الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ماذا تبقى من (الوطنية) ومفهوم المصالحة (الوطنية) في العراق

فالح مكطوف

2012 / 6 / 24
المجتمع المدني


لا يختلف مفهوم (الوطنية) عن غيره من المفاهيم كالديمقراطية واللبرالية والدين والقومية والسياسة والحقوق ... الخ، فهي بمجموعها بنى فوقية هي جزء من الرؤيا الايدلوجية للطبقة البرجوازية تبنى عليها قناعات نسبية لتتماها في النهاية وبقدر ما مع الواقع الآيل للتغير، وإذا كان ثمة ثبات لتلك المفاهيم فهو منزلق باتجاه نتائج أخرى أيضا إذ أن جميع تلك المفاهيم هي في صيرورة دائمة لا تعرف إلا السير باتجاه التحول ــ بغض النظر عن ما يستغرقه ذلك التحول من وقت ــ إلا أنها وفي كثير من الأحيان تمارس تأثيرها في الخداع ومراوغة الوعي وهنا يبدو الأشخاص أحرار في الدفاع عن خدعهم الأيديولوجية والتي تصل حد الاستعداد للموت أحيانا في سبيل شيء لا أساس إلا في خيالهم كالقناعة بالأديان على مر التاريخ أو القومية والوطنية...الخ
وفي العراق يتعشق مفهوم (الوطنية) كذلك بمفهوم العشيرة والقبيلة والشيوخ وشيوخ الافخاذ ليضيف (للوطنية) ضبابية أكثر فمن يمدح المالكي مثلا هو (وطني) من وجهة نظر حزب الدعوة وعميل من وجهة القائمة العراقية والقوميين الكرد وبالعكس فمن يذمه يعتبر (وطني) ومن وجهة نظر العراقية و الكرد وعميل من وجهة نظر حزب الدعوة وهكذا أصبحت هذه المفردة من أكثر المفردات استعمالا وهي سلاح إعلامي متاح للجميع ، فمفهومها في زمن النظام السابق ادمج بمفهوم البعث وبالتالي بحب وشرف الرئيس وعائلته وأقربائه وان من يحيد عما هو مقدس حسب البعث فانه خائن وعميل، لذا نرى أن معظم ردود الأفعال المضادة للبعث وللنظام سفهت مفهوم (الوطنية) وأعلت عليه مفهوم الطائفة أو الشعور القومي كما هو حال الأحزاب الشيعية فهي ترى مصلحة إيران الشيعية فوق مصلحة (الوطن) وان لجوء بعض فصائله لما يسمى بالمقاومة لم يكن دفاعا عن (الوطن) المحتل وإنما كان دفاعا عن إيران المهددة وبمساعدة منها بلغت مليارات الدولارات كأسلحة أو مساعدات نقدية.
كذلك يحاول القوميون الكرد البدء بتأسيس شعور قومي خارج حدود (الوطن) ليحلموا بكردستان الكبرى وان وجودهم في هذه الرقعة الجغرافية المسماة بـ (العراق) يضيق عليهم وعلى مشاعرهم بالحلم القومي وليس أدل على ذلك من تصريحات مسعود برزاني الشوفينية اليوم بعد تمكنه من الحكم مستندا إلى مليشيا البشمركة، والجميع يتذكر انه اتفق مع نظام صدام عام 1996 لانتزاع اربيل من جلال طالباني بدخول الحرس الجمهوري إليها وقد كان آنذاك وطنيا بالمفهوم ألبعثي إما اليوم فلم تعد ضرورة لتلك الورقة لاختلال توازن القوى .
أما ما يسمى (بالسنة) فان قلة منهم لجئت للمقاومة بدفع من القاعدة وما تبقى فان قناعاتهم القومية العروبية تدمج مع قناعة البعثيين بـ (الوطننية) بمفهومها لدى النظام السابق وليس لديهم أي (رؤيا) مستقلة إضافة إلى التجائهم الجارة تركيا والجارة السعودية.
ولكي يستقر البلد ويسلم ما تبقى من القتل تحت طائلة الطائفية والقومية أو حتى البعثية ولكي تكون السرقات أكثر وضوحا فلابد من إلقاء السلاح والشروع بالنهب المنظم لذا جاء مشروع المصالحة الوطنية مع أناس لم يسمع بهم احد من قبل، وكل مسمعنا به عنهم أن خزائن السعودية وإيران مفتوحة لهم كي يقتلوا الأبرياء ويفجروا الأسواق ويعيثوا فسادا تحت عناوين كاذب مثل مقاومة الاحتلال فما علاقة مقاومة الاحتلال بتفجير سوق في مدينة الشعلة راح ضحيته أكثر من 100 شخص بين قتيل وجريح يوم 31/5/2012.
وان الحكومة والقوى السياسية في العراق على قناعة بان من يحمل السلاح مستعد للقتل حتى دون سبب لذا عليهم احترامه والجلوس معه والاستماع له وعفا الله عما سلف من جرائم قتل وتبدو الصورة واضحة بان من سعى خلفهم عامر الخزاعي وزير الدولة للمصالحة الوطنية هم القتلة والبلطجية والمارقين الذين لا يمتون بأي صلة للإنسانية فما دخل الوطنية بهؤلاء أن هنالك عناوين غير (الوطنية) للتعامل معهم وليس هذا دفاعا عن الوطنية ولكن إنصافا لذوي الضحايا فلماذا نعتبر شخص ما بالأمس كان يقل ونسميه اليوم وطنيا ما هي المعايير التي اعتمدت عليها الحكومة أن العجز من الإتيان بهؤلاء إلى المحاكم والتحقيق مهم حول جرائمهم هو الذي أدى إلى إنشاء وزارة باسم المصالحة الوطنية لم نشهد لها أن جلست مع مخالفي العملية السياسية من الأحزاب والقوى خارج الحكومة والسبب أن هؤلاء لم تتلوث أيديهم بدماء مئات الآلاف من الضحايا مما يدلل أن القوى السياسية المشتركة بالحكومة مشتركة أيضا بجرائم القتل لقبولها المصالحة مع القتلة
إن الجهود التي تبذل من المتفقين على تصفيتنا إضافة إلى هدر المال العام تحت عنوان المصالحة الوطنية كفيلة بمعالجة مشاكل مثل الكهرباء وإيجاد فرص عمل للعاطلين وحل الكثير من معضلات المجتمع إلا أن المعادل الموضوعي للهروب من إيجاد الحلول والعجز عن حل هذه المعضلات هو التسلي بالمصالحة (الوطنية)








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أمريكا: اعتقال طلاب خلال احتجاجات داعمة لغزة بجامعة جنوب كال


.. لحظة اعتقال مصور شارك بفعالية للتضامن مع غزة في أمريكا




.. آندرو تيت للعربية English: أنا بريء من تهمة الاتجار بالبشر و


.. موجز أخبار الرابعة - مقررة الأمم المتحدة تدعو إلى وقف الإباد




.. منظمة -هيومن رايتس ووتش- توثق إعدام 223 مدنيا شمال بوركينا ف