الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خواطر ما بعد الثورة : حوار مع ثوار

ابراهيم القبطي

2012 / 6 / 11
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


شاءت الأقدار أن احاور أحد الشباب الذي نزل ميدان التحرير عدة مرات على الفيسبوك ، وهو من مؤيدي المقاطعة التامة للانتخابات ، شاب رائع ومغفل في آن واحد ، كلامه ناري وملئ بالحياة لكن بلا محتوى فكري حقيقي ، ذكّرني بفترة ليست بعيدة من حياتي عندما كنت أحارب طواحين الهواء وأبحث عن الحرية التي لم أكن اشعر بها في مصر .
لكن وضع هذا الشاب يختلف ، لقد سمحت له الظروف أن يمارس الحرية في ميدان التحرير ، لقد شرب حتى الثمالة من رحيق الشباب والثورة في ميدان التحرير ، فصار يشعر بأنه لا يقهر . حتى أنه قال لي بالحرف الواحد عندما أحس بأني ألوم شباب الثورة على وصول الاخوان للحكم :
"نحن القوة فعظموا من شأننا وإن رأيتم أحدنا فأسجدوا له واضربوا تعظيم سلام حتى نساعد السياسيين."
هذا الشاب يرى لا ضرر في وصول الاخوان للحكم .
حتى ولو تحولت مصر إلى ايران اخرى .
حتى ولو باع الاخوان مصر كلها ليورثوها لخلافة إسلامية .
حتى ولو انتهت روح الثورة بقمع ديني يفوق بمراحل قمع الحكم العسكري .
هو يثق في قدرة الثورة والثوار على الاطاحة بالاخوان لو وصلوا لحكم مصر فعليا . فهو يظن ، وكثير من المقاطعين معه ، أن الثورة مازالت مستمرة ، وان حكم العسكر كان مثل فترة غروب الشمس ، يعقبها حكم الاخوان مثل منتصف الليل ، يعقبها ثورة قوية تحطم حكم الاخوان وتجئ بالفجر الجديد لمصر .
بل هو يرى- وهم معه- أن حدوث منتصف الليل لازم من اجل مجئ الفجر والحرية والتقدم .
صورة شاعرية تملأ عقل وقلب شاب أعمته خمرة الثورة عن رؤية الحقائق السياسية والتاريخية . الحقائق التي تؤكد أن حكم الاخوان سيأتي بحكم ديني على النظام الايراني ، و لن تنجح اي ثورة بمقاييس ميدان التحرير أو غيره في القضاء عليها . ليس لأن حكمهم أكثر دكتاتورية ، ولكن لأن أغلب الشعب نفسه يرى الاسلام هو الحل . هؤلاء الشباب الثوريون لا يفمهون أن منتصف الليل كان دائما في مصر منذ دخول ابن العاص مصر ، وأن حكم اسرة محمد على أتي بالغروب لمصر ، أتبعه حكم الجيش الذي أتي بالغسق ، وسيعيد الاخوان حكم الليل الدامس أو منتصف الليل ، الذي سوف يستمر لفترات طويلة .
هذا الشاب اتهمني بعدم الواقعية لأنني لا أرى أملا في نجاح أي ثورة في وجود الاسلام فقال لي غير مصدقا :
"عايز مصر تحارب الاسلام هاهاهاها مش حتى "الأسلمة" أو "الإسلاميين" لأ الإسلام ذات نفسه، وإحنا مالنا يابا بالاسلام"
هذا الشاب لا يرى أي علاقة بين "الاسلام" و"الاسلاميين" . ويرى أملا في استمرار الثورة حتى على الاخوان لو وصلوا للرئاسة ، ولا يرى في نفس الوقت أملا في الثورة على الإسلام ذاته –لأن هذا غير واقعي . مع أن قوة الاخوان في الحكم سوف يستمدوها من ايمان الشعب بالاسلام ، ووجود الاسلام كدين للأغلبية سيكون هو الضمان الأكيد في بقاء الاخوان في حكم مصر لعشرات السنين القادمة إن لم يكن أكثر.
هذا الشاب للأسف لا يرى حتى الآن فشل الثورة الشبابية المصرية : فلا وجود لشاب واحد من الثورة في منصب وزير أو محافظ أو عضو في البرلمان أو حتى قيادة في جيش او شرطة ، ولا وجود لوجوه شابة من الثوار في الاذاعة أو التليفزيون ، بل ولم تعرف لهم أي قيادة سياسية حقيقة يمكن أن تمثلهم.
لقد قال لي باحرف الواحد عندما واجهته بفشل الثورة :
" ما أعرفه الآن أنك تقتلني. وتقتل في الأمل وذلك ليس من حقك. وخاصة وأن الجيل الماضي وإن ناضل فقليل منه من أكمل مشواره أما جيلنا كله فيريد أن يكمل مشواره".
هذا الرد ألجمنى فبكيت . لأن هذا الشاب مثله مثل بقية الثوار الشباب ، لم يفهم حتى الآن كيف أنهم قاموا بثورة في التحرير ، فلم تخرج خارج التحرير كثيرا ، هذه ليست ثورة شعبية ، وإنما ثورة شبابية فيسبوكية . لم يشارك فيها أو يؤيدها أكثر من 70% من الشعب الذي يحيا في النجوع والقرى والصعيد المصري (1):
هولاء ال70 % يحركهم الاخوان والسلفيين بالدين .
هؤلاء ال70% هم من صوتوا لصالح التعديل الدستوري في غزوة الصناديق المشهورة في الوقت الذي اعترض فيه كل الثوار على هذه التعديلات .
هؤلاء ال70% هم من ادخلوا الاخوان والسلفيين في البرلمان دون أن يدخل شاب واحد من الثوار إلى البرلمان
وهؤلاء ال70% هم من سيضمنون استمرار حكم الاخوان لو وصلوا لرئاسة الجمهورية المصرية وحولوها إلى أمارة في خلافة إسلامية .

هذا الحوار أصابني بالحزن الشديد على هؤلاء الشباب المصري الحالم الذي سوف يتم ذبحه وذبح أحلامه على مذابح الاسلام السياسي وهو لا يعلم . هم يقاطعون ثم يثورون كالفراشات التي تتجه إلى النار ظانة أنها النور ، فتلقى حتفها سعيا وراء النور والحرية .
لا استطيع أن ألومهم على حريتهم البريئة ، ولا استطيع أن أنصحهم فهم لا يقبلون النصيحة من الجيل الأقدم الأكثر حذرا وخوفا على حد زعمهم .
فقط أستطيع أن أصلي من اجلهم حتى يدخل الشبيه بابن الآلهة معهم أتون الينران وينقذهم وينقذ مصر معهم . (2)
-----------------------------
هوامش
(1) راجع موضوع خواطر ثورية (11): أزمة شعب
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=262337
(2) سفر دانيال اصحاح 3: 93








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - - 1 الجمهورية الرابعة
‎هانى شاكر ( 2012 / 6 / 11 - 05:42 )


انتهت الثورة وبدأ العد التنازلى لظلام بارد وليل طويل ستمر فيه مصر باحلك اوقاتها منذ عصر المماليك. لا يمكن اتهام المجلس العسكرى او تحميله المسؤلية عما اوصلنا للظرف الحالى. هم الان حلقة مفصليه فى دورة التاريخ الذى لا نقرؤه وان قرأناه لا نفهمه وان فهمناه لا نصدقه مفضلين دفن رؤسنا فى الرمال. منذ حوالى قرنين هيأ الله لمصر فرصه للنهوض و الترقى. ونحن اهدرنا الفرصه. مر على حكم مصر شرفاء ولصوص. نبلاء و اوغاد. باذلين و افاقين. بناء و مخربون. الاسماء لا تهم و الاحداث مرت. لكن اخر من حكم مصر مسؤل عن اكبر كمية من التدمير. لذلك سيحكمنا العسكر و الاجانب مائة سنه اخرى


اخطر تركه لمبارك ونظامه هو مصر المفككه و حال وحجم الجمهوريه الرابعه التى تركها. خلال السنين الاخيره لحكم مبارك بدت مصر وكانها مكونه من اربعة طبقات او جمهوريات. فى اعلاها يقبع الرئيس المخلوع فى طبقه من مائة شخص يضمون اسرته و اعوانه القربين و رجال اعمال هم قمه فى الفساد. ثرواتهم خياليه و دخل بعضهم يراوح المليون جنيه يوميا. شخص او اثنين من هذه الطبقه ما زالوا فى اماكن سلطتهم وهم الحكام الفعليين لمصر اليوم و العشر سنوات القادمه.


2 - - 2 الجمهورية الرابعة
‎هانى شاكر ( 2012 / 6 / 11 - 05:43 )
بعدها تاتي الطبقه الثانيه , الجمهورية الثانيه , وتتكون من خمسة ملايين من المصريين تصل مداخيلهم الى مليون جنيه فى السنه للاسره وهم معدودين كقوه شرائيه جباره تضاهى الطبقات العليا فى امريكا و اوروبا. هولاء يكسبون رزقهم بالحلال او بالحرام او كليهما. مثلا ميزانية وزارة الداخليه الاخيره كانت سبع مليارات جنيه فى حين وصل استهلاك المخدرات الى ثمانية و عشرين مليار جنيه العام الماضى. الجمهوريه الثانيه حاضره بقوه فى الاستهلاك المسرف التافه و الاعلانات الاستفزازيه المرافقه له و الشئ لزوم الشئ. للامانه اثبت شباب هذه الطبقه انهم اكثر رشدا ووطنيه من ابائهم و حركوا ثورة مصر.
الطبقة الثالثه , الجمهوريه الثالثه , تتكون من حوالى عشرة ملايين مواطن معظمهم شرفاء وطنيين هم عصب الاقتصاد الصحى غير الطفييلى. هم التجار و الصناع الذين استحقوا لقب المستورين فى مسمياتنا. دخل الفرد فى هذه الطبقه حوالى الف جنيه فى الشهر.
ا


3 - الجمهورية الرابعة - 3
‎هانى شاكر ( 2012 / 6 / 11 - 05:44 )
اخطر ما تركه لنا حسنى مبارك و نظامه الفاسد هو الطبقه الرابعه او الجمهوريه الرابعة . خمس وسبعين مليون نسمه من المعدمين سيئوا الصحة و التغذيه يعيش تسعة اعشارهم فى العشوائيات و العشر الباقى فى الشوارع. هذه هى جريمة مبارك الحقيقة و خيانة اكبر من بيع مصر للاعداء و اكبر من نهب خزينه الدوله. متوسط دخل الفرد فى الجمهوريه الرابعه هو الف جنيه فى السنه كلها . حياتهم ومعيشتهم اقل او ادنى من حياة حصان من خيل الاهرامات او ابقار الحقل. كل اناثهم اميين وكذلك تسعة اعشار ذكورهم. دخل الفرد منهم فى عشر سنوات يوازى سرقات مبارك الشخصيه فى دقيقه واحده. بسببهم لا يحتاج اعداء مصر شن اى حروب اما اصدقاء مصر فعندهم معين لا ينضب من صغار الزوجات. بسبب اعداد و حجم الجمهوريه الرابعه ستتكرر غزوات الصناديق و. رئيس مصر القادم مواطن مصرى من الجمهورية , اقصد , الطبقه الاولى. سيحكمنا العسكر مائة سنه اخرى


4 - شراء الوهم و إدمانه: لم تكن هناك ثورة
عماد عبد الملك بولس ( 2012 / 6 / 12 - 11:33 )
لم تكن هناك ثورة (أو ثورات) بل مؤامرة و أكبر دليل هو تسرع الأنظمة الغربية في تسميتها بثورة و الثناء المبالغ فيه عليها لبيع المزيد من الوهم للشعب ذي الأغلبية العاطفية (و هذه العاطفة هي التي تعميه) و لن يتغير شيء فالسلطة تم تقسيمها و الخطوات تم الاتفاق عليها و متابعة تنفيذها من أول يوم، لأن الأحداث ببساطة متوقعة، و غير متروكة للصدفة

فلن يتغير شيء في وضع الـ-لا طفو و اللا غرق- المصري إلا إذا أفاق الشعب، و هذا مستبعد، الدليل: فوز الفريق شفيق بانتخابات الرئاسة بعد أن كان مستبعدا

كل ما يجري هو لقطات من مسرحية معدة سلفا بأبطالها و سيناريوهاتها، و أحداثها التي لا منطق وراءها إلا مزيد من تشتيت المصريين لكي لا يجدوا قوتهم الحقيقية و لكي يتوهوا عن مصر التي هي المصريين


5 - جمهورية أو لا !!!
ابراهيم القبطي ( 2012 / 6 / 13 - 22:35 )
إلى الزميل هاني شاكر
أتفق معك جزئيا في أن البعد الطبقي (الاقتصادي) كان له عامل في انتشار الدروشة الدينية ، لأن الدين هو أفيونة الفقير ليتحمل فقره ، وهو الوسيلة التي يمكن ان تقنع بها الفقير أن سوء حالته الاقتصادية ترجع إلى الحكم بغير ما أنزل الله في القرآن بحسب الفكر المسلم ...
لكن أيضا لا استطيع أن أفسر الحالة المصرية بالطريقة الماركسية فقط ، هناك أيضا دوافع دينية ترجع إلى حالة الدروشة الإسلامية التي ساعدت على نشرها الحكومة العسكرية السابقة بقيادة مبارك ، والدافع لم يكن من أجل سرقة الشعب فقط ، ولكن لضمان إلهائه عن حقوقه السياسية حتى يسهل حكمه ، واسقاط المشكلة كلها على العدو الخارجي الكافر الصهيوني الامبريالي الصليبي المستعمر .... الخ الخ الخ
الشعب المصري تعود على أن يتجاهل أخطائه الحقيقية ، وينظر دائما وأبدا إلى العدو الخارجي

الذي لابد دائما وحتما أن يكون كافرا ... وهذا هو دور الدين الأساسي


6 - ثورة المؤامرة أو مؤامرة الثورة
ابراهيم القبطي ( 2012 / 6 / 13 - 22:46 )
إلى الزميل عماد
هناك فعلا التفسير المؤامراتي الذي ينتشر وبسرعة بين الكثير من المصريين وحتى العرب
هناك من يرجع المؤامرة الثورية إلى الجيش ومحاولته منع التوريث
وهناك من يرجع المؤامرة إلى أمريكا واسرائيل ... كالعادة وكأنهم لا ينشغلون إلا بمصر ومشاكل مصر .. :)
وهناك من يرجع المؤمرة إلى دولة قطر أو دول الخليج في محاولة لقلب أنظمة الحكم في الدول العسكرية إلى دول إسلامية على النظام الباكستاني

الخلاصة في كل هذه المؤمرات أنه لا دليل حقيقي عليها ، وتسقط الكثير من القدرات المبالغ فيها على انظمة بشرية وليست شيطانية
وكل هذه القوى تصرفت تجاه ثورة الشباب كرد فعل ، وليس كمخطط على الأطلاق

الثورة جاءت مفاجئة لأمريكا واسرائيل ، وجاءت مفاجئة للجيش الذي كان على وشك الضرب في المتظاهرين عندما نزل بدباباته ، وجاءت مفاجئة حتى لدول الخليج
هذه الثورة بدأت عشوائية بلا وجه ولا قيادة ، ثم رُكبت من آخرين قرروا أن يصنعوا لها وجها ، ويستغلوها لتحقيق أجنداتهم السياسية

اخر الافلام

.. مراسلة الجزيرة: أكثر من 430 مستوطنا اقتحموا المسجد الأقصى في


.. آلاف المستوطنين الإسرائيليين يقتحمون المسجد الأقصى لأداء صلو




.. الشرطة الأمريكية تعتقل عشرات اليهود الداعمين لغزة في نيويورك


.. عقيل عباس: حماس والإخوان يريدون إنهاء اتفاقات السلام بين إسر




.. 90-Al-Baqarah