الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هوية الأمة العراقية بين الريف و الحضر

دينا الطائي

2012 / 6 / 10
المجتمع المدني


هوية الأمة العراقية بين الريف و الحضر

أود أن ألفت إنتباه كل من يؤمن بالأمة العراقية لنقطة إستحضرتها قريبا و ألخصها على عجل .. و قبل الخوض فيها .. أتساءل هل العامل الجغرافي للأمة ينتج هويتها و يديمها أم العكس ؟! ..
و هل إنسحاق الديموغرافية الأنيقة للأمة العراقية هو بتأثير فظاظة الهجرة و التهجير منها و إليها و تناسل الحروب و نرجسية الديكتاتوريات و سادية الإحتلالات المتعاقبة و العنف السياسي الحالي الذي أثبت و بشكل قاطع فشله في بناء دولة مدنية حديثة على مدى ما يقارب قرنا من الزمان ؟! ..

حقيقة إن الهوية العراقية الجامعة المنجزة كامنة و متأصلة في العقل الباطن الى الحد الذي سيجعلها تنتشل الأمة العراقية من الرثاثة الغارقة فيها حاليا .. و تعيد لها مزيج من قيم الفن و العقلانية و التمدن .

فالتأريخ و المستقبل لا تحركه الأقدار بل إرادات الناس و وعيهم الاجتماعي سواء كان بصورة شعورية أو غير شعورية .. فالهوية العراقية هي ذاتنا العراقية و ذات المكان المعتق في جرة الزمان .. و هي تمثل الطابع الحضاري الناتج عن السلوك الاجتماعي لسكان بلاد ما بين النهرين .. ذاك الطابع الذي أفرز لنا العلم و الفن و الأدب و العمارة و السياسة و القانون و منظومات قيمية حاكت النسيج الإجتماعي للحياة العراقية و المتمثلة بقيم العلم و الجمال و الحداثة و الوطنية المجتمعية و التآخي الديني.

لكن أسفا هذا الطابع غاب عنا زمنا طويلا أدى لأزمة الهوية العراقية مسببة بالتالي أزمات أخرى متناسلة .. شخص بعض الباحثين أن من أحد أسباب أزمة غياب الهوية العراقية وتآكل فاعلية الأمة الحضارية هي الحياة الريفية و كثرة الهجرة من الريف الى المدن .. و هنا يكمن مضمون طرحي ..

أيها الأحبة من الخطأ .. لا بل من الخطورة أن نستمر بهذه الصورة النمطية - التي تعرف في علم النفس بمجموعة من التعميمات المتحيزة و المبالغ بها ، يكوّنها الفرد عن خصائص جماعة معينة من الناس ، تتخذ شكل فكرة ثابتة يصعب تعديلها ، حتى إذا توافرت الأدلة على خطئها - فلا بد أن ندرك جميعا أن الحياة الريفية لا تعني بالضرورة التخلف أو الرثاثة أو الفوضى .. و أن الحياة المدنية لا تعني بالضرورة التقدم أو التحضر أو النظام .

فالحقيقة أن في الأمة العراقية الأمر يتعلق بالمضمون العقلاني للسلوك .. سواء كان ريفيا أو حضريا .. !!
فالسلوك في الأمة العراقية هو نتاج لمنظومة معقدة من العوامل الاجتماعية المتفاعلة جدلا .. إبتداءا من نمط السلطة السياسية السائدة مرورا بعلاقات العمل و الإنتاج بما تنطوي عليه من عدل أو ظلم و إنتهاءا بالإنعكاس العقلي و الإنفعالي و القيمي لتلك العلاقات في شخصية الفرد العراقي .. فعلى سبيل المثال إن سايكولوجية الانسان المحروم و المهمش و المضطهد بغض النظر عن إنتماءه الريفي أو الحضري سينتج لنا التخلف و الرثاثة و الفوضى .

و للتوضيح لنعد لتأريخ أمتنا العراقية .. و سنلحظ إن الحضارات العراقية المدنية القديمة ( سومر و أكد و أشور و بابل ) وأخص إريدو أقدم مدينة بشرية في التأريخ .. نشأت جميعا في أصولها من التجمعات الزراعية الأولى على ضفاف النهرين الخالدين.

ختاما بإيجاز شديد .. إن في التكوين الديموغرافي للأمة العراقية نفتقد بشدة لتلاقح الريف بالحضر ..
فحقيقة نحن بحاجة ماسة الى ثورة معمارية باهرة نحقق من خلالها نظام راقي للحياة الإجتماعية العراقية و بذلك نحقق أو نحيي الطابع الحضاري للأمة العراقية و نسترجع هويتنا المغيبة .. بالطبع بالتزامن مع حل باقي الإشكاليات و العلل التي نعانيها .

17 أيلول 2011
دينا الطائي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كيف قارب أبو عبيدة بين عملية رفح وملف الأسرى وصفقة التبادل؟


.. الولايات المتحدة: اعتقال أكثر من 130 شخصا خلال احتجاجات مؤيد




.. حريق يلتهم خياما للاجئين السوريين في لبنان


.. الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين تجتاح الجامعات الأميركية في أ




.. السعودية تدين استمرار قوات الاحتلال في ارتكاب جرائم الحرب ال