأرقام نسبة الشاهدة الخادعة، هذه التفاهة الفاضحة لما فيها من غباء واستغباء وضعف وهشاشة وفراغ وتخلف للمشاهد المغربي، إلا إنها تتلبس استعراضات القطيع المهولة في التحشيد والصراخ والقدرة والهتاف والشعار والرقص والضحك من معاناة المغربي البسيط ، وكأن غاية مثل هده البرامج تسطيح الوعي وتعليب الأفكار و"استحمار" المواطن و تفقير للثقافة واغناء للتفاهة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. توترات متصاعدة في جامعات أمريكية مرموقة | الأخبار


.. !الرئيس الألماني يزور تركيا حاملا 60 كيلوغرام من الشاورما




.. مئات الإسرائيليين ينتقدون سياسة نتنياهو ويطالبون بتحرير الره


.. ماذا تتضمن حزمة دعم أوكرانيا التي يصوت عليها مجلس الشيوخ الأ




.. اتهام أميركي لحماس بالسعي لحرب إقليمية ونتنياهو يعلن تكثيف ا