الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عام على الثورات العربية - الموقف الاسرائيلي ترجمة عليان الهندي- الحلقة الاولى

عليان الهندي

2012 / 6 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


حركة التحرير الوطني الفلسطيني -فتح
مفوضية الإعلام والثقافة


الصراع العربي الإسرائيلي
عام على الثورات العربية

جامعة تل أبيب
مركز أبحاث الأمن القومي
2012

ترجمة وإعداد
عليان الهندي

مقدمـة
نشر بأواخر شهر نوفمبر من العام الماضي في جريدة معاريف الإسرائيلية خبرا مفاده أن الأجهزة الأمنية الإسرائيلية المختلفة تبحث بموضوع تغيير العلاقة مع حركة حماس المسيطرة على قطاع غزة. وأضاف الخبر أن الثورات العربية وفوز الأحزاب ذات التوجهات الإسلامية خاصة الأخوان المسلمين في مصر يتطلب منها ملائمة نفسها للوضع الجديد في الشرق الأوسط مع إمكانية التوصل لحلول ربما تعتبرها واقعية مع حماس ترضية للحركة الأم التي حصلت على أغلبية في مجلس الشعب، والمقرر لها تشكيل الحكومة القادمة.
ومحاكاة لما يجري في الأجهزة الأمنية والاستخبارية الإسرائيلية، استغل مركز أبحاث الأمن القومي المناسبة الأولى لانطلاق الثورات العربية، وعقد يوما دراسيا تحدث فيه نخبة من المختصين والعسكريين السابقين وصحفيان في كيفية إدارة إسرائيل علاقاتها مع الأنظمة العربية الجديدة ذات التوجهات الإسلامية، التي خلص معظم المتحدثين فيها إلى ضرورة تقديم حسن نوايا اتجاها، من خلال التوصل لحلول عملية أو غير ذلك مع حركة حماس المسيطرة على قطاع غزة. والجديد في هذه الدعوة هي أنها تعبر عن توجهات مستقبلية نحو الإسلام السياسي في الضفة الغربية وقطاع غزة. وفي نفس الوقت، تشديد الصعوبات أمام السلطة الوطنية الفلسطينية بقيادة الرئيس محمود عباس التي بدأت مع تولي بنيامين نتنياهو سدة الحكم، تأخذ منحى مختلف هدفه إظهار السلطة الوطنية الفلسطينية على أنها عاجزة وضعيفة سياسيا وجماهيريا.
مفوضية الإعلام والثقافة في حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" وإنطلاقا من دورها ومسئوليتها تقوم بنشر وتعميم هذا اليوم الدراسي الذي قام بتلخيصه وترجمته الأخ عليان الهندي، لكي يكون متاحا معرفة الطريفة التي تفكر فيه إسرائيل اتجاهنا واتجاه التطورات في المنطقة.
مفوضية الإعلام والثقافة
حركة فتح

مسيرة السلام مع الفلسطينيين
استعداد لجمود أعمق

شلومو بروم
طلب مني الحديث عن الجمود السياسي الآخذ في التعمق مع الفلسطينيين والعرب، وهل ستكون هناك احتكاكات إسرائيلية-عربية أم أننا سنعمل على التوصل لتسويات تقلل من الاحتكاك معهم. لكن وقبل الحديث في الاستنتاجات لا بد من الحديث عن الخطوط الأساسية التي بدأت تنشأ وهي:
1. ارتفاع ملحوظ في قوة الشارع وذلك ليس بشرى جيدة للعلاقات الإسرائيلية العربية فكما هو معلوم الجمهور العربي لا يؤيد إسرائيل وله علاقة عاطفية قوية جدا مع الفلسطينيين والظلم الذي تعرضوا وفق فهمهم.
2. عدم الاستقرار المتواصل يعني حكومات ضعيفة ومتغيرة، قد تؤدي في نهاية المطاف إلى فقدان السلطة المركزية على مناطق معينة مثلما يحدث في سيناء وربما يحدث في سوريا. ولو تم ذلك تصوروا كيف ستكون الحدود الإسرائيلية العربية.
3. صعود التيار الإسلامي، وهل ندرك مغزى ذلك. في إسرائيل نحن نعرف إيديولوجيتهم بمختلف توجهاتها. لكن هناك أيضا حاجة لإدارة سلطة وسيحاولون بناء سلطة كي ينجحوا في الحكم ويتحركوا في هامش إسلامي ممتد من تركيا حتى إيران ونحن لا نعرف أين سيتجهون، هل سيكون إسلام على الطريقة التركية أم على الطريقة الإيرانية، أم سيء جديد.

لكن ما تأثير كل ذلك على المسيرة السلمية، وهنا أريد الحديث عن المدى القريب والمتوسط، لكن على المستوى البعيد لا يمكن طرح توقعات خاصة لأنه لا يمكن توقع المستقبل البعيد.
على المدى القصير، تأثير الأحداث على مسيرة السلام تأثير سلبي، وعندما يدور الحديث عن سوريا فلا يوجد طرف نتحدث معه. وعلينا الانتظار لحين استقرار الأوضاع في سوريا حينها يمكن البحث عن وسطاء لإعادة مسيرة السلام مع هذه الدولة.
مع الفلسطينيين الوضع دائما معقد فلو لم يكن هناك ربيع عربي، وجلست في مثل هذا اليوم فماذا تتوقعون أن أقول لكم. ما سأقوله، هو أنني سأتحدث عن جمود عميق في مسيرة السلام. وبخصوص الجمود أقول ببساطة أن القيادتان السياسيتان في الجانبين لا ترغبان بالمفاوضات من أجل التوصل لتسوية نهائية لأن كل طرف يؤمن بان الطرف الأخر غير مستعد لتقديم تنازلات تلبي رغبات الطرف الأخر. والربيع العربي لم يغير من حالة الجمود في المسار الإسرائيلي الفلسطيني بل زاد من حدته.
وكما قلنا، التوصل لحل على المسار الفلسطيني يتطلب توفر خمسة عناصر هي :
1. الرغبة الإسرائيلية للتوصل إلى اتفاق والاستعداد لدفع ثمن ذلك، وكذلك الجانب الفلسطيني.
2. عدم القدرة على التوصل لحل لأن الطرف الفلسطيني ضعيف. وفي الحالتين أضيف الرغبة والقدرة لأن الطرفين فاقدان للعنصرين
3. دعم إقليمي قوي للجانب الفلسطيني.
4. دعم دولي خاصة من الولايات المتحدة وهي غير مؤهلة في الوقت الحاضر.
5. تحييد قدرة الأطراف المعارضة للاتفاق.
ونتيجة الربيع العربي أضعف العامل الإقليمي الداعم للفلسطينيين، كما أن الربيع العربي أثر على إسرائيل التي تقول اليوم أنها لا تريد في مثل هذا الوضع تحمل مخاطر التوصل لاتفاق.
لكن، هل كل شيء أسود ؟. لا أعتقد ذلك، فهناك فرص، تصوروا أن صفقة شاليط تمت بعد سقوط مبارك، ومصر نجحت بالمصالحة بين فتح وحماس، في حين فشل مبارك. بالنسبة لي هناك اصطفاف عربي جديد وقوة متغيرة في العالم العربي.
اليوم الوضع كالتالي :إيران وتركية مقابل العرب والفكر العربي مقابل الفكر الإيراني والتركي، في الماضي مسحت الفكرة العربية وانهارت فكرة القومية العربية والناصرية والاشتراكية . ويمتلئ الفراغ اليوم بشيء جديد. بالنسبة للعرب، عادت مصر تقوم بدور أكبر من الدور الذي قامت به في عهد مبارك، وربما تلعب مصر دور ايجابي ،وعلينا أن لا ننسى أن تركيا لعبت دوما دورا ايجابيا في ما يتعلق بالعلاقة بيننا وبين الفلسطينيين.
ماذا عمل الربيع العربي؟. لقد خلق وضعا صعبا بسبب صعود الإسلاميين وقوة الشارع وعدم الاستقرار، والمكونات المشكلة للدول العربية ضعفت. وأمام هذا الواقع هل سيوفر الإقليم العربي دعما للفلسطينيين خاصة بعد الصعود الإسلامي، وفي حين كان هناك استقرار هل ترغب هذه الدول بتوفير دعم للفلسطينيين للتوجه نحو السلام.
الربيع العربي يؤثر على الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني، ويضع صعوبات أكبر أمامهم للتوصل لحل. ففي الجانب الإسرائيلي هناك إحساس بفقدان الأمن، لأنها تعتقد أنه وفي مثل هذا الوضع ستواجه مخاطر. وفي الجانب الفلسطيني هناك خليط غريب يؤدي لعدم ثقتهم بإمكانية التوصل لحل نظرا لفقدانهم الداعمين الإقليميين والدوليين، في حين هناك تيار آخر يعتبر أن التاريخ والوقت يعمل لصالحهم، والمسيرة السلمية في حالة إنهيار، وما يجري في العالم العربي هو في صالحهم. وعليه، يعتقد هذا التيار أن التنازل الآن لا يفيد ويحمل مخاطر كبيرة للفلسطينيين.
وما يجري له عدة انعكاسات على الساحة الفلسطينية هي:
1. رغم الضعف وحالة عدم الاستقرار، فإن ما تقوم به مصر مهما، مقارنة مع ما جرى في عهد مبارك، وتتعامل حماس اليوم بأهمية كبيرة بما تريده مصر الجديدة. المهم هو كيف ستتعامل مصر مع حماس وما هي العلاقة المستقبلية بين الطرفين.
2. تستطيع مصر التأثير أكثر من تركيا.
3. كل حكومة مصرية معنية بالاستقرار في سيناء حتى لو كانت حكومة إخوان مسلمين. لكن الجيش سيواصل تأثيره وسيكون حلقة الوصل في العلاقة مع إسرائيل. الدليل على ذلك أن أحداث السفارة الإسرائيلية في القاهرة ومقتل الجنود المصريين عزز من العلاقات بين الجيش المصري وإسرائيل بدلا من دفعها نحو الحضيض.
4. الإسلاميون القادمون يريدون تعزيز مكانتهم، فهم لا يستطيعون الحكم بواسطة الخلافة ومحاربة كل العالم. في عالم الشعارات كان ذلك جيد لهم، لكن ذلك ليس جيدا في عالم الواقع.
5. وفيما يتعلق بحماس، فإننا نرى عدة شواهد على تغيرها حيث استبدلت ولاءاتها لإيران وسوريا، إلى السعودية وقطر، وأخيرا مصر.
وأخيرا سأتطرق إلى جانب فكري يتعلق بروح الوقت. وأنا لست متأكدا بأن حماس ستقطع مع ماضيها، بل هناك لغة مصالح، وهنا لا أتحدث على أننا سنستيقظ يوما ونرى حماس "أ" وحماس "ب". ذلك يتطلب التدرج، ولذلك من الصعب أن نطلب من حماس التنازل عن أيديولوجيتها والاعتراف بإسرائيل، وهناك أمور أخرى يمكن القيام بها.


مستقبل اتفاقيات السلام
مع الدول العربية

عوديد عيران
لإسرائيل أربعة اتفاقيات مع الدول المحيطة، مع اثنتان منهما اتفاقيتان سلام مع مصر والأردن، الاتفاقية الثالثة (حل مرحلي) مع الحركة الوطنية الفلسطينية (م.ت.ف) والرابعة مع سوريا (فصل القوات). وبعد مرور عام على الانتفاضات العربية أصبح هناك وضع جديد يؤثر على الاتفاقيات، ويمكن تلخيصه بالآتي:
1. اتفاقية السلام مع مصر: التي ستقودها حكومة من الإخوان المسلمين أو عن طريق الحزب الذي أسسوه، وهناك أربعة خيارات أمام إسرائيل هي:
• تجاهل وجمود زاحف إضافي: بخصوص التطبيع علينا نسيان ذلك. وحول العلاقات معنا لا أتوقع قطعها، لكن ربما يسمحوا ببقاء سكرتير ثاني في السفارة. وربما يتوقف خط الطيران المدني فوق مصر. وصعوبات في السياحة الإسرائيلية في مصر خاصة بسيناء.
• لعبة الديمقراطية: طرح من يملك الأغلبية في مجلس الشعب ومنذ بداية المظاهرات أن اتفاقيات السلام لم تعرض على مجلس الشعب ولا على الاستفتاء العام، وهذا جزئيا منطق صحيح على صعيد التصريحات. لأن اتفاق كامب ديفيد أقر من قبل لجنة الخارجية التابعة لمجلس الشعب عام 1979 بعد أن وقع بين الدولتين. وفي حال تقرر التوجه للاستفتاء سيكون السؤال هو المسألة المهمة، وهل سيكون السؤال تؤيد اتفاق السلام أم لا، أو سيكون السؤال هل تؤيد تعديل اتفاقية السلام.
• تعديل الاتفاقيات: يحق لكل دولة أن تطالب تعديل اتفاق حتى لو لم يكن ذلك مكتوبا، وبخصوص اتفاق السلام هناك بند واضح بخصوص الوجود العسكري والنظام العسكري في سيناء وهو البند الذي يتطلب تعديل، وهذا أمر شرعي.
• إلغاء الاتفاقية من جانب واحد: يتطلب إلغاء الاتفاقية إعطاء إسرائيل شهرين أو ثلاثة، وبعد ذلك ستلغى الاتفاقية. وفي حال إلغائها، سيكون لذلك انعكاسات إقليمية ودولية. وأود الإشارة هنا أن إلغاء الاتفاقية لا يعني إلغاء الحدود.
وبعد فرز نتائج الانتخابات المصرية تدخل الأمريكان بشكل مكثف، ما أدى لصدور تصريحات من المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية قالت فيها :"حصلت الولايات المتحدة على ضمانات بعدم إلغاء الاتفاقيات الموقعة". وأنا لا أعلم ما هي هذه الضمانات والغاية منها، ولا أدري إذا أعطيت ضمانات لتعديل البند المتعلق بالوجود العسكري من أجل استمرار الاتفاق. وللأمريكان دور مهم جدا في مصر نظرا للانهيار الاقتصادي المتصاعد فيها، يذكر أن مصر تلقت مساعدات بقيمة 1,3 مليارد دولار لمواجهة الوضع الاقتصادي المتدهور. الأمر الذي يزيد من التدخل الأمريكي في مصر، وهو أمر لا أعارضه.
وفي حالة مطالبة مصر تعديل الاتفاقية وإدخال 50 دبابة على 250 الموجودة في سيناء وفق الاتفاقية فهذا أمر مقبول. لكن إذا أرادوا مضاعفة ذلك، فتلك قصة أخرى. وعلينا أن نطلب من الأمريكان التصدي للطلب المصري وليس نحن. لقد سبق واستجابت إسرائيل لطلبات مصرية ببعض التسهيلات العسكرية في سيناء ونحن وافقنا على ذلك. وهنا أنصح حكومة إسرائيل أن لا ترتبك إذا طلبت الحكومة المصرية فتح الاتفاق العسكري، وأقول أكثر من ذلك، إذا توصلنا لتفاهمات جديدة بين الدولتين بموافقة الحكومة المصرية الجديدة، فان ذلك يعني الموافقة على كل اتفاقيات كامب ديفيد، بحيث يمكنهم من القول ها نحن استطعنا انجاز ما لم ينجزه النظام السابق، وذلك جيد لنا أيضا.
2. بخصوص اتفاقية السلام مع الأردن: لا يحدث في الأردن ما حدث في مصر، والذراع السياسي للإخوان المسلمين فيه لم يصل إلى ما وصل إليه في مصر. وفي حالة الموافقة على طلب الحكومة المصرية بتعديل كامب ديفيد، سيطالب الإخوان المسلمون في الأردن تعديل الاتفاق مع إسرائيل. وفي حالة الأردن لا توجد مناطق خالية من السلاح بل هناك تسويات متعلقة بالأراضي في النقب (في منطقة الناقورة ونهريم) التي تم استئجارها لخدمة إسرائيل مع بقائها تحت السيادة الأردنية. ولا أعتقد أن تلك مشكلة، وهنا أيضا يمكن للأمريكان أن يقوموا بدور مهم نظرا لحاجة الاقتصاد الأردني لأكثر بقليل من مليارد دولار مساعدات. وبينما أتحدث إليكم تفرغ السفن الأمريكية 70 ألف طن قمح يحتاجها الأردن لمدة شهرين وهي مساعدات مقدمة من الولايات المتحدة.
وفي سياق منفصل وعد الملك عبدالله بتعديل قانون الانتخابات، الذي سيمنح الفلسطينيين 60% من المقاعد بدلا من 20% اليوم، وذلك يؤثر على العلاقات الأردنية الإسرائيلية. وهنا أود طرح ملاحظة واحدة ومهمة جدا وهي أنني أنصح بإقامة علاقات اقتصادية مع الأردن في مجالات المياه والكهرباء والغاز، أي علاقات مصالح اقتصادية، وليس علاقات ثقافية وغير ذلك لأنها لا تساعد في تعزيز العلاقات مع مصر والأردن.
3. بخصوص الاتفاقبة مع الفلسطينيين: يبدو أن هناك علامات استفهام كبيرة حول سريان اتفاقيات أوسلو. فالطرفان يخرقان الاتفاقيات بمنهجية ويستخدمونها لترتيب العلاقات بينهما ليس أكثر. ولم يوضع الموضوع الفلسطيني على جدول أعمال الثورات العربية. وما يجري في العالم العربي يخلق ضبابا كثيفا جدا حول الاتفاقيات التي وقعناها مع الفلسطينيين، وأؤيد التوصل لاتفاق مرحلي جديد مع الفلسطينيين، لا خطوة أحادية الجانب من قبل إسرائيل، لكن الفلسطينيين رفضوا ذلك، وأنا أعلم أن إسرائيل كانت على وشك تقديم مثل هذا الاقتراح. وبخصوص الحل النهائي لا أعتقد أن الفرصة مواتية لمثل هذا الحل نظرا لحاجة الاتفاق لطرفين غير موجودين الأن. وأشير هنا أن المجتمع الدولي يؤيد بشدة الحل المرحلي، نظرا لفشل المفاوضات من أجل أحياء المفاوضات.
4. اتفاقية فصل القوات مع سوريا: أشير أن سوريا حافظت على اتفاقية فصل القوات أكثر من مصر والأردن اللتين لنا معها اتفاقيات سلام. ففي كل الاتفاقيات وضعت قيود على تحرك القوات الإسرائيلية قرب الحدود. وفيما يتعلق بسقوط النظام السوري وحلول حكم سني مكانه، فإن ذلك يضعف إيران وحزب الله، وهو المطلب الإسرائيلي في كل مفاوضات مع سوريا، وهنا أنصح أجهزة الحكم الإسرائيلي محاولة التعرف على المعارضة السورية لأن الحل ثمنه معروف إسرائيليا وهو التنازل عن هضبة الجولان. المهم هنا أن تغيير النظام السوري يؤدي لتغيير استراتيجي مهم في المنطقة لصالح إسرائيل وهو إضعاف إيران وحزب الله. وعلى مدار سنوات طويلة كنت من الرافضين لحل "سوريا أولا" لأن الصراع مع سوريا ليس جوهر الصراع العربي-الإسرائيلي، بل هو الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني. وطالما لم نحل النزاع مع الفلسطينيين فإننا لن نحل كل الصراع. لكن، ونظرا للصعوبات التي يمر بها المسار الإسرائيلي-الفلسطيني، علينا البحث عن حل مع سوريا، مع السعي للتوصل لحل مرحلي مع الفلسطينيين.



بعد عام من الثورات العربية

الجنرال احتياط عاموس يادلين
سندرس ما جرى في الوطن العربي وسأحاول تقديم قراءة مستقبلية لما سيحصل، علما أن هناك مفاجآت أخرى سنواجهها.
بعد ثلاثة أسابيع من المظاهرات التي اندلعت في ميدان التحرير، طرد مبارك من الحكم من قبل الشباب الليبرالي العلماني الذين شكلوا قلب الحدث السياسي في ميدان التحرير. ومنذ ذلك الوقت، جرت مياه كثيرة في نهر النيل، ومبارك قابع في السجن. لكن، تبين لنا أن تصريحات مبارك بأنه الحاجز أمام التيارات الإسلامية صحيحة ودقيقة. حيث أشارت الانتخابات المصرية إلى حصول أحزاب التيار الإسلامي على 75% من الأصوات في انتخابات حرة ومعقولة، دفعت بالشباب الليبرالي والعلماني إلى هامش الحياة السياسية في مصر.
الجيش تحالف مع المسلمين وروح التحرير سارت باتجاه أخر، ونحن نعلم اليوم أن مصطلح الربيع العربي لم يكن دقيقا، فالثورات العربية لا تؤدي بالضرورة لتبني النموذج الغربي الليبرالي الديمقراطي. ولا يدور الحديث اليوم عن تغيير من دون عنف أو لعبة الدومينو التي ستمتد لكل العالم العربي كما حصل في أوروبا الشرقية. ما جرى ليس فصلا ربيعيا واحدا. وسوف نشاهد فصول حامية وحارقة أكثر من الصيف، وشتاء باردا وجافا من دون المرور بفصل ربيع. وسيحتاج العالم العربي لسنوات من أجل التغيير، ونحن في بداية مسيرة تؤدي للتغيير.
نحن أمام لحظة تاريخية مهمة اعتبرت بداية البعث العربي. يدور الحديث فيها عن تطور تاريخي مهم جدا تميز باستنهاض الشعوب العربية وهم يصرخون من أجل الحرية والإصلاح. ما يجري في العالم العربي مهم جدا، ولا يحدث سوى مرة كل 50 أو 100 عام. المهم أن نعلم أن ما يجري لا يسير وفق أهوائنا. وما جرى هو موجه ثالثة تحدث في الوطن العربي بنفس قوة اليقظة السياسية العربية في القرن التاسع عشر التي انتهت إلى تقسيم العالم العربي لدول وطنية وتقسيم الإمبراطورية العثمانية التي قام بها الفرنسيون والبريطانيون. التغييرات الدراماتيكية الحالية تشبه التغييرات التي وقعت في العالم العربي منذ خمسينيات القرن الماضي التي استمرت حتى سبعينيات القرن نفسه، حيث نجح العرب بطرد القوى الامبريالية من أوطانهم وطرد الكثير من الملوك، وطوروا فكرة القومية العربية والاشتراكية التي قادها جمال عبد الناصر وحزبي البعث في العراق و سوريا.
لماذا وقع ذلك ألان وليس في العقود الماضية، ذلك هو السؤال المهم ؟. يبدو أن كل الظروف كانت متوفرة منذ عدة عقود، فكثير من الأنظمة الديكتاتورية تغيرت في مختلف القارات، إن كان ذلك في أمريكا الجنوبية التي تحولت من أنظمة ديكتاتورية إلى أنظمة ديمقراطية أو في أوروبا الشرقية التي أسقطت فيها الأنظمة الديكتاتورية وحل مكانها أنظمة ديمقراطية أو في شرق أسيا. فقط في العالم العربي لم نرى ديمقراطية وتقدم اقتصادي وتكنولوجي، لماذا لم يكن العرب هناك ؟. قبل عشرة أعوام نشر تقرير مهم ،لم تنتبه له إسرائيل بسبب التهائها بالانتفاضة الفلسطينية، من قبل الأمم المتحدة jndp المسمى "تقرير التنمية البشرية العربي" الذي كتبه باحثون عرب أشاروا فيه أن العرب ظلوا متأخرين من دون نمو أو تشغيل للشباب مع مشاكل ديمغرافية صعبة تمثلت بزيادات كبيرة في أعداد السكان، مع وجود أنظمة مستبدة وديكتاتورية وفاسدة واقتصاد يعتمد على النفط. وعددوا ثلاثة حواجز تقف أمام التغيير في العالم العربي وهي: عدم وجود حرية، التخلف التكنولوجي، وتخلف مكانة المرأة العربية التي تشكل نصف المجتمع ولا تشارك في التنمية الاقتصادية والسياسية.
ومن العناصر الثلاث حصل تغير دراماتيكي بالعنصر الثاني، إذ قبل عقد كان مستوى استخدام الانترنت في العالم العربي هو 0.6% و 0.2% في الدخول للانترنت من الحواسيب الشخصية. اليوم نشهد تغيير دراماتيكي، حيث انتشر الانترنت والحاسوب في العالم العربي مثل بقية العالم. وعليه، فان الثورات التي حدثت، وقعت بمساعدة الفيسبوك والانترنت. وهناك نكتة منتشرة في مصر تقول أن عبد الناصر والسادات ومبارك التقوا في الجنة يتناقشون فيما بينهم عن كيفية فقدان كل منهم السلطة، حيث قال عبد الناصر انه سقط بسبب إسرائيل الذي هزمته في حرب عام 1967، وقال السادات أنه سقط لأنه قتل، وأبلغهم مبارك أنه سقط بسبب قناة الجزيرة والفيسبوك.
علينا النظر إلى الثورات العربية ونرى ميزة هامة جدا، وهي وقوعها من دون وجود قيادات ثورية، هل يستطيع أحد من الحضور أن يقول لي من هو قائد الثورة الليبية أو المصرية أو السورية، والاهم من ذلك لا توجد ايدولوجيا واضحة لهذه الثورات، التي ما زالت تبحث عن ايدولوجيا ومرجعية، هل شعار الشعب يريد كذا وكذا، أم أن الله ونبيه هم مرجعية هذه الثورات.
المعركة الأساسية التي تجري اليوم هي في التوجهات والمرجعيات المستقبلية للعالم العربي. وإذا أردنا أن نكون قانونيين أكثر علينا القول ما هي نظرياتهم الاقتصادية التي سيخرجون بها للعالم العربي الذي يمر بمشاكل اقتصادية صعبة، وهل سيسيرون وفق سياسة اقتصادية مخطط لها، أو سيعودون للوراء، إلى نظريات ناصر الاشتراكية أو أنهم سيتبنون نظرية السوق الحر والرأسمالية التي تبناها مبارك لثلاث سنوات في التسعينات.
والأمر الأخر الذي أود الحديث فيه هو، أن ما يجري في العالم العربي ليس لعبة الدومينو. فالتغييرات في العالم العربي مرت على ستة دول فقط، تم خلالها تغيير نظاميين في تونس وليبيا، وطرد أربعة زعماء. لكن تعاملوا بحذر مع مصطلح الحاكم والسلطة من يسيطر على مصر اليوم هو السلطة السابقة، وفي اليمن توجه الرئيس علي عبدالله صالح إلى الولايات المتحدة، ولا يوجد نظام أخر هناك. وفي البحرين أجهضت الثورة ،لكن لم يتغير شيء في سوريا الصراع في أوجه .
أريد أن تميزوا بين ظاهرتين الأولى تسير بشكل عرضي فالجزيرة والانترنت والشبكات الاجتماعية تبث الأحداث من تونس لمصر والبحرين ولغيرها. لكن، في العالم العربي يجب التطلع أفقيا حول كل الدول وعمقها وما يجري فيها ،وكل دولة هي حالة خاصة بحد ذاتها فهناك دول ذات طوائف متعددة وأديان مختلفة وسلطة مختلفة، ولكل دولة اقتصاد ومشاكل مختلفة. وفي نهاية المطاف تتمتع كل دولة بعناصر مختلفة عن غيرها، لكن حدوث ثورة أو عدم حدوثها متعلق بكل دولة على حدة، وليس هناك امتداد عرضي، ولا لعبة الدومينو في الشرق الأوسط. وبعيدا عن الفيسبوك هناك مجموعة من الشبكات ربما هي شبكات خطيرة لكنها ليست موجه وهي :المساجد وهي شبكة اجتماعية مهمة تزار خمس مرات في اليوم يستمعون فيها للشيخ أو الأمام الذي يشرف على شبكة اجتماعية اقتصادية تدار باسم الدعوة التي تقدم المساعدات وهي التي فازت بالانتخابات ،وانتصرت على الفيسبوك. وفي السعودية هناك شيء مختلف اسمه المال -135 مليارد دولار. الملك السعودي وزع على شعبه 135 مليارد دولار من أجل وقف الثورة، والسعودية هي القوة المضادة للثورة. لقد قرر الملك وقف الثورة السعودية ووزع ما نتطلع له جميعا وهو تعليم مجاني وصحة مجانية وإسكان رخيص ومعاش شهري 13 و14 بعد نهاية العام والسعوديون هدؤوا. الوضع في سوريا خطير فقد نجح نظام الأسد في شل شبكة فيسبوك بواسطة البواليت الذي يملك من ما يقارب 5000 منها، والأسد معه رخصة بالقتل ،ليست رسمية، موقعة من مجلس الأمن كالتي قدمت في الحالة الليبية. الروس يستخدمون الفيتو ضد أي شيء متعلق بسوريا حتى بيان بتسليم السلطة لنائبه لا أعتقد أنه سيصدر عن مجلس الأمن. والنظام السوري محصن خارجيا وداخليا فجيشه مخلص له وليس مثل الجيش المصري الذي بدل ولاءه. الرصاص السوري ما زال يوقف الثورة من تحقيق منجزات وربما سيستمر ذلك لوقت طويل. وبخصوص الرابحين والخاسرين في هذا المجال أيضا هناك تحذير فمن كان منتصر في البداية مثل العلمانيين والليبراليين في مصر أصبحوا اليوم على هامش. ونفس الوضع ينطبق على إيران حيث هزمت التيارات الراغبة بالتغيير. وفي سوريا أجرى بشار قبل عام لقاء مع صحيفة ويستريت جورنال قال فيه أن الثورات لن تحدث في الدول التي تتبنى نهج المقاومة بل وقعت في الدول المؤيدة لأمريكا وإسرائيل. ومر شهر إلى أن اتضح له أنه لا يقرأ الصورة بشكل صحيح. ومن الواضح أن الخاسرين هم عشرات ألاف القتلى في ليبيا وألاف القتلى في سوريا الاقتصاديات العربية والنساء والأقليات من كبار الخاسرين. أما المنتصرون فهم الإسلام السياسي الذي فاز في الانتخابات في تونس ومصر وسيكون ذلك في سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد. السنة سيكونون الرابحون على حساب الشيعة الذين قادوا خلال العقد الماضي بقية اللاعبين. وبخصوص سوريا فإن الوضع مختلف، لأنه لم تحسم الأمور فيها بعد. الثورة في سوريا هي ثورة الريف على عكس مصر التي جاءت الثورة من نخب القاهرة ومن الطبقة الوسطى وصاعدا. الثورة في سوريا جاءت من الفقراء الذين تجاهلتهم ودمشق وحلب التي تمثل النخب ولم تنضم للثورة. وفي سوريا الثورة هي ثورة فقراء وفلاحين ومن لم يشارك في الفساد.
واعتبرت سوريا دولة مختطفة من قبل الدول الإقليمية العظمى غير العربية إيران وتركيا وحزب الله ونحن شاهدنا حالة إرباك من الجزيرة لمدة شهر ومن السعودية شهرين قبل تأييدها الأغلبية السنية. نحن لا نعرف كم سيصمد الأسد لكن يمكن الإشارة إلى معايير وميزات لو دفعت سنعرف متى سيسقط فيها بشار الأسد. ما جرى في سوريا هو أن تمت هيكلة الجيش وفق الأقلية العلوية، ويعلم الجيش انه لن يعتبر ذخرا قوميا مثل الجيش المصري. وعليه، سقوط بشار يعني تسريح الجيش والانشقاقات التي تحدث بالجيش اليوم هي انشقاقات فردية وليست جماعية أو من ضباط مع جنودهم وأسلحتهم وإذا لم ينهار الجيش سيظل الوضع على حاله. ومن الواضح أن تجار دمشق وحلب الأغنياء لم يتخلوا بعد عن الأسد. الذين يخرجون ويعلمون انه سيطلق عليهم النار. ويعتبر كسر حاجز الخوف في سوريا أقوى من كسر حاجز الخوف في مصر التي أعلن جيشها انه لن يطلق النار. وفي إيران توقفت الثورة لان الإيرانيين خافوا. أما في سوريا فان استمرار الوضع سيحدث تغيير. واعتقد أن التغيير في سوريا سيكون تغييرا استراتيجيا لصالح إسرائيل. وعلى مدار سنوات طويلة أوصت الأجهزة الأمنية الإسرائيلية بالتوصل إلى سلام مع سوريا حتى لو كان الثمن هضبة الجولان والمبرر كان إخراج سوريا من محور التطرف الذي تقوده إيران. وهذا الأمر ممكن أن يحدث من دون أن ندفع ثمن ذلك. ومع ذلك لا بد من الحديث عن السلام مع سوريا بعيدا عما يجري، علينا التطلع للإمام بحذر.
وحول الربيع العربي سألت، كيف أن جهاز الاستخبارات الذي ترأسته لم يتوقع هذا الحدث الكبير ؟. وبنفس السياق قال لي بروفيسور ذو مكانة كبيرة في إسرائيل لماذا لم نتوقع حدوث الثورات العربية. حيث أجاب، إنكم لا تسمعون الأغاني العربية. حينها سألته متى سيسقط النظام السعودي ؟. حتى اليوم لم يرد علي.
لقد وقعت مفاجآت في الانتخابات، فقبل شهر من يوم الانتخابات توقع الإخوان المسلمين إن السلفيين سيحصلون على نسب مئوية معدودة. لكن المفاجآت كانت كبيرة. وفيما يتعلق بالثورات العربية، علينا الاهتمام بثلاث عناصر هي: إخلاص الجيش، موقف المجتمع الدولي، وكسر حاجز الخوف. وهي العناصر الثلاثة التي ستملي استمرار الثورات العربية
وصرح قائد أكبر الأحزاب التونسية راشد الغنوشي بمركز أبحاث في الولايات المتحدة أن الثورات ستندلع في أماكن أخرى غير متوقعة انتبهوا أن الثورات لم تندلع في الإمارات أو الممالك. وأضاف الغنوشي أن عام 2012 هو عام الامارات والممالك. وعندما نشر ذلك، نفى الغنوشي هذه التصريحات بسبب حاجته للمال. وفي جميع الأحوال فإن الاقتصاد هو العنصر المهم في اندلاع الثورات أو عدمها. ولا بد من الإشارة، أن الاقتصادات العربية متدهورة ومنذ انتصار الثورة المصرية ولد مليون مصري، والمشكلة الرئيسية لمن سيحكم مصر وكيف سيوفر الخبز والغذاء لـ 80 مليون مصري، التي تحتاج لنسبة نمو اقتصادي تبلغ 7% من أجل مواجهة الأوضاع السيئة. النمو الاقتصادي في مصر هذا العام بلغ 1%.
المشكلة هي أن المتواجدين في الساحات يقولون ما لا يريدون قوله، لكن عندما يقولون ما هم يريدون يحدث الانشقاق والمشاكل.










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل ينهي الرد المنسوب لإسرائيل في إيران خطر المواجهة الشاملة؟


.. ما الرسائل التي أرادت إسرائيل توجيهها من خلال هجومها على إير




.. بين -الصبر الإستراتيجي- و-الردع المباشر-.. هل ترد إيران على


.. دائرة التصعيد تتسع.. ضربة إسرائيلية داخل إيران -رداً على الر




.. مراسل الجزيرة: الشرطة الفرنسية تفرض طوقا أمنيا في محيط القنص