الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رسالة إلى متظاهر شاب

فخر الدين فياض
كاتب وصحفي سوري

(Fayad Fakheraldeen)

2012 / 6 / 13
مواضيع وابحاث سياسية


يا بني:
لا تخشى استمرارك في الخروج لمقارعة ظالميك وظالمي أهلك وأبناء وطنك العظيم.. فأنت صاحب حق مسروق، وصاحب الحق "سلطان".
لا تخشى الاعتقال والتعذيب والترهيب، فجسدك مبدع في تلك اللحظات.. سيتحول إلى جبل من الصوان لا تهزه مطرقة الجلاد.. جلادك الخائف من صوتك الحر ترتجف فرائصه أمامك، حين يهوي بكرباجه على جسدك المقدس.
يا بني:
شعبك العظيم حطّم جدران خوفه، وبوابات الصمت العالية، انطلق مارداً لا يهزمه نظاماً أو ميليشيا أو جيشاً من الشبيحة أو عصابات الطوائف في الإقليم ومشاريعها السوداء أو مصالح المافيات في العالم.. شعبك العظيم لا يخشى إلا خفوت صوتك المدني، أو تراجع خطواتك الوطنية.. وحدها تعيده إلى "قمقم" المستبدين ومقاصل الفاسدين.. ثورة شعبك وبطولاته أمانة بين يديك وفي قلبك فلا تفرّط بها.
يا بني:
لا تقترب كثيراً من السياسيين الذين يجمعون دموعك ودمائك ليشتروا بها كراس جديدة.. اترك مسافة بين نضارة الثورة في قلبك وبين أيديولوجياتهم المهترئة، وشعاراتهم الرنانة، ولغة "الدس واللس" والدهاليز المعتمة التي تكتنف حياتهم.
يا بني.. لا تقترب كثيراً ممن "ينازع" الجلاد سوطه.. ليتحول من مجلود إلى جالد..
ابق مع الناس، مع أحلامهم البسيطة.. وجماليات عفويتهم.. ابق حيث بطولاتهم غير المدّنسة بحسابات المنافقين..
يا بني:
لقد أفرز الجلاد، جلادين صغار، يتماهون به، ليسوا أكثر من عبيد تافهين، وجدوا في ثورة الشعب العظيم، فرصة لتعويض نقصهم التاريخي.. وتبييض الوخم الذي أكل قلبهم، وهم على أعتاب نظام أذلّهم طيلة نصف قرن ولم يعترف بهم.. همّشهم عند الناس وحولّهم إلى "أراكوزات" فصامية..
هؤلاء لا يقلون خطراً على الثورة من النظام نفسه.. فأمراض العبيد تتشابه حتى لو اختلفت مواقعهم..
نحتاج إلى زمن "قد يطول" لكي تستعيد السياسة مدنيتها وذكائها الاجتماعي الحريص على الناس.. يا بني لا تثق بمن جرّد السياسة من الأخلاق والضمير والحق والخير العام.
يا بني هل سمعت ما قاله أبي وأخي وصديقي ومعلمي هاني فحص:
"ما من مرة توهمت فيها أن بإمكاني كمواطن أو كاتب أو باحث أو أديب، أن أتقدم منفردا، أي منقطعا أو منبتا أو منفصلا عن أهلي، أي المواطنين وإن اختلفت معهم أو مع بعضهم، إلا ووجدتني متأخرا، متخلفا ومحبطا ونادما ومتروكا وحدي، أو معي آحاد يشبهونني يعانون من مرضى الوجاهة والصدارة، وكل منا يمشي عكس الآخر... لأن الباطل لا يجمع إلا مؤقتا.
وما من مرة قررت فيها أن أكون سويا وفاعلا، إلا وتراجعت إلى آخر المظاهرة أو المسيرة أو الحركة أو الانتفاضة، فوجدت نفسي في وسطها، حيث أرى الجميع و يراني الجميع"
يا بني.. تعلّم مما قاله هذا المعلم الكبير، تعلّم فن التواضع والأثرة ومعانقة أحلام بسطاء البلد.. أحلامهم الصغيرة/ الكبيرة، بالكرامة والحرية والتعايش الإنساني الجميل.
هل سمعت ما قاله عن أعضاء حمزة الخطيب:
" في أعرافنا أن يمشي المشيعون وراء الجنازة، أما أنا فأني ادعوكم الآن إلى السير أمام جنائز أطفال الحولة، ومن بينها جنازة حمزة الخطيب والقاشوش، لنحميها من الشبيحة، أكلة لحم العصافير نيئا، حتى لا يسرقوا أكاليل الورد، وحناجر المغردين، والأعلام التي تغطي النعوش، وأرجو أن أكتب نصا يرقى جمالا إلى مستوى أعضاء حمزة وحنجرة القاشوش..."
يا بني.. تعال نبشّر النظام وشبيحته: مهما فعلوا.. ومهما أجرموا، فلن نعتاد على دمويتهم وطائفيتهم..
نحن أبناء سوريا العظيمة..
سنظل نشرب قهوة الصباح برفقة مدنيتنا التي لم يعرفوها.. ولن يتاح لهم الوقت ليعرفوها.
فما يقومون به هو آخر لحظاتهم..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل ساعدت كوريا الشمالية إيران بهجومها الأخير على إسرائيل؟ |


.. مسلسل يكشف كيفية تورط شاب إسباني في اعتداءات قطارات مدريد في




.. واشنطن تؤكد إرسال صواريخ -أتاكمس- بعيدة المدى لأوكرانيا


.. ماكرون يدعو إلى أوروبا مستقلة أمنيا ودبلوماسيا




.. من غزة| 6 أيام في حصار الشفاء