الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


يوميات مصرستان: الجماعة تركب الشعب

ابراهيم القبطي

2012 / 6 / 28
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


أثناء الانتخابات الرئاسية في مصرستان ، كان الصراع بين المرشحيّن حربا حقيقية لا هوادة فيها ، وكأن الفائز سوف يكتب له حياة جديدة ، اما الخاسر فستكون هذه هي نهايته الحتمية . لماذا؟
كتبت قبلا مقال أثناء الأيام الأولى للثورة (1) يفسر سبب هذه الظاهرة . كانت المقالة عن عدم احتياجنا لرئيس أو زعيم ، ولم يفهم الكثيرون ماذا أعني . كيف يكون وطن بلا رئيس زعيم (2) قائد ملهم ؟
كل ما كنت أعنيه هو أننا لا نريد وطنا كالقبيلة ، لا نريد صناعة وطن يقوم على رجل واحد "الزعيم"(3) ، يختل الوطن إذا مرض الزعيم ، ويسقط الوطن إذا اخطأ الزعيم ، مسئولية الوطن – أي وطن - أكبر من أن يحملها رجل واحد على كتفيه ، ولهذا عبرت دول العالم الأول منظومة العصور الوسطى الملكية إلى سياسة العصر الحديث الدولية ، وأصبح الرئيس ليس زعيما يحكم قبيلة ، بل مجرد مدير يتصرف في إدراة الدولة لعدة سنوات ، بعدها يمكن تبدليه بمدير آخر . هذا المدير يمكن محاسبته على أخطاءه ، ولا يملك إلا صلاحيات محدودة .
ولكن في مصرستان ، الشعب يحتاج إلى زعيم ، ولو لم يجد زعيم سوف يبحث عن أي زعيم حتى ولو كان مرسي العياط . لهذا أثناء الانتخابات الأخيرة كان الصراع بين شفيق ومرسي على الرئاسة هو صراع على الزعامة الأبدية في عيون مشجعي الطرفين . وكأن الجميع – بما فيهم المرشحيّن - يعلم ضمنيا أن من يصل إلى الحكم سوف يكون الزعيم إلى الأبد . سيكون هذا الزعيم احد حلقات سلسلة الزعماء الفراعنة الذين حكموا مصر . لهذا كانت المعركة الانتخابية معركة حياة أو موت . الفائز سوف يسحق الخاسر . وبهذا فقدت العملية الانتخابية معناها ، وصارت الديمقراطية بلا معنى في مصرستان.
فأول دعائم الديمقراطية هي تدوال السلطة ، أي أن اختيار الشعب لمرشح بعينه يكون مبني على المصلحة : مصلحة الوطن وكل أفراد الشعب . وبعد انتهاء فترة حكم الرئيس أو عضو البرلمان ، قد يجد الشعب مصلحته في آخر فيقوم بتعيينه لفترة تالية . أما الديمقراطية في مصرستان فدعائمها الولاءات القبلية والدينية (4) . وبهذا فهي ليست ديمقراطية (حكم الشعب) ، وإنما أقرب ما تكون إلى الأوليجراكية (حكم الصفوة) . وفي هذه الحالة الصفوة هم الاخوان . لهذا رددت قيادات الاخوان الصغيرة في عدة مناسبات وفي أكثر من مرة أنهم أسياد المصريين (5).
أغلب الشعب في مصر للأسف يقبل ضمنيا بزعامة الزعيم وعبودية الشعب ، ومن يصبح رئيسا سوف يظل رئيسا حتى يموت او يقتل أو تقوم ثورة أخرى بخلعه ، لأنه شعب يعشق العبودية واعتاد عليها .
أخيرا وبعد خناقة الانتخابات حول منصب الزعيم ، أتي مرسي العياط زعيما على مقاس الشعب ، لأن الذي لا يفهم معنى تداول السلطة ويحيا في ظلام العصور الوسطى ويسعد بقمع الحريات ووصول الإسلام السياسي إلى الحكم هو شعب يستحق حكم الاخوان .
المصريون أرادوا زعيما ، فتحققت أحلامهم وتسيدت عليهم جماعة من الزعماء والاسياد بأكملها ، وبدلا من أن يركب العباد زعيما واحدا ، أصبح الشعب كله مركوبا من الجماعة (6).
--------------
هوامش
(1) خواطر ثورية (8) : مش عايزين ريس :
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=256118
(2) أكثر فنان عربي طرح فكرة الزعيم باقتدار هو الفنان عادل امام في مسرحيته الشهيرة ، وفيها مقلوته المشهورة " هو فيه زعيم بيموت يا بيه"
(3) حاليا تعرض في دور السينما الامريكية والعالمية فيلم " The Dictator" ، وفيها يتم طرج فكرة الزعيم الشرق أوسطي الذي يحكم فيطاع – في تمثيل ساخر لشخصية أقرب ما تكون إلى شخصية القذافي ، وهذا هو مأقرب ما أعنيه بفكرة الزعيم
http://www.youtube.com/watch?v=cYplvwBvGA4
(4) في خطاب مرسي الأول : يصف الناس بأنهم أهله وعشريته ، أي قبليته ويطالبهم بطاعته طالما لم يعص الله ، وفي هذا يعلق الكاتب ابراهيم عيسى اننا من المفترض ألا نطيع الرئيس ولكن أن نطيع القانون . لغة ابراهيم عيسى غير مفهومة لأغلب الشعب المصري ، هو يتكلم عن دولة حديثة ، وهم يرون مصر كقبيلة كبيرة تحتاج لزعيم.
http://www.youtube.com/watch?v=zKmxbkqk5b4
(5) تصريح أحد نواب الاخوان بأن الاخوان أسياد المصريين واستنكار حزب الأخوان لكلامه :
http://www.masrawy.com/news/Egypt/Politics/2012/June/5/5074505.aspx
(6) مفهوم الحكم = ركوب هو مفهوم جنسي الدلالة أول من ناقشه صراحة هو المجهول دكتور ع ع في كتابه "تراث العبيد" ، والذي ناقش فيه ميراث العبودية الذي ورثه المصريين من حكم العبيد (المماليك) لهم .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. القبض على شاب هاجم أحد الأساقفة بسكين خلال الصلاة في كنيسة أ


.. المقاومة الإسلامية في العراق تعلن استهدافها هدفا حيويا بإيلا




.. تونس.. ا?لغاء الاحتفالات السنوية في كنيس الغريبة اليهودي بجز


.. اليهود الا?يرانيون في ا?سراي?يل.. بين الحنين والغضب




.. مزارع يتسلق سور المسجد ليتمايل مع المديح في احتفال مولد شبل