الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خطوات للأمام في حق التنظيم والحرية النقابية- خطوة للخلف في الحقوق والمزايا المادية

فاطمة رمضان

2012 / 6 / 24
الحركة العمالية والنقابية


مشروع قانون الحرية النقابية
خطوات للأمام في حق التنظيم والحرية النقابية- خطوة للخلف في الحقوق والمزايا المادية

مقدمة:
مع بداية جلسات التشاور والمناقشات التي حضرها الثلاثة أطراف المعنية بالحريات النقابية ـ وهي النقابات وأصحاب الأعمال ووزارة القوي العاملة ـ بهدف مناقشة مشروع الحريات النقابية في صورته الأولي، كان هناك رأيان، أحدهما رافض لمشروع القانون وفي الجوهر منه رفض لمسألة الحرية النقابية، والآخر مدافع عن الحق في الحرية النقابية، وبالتالي يدافع عن صدور قانون يدعم هذا الحق علي أرض الواقع.
كل من كانوا يرفضون قانون الحرية النقابية من النقابيين باتحاد عمال مصر، ومعهم بعض النقابيين من ممثلي الإخوان المسلمين، كانوا، وما زالوا، يرفضونه بدعوي الحفاظ علي وحدة الحركة العمالية وحمايتها من التفتيت، كذلك بدعوي الخوف من الفوضى، وتعطيل الإنتاج. وقد شاركهم فيا يخص السببين الآخرين أصحاب الأعمال.
والآن سوف أشرح في أيجاز رأي الفريق الثاني ـ وأنا منه ـ المدافع عن الحق في الحرية النقابية، وفي قانون متوازن يرسي دعائم هذا الحق علي أرض الواقع، لأنني أري أن تمكين العمال من تشكيل نقاباتهم بحرية بدون تدخل من أحد، سواء أصحاب الأعمال أو الحكومة، أو حتى الأحزاب والمؤسسات، سوف يكون اللبنة الأولي في بناء نقابات قاعدية، ترتبط بقواعدها العمالية وتدافع عن حقوقها، وتعمل علي تنفيذ مطالبها، وتعمل علي تحسين أوضاع العمال علي كل المستويات، سواء الاقتصادية أو الاجتماعية أو السياسية. نقابات ديمقراطية يدخلها العمال بإرادتهم الكاملة، وينتخبون مجالس إدارتها بدون تدخل من أحد ويستطيعون عزلها عندما تنحرف عن أهداف النقابة التي وضعتها جمعيتها العمومية. وبالتالي فهي سوف تكون نقابات قوية، تستمد قوتها من ثقة عمالها فيها، والعمل معاً بداخلها من أجل تحقيق المطالب وانتزاع الحقوق، وفي هذا الوقت سوف نجد أن العمال ونقاباتهم القاعدية هم من يناضلون للدخول مع غيرهم من النقابات المناضلة الأخرى في وحدة طوعية، وعن قناعة بأن وحدتهم الطوعية هذه سوف تجعلهم قوة لا يستهان بها، تعمل من أجل أن يكون العمال جزء من صناعة القرار في مصر، وليس فقط العمل على رفع مطالب العمال لدى مؤسسات اتخاذ القرار في مصر.
لو نظرنا حالياً لأوضاع العمال في مصر لوجدنا أنها أوضاع متردية جداً، فالعمال يعملون لساعات عمل طويلة بأجور ضئيلة لا تكفيهم هم وعائلاتهم، بدون تأمين صحي أو اجتماعي في الكثير من الأحيان، خصوصاً في القطاع الخاص. أما العمال المؤقتون، فيعملون في معظم الأحيان في ظروف عمل قد تعرض صحتهم وحياتهم نفسها للخطر. فلا توجد شروط سلامة وصحة مهنية تتوفر، ولا وسائل وقاية للعاملين ضد مخاطر المهنة يوفرها صاحب العمل (سواء كان حكومة أو قطاع خاص). يتعرض العمال للفصل التعسفي، وكذلك الحرمان من حق العمل في الحالات التي يتم فيها إغلاق المصنع أو الشركة بدون التقيد بالخطوات التي ينص عليها القانون للإغلاق. بالتالي يجد العمال أنفسهم مشردين بالشارع بدون أي حقوق، ولا تأخذ الدولة أي إجراءات للأسف لردع أصحاب الأعمال، وتكرر هذا المشهد كثيرا (على سبيل المثال في كابري للصناعات الغذائية- يونيفرسال للملابس الجاهزة_ أمونسيتو- وسالمكو- ....). وقد نجح العمال في بعض الحالات من خلال نضالهم عبر الاعتصام والوقفات الاحتجاجية من أخذ بعض حقوقهم، وفشل آخرين في مواقع أخري في أخذ حتى جزء من هذه الحقوق رغم حصولهم علي أحكام قضائية واجبة النفاذ.
ومن هنا تكمن أهمية النقابات المستقلة القاعدية التي تعمل استنادًا إلى أسس ديمقراطية، في الحفاظ علي هذه الحقوق. فمثلاً بالنسبة لمسألة السلامة والصحة المهنية وتفتيش العمل، يوجد نقص شديد في مفتشي السلامة والصحة المهنية ومفتشي العمل القائمين علي تطبيق القانون لدرجة تصل في بعض المحافظات أن القوة التفتيشية لا تغطي أكثر من 10% في المنشآت في المحافظة. يعني ذلك أنه لن يتم التفتيش علي هذه المنشأة سوي مرة واحدة كل عشرة سنوات. هذا بخلاف تردي الوضع المادي للمفتشين أنفسهم. ويعني ذلك أنه في الوضع الحالي لن تكون هناك متابعة جيدة لأحوال العمال، مما يؤثر علي حقوق العمال في بيئة عمل نظيفة وأجر عادل، وساعات العمل معقولة، وتأمينات وغيرها من الحقوق. وفي هذه الحالة، فمهما كانت حقوق العامل منقوصة، أو المخاطر التي يتعرض لها كبيرة، فإنه حتى لو كان واعيًا بها، فسوف يتردد ألف مرة قبل أن يطالب بحقوقه، أو حقه في الحماية من المخاطر سواء من صاحب الشركة أو المصنع، أو الإدارة أو حتى طلب فرض هذه الحماية من خلال القوي العاملة. لأنه في الأغلب، سوف يفقد العمل نفسه إذا طالب بهذه الحقوق.
وفي الوضع الحالي نجد أن الشكوى من أضرار بيئة العمل والمطالبة بالحماية تظهران علي استحياء في حالة الإضراب أو الاعتصام. ولم يكن هذا النوع من المطالب أساسيًا إلا في حالات صارخة يجد فيها العمال زميل أو زملاء لهم قد فقدوا حياتهم. وحدث ذلك في بعض الحالات، مثل عمال الصرف الصحي في الفيوم علي آثر وفاة زملاء لهم ( لم يكن مؤمن عليهم). وحاولت الإدارة وقتها أن تخرج من هذا الموقف عن طريق تقرير تقول فيه أن العمال الذين قتلوا هم المخطئين، لولا وقفة زملائهم.
ومن ثم، ففي حالة وجود نقابات حقيقة في كل موقع من مواقع العمل، هذا معناه حتى طبقاً لقانون العمل الحالي (الذي يجب أن يصدر قانون عمل اجتماعي يضمن حقوق العمال بدلاً من القانون الحالي) أنه من حق النقابة أن تختار من يمثل العمال في لجنة السلامة والصحة المهنية في المنشاة والمنوط بها القيام بدور التفتيش اليومي علي كل أماكن العمل لتوفير شروط سلامة وصحة مهنية في كل أماكن العمل. ويكون دورها مكملاً لدور مفتشي السلامة والصحة المهنية في وزارة القوي العاملة. وفي حالة التعسف من قبل صاحب العمل وتعريض العمال للخطر تستطيع النقابة وخلفها العمال التصدي والوقوف له. وتستعين وقتها بوزارة القوي العاملة والهجرة من أجل إلزامه بالقانون (وقد رأينا مثال وقوف اللجنة النقابية لعمال الأسبستوس، ضد تشغيل الشركة ولكن للأسف عرفوا بهذا الخطر متأخرين بعد أن مرت سنوات توفي فيها الكثيرون منهم).
بالمثل في بقية الحقوق، فمثلا بالنسبة لحقوق العمال في التأمينات، تستطيع النقابة أن تناضل من أجل أن يستظل كل أعضائها بمظلة التأمين الصحي والاجتماعي. لأنه في الوضع الحالي عندما يحدث تفتيش مفتشي العمل أو التأمينات ـ والذي يحدث علي الأكثر مرة في السنة ـ نجد أن صاحب العمل يقوم بتسريب العمال من مكان العمل في وقت التفتيش، ولا يبقي سوي العدد القليل من العمال المؤمن عليهم. فلو وُجدت هذه النقابة ـ التي يجب أن يتم جزء كبير من إجراءات التفتيش سواء العمل أو السلامة والصحة المهنية أو التأمينات بالتعاون معها ـ لأصبح لدى مفتش العمل أو التأمينات أسماء العمال الذي يتهرب صاحب العمل من التأمين عليهم . ووقتها يستطيع مفتش العمل، أو مفتش التأمينات إلزام صاحب العمل بتطبيق القانون والتأمين عليهم.
وبالمثل بالنسبة لبقية الحقوق، فوجود نقابة عمالية حقيقية وسط العمال تدافع عن حقوقهم، مع ضبط أداء كل الجهات التفتيشية (سواء بوجود قوانين اجتماعية أفضل تضمن حقوق العمال، أو تحسين أوضاع العاملين القائمين بتطبيقها...)، كفيل بضمان حقوق العمال في المرحلة الحالية.
كما أن وجود نقابات واتحادات قوية كفيل بحل الكثير من المشكلات القومية التي تعاني منها مصر منذ عشرات السنين، مثل البطالة والفقر، ومشاكل الصحة والتعليم،.....
فبالنسبة لمشكلة البطالة علي سبيل المثال، مع تبني سياسات تنموية من شأنها توفير فرص عمل، لابد من التوزيع العادل لثروة هذه البلد. وأنا أعتقد أنه مع وجود هذه النقابات ممكن النضال والضغط من أجل العدالة الاجتماعية. فإذا ناضلت هذه النقابات من أجل وضع حد أدني وحد أقصي للأجور، وربطهما بالأسعار، والعمل 8 ساعات عمل فقط، نستطيع علي الأقل أن نضاعف عدد العاملين بأجر في مصر، وبالتالي تقليل عدد المتعطلين عن العمل.، لأنه في الوضع الحالي، تعمل أعداد واسعة من العمال ساعات طويلة تتعدي 12 ساعة في عمل واحد من أجل الحصول علي أجر يكفي بالكاد للعامل والأسرة. أو قد يعمل العامل لساعات قد تتعدي 14 ساعة في أكثر من عمل لكي يحصل منها علي أجر أيضا يكفيه بالكاد. فلو استطعنا أن نرسي قاعدة العمل 8 ساعات فقط يتخللهم ساعة راحة، لاستطعنا زيادة فرص العمل أمام العمال.
يتكون مشروع قانون الحريات النقابية من خمسة أبواب، احتوت علي 40 مادة. ويتكون قانون النقابات العمالية من عشرة أبواب بها 78 مادة، احتوت في ثناياها علي الكثير من التفاصيل فيما يخص النقابات بداية من إنشائها وانتهاء بحلها. ولم يترك للنقابات الحرية في وضع ما تريد من خلال لوائحها. وفيما يلي أهم الفروق بين القانون 35 لسنة 1976 القديم للنقابات، ومشروع القانون الجديد (مشروع قانون الحرية النقابية)، حتى نستطيع أن نحكم هل قانون الحريات النقابية يعد خطوة للأمام فيما يخص حقوق العمال وحريتهم في التنظيم أم لا؟، وما هي أهم ما يميزه عن القانون 35، وما هي أهم نقط قصوره.

أولا: كيفية إنشاء النقابات ومن له حق الحل، والصلاحيات
1- الحق في التنظيم وتشكيل الاتحادات:
تُعتبر الحرية النقابية ـ أي الحرية في التنظيم في حد ذاتها، سواء رغب العمال في تشكيل نقابات أم لا، أو إذا أرادوا التعدد في النقابات، ثم حريتهم في الوحدة النقابية من عدمه، وشكل هذه الوحدة ـ من أهم الفروق الجوهرية بين مشروع قانون الحريات النقابية، وقانون 35 لسنة 1976. ففي الوقت الذي يُبني فيه هيكل النقابات العمالية في القانون 35 علي أساس هرمي، توضع فيه كل الصلاحيات في قمة الهرم، ويبدأ البناء من أعلي لأسفل، وكذلك الصلاحيات والأوامر، نجد أن هناك محاولة في التشريع الجديد في مشروع قانون الحريات النقابية للبناء بشكل قاعدي، ثم تختار هذه المنظمات النقابية القاعدية ـ إذا رغبت ـ الأشكال التي من الممكن أن تتجمع فيها لكي تُكون منظمات نقابية أكبر سواء كانت هذه المنظمات هي اتحادات نقابية علي مستوي المهنة أو الحرفة أو الصناعة، أو اتحادات محلية. ثم تختار الاتحادات النقابية أن تشكل معاً اتحادات عامة للعمال، إذا رغبت في ذلك.
ويتضح ما نقوله في الكثير من المواد في كل من القانونين. ففي م 7 من ق 35 لسنة 1976 ورد: "يقوم البنيان النقابي علي شكل هرمي، وعلي أساس وحدة الحركة النقابية، وتتكون مستوياته من المنظمات النقابية التالية: اللجنة النقابية بالمنشأة أو اللجنة النقابية المهنية- النقابة العامة- الاتحاد العام لنقابات العمال، ويصدر الاتحاد العام لنقابات العمال قرارًا بقواعد وإجراءات تشكيل هذه المنظمات النقابية المشار إليها بالفقرة السابقة وفروعها".
ويكمل نفس الفكرة في م 1 من الباب الأول (الأحكام العامة)، والتي يُعرف فيها المنشأة، أتي فيها بالنص:"....... وتقوم النقابة العامة بتحديد فرع المنشأة الذي يتوافر فيه مقومات تشكيل اللجنة النقابية في حدود اللائحة التي تضعها النقابة العامة ويتولي الاتحاد العام لنقابات العمال البت في أي خلاف ينشأ في هذا الشأن"
ويأتي التأكيد علي قيادة الاتحاد لكل النقابات في مادة 17 من ق 35 لسنة 1976، حيث جاء:" يقود الاتحاد العام لنقابات العمال الحركة النقابية المصرية ويرسم سياستها العامة المحققة لأهدافها داخليا وخارجيا"

في حين ينص مشروع قانون الحرية النقابية علي الحق في التنظيم وبحرية تامة، سواء للعمال أو لأصحاب الأعمال، ففي مادة 12 من مشروع قانون الحرية النقابية جاء: "للعمال ولأصحاب الأعمال - دون تمييز أو إذن - الحق في تكوين منظمات يختارونها، وكذلك حق الانضمام إليها بشرط التقيد بلوائح هذه المنظمات، شريطة ألاّ تخالف النظام العام."
وتؤكد م 13 نفس الحق في عدم الإجبار لا علي الانضمام، ولا علي الانسحاب، كما ورد في مادة 14 بالتفصيل عدم التدخل في أي من شئونها، فقد جاء: "لمنظمات العمال ومنظمات أصحاب الأعمال الحق في وضع دساتيرها ولوائحها التنظيمية والمالية والإدارية، شريطة عدم مخالفتها للنظام العام، وفي انتخاب ممثليها بحرية كاملة، وفي تنظيم إدارتها ونشاطها، وفي إعداد برامج عملها، وتمتنع السلطات العامة عن أي تدخل من شأنه أن يقيد هذا الحق أو أن يعوق ممارسته المشروعة"
وتؤكد نفس الفكرة عدم تقييد الحق من قبل السلطات العامة في م 33:"............... ولا يحق للجهة الإدارية الامتناع عن قبول الطلب"
ثم ننتقل بعد ذلك إلي حق تكوين الاتحادات، في مادة (32( من مشروع قانون الحرية النقابية جاء:" للنقابات ولمنظمات أصحاب الأعمال حق تكوين الاتحادات فيما بينها وفقًا لإرادتها، سواء كانت اتحادات على مستوى الصناعة أو المهنة أو الحرفة أو النطاق الجغرافي، أو على مستوى الصناعات المتماثلة أو المرتبطة في نطاق جغرافي محدد، كما يكون للنقابات والاتحادات حق تكوين الاتحادات العامة على المستوى القومي."
ثم في محاولة لوضع قواعد عامة خاصة بالأوراق المطلوب إيداعها لدي الجهة الإدارية والخاصة بتكوين الاتحادات النوعية والاتحادات العامة، بدلاً من تركها لكل موظف حسب هواه كما يحدث الآن، نجد م 19 حاولت وضع هذه القاعدة في أضيق الحدود فقد جاء فيها: يجوز تكوين الاتحادات النقابية للعمال بناءً على طلب انضمام عشرة نقابات عمالية، ويجوز تشكيل الاتحادات العامة للعمال على المستوى الوطني بناءً على طلب انضمام من عشرة اتحادات عمالية أو عشرين نقابة عمالية من قطاعات مختلفة .وعلى الوزارة المختصة أن تسعى إلى تشجيع التفاوض الاختياري بين المنظمات النقابية من أجل التكتل النقابي وتحقيق الوحدة النقابية.
كذلك فيما يخص تكوين النقابات، م 10 من مشروع قانون الحرية النقابية: "للعاملين بالمنشآت التي يعمل بها 250 عاملاً على الأقل الحق في تشكيل نقابة عمالية شرط ألاّ يقل عدد المؤسسين عن خمسين عاملاً. وللعاملين بالمنشآت التي يقل عدد العاملين بها عن ذلك، الحق في تكوين نقابة عمالية بالاشتراك مع غيرهم على مستوى المهنة أو الحرفة. ولا يجوز تكوين منظمة أصحاب أعمال إذا قل عدد المؤسسين لها عن عشرة أعضاء."

2- ثبوت الشخصية الاعتبارية للمنظمات النقابية:
بخصوص ثبوت الشخصية الاعتبارية للمنظمة النقابية، فإنها تثبت في مشروع قانون الحرية النقابية بمجرد إيداع الأوراق في الجهة الإدارية المعنية، كما جاء في م 2: "تثبت الشخصية الاعتبارية لمنظمات العمال وأصحاب الأعمال المشكلة وفقا لأحكام هذا القانون من تاريخ إيداع طلب التأسيس في الجهة الإدارية المختصة، مع مراعاة استيفاء المستندات اللازمة على الوجه المبين بالمادة (17) من القانون".
في حين نجد في القانون 35 لسنة 1976، يشترط لممارسة النشاط وثبوت الشخصية المعنوية، إيداع الأوراق في الجهة الإدارية والنقابة العامة والاتحاد العام، كما جاء في مادة 4:" تثبت الشخصية المعنوية للمنظمة النقابية من تاريخ إيداع أوراق التشكيل المنصوص عليها في المادة 63 من هذا القانون بالجهة الإدارية المختصة، والنقابة العامة أو الاتحاد العام لنقابات العمال. وللمنظمة النقابية أن تباشر نشاطها اعتباراً من هذا التاريخ" وفي هذا إجبار علي الانضمام للنقابة العامة الوحيدة والاتحاد العام الوحيد، وإلا ما ثبتت الشخصية المعنوية للنقابة، ولما استطاعت هذه النقابة ممارسة عملها.
3- الحق في طلب الحل:
يعطي القانون 35 الحق لجهات خارج إرادة العمال الذين أنشأوا النقابة في حل النقابة، وهذه الجهات هي وزارة القوي العاملة والنيابة العامة. فقد أتي في م 70 من قانون 35 لسنة 1976، حق للوزير المختص في الطلب من المحكمة الابتدائية الكائن في دائرتها مقر المنظمة النقابية الحكم بحل مجلس إدارتها، وذلك في حال مخالفتها لأي من أحكام القانون 35، إذا أنذرها بها ولم تقم بإزالتها خلال 15 يومًا. كما أعطي الحق للنيابة العامة في أن تطلب من المحكمة الجنائية المختصة حل مجلس إدارة المنظمة النقابية، وعَدد 3 حالات إذا مارسها مجلس الإدارة يعد جريمة وهي:"تحبيذ أو ترويج المبادئ التي ترمي إلي تغيير أحكام الدستور الأساسية للهيئة الاجتماعية بطرق غير مشروعة أو التحريض علي قلب نظام الحكم، أو علي كراهيته أو ازدرائه أو التحريض على بعض طوائفه أو طوائف من الناس أو ازدرائها، أو ترك العمل أو الامتناع عنه عمداً إذا كان مما يساهم في خدمة عامة أو في مرفق عام أو يسد حاجة عامة، وكذلك التحريض أو التحبيذ أو التشجيع علي ذلك، أو استعمال القوة أو العنف أو الإرهاب أو التهديد أو أيه تدابير أخري غير مشروعة في الاعتداء علي أو الشروع في الاعتداء علي حق الغير في العمل، أو في أن يستخدم أو يمتنع عن استخدام أي شخص أو أن يشترك في جمعية من الجمعيات وكذلك التحريض علي ارتكاب أي من هذه الجرائم"

وكما هو واضح، فأن المشرع أعطي النيابة العامة الحق في مطالبة المحكمة بحل مجلس الإدارة إذا مارس الدور الذي من أجله أنشئت النقابة. ذلك أن سلاح الإضراب أو الاعتصام أو التظاهر يمثل حقًا وطريقة للوصول لمطالب العمال. كما أنه جرم حقًا آخر أتي في نفس القانون في م 17:" أبداء الرأي في مشروعات القوانين واللوائح والقرارات المتعلقة بتنظيم شئون العمل والعمال ـ المشاركة في مناقشة مشروعات خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية العامة- الدفاع عن حقوق عمال مصر ورعاية مصالحهم المشتركة والعمل علي رفع مستواهم اقتصادياً واجتماعياً وثقافياً...."
فماذا لو كانت مصالح العمال تتعارض مع النظام الحاكم كما كان حادثاً مع نظام حسني مبارك، ومع سياسيته التي ما زالت موجودة والمعادية للعمال ولمصالح العمال؟
حرص مشروع قانون الحريات النقابية علي عدم التدخل في شئون النقابات في معظم مواده، حيث إنه جعل الإشراف والمحاسبة من اختصاص الجمعية العمومية لكل نقابة أو منظمة نقابية. كما أن مشروع القانون أعطي حق كل ذي مصلحة في اللجوء للقضاء، وأتي بنفس المعني، في نص المادتين م 18، و م 35، ونصها: "يكون لكل ذي مصلحة حق اللجوء إلى المحكمة الابتدائية المختصة للاعتراض على إنشاء الاتحادات النقابية أو الاتحادات العامة للعمال أو منظمات أصحاب الأعمال خلال ثلاثين يومًا من تاريخ الإعلان عن قيده، وذلك بموجب عريضة تودع قلم كتاب المحكمة، ولا تخل إقامة الدعوى بحق الاتحاد في ممارسة أنشطته لحين الفصل في الدعوى"
كما ألزم المشرع في م 20 من مشروع قانون الحريات النقابية المنظمة النقابية بوضع قواعد حلها واندماجها وتصفية أموالها في نظامها الأساسي. وأكدت المادة 23 من نفس القانون حق الجمعية العمومية وحدها في اتخاذ قرار الحل: "للجمعية العمومية للمنظمة اتخاذ قرار حلها وفقًا للضوابط والشروط الواردة في نظامها الأساسي، ويحدد النظام الأساسي كيفية التصرف في أموالها وممتلكاتها، ولكل ذي مصلحة الطعن على هذا القرار أمام المحكمة الابتدائية المختصة الواقع في دائرتها مقر المنظمة النقابية، وذلك خلال ثلاثين يومًا من تاريخ صدور قرار الحل"
ورغم الحرص علي عدم التدخل في شئون النقابات في مشروع القانون الجديد، إلا أنه في م 40:" للمنظمة النقابية حق اللجوء إلى النيابة العامة لإعمال شأنها في تطبيق العقوبات الواردة في هذا القانون أو تحريك الدعوى بالادعاء المباشر،إلا أنها وللنيابة العامة أن تطلب من المحكمة الابتدائية المختصة الواقع في دائرتها مقر المنظمة النقابية أو منظمة أصحاب الأعمال طلب الحكم بحل منظمة العمال أو أصحاب الأعمال إذا باشرت نشاطًا بالمخالفة للمواد (7 ، 15، 16، 26، 34) من القانون" وهي المواد التي تتحدث عن الامتناع عن التمييز سواء في إنشاء النقابات أو الانضمام إليها، وكذلك المواد التي تحظر إنشاء نقابات علي أساس ديني أو سياسي أو حزبي، والمادة الخاصة بالتمويل، وكذلك حظر ممارسة نشاط سياسي أو مليشيات عسكرية.
ثانيا: التوسع في الفئات التي من حقها تأسيس نقابات وإزالة المعوقات في وجه إنشائها
قانون الحريات النقابية أضاف فئات جديدة من العاملين بأجر والحرفيين، الذين كانوا محرومين في ظل القانون 35 من حق تكوين النقابات، والذين يعتبرون في أشد الحاجة للنقابة للدفاع عن حقوقهم كالعمالة المؤقتة وغيرها. كما جاء في م5 من مشروع قانون الحريات النقابية: "العاملون المدنيون في الشرطة والإنتاج الحربي - القطاع الاستثماري والقطاع المشترك - المناطق الاقتصادية ذات الطبيعة الخاصة - فروع الشركات المتعددة الجنسية- العاملون لحسابهم وأصحاب المهن الحرة - العمال المؤقتون - أصحاب المعاشـات - الوكلاء المفوضون الذين يمثلون أصحاب الأعمال)، وذلك بالإضافة للفئات التي وردت بالقانون 35 م 2 وهي(الوزارات ووحدات الإدارة المحلية والهيئات والمؤسسات العامة والأجهزة الحكومية التي لها موازنة خاصة - شركات القطاع العام - شركات قطاع الأعمال العام والعاملين بالأنشطة الاقتصادية التي يتم إنشاؤها بقانون خاص - منشآت القطاع الخاص - القطاع التعاوني -عمال الزراعـة - عمال الخدمة المنزلية "
كما أزال مشروع القانون أحد أهم العوائق أمام العمال من أجل إنشاء نقاباتهم بحرية، و هو ارتباط صناديق الزمالة بالنقابات القديمة. وفي هذه الحالة، فإن خروج العمال من النقابات القديمة وإنشائهم نقابات جديدة بحرية يحرمهم من الاستمرار في هذه الصناديق. لذلك جاءت المادة الرابعة من مواد إصدار قانون الحريات النقابية لكي تزيل هذا العائق: "لا تخل أحكام القانون المرافق بالحقوق والمزايا الخاصة بأعضاء المنظمات النقابية العمالية والمترتبة على اشتراكهم في صناديق خاصة تم إنشاؤها بمعرفة النقابات وذلك بحرمانهم أو الانتقاص منها عند رغبتهم في الانسحاب من هذه المنظمات أو نقل عضويتهم من المنظمات النقابية العمالية المنشأ بها هذه الصناديق إلى منظمات نقابية عمالية أخرى".
هذا وإن لم يتعرض القانون لمسألة في غاية الأهمية أيضاً وهي حقوق العمال في الأموال والمؤسسات والعقارات التي لدى اتحاد العمال، والتي تم جمعها منهم ومن زملائهم الذين سبقوهم علي مدار أكثر من 60 سنة.
ثالثاً: كيفية العمل
1- مدي تدخل المنظمات الأعلى في شئون المنظمات القاعدية:
امتنع مشروع قانون الحريات النقابية عن الحديث عن العلاقة ما بين المنظمات النقابية وبعضها، سواء كانت نقابة قاعدية أو اتحاد نوعي أو حرفي أو محلي أو اتحادات عامة للعمال، وتركها جميعاً لحرية العمال في تحديدها ووضعها في دساتيرها ولوائحها سواء التنظيمية أو المالية.
كما أتي في نص المادة 24:" تباشر النقابة ومنظمة أصحاب الأعمال كافة الأنشطة التي تكفل لها تحقيق أغراضها في الدفاع عن حقوق أعضائها ورعاية مصالحهم، والعمل على تحسين شروط وظروف العمل. ويكون للمنظمات النقابية حق تمثيل أعضائها في منازعات العمل الجماعية وفقًا لنص المادة الرابعة من هذا القانون". و جاء في م25 والخاصة بالأنشطة التي تمارسها المنظمات النقابية ولم يفرق فيها بين نقابة قاعدية واتحاد نوعي أو محلي واتحاد عام. فمن حق كل المستويات نفس الحق سواء في نشر الوعي النقابي أو رفع الكفاءة المهنية للعمال، وإنشاء معاهد للتدريب المهني لتأهيل العمال لمتطلبات سوق العمل. ويتمتعون كذلك بنفس الحقوق في الاجتماعات والاحتفالات وإصدار الصحف والمطبوعات، وتكوين اتحادات دولية وعربية، والمشاركة في المؤتمرات العربية والأفريقية والدولية، واستضافة الوفود من هذه الدول.
أما في القانون 35 لسنة 1976، نجد في المواد 12،14، و17 اختصاصات كل مستوي من مستويات الهرم، والذي تأتي فيه الأوامر وحق المراقبة من أعلي الهرم لأسفله. تقول مادة 17:" يقود الاتحاد العام لنقابات العمال الحركة النقابية المصرية ويرسم سياستها العامة المحققة لأهدافها داخليا وخارجيا، وله على الأخص ما يلي: الدفاع عن حقوق عمال مصر ورعاية مصالحهم المشتركة والعمل على رفع مستواهم اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا-وضع ميثاق الشرف الأخلاقي للعمل النقابي في إطار المبادئ والقيم المساندة- المشاركة في مناقشة مشروعات خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية العامة- إبداء الرأي في مشروعات القوانين واللوائح والقرارات المتعلقة بتنظيم شؤون العمل والعمال - التنسيق بين النقابات العامة ومعاونتها في تحقيق أهدافها - إنشاء إدارة المؤسسات الثقافية والعلمية والاجتماعية والتعاونية والصحية والائتمانية والترفيهية العمالية التي تقدم خدماتها على مستوى الجمهورية، وتكون هذه المؤسسات الشخصية المعنوية، ويصدر في هذه الحالة قرار من الوزير المختص بالإنشاء ووضع النظام الأساسي واللوائح لهذه المؤسسات بناء على موافقة الاتحاد العام لنقابات العمال..................ويصدر قرار رئيس الجمهورية بشأن النظام الأساسي لهذه المؤسسات بعد أخذ رأي الاتحاد العام لنقابات العمال......"
كما هو واضح، فإن الاتحاد العام يحتكر لنفسه كل الوظائف علي المستوى الوطني، ثم تأتي م 14 من نفس القانون لتضع اختصاصات للنقابات العامة أسفل الاتحاد العام، ولكنها تظل أعلي من النقابات القاعدية:" تباشر النقابة العامة النشاط النقابي على مستوى المهن أو الصناعات التي تضمها، وتتولى النقابة العامة على الأخص ما يلي: الدفاع عن حقوق العمال ورعاية مصالحهم- العمل على تحسين شروط وظروف العمل- العمل على رفع مستوى العمال الثقافي والاجتماعي- المشاركة في وضع وتنفيذ خطط وبرامج التدريب المهني- الرقابة والتوجيه والمتابعة والإشراف على نشاط اللجان النقابية- المشاركة مع اللجان النقابية في إجراء المفاوضة الجماعية وإبرام عقود العمل المشتركة- إبداء الرأي في التشريعات التي تمس المهنة أو الصناعة- الموافقة على المشروعات التي تستثمر بها اللجان النقابية أموالها وفقا للقواعد التي تحددها اللائحة المالية للمنظمات النقابية، وكذلك الموافقة على مشروعات الصناديق المنصوص عليها بقانون العمل- الموافقة على تنظيم الإضراب للعمال طبقا للضوابط التي ينظمها قانون العمل- إنشاء صناديق لمجابهة الأعباء المالية الناتجة عن الإضراب"
ثم لم يتبق للنقابات القاعدية سوي تنفيذ كل ما وُضع لها من خطط وسياسات، وإعداد تقارير بنشاطها للنقابات العامة. وعليها تسوية المنازعات الفردية والجماعية. ولكن غير مسموح لها ـ كما هو مذكور في موضع آخر ـ بعقد اتفاق جماعي إلا بعد موافقة النقابة العامة، كما ورد بالمادة رقم 12 من قانون 35 لسنة 1976.
حتى في حالة الفصل يكون حق الفصل للمنظمة الأعلى. ففي مادة 25:" لا يجوز فصل عضو الجمعية العمومية للمنظمة النقابية إلا بقرار يصدر بأغلبية ثلثي أعضاء مجلس إدارة النقابة العامة، وذلك في حالة مخالفته لأحكام هذا القانون أو لوائح الأنظمة الأساسية أو المالية للمنظمات النقابية أو ميثاق الشرف الأخلاقي".
وليس هذا فقط، بل أن مادة 26 من قانون 35 جاء فيها: " لمجلس إدارة النقابة العامة من تلقاء نفسه أو بناء على طلب مجلس إدارة اللجنة النقابية أن يصدر قرارا بأغلبية ثلثي أعضاء مجلس الإدارة بوقف عضو مجلس إدارة اللجنة النقابية عن مباشرة نشاطه النقابي، إذا ارتكب مخالفة لأحكام هذا القانون أو لائحة النظام الأساسي أو المالي أو ميثاق الشرف الأخلاقي".
كذلك الوضع بالنسبة للنقابة العامة التي لا تملك فصل أعضائها. بل أن من يستطيع ذلك هو الاتحاد العام بالثلثين، طبقا للمادة 26، حيث تخطر النقابة العامة مجلس إدارة الاتحاد بالمخالفة التي ارتكبها العضو. وقد يقوم مجلس إدارة الاتحاد نفسه بذلك، إذا ارتكب عضو النقابة العامة ما يخالف القانون 35 أو لائحة النظام الأساسي أو المالي أو ميثاق الشرف الأخلاقي.
2- حق التفاوض:
التفاوض من العمليات الأساسية في علاقات العمل. فسواء تقدم العمال بمطالبهم لصاحب العمل (سواء كان الحكومة أو رجال الأعمال)، أو وصل العمال للتفاوض بعد الإضراب أو الاعتصام أو التظاهر، فعملية التفاوض هي العملية التي يحاول فيها كل طرف الحصول علي أكبر قدر من المكاسب بموافقة الطرف الثاني وفي حضور وزارة القوي العاملة والهجرة. لذلك فمن الذي يجب أن يتفاوض باسم عمال المصنع أو الشركة أو الإدارة؟ هل هي النقابة المرتبطة بهم بشكل مباشر ويستطيعون محاسبتها إذا ما فرطت في مطالبهم لصالح صاحب العمل، أم المستويات النقابية الأعلى سواء النقابة العامة أو الاتحاد العام؟ هذا فرق آخر جوهري ما بين قانون النقابات العمالية القديم القانون 35 لسنة 1976، وبين مشروع قانون الحرية النقابية. فقد كان قانون 35 يعطي الحق في الموافقة علي التفاوض وعقود العمل للنقابة العامة، حيث تقول م 12:" تتولي اللجان النقابية مباشرة الاختصاصات الآتية كل في النطاق المحدد له: العمل علي تسوية المنازعات الفردية والجماعية المتعلقة بأعضائها، ولا يجوز عقد اتفاق جماعي إلا بموافقة النقابة العامة- الاشتراك في إعداد مشروعات عقود العمل المشتركة مع النقابة العامة - تنفيذ برامج الخدمات التي تقرها النقابة العامة..."
لكننا نجد أن النص جاء واضح في قانون الحرية النقابية، م 4:" تتحدد الصفة التمثيلية للمنظمات النقابية في التشاور الثلاثي والمفاوضة الجماعية وإبرام اتفاقيات العمل الجماعية واللجان المنصوص عليها في قانون العمل وفقًا للتمثيل النسبي لعدد العمال المنضمين إليها من خلال فريق تفاوضي يتكون من تمثيل نسبي لكل منظمة نقابية بحسب نسبة عضويتها، وتختار كل منظمة ممثلها في الفريق. وعند الاختلاف تختص وزارة القوى العاملة والهجرة بتحديد نسبة التمثيل وفقًا لسجلات العضوية لكل منظمة نقابية"
وهذه المادة تعطي الصفة التمثيلية في المفاوضة وإبرام الاتفاقيات للمنظمة النقابية الطرف في الموضوع، سواء كانت نقابة قاعدية أو اتحاد نوعي أو محلي أو اتحاد عام، بدون وصاية من طرف علي آخر، وبدون وصاية من الجهة الإدارية. والتدخل الوحيد المسموح به يأتي من جانب وزارة القوي العاملة في حالة الاختلاف ما بين النقابات والاتحادات علي نسب التمثيل، ووفقًا لضوابط هي سجلات العضوية لكل منظمة نقابية.
3- الموارد المالية، وكيفية المحاسبة والمراقبة:
جاء في الباب الخامس من قانون 35 "موارد وأموال المنظمات النقابية" في 5 مواد من م 50-م 54، جاء فيها بالتفصيل كل ما يخص الموارد المالية. لكنه في قانون الحرية النقابية، أتي هذا الموضوع في الفصل الثالث من الباب الثالث في مادتين فقط وهما م 26-م27. وتحدثت م 26 عن الأنشطة والأشكال التي من حق النقابات ممارستها لدعم مواردها، كما أتي فيها عدم جواز قبول تبرعات أو هبات من جهات أجنبية. ونصت م 27 على أن لوائح النقابات تحدد طرق استثمار أموالها. وذكرت طريقة للمراقبة الداخلية علي الأموال من قبل الجمعيات العمومية، م 26:" للنقابة العمالية ولاتحادات أصحاب الأعمال في سبيل تحقيق أغراضها ودعم مواردها المالية أن تقيم الأنشطة الفنية والرياضية. كما يجوز لها إنشاء وإدارة صناديق ادخار أو زمالة، أو جمعيات تعاونية، أو نوادٍ رياضية، وغير ذلك من الأنشطة التي تقدم خدماتها للعمال ولها قبول الهبات والتبرعات – من غير أشخاص وجهات أجنبية – وفقا لما يقرره نظامها الأساسي.
ولا يجوز للمنظمات النقابية قبول تبرعات أو هبات من أشخاص أو جهات أجنبية. ويستثنى من ذلك كافة أوجه الدعم الفني والتقني من الاتحادات العربية والدولية المنضمة إليها، بعد موافقة الجهة المختصة في إطار القوانين المعمول بها. وللمنظمات النقابية تحديد اشتراكات العضوية بما لا يزيد عن عشرين جنيهًا شهريًّا .ويتم صرف موارد المنظمات النقابية للعمال وأصحاب الأعمال في الأنشطة والأغراض المنشأة من أجلها".
هذا وعلي الرغم من الميل في القانون للرقابة الذاتية من قبل النقابات نفسها علي أمورها المالية، إلا أن مشروع القانون أقحم الجهة المختصة في موضعين وهما تحديد حد أقصي للاشتراك، واشترط الموافقة علي الدعم الفني والتقني من الاتحادات العربية والدولية المنضمة إليها النقابة.
وإن كانت الرقابة موجودة في قانون 35 لسنة 1976، في م50 (هـ):"........ الموارد الأخرى التي لا تتعارض مع أحكام هذا القانون. ويصدر قرار من الوزير المختص بعد موافقة الاتحاد العام لنقابات العمال، بالتصديق على قرار مجلس إدارة المنظمة بقبول ما يقدم لها من الهبات أو التبرعات أو الوصايا من أشخاص أجنبية".
وبخصوص الرقابة علي الأموال، فإن م 27 واضحة في هذا الشأن:" تنص لائحة النظام الأساسي للمنظمة النقابية واتحادات أصحاب الأعمال على نظامها المالي والمحاسبي. وعليها أن تُودع أموالها أحد البنوك أو صناديق التوفير، وأن تستثمر أموالها في أوجه استثمار آمنة وفقًا للضوابط التي تنص عليها لائحة نظامها الأساسي. وتنتخب الجمعية العمومية - وقت انتخاب مجلس الإدارة - ثلاثة أعضاء للمراجعة والرقابة المالية ، شريطة عدم تولي أي منهم مسئولية إدارية بالمنظمة أو عضوية مجلس إدارتها ، ولا يجوز عزلهم إلا بموافقة الجمعية العمومية. ولها الحق في دعوة الجمعية العمومية في اجتماع غير عادي إذا تبين لها قيام المنظمة بصرف أموالها في غير الأغراض المخصصة لها أو اكتشاف مخالفات مالية. وفي جميع الأحوال يتعين على المنظمة النقابية أو منظمة أصحاب الأعمال إخضاع أموالها لمراقب حسابات معتمد تأكيدًا لمبدأ الشفافية. وتعتبر أموال هذه المنظمات في حكم الأموال العامة في حالة ارتكاب أي جريمة من الجرائم المنصوص عليها في الباب الرابع من الكتاب الثاني من قانون العقوبات"
وقد أتت مسألة الرقابة في القانون 35 في باب كامل وهو الباب التاسع بعنوان "الرقابة علي المنظمات النقابية"، والذي أتي في 13 مادة من م 63 وحتى م 72 مكرر، والتي يتدخل فيها الاتحاد العام والجهة الإدارية والجهاز المركزي للمحاسبات في شئون النقابات بشكل كبير يبدأ من الاعتراض علي إجراءات تأسيس النقابة نفسها كما جاء في م64:" يجوز للجهة الإدارية المختصة أو الاتحاد العام لنقابات العمال الاعتراض علي إجراءات تكوين المنظمة النقابية إذا كانت مخالفة للقانون خلال ثلاثين يوماً من تاريخ إيداع الأوراق المنصوص عليها في المادة 63" ومنها حل النقابة نفسها.
والمستفيد من ذلك هي المنظمة النقابية الأعلى، فقد ورد بالمادة 71 مكررا:" في حالة إلغاء أو انقضاء الشخصية المنسوبة للمنظمة النقابية لسبب من الأسباب التي نص عليه القانون تؤول أموالها وممتلكاتها للمنظمة النقابية الأعلى، ويتولى مجلس إدارة المنظمة الأعلى التصرف في هذه الأموال والممتلكات طبقا لأحكام القانون واللائحة وبما يحقق مصالح العمال المنتمين إلى عضويتها......"
كذلك في م 69:" إذا أرتكب مجلس إدارة منظمة نقابية مخالفات جسيمة تستلزم حله فإن لمجلس إدارة المنظمة الأعلى أن يطلب من الجمعية العمومية للمنظمة التي ارتكبت المخالفة حل المجلس المخالف، وتفصل الجمعية العمومية في الطلب بعد سماع دفاع مجلس الإدارة المقترح حله، وفي حالة صدور قرار بالحل يتولي مجلس إدارة المنظمة النقابية الأعلى اختصاصات المجلس المنحل بصفة مؤقتة...."
رابعاً: التدخل في شئون الاتحاد في القانون من عدمه
لقد تدخل ق 35 لسنة 1976 في تفاصيل كل كبيرة وصغيرة من شئون النقابات. ففي الباب الثاني بعنوان " عضوية المنظمات النقابية"، نجد 11 مادة من م 19 حتى م 28، تتحدث بالتفصيل عن شروط العضوية والانسحاب والفصل وغيرها من التفاصيل، كذلك في الباب الرابع بعنوان "تشكيلات المنظمات النقابية" أتى بـ 15 مادة من م 30 حتى م 44 تشمل كل التفاصيل والتي تضع كما سبق وشرحنا قمة الهرم تتحكم في كل شيء وقاعدته لا حول لها ولا قوة.
وفي المقابل، نجد أن قانون الحرية النقابية أتي بمواد قليلة، ولم يتدخل سوي في أضيق الحدود، وترك كل هذه التفاصيل للوائح ودساتير النقابات. ففي الفصل الأول من الباب الثاني المسمي "الحقوق الأساسية، والعضوية النقابية" فإن هناك 5 مواد فقط، من م 12 وحتى م 16، تحوي إيضاحًا لحقوق العمال وأصحاب الأعمال في تكوين المنظمات التي يختارونها كما سبقت الإشارة، وحثها علي أن تضع في دساتيرها ولوائحها كل ما يخص التنظيم. وأكدت م 36 علي نفس المبدأ، حيث جاء فيه:" تحدد المنظمات النقابية واتحاداتها ومنظمات أصحاب الأعمال واتحاداتها في أنظمتها الأساسية مدة الدورة النقابية بشرط ألاّ تزيد عن أربع سنوات، بما يكفل تحقيق الديمقراطية النقابية وتداول العمل النقابي وعدد أعضاء مجالس إدارتها وهيئاتها التنفيذية، وعليها أيضًا تحديد الإجراءات المتعلقة بانتخاب مجالس إدارتها وهيئاتها التنفيذية بالاقتراع السري المباشر وتحت الإشراف القضائي، وكيفية ومكان الإعلان عن الترشيح، وتشكيل اللجان المشرفة على الانتخابات وتنظيم عملية التصويت". وهي المادة التي وردت ضمن الباب الرابع ذي الأربع مواد (م32-م36)، منهم مادتين تشرحان طرق الإيداع، والتي تُعتبر استكمالاً لإجراءات الإيداع التي وردت في الفصل الثاني من الباب الثاني بعنوان: "تأسيس النقابات واتحادات العمال وأصحاب الأعمال"، وفي الفصل الأول من الباب الثالث بعنوان" البنيان النقابي". وهي المواد من 17- 23، وهي التي تحدد طرق الإيداع والأوراق المطلوبة للتأسيس، وأشترط علي هذه المنظمات أن يأتي في أنظمتها ولوائحها كل ما يخصها سواء طرق الانتخاب، أو مواعيده الانتخاب، كما طالبها بوضع طرق حلها وكيفية التصرف في أموالها وممتلكاتها في هذه الحالة.
المادة الوحيدة التي ربما ورد بها تفصيل هي المادة رقم 21، حيث جاء بها: "يحدد النظام الأساسي للمنظمة قواعد وإجراءات انتخاب أجهزتها التنفيذية، وهيئاتها التمثيلية بما يكفل حق الاقتراع الحرّ السريّ المباشر، وبما لا يخل بحقوق الترشيح والانتخاب لجميع أعضائها، ويشترط فيمَن يرشح نفسه لعضوية هذه الأجهزة أن يكون بالغا سن الرشد، كامل الأهلية، يجيد القراءة والكتابة، وألاّ يكون قد بلغ السن القانونية لاستحقاق المعاش – ويستثنى من هذا الشرط منظمات أصحاب المعاشات- وألا يكون قد سبق الحكم عليه في جناية أو بعقوبة مقيدة للحرية في جنحة مخلّة بالشرف والأمانة، ما لم يكن قد رُدّ إليه اعتباره، وألاّ يكون له سلطة توقيع الجزاء، أو مفوضًا في بعض أو كل صلاحيات صاحب العمل. وعلى ألاّ يقل عدد أعضاء مجلس إدارة المنظمة عن سبعة أعضاء"
كما ورد في أكثر من موقع (م 34، م 15)عدم جواز وجود أي شكل من أشكال التمييز (سواء علي أساس النوع أو الجنس أو الدين أو الأصل العرقي، الرأي السياسي) في لوائح وأنظمة هذه النقابات.
خامساً: العقوبات
وردت العقوبات في 7 مواد في قانون 35 وهي (م 73-م 78)، ووردت في مشروع قانون الحرية النقابية 4 مواد (م 37- م 40)، أهم ما يميز بينهما أنه في قانون 35 كانت به ضمن العقوبات، سواء لأصحاب الأعمال أو لمجالس إدارات المنظمات النقابية عقوبة الحبس التي كانت لا تزيد عن 6 شهور لأي من أعضاء مجالس الإدارة الذين تعمدوا أعطاء معلومات غير صحيحة، وعقوبة الحبس لمدة لا تقل عن 3 شهور لكل صاحب العمل الذي لا ينفذ حكم بعودة عضو مجلس إدارة منظمة نقابية تم وقفه أو فصله من العمل لعمله. ولم تعد عقوبة الحبس موجودة في مشروع قانون الحرية النقابية.
سادساً: حقوق ومزايا للنقابيين والنقابات، وحماية النقابيين
علي الرغم من أن مشروع قانون الحريات النقابية أنحاز لمبدأ الحرية النقابية، وعدم التدخل في شئون النقابات، إلا أنه في المقابل قد انتقص من الحقوق والمزايا التي كانت معطاة للنقابيين والنقابات في القانون 35 لسنة 1976، والتي كانت في تفسير الكثيرين هي التي تجعل النقابيين في الاتحاد القديم انتمائهم لم يقدم لهم هذه الميزات وليس للعمال الذين يمثلونهم، ومنها:
1- التفرغ النقابي
جاء في م 9 من مشروع قانون الحرية النقابية: " يجوز لمجالس إدارة المنظمات النقابية ومنظمات أصحاب الأعمال ورؤساء المنشآت العمومية تحديد قواعد التفرغ بمهام النشاط النقابي لتحقيق ورعاية مصالح العاملين. على أن يستحق عضو مجلس الإدارة المتفرغ خلال فترة تفرغه أجره وملحقاته، ولا يخل هذا التفرغ بحق العامل المتفرغ بكامل حقوقه الوظيفية - وعلى الأخص الترقيات والعلاوات - وكافة المزايا المالية والتأمينية والعلاجية التي يتمتع بها نظراؤه في المستوى الوظيفي. وتحسب مدة التفرغ ضمن مدة الخدمة الفعلية للعامل."
وهي تقريباً تعطي نفس الحق الذي جاء بالمادة 45 من قانون 35. ولكن كان أجر العامل المتفرغ في القانون 35 علي صاحب العمل، في مشروع قانون الحرية النقابية غير واضح من الذي سيدفع أجر العامل.
إعفاءات ومزايا:
كانت النقابات في ظل القانون 35 تتمتع بالكثير من الإعفاءات والمزايا التي أتت في الباب الثالث من بعنوان" إعفاءات ومزايا المنظمات النقابية". وفي المواد من 55 وحتى 57 منحت النقابات إعفاءات من كل أنواع الضرائب والدمغات ورسوم الشهر العقاري، وكذلك الإعفاء من رسوم التقاضي، ومن نفقات النشر في الجريدة الرسمية، ونصف قيمة النشر في الصحف. كما أنها تتمتع بالإعفاء من ثلاثة أرباع قيمة استهلاك الكهرباء والمياه والتليفونات، وتمنح تخفيض يبلغ النصف علي كل وسائل البري والبحري المملوكة للدولة أو للقطاع العام.
في حين جاء الإعفاء الوحيد في م 8 من قانون الحرية النقابية فقط من الرسوم والمصروفات القضائية وأتعاب المحاماة، في الدعاوي الخاصة بقانون الحرية النقابية فقط.
الغرامات:
م 11 قانون الحرية النقابية " تؤول المبالغ المحكوم بها وفقًا لأحكام هذا القانون إلى الوزارة المختصة، على أن يخصص 50% منها إلى المنظمة النقابية المعنية ، وذلك في غير الأحوال التي تكون فيها المنظمة النقابية المعنية محكومًا عليها، وفي حالة تعدد المنظمات توزع هذه النسبة وفقًا لقواعد التمثيل النسبي الواردة في المادة (4) من القانون. ويصدر الوزير المختص قرارًا بقواعد التصرف في النسبة المخصصة للوزارة."
هذا في الوقت الذي كانت تؤول فيه جميع الأموال المحكوم بها للاتحاد العام لنقابات العمال طبقاً لـ م 53 من قانون 35.
حقوق النقابيين:
ورد في قانون الحريات النقابية م 30، م 31 عدم جواز الفصل أو الوقف لعضو مجلس الإدارة، أو ممثل العمال في التفاوض إلا بحكم محكمة، وكذلك عدم جواز النقل إلا بموافقة كتابية من العضو، وهي نفس الضمانات التي وردت في م 48 من قانون 35 لسنة 1976، والإضافة في قانون الحريات النقابية أنه يوسع من يدخلون تحت هذه الحماية، إذ نص علي:" ويسري هذا النص على كل عامل يكتسب أو يتخذ صفة ممثل العمال في التفاوض مع صاحب العمل أو أية جهات أخرى"، كما أضاف في م 31 :" ويسري هذا النص على كل عامل يكتسب أو يتخذ صفة ممثل العمال، كما يسري على العامل الذي يقوم بالأعمال التحضيرية لإنشاء نقابة، أو المرشح لإحدى هيئاتها التنفيذية أثناء فترة التحضير أو الترشيح".
وحرص قانون الحرية النقابية في مادتيه 28 و 29 علي الإتيان بمواد صريحة حول عدم جواز اتخاذ صاحب العمل أو من يمثله أي إجراءات من شأنها تعطيل ممارسة الأنشطة النقابية العمالية، وأوجب تمكين النقابيين من القيام بهذه الأنشطة عن طريق:" الاتصال بالعمال وعقد الاجتماعات معهم بمقر النقابة أو بمقر العمل- إجراء الانتخابات النقابية في مواقع العمل بما لا يؤثر على سير العمل بالمنشأة- الحصول على المعلومات الصحيحة اللازمة للمفاوضة الجماعية لدى طلبها وفقا لأحكام قانون العمل "م 28، كما حظر على صاحب العمل القيام بأي عمل ينطوي على إكراه مادي أو معنوي لأحد العمال ، أو تمييز بين العمال، بسبب نشاطهم النقابي، وتُعد من الأعمال المحظورة على الأخص ما يلي: الامتناع عن تشغيل عامل بسبب انضمامه إلى نقابة معينة-إنهاء خدمة عامل بسبب انضمامه إلى نقابة معينة- التمييز في الأجر أو أي من ملحقاته، أو المزايا العينية بين العمال بسبب الانضمام إلى نقابة معينة أو ممارسة نشاط نقابي مشروع- إكراه الأعضاء النقابيين على تغيير مواقفهم التفاوضية أو تغيير انتمائهم النقابي- تقديم أو عرض مزايا مادية أو عينية على الأعضاء النقابيين بغرض حثهم على تغيير مواقفهم التفاوضية أو تغيير انتمائهم النقابي."








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صدامات بين طلبة والشرطة الإيطالية احتجاجا على اتفاقيات تعاون


.. التوحد مش وصمة عاملوا ولادنا بشكل طبيعى وتفهموا حالتهم .. رس




.. الشرطة الأميركية تحتجز عددا من الموظفين بشركة -غوغل- بعد تظا


.. اعتصام موظفين بشركة -غوغل- احتجاجا على دعمها لإسرائيل




.. مظاهرات للأطباء في كينيا بعد إضراب دخل أسبوعه الخامس