الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
-كيف كيف غدا-: فتح أدبي جديد
علي بنساعود
2012 / 6 / 29الادب والفن
"كيف كيف غدا" أول رواية للكاتبة الفرنسية من أصل جزائري، الشابة "فايزة غين"، وهي رواية أحدثت ضجة في فرنسا سنة صدورها (2005)، وكانت حدث الموسم، بعدما اعتبرت "فتحا أدبيا جديدا"، وحققت نجاحا تجاريا، وأثارت جدلا قويا.
في هذه الرواية التي أهدتها إلى والديها، والتي هي عبارة عن يوميات تؤرخ لأكثر من موسمين دراسيين، تصور فايزة فتاة مراهقة تشبهها ، وتسلط الضوء على الحياة في أحياء الضواحي الباريسية. وهي أحياء تعتبر "صعبة" وذات سمعة سيئة، والحديث عنها في وسائل الإعلام مرتبط بالعنف وتعاطي المخدرات. والمؤلفة حين تدخلنا، من خلال بطلتها، في العالم الحي لهذه الأحياء، فهي تسعى إلى تصوير الواقع القاسي للحياة فيها، والحكي عن المعيش اليومي لسكانها، وعن المشاق التي يكابدونها لتلبية احتياجاتهم الملحة، وكل هذا عبر سرد سيرة متخيلة لفتاة مهاجرة من أصل مغربي تدعى "درية"، وهي تلميذة مراهقة (15 سنة) محبوبة، جريئة وصريحة، تعيش في الضواحي الباريسية حياة بئيسة مع أمها التي تعمل خادمة في فندق، بعد أن هجرهما الأب، وعاد إلى بلاده ليتزوج امرأة ثانية تنجب له ولداḷḷḷ
هي تروي لنا حياتها المثيرة للشفقة، مقرونة بأجزاء من حياة شخصيات أخرى.
وهذا الحكي يتم بسخرية مرة، من خلال فصول قصيرة جدا، تتضمن وصفا جادا وساخرا في الوقت نفسه لموكب المساعدات الاجتماعيات، اللواتي كن يأتين إلى بيتها لأداء مهامهن دون اقتناع، لتعدن بعد ذلك إلى حياتهن المريحة. هذا علاوة على أنها تعرف كيف تستخدم السخرية لتقدم لنا مغامراتها المدرسية، وخطواتها الأولى على طريق الحب.
كما تقدم للقراء معرضا من بورتريهات، ترشح شعرا ودعابة، لإبراز أبعادها الإنسانية، إذ هناك والدة درية أولا، التي هي الشمس المشرقة الحقيقية في حياتها، والمحللة النفسانية التي تعالجها، وحمودي: الأخ الرمزي الأكبر، وعزيز البقال: الزوج المحلوم به لأمها، ونبيل: الحب الأول... وهذه الشخصيات هي التي تمكن "درية" من الصمود في وجه ألم التخلي عنها.
والملاحظ أنه رغم فقر "درية"، وصغر سنها، وضعف مستواها التعليمي، فإنها لا تتنازل، أو تتوارى أمام من تتعامل معهم من الفرنسيين "الأصليين"، بل تصر على أن يكون لها مكانها الطبيعي تحت الشمس، وألا تكتفي بالانتساب إلى مدرسة للحلاقة، وأن يخفق قلبها بالحب للشاب الذي تختاره، وأن تمارس هوايتها في نقد الآخرين بوعي كامل، معرية عن خدوش وجه المجتمع الفرنسي وما يسوده من عنصرية مؤلمة ومفاهيم خاطئة... كما تحكي عن لقاءاتها المختلفة مع أناس يفترض أن يساعدوها، عن تجربتها الأولى في الحب، وعن سعيها لتحقيق السعادة لنفسها ولوالدتها. وهي في كل هذا تريد، كما صرحت بذلك، تأمل إسماع صوتها، لأن سكان الضواحي، حسبها، نادرا ما تعطاهم الكلمة أو يستمع إليهم. تقول: (ذات يوم، وجدت درية نبيلا: "تصالحت معه، وأعتقد أيضا أن... أنني أحبه. والأربعاء سيأخذني إلى السينما. أنا سعيدة جدا. في آخر مرة ذهبت، وكان ذلك مع المدرسة لرؤية الأسد الملك".
منذ ذلك اليوم، تواصلت الأخبار السارة: قرر حمودي وليلى الزواج، والدة درية تعلمت كتابة اسمها دون خطأ، وهي مغرمة ببرتران ديلانوي! تدريجيا، بدأت تبني مستقبلها مع نبيل.)
وما يشد إلى هذه الرواية، ويضاعف من سحرها، أن لهجتها ساخرة، وأسلوبها سهل، وهو مزيج من الأسلوب الأدبي الراقي واللغة الفظة المباشرة ممثلة في عامية شباب الضواحي، علاوة على التورية، والتلاعب بالكلمات، الذي خلصت منه "درية"، إلى القول: "من قبل كنت أقول دائما حينما لا أكون على ما يرام، وأكون وأمي وحدنا: كيف كيف غدا (غدا نفس الشيء). الآن، سوف أكتبه بشكل مختلف: كيف كيف غدا، من الفعل kiffer [أحب، عشق]" ما يعني التفاؤل بالغد والتصالح معه.
واعتبر البعض أن ما يميز هذه الرواية هو أنها تشعر القارئ أن المؤلفة قريبة من شخصيتها، إلى درجة أن هناك من مال إلى الخلط بينهما، سيما أنهما معا من الجيل نفسه، ولهما الخلفية ذاتها... هذا علاوة على أن الرواية هي، قبل كل شيء، صوت الأغلبية الصامتة بالضواحي، لذلك فإن العديد من مراهقي الضواحي وجدوا أنفسهم فيها، سيما أنها تحتفي بلغة هذه الضواحي لكن دون ابتذال، كما أنها تدين العزلة التي يعاني منها بعضهم بسبب وضعهم الاجتماعي... وتعتبر أن الحياة تستحق أن تعاش، وأن للجميع الحق في ضمان مستقبله.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. فودكاست الميادين| مع الممثل والكاتب والمخرج اللبناني رودني ح
.. كسرة أدهم الشاعر بعد ما فقد أعز أصحابه?? #مليحة
.. أدهم الشاعر يودع زمايله الشهداء في حادث هجوم معبر السلوم الب
.. بعد إيقافه قرر يتفرغ للتمثيل كزبرة يدخل عالم التمثيل بفيلم
.. حديث السوشال | الفنانة -نجوى كرم- تثير الجدل برؤيتها المسيح