الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وجهة نظر قانونية ودستورية بشأن المعاقين

رزاق حمد العوادي

2012 / 6 / 12
حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة


وجهة نظر قانونية ودستورية بشأن المعاقين

ان الفلسفة الرئيسية لحركة الدعوة لحماية المعاقين هو ضرورة تفعيل النظرة الانسانية الى حقوقهم وتحسين ظروفهم المعاشية والصحية وتوفير الخدمات الانسانية والنظر الى مشاكلهم ووضع الحلول لها
الاعاقة هي من احدى القضايا الاجتماعية المهمة في المجتمعات نظرا لابعادها التربوية والاقتصادية .. على المعاق واسرته والمجتمع ككل لذلك اهتم المجتمع الدولي بهذه الشريحة وصدرت عدة اتفاقيات دولية
ان هذا البحث هو دراسة تحليلية لنصوص القانون لحقوق المعاقين في الاتفاقيات الدولية والقوانين العربية والعراقية تنطلق في الأسس التالية :-
1- ان المعاقين ومشاكلهم تندرج ضمن الحقوق والأسس الإنسانية ولذلك فهي من القضايا المهمة التي تشغل الرأي العام والمنظمات الانسانية بحيث ان المناداة بحقوق هولاء أصبحت على النطاق الدولي والإقليمي ضرورة ملحة .
2- ان هذا البحث يهدف الى التعرف بالمشاكل التي يواجة المعاقين برغم من وجود تشريعات متعددة ولابد من تفعيلها .
3- ان هذا البحث يهدف الى توضيح النظرة الإنسانية لحقوقهم وتجاوز المشاكل التي تحد من حياتهم وتوفير الخدمات الإنسانية لهم ومن خلالها حل مشاكلهم وخاصة الاجتماعية نظرا لإبعادها التربوية والاقتصادية على المعاق نفسه وعلى أسرته وأثارها على المجتمع .
التشريعات الدولية لحقوق المعاقين
ويقصد بها مجموعة القواعد التي تقررحقوقا للمعاقين وتتناول جميع قضاياهم بما فيها أنشاء هيئة او مجلس لرسم السياسة العامة لهذه الشريحة ومتابعة تنفيذها
ففي المستوى الدولي وضعت الحماية القانونية لحقوق المعاقين ضمن المؤتمرات الدولية ومنها المؤتمر الدولي الذي عقد في نوفمبر1992 والمؤتمر العالمي الاسلامي للاعاقة والتأهيل الذي عقد في اربع دورات كان اخرها في 6-18/شباط/2001 في الخرطوم وايضا ماتناولته الشرعة الدولية لحقوق الانسان ومنها الاعلان العالمي لعام 1948 م/25/1
وقد اصدرت الجمعية العامة للامم المتحدة في عام 1983 برنامجا اطلق عليها (برنامج العمل العالمي للمعاقين الذي اكد على حقوق المعاقين والمساواة واخيرا صدرت الاتفاقية الدولية الخاصة بحقوق الطفل المعاق في 30/11/1989) .
كما اقرت الاتفاقية الخاصة بالمعاقين بموجب قرار الجمعية في 13/كانون الاول 2006 والحق بها اعلان بحقوق المعاقين لعام 1995 وهناك العهدين الدولين واتفاقية القضاء على اشكال التمييز العنصري واتفاقية سيداو واتفاقية الطفل واتفاقية منع التعذيب وحماية الاشخاص من الاختفاء ألقسري جميع هذه الاتفاقيات تدعوا الى رعاية هذه الفئة رعاية انسانية تتلائم والقيم التي يجب ان تتوفر للانسان

التشريعات العربية ومعالجة حقوق المعاقين
لقد تضمنت بعض التشريعات العربية المنظمة لحقوق المعاقين نصوصا تحدد نطاق تطبيقها من الناحيتين الشخصية والموضوعية
1- ففي المجال الشخص مثلا نص القانوني الليبي للمعاقين رقم 20 لسنة 1991 تعزيز الحرية للمواطنين ويشترط للاستفادة من القانون ان يكون ليبيا ومتمتع بالجنسية الليبية .
2- اما الجانب الاخر وهو ان يكون الشخص معاقا وفقا للمادة الثانية من القانون وهو تعريف المعاق سواء كان كليا او جزئيا او معاق عن ممارسة السلوك العادي في المجتمع سواء كان النقص في القدرة العقلية او النفسية او الجسدية وسواء كان خلقيا او مكتسبا .
3- ان النطاق الموضوعي للتشريع الليبي هو ان تقدم الدولة خدمات لذوي الاحتياجات الخاصة ومن ثم اي شخص تنطبق عليه الشروط القانونية يستفيد من احكام القانون المنظم لشؤون المعاقين اذا ماعلمنا بان المنافع والمزايا وردت في المادة (5) من القانون ومنها :-

أ‌- الايواء
ب‌- الخدمات المنزلية
ج – التعليم
د- التاهيل
هـ - العمل المناسب للمؤهلين ومن اهلهم ومتابعتهم

كما تضمن القانون اعفاء دخول العاملين منهم انفسهم... والتمتع بالتسهيلات في استعمال وسائل النقل العام .
كما ان اعداد الدراسات الطبية وهي الارشاد الوارثي قبل الزواج وقبل الحمل والعلاج النفسي والخدمات والاجتماعية والتربوية والتأهلية والرياضية هي من المستلزمات الاساسية يجب توفرها اولا.
اما القانون المصري بشأن المعاقين فهو يتطابق مع القانون الليبي حيث نصت المادة (76) منه (للطفل المعاق الحق في التمتع برعاية خاصة اجتماعية وصحية ونفسية وهذا يعني اعتماده على نفسه وتيسير اندماجه ومشاركة في المجتمع وهذا ما أكدته المادة (77) من القانون في حق الطفل بالتاهيل كما ان القانون الكويتي رقم (5) لسنة 1987 وفي المادة (3) اكد على حماية المعاق و قائيا وعلاجيا ومنها الارشاد الوراثي قبل الزواج وبعده والعلاج النفسي كما افردت المادة (3) أعلاه مسؤولية الدولية بتنفيذ الخدمات العلاجية الطبية داخل البلاد وخارجها للمعاق .
نخلص من ذلك ان بعض القوانين العربية اتخذت الخطوات الهامة في مجال كفالة حقوق المعاقين اذ استطاعت ان تجمع اهم حقوق المعاقين في نصوص قانونية محددة ... كي يمكن للمتابعين مراقبة ذلك .
لا بل ان بعض الدول العربية ومنها الاردن مثلا او الدول العربية التي وقعت على الاتفاقية الدولية للمعاقين قامت بسن قانون توظيف ذوي الاحتياجات والاعاقات في المؤسسات الرسمية والخاصة ضمن النسبة المقدمة في القانون والبالغة 4% من عمل الموظفين والتي تضمنت (54) مادة تناولت الحقوق المدنية والاجتماعية وخصصت م/23 للاطفال المعوقين منهم حماية خاصة وضمان التعليم والتدريب بما يساعدهم على التمتع بحياة كريمة والانخراط في المجتمع
اما في العراق
لقد حرص الدستور العراقي وفي المادة (32) على التزام الدولة بكفلة ورعاية المعاقين والعمل على توفير الحقوق الاساسية وتلبية احتياجتهم الانسانية وترعي الدولة المعاقين وذوي الاحتياجات الخاصة وتكفل تاهيلهم بغية دمجهم في المجتمع وتنظم بقانون .
وهناك نصوص دستورية كالاقرار بالحق في التعليم كما وردت في المادة (30) ,(31) من الدستور واذا كانت هذه النصوص دستورية عامة ويتطلب بعضها اصدار قوانين مكملة لها فان الامر قد يتطلب وقتا طويلا لتشريع مثل هذه القوانين مما يؤثر سلبا على حياة هذه الشريحة .
اما على نطاق القوانين العادية المنظمة لشؤون المجتمع سواء كانت في النصوص العامة او القوانين الخاصة بالمعاقين فان هذه القوانين هي :-
1- قانون الرعاية الاجتماعية رقم (126) لسنة 1980 لقد اورد القانون ميزات خاصة للمعاقين مراعاة لاوضاعهم الخاصة ومنها ماورد في الباب الرابع في تصنيف المعوقين وحسب طبيعة العوق الى صنفين وفقا للمادة (44) .

اولا :-
أ‌- المعوقين بدنيا
ب‌- المعوقين عقليا ونفسيا
ثانيا:- حسب قدراتهم على العمل الى صنفين :-
أ‌- المعوقين غير القادرين على العمل كليا
ب‌- المعوقين القادرين على العمل جزئيا
وقد الزم القانون الجهات الرسمية وهو وزارة العمل والشؤون الاجتماعية على تاهيل المعوقين او اعادتهم الى الاعمال والمهن التي كانوا يمارسونها قبل الاعاقة او تاهليهم على اعمال اخرى تنسجم مع ماتبقى لديهم من قابليات باستخدام الوسائل العلمية والفنية و التربوية وفقا للمادة (45) من القانون اما بخصوص الاشخاص ذوي الا عاقة الشديدة القادرين على العمل جزئيا وتوجيهم الى الورش المحمية او الجمعيات التعاونية وفقا للفقرة ثانيا من المادة أعلاه اما شديدي العجز المتقدمين في السن فلابد من رعايتهم عن طريق انشاء مراكز ومجمعات للرعاية الاجتماعية والطبية والنفسية وفقا للفقرة ثالثا من المادة أعلاه .
ولقد أورد القانون في الفرع السادس مراكز الورش المحمية والجمعيات التعاونية الانتاجية للمعوقين وفقا للمادة (69) من القانون ومن ملاحظة النصوص القانونية فان هذه الورش يفترض بها ان تكون معامل صغيرة مختصة لتشغيل المعوقين شديدي العجز القادرين على العمل جزئيا دون قيامهم ببذل جهد فكري او عضلي ويؤدي المعوق فيها عملا انتاجيا يتلائم مع قواه البدنية او العقلية وفقا لما ورد في المادة (71) أولا
ووفقا للقانون فان هذه الورش لها خصوصية كونها تؤدي الى دفع ومساعدة للمعوق في الاعتماد على النفس ومساعدته ماديا ونفسيا مع لفت انتباه المجتمع الى ضرورة تلبية حقوق الاشخاص المعوقين والمشاركة والمساهمة في مختلف الانشطة .
وبالرغم من ذلك فان هذه الورش تكاد تكون مهملة وتفتقر الى مستلزمات الانتاج كمكائن الخياطة والنجارة واللحام وافران وسيراميك واقمشة ومواد اولية في مجال النجارة ولابد من اصلاحها واعادتها وهذه هي مهمة الوزارة المعنية .

كما نص القانون في الفصل السادس انشاء جمعيات تعاونية الانتاجية للمعوقين ودمجهم في المجتمع عن طريق العمل والاستفادة من موارد بشرية أضافية وفقا للمادة (69) من القانون وبما ان هذه الأسس القانونية انيطت بالجنة فنية توجه وتتابع تنفيذ برامج المعاقين وعلى ضوء التزامات الدولة بتوفير كافة التسهيلات لهذه الورش وبصورة مبرمجة ومستمرة وبمساعدة مؤسسات الدولة طبقا للمادة (75) من القانون .
كما ان قانون الرعاية الاجتماعية الزم الجهة الرسمية بتأسيس مراكز الرعاية للمعوقين وتاهيلهم وفقا للمادة (51) من القانون وهي :-
اولا:- المركز التشخيصي
ثانيا:- مراكز الرعاية للمعوقين بدنيا
ثالثا:- مركز رعاية المعوقين عقليا ونفسيا
رابعا:- مركز رعاية المكفوفين
خامسا:- مركز رعاية المعوقين العاجزين كليا
سادسا :- مركز الورش المحمية
اذا ما علمنا بان يوجد 17 مركز من هذا النوع (6) في بغداد والباقي في المحافظات وهي عاجزة عن اداء اعمالها ..
كما يوجد (5) دور لرعاية المسنين في بغداد والمحافظات ومراكز لرعاية شديدي العوق في بغداد و(1) في كربلاء .
ان الدولة العراقية وبالرغم من اقرارها بحق المعوقين وضرورة رعايتهم الا انه لم يصدر قانون خاص بهم لان الضمانات القانونية التي اشرنا اليها لاتشكل ضمانة كافية كما انها لا تحقق شمولية واستجابة المجتمع واعترافه بقضية الإعاقة ورفع مستوى الوعي المجتمعي بهم والاطلاع على احوالهم بغية مناشدة المجتمع لرفع معنويات واشعارهم بذاتهم واهتمام المجتمع بهم .
المقترحات
1- ضرورة تأسيس تجمع خاص للنظر في حقوق المعاقين وتفعيل المادة (32) من نص الدستور من خلال الضغط باتجاه السلطة التشريعية لتشريع القوانين اذا ما علمنا بان القانون المقترح قرأ لمرة واحدة ثم اودع في الرفوف العالية
ان هذا التجمع سيكون من منظمات المجتمع المدني العاملة وذات العلاقة مع اشراك الوزارات التي لها اهتمام ومسؤولية تجاه المعاقين علما ان العراق انظم الى الاتفاقية الدولية الخاصة بالمعاقين وقد شكل التزاما داخليا ودوليا على العراق يجب ان ينهض به اتجاه هذه الشريحة من المجتمع .
2- ان قانون الرعاية الاجتماعية رقم(126) لسنة 1980 النافذ تضمن احكامها بخصوص المعاقين ومنها على سبيل المثال مراكز رعاية وتاهيل المعاقين كما وردت في الفصل الثاني ولكنها مراكز رعاية تكاد تكون مهملة وهي بحاجة الى أعادة النظر في ما هي عليه ويتطلب الامر متابعه ميدانيا من قبل ذوي العلاقة .
كما ان هناك 17 مركز منها 6 في بغداد والباقي في المحافظات فان هذه الورش لم تقدم شيئا لهولاء المعاقين فهي مهملة وتحتاج الى متابعة وتوفير الدعم المالي والكوادر المختصة للقيام باعمالها
3- ان مراكز الورش والجمعيات التعاونية للمعاقين كما وردت في الفرع السادس من القانون ومع ذلك فإنها ليست ذات فعالية وبالرغم من ان أهدافها إنسانية واجتماعيا واقتصاديا ومع ذلك فان الإهمال الحاصل بهذه المراكز يكاد يكون واضح للعيان ويتطلب المتابعة.
وكما ان هذه المعاهد لا يمكن لها استيعاب الإعداد من المعاقين بسب الظروف التي مر بها العراق واذا كانت هذه المعاهد تستقبل الطفل المعاق بعمر 6 سنوات ويتخرج بعمر 15 سنة بعدها يذهب للتأهيل المهني لكي يحال الى ورش التشغيل وهذا الهدف لم يحقق للاسباب التي ذكرناها .
4- من ملاحظة الواقع الميداني للمعاقين فان هناك اعمال تشغيل المعاقين لا تحتاج الى سن القوانين مثلا المكاتب ،والمصانع ،ممارسة الاعمال اليدوية .....يمكن تشغيل هولاء ضمن هذه الاعمال مع العلم لا يوجد نص في القانون الرعاية الاجتماعية رقم 126 لسنة 1980 يعارض ذلك .
5- ان دعوة الحكومة بضرورة تخصيص مبلغ في ميزانية الدولة للمعاقين حصرا وفي توظيفهم في المؤسسات كلا حسب قابليته واختصاصه وبموجب مجلس اعلي يؤلف لهذه الغرض ويشرف عليه وهذا ما هو جار عليه في الاردن حيث تم تخصيص مبلغ 4/1 من موازنة الدولة لهولاء بموجب إشراف ميداني من قبل مجلس ينهض بهذه المهمة ...
6- العراق من الدول القليلة التي تنشر فيها الالغام وبمعدل 25 مليون لغم تنتشر خاصة على الحدود العراقية ومن جميع الجهات وفي القرى والارياف المحاذية لهذه الحدود وقد أدت هذه الحالة الى الكثير من الاعاقة بسب العبوات والاسلحة واذا كان العراق في الدول التي أنظمت الى الاتفاقية اوتاوة لمكافحة الألغام وانتشارها عام 2008فان الدولة العراقية ملزمة بمكافحه الموت المدفون حفاظا على ارواح الناس لا ان توكل هذه المهمة الى منظمات او جمعيات لان العراق اصبح جزء من المجتمع الدولي بانضمامه الى اتفاقية أوتاوة
وأخيرا فان الحقوق الاساسية للمعاقين هي حقوق ازلية وطبيعية اقرتها الاتفاقيات الدولية والعرف الانساني الدولي كون المعاقين هم من ضمن المجتمع ومتساون في الحقوق والواجبات كلا حسب قابليته وقدرته لذلك يفترض ان لا تكون هناك فواصل او حدود بين الانسان والانسان وان المعوق مواطن له حق على المجتمع كما للاخرين لذلك كنا نتمنى على الجهات التشريعي ان تنهض بواجبه اتجاه هذه الشريحه وان تشرع القوانين التي تضمن لهم احترام الانسانية

رزاق حمد العوادي

مصادر البحث
1- المؤتمر العالمي الاسلامي عام 1992
2- الاعلان العالمي لحقوق الانسان 1948
3- الاتفاقية الدولية الخاصة بحقوق المعاقين لعام 1989
4- اعلان حقوق المعاقين لعام 1995
5- القانون الليبي رقم 20 لسنة 1991
6- القانون المصري
7- القانون الكويتي رقم 5 لسنة 1987
8- الدستور العراقي 2005
9- قانون الرعاية الاجتماعية رقم 126 لسنة 1980








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيتو أمريكي ضد منح العضوية الكاملة لدولة فلسطين في الأمم الم


.. هاجمه كلب بوليسي.. اعتقال فلسطيني في الضفة الغربية




.. تغطية خاصة | الفيتو الأميركي يُسقط مشروع قرار لمنح فلسطين ال


.. مشاهد لاقتحام قوات الاحتلال نابلس وتنفيذها حملة اعتقالات بال




.. شهادة فلسطيني حول تعذيب جنود الاحتلال له وأصدقائه في بيت حان