الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نينا بوراوي: كاتبة عصية على الترويض

علي بنساعود

2012 / 7 / 1
الادب والفن


نينا بوراوي كاتبة فرنسية من أصل مغاربي، ازدادت، بمدينة رين، عام 1967 ، من أب جزائري يعمل موظفا بارزا في منظمة الأمم المتحدة وأم فرنسية. عاشت سنواتها الأربع عشرة الأولى بالجزائر، ولما بلغت الرابعة عشرة من عمرها، رحلت رفقة والدها إلى سويسرا، وبعدها إلى أبو ظبي، ثم فرنسا وهي، حاليا، تعيش بباريس.
تقول عن هذه التجربة: "من أنت؟ فرنسية أم جزائرية؟ أمكث مع أمي. أمكث مع أبي. آخذ الاثنين معا. أخسر الاثنين معا. كل جزء يمتزج بالآخر ثم ينفصل عنه. كل جزء يعانق الآخر ثم ينفجر الخصام بينهما. إنها الحرب مرة والوحدة مرة أخرى. إنه الرفض مرة، والغواية مرة أخرى. أنا لا أختار، أن أروح وأجيء».

وهذه التنقلات أثرت على شخصية هذه المبدعة، بعدما وجدت كيانها مبعثرا بين ضفتين لا تلتقيان: إفريقيا وأوربا، الجزائر وفرنسا، هنا وهناك، الذاكرة والنسيان، الحاضر والماضي، ما جعلها تحتار، ووسط هذه الحيرة، اختارت نينا بوراوي (واسمها الحقيقي ياسمينة بوراوي) أن تكون فتى تهبه اسم أحمد، وتتخلى عن ثياب الفتاة وترتدي ثياب الفتيان في مثل سنها، وتقص شعرها، وتختفي وراء القناع الذي اختارته لنفسها. غير أنها لما بلغت سن الرشد، جعلت من كل هذا المزيج ثراء انتمت به إلى بني الإنسانية... لا للغة معينة أو لجهة بذاتها أو لثقافة خاصة. سيما أنها، وفي سن التاسعة كتبت أولى قصصها، بعدما اكتشفت موهبتها ورغبتها في الكتابة، التي قالت عنها، في وقت لاحق: "الكتابة هي وطني الحقيقي، والمكان الذي أعيش فيه حقا، والأرض الوحيدة التي أسيطر فيها..." فكتبت روايات لفتت إليها الأنظار، كصوت من الأصوات الشابة الباحثة عن موقع لها في فضاء تشتبك فيه الأصول واللغات والثقافات والميول العاطفية. فنالت تقدير النقاد وإعجابهم. ومن أهم رواياتها: الرائية المحظورة (1991)، وقبضة الموت (1992) والعمر الجريح (1998) ويوم زلزال (1999) والمسترجلة (2000) والحياة السعيدة (2002) والدمية بيلا (2004) وأفكاري السيئة (2005) وقبل الرجال (2007) ونادوني باسمي الشخصي (2008)...

وفي هذه الروايات، أظهرت الكاتبة نضجا أدبيا وفنيا رائعا، فحصدت الجماهيرية ومحبة القراء، ومتابعتهم الدائمة لأعمالها، إضافة إلى العديد من الجوائز الأدبية المرموقة.
ومعلوم أنها في جل رواياتها تطرح أسئلة الهوية والرغبة والذاكرة والكتابة والطفولة والاقتلاع من الجذور، والحب... ناقلة إيانا إلى عمق الأحاسيس النبيلة بلغة بسيطة وأسلوب كلاسيكي يلائم الموضوع المختار...

وفي روايتها "المسترجلة" قدمت شهادة روائية وحياتية بعدما حكت بصراحة عن قصتهاالشخصية والأسرية كاشفة بذلك عن مثليتها الجنسية، وذلك من خلال عرضها قصص خوف وحب وصراع بين المثليات والمجتمع، وأيضا بعض تفاصيل سنوات مراهقتها، في بلدها الأصلي، الجزائر، والأمر نفسه اعترفت به مباشرة أمام الصحافة، قائلة: "في روايتي الجديدة، اخترت أن أواجه القارئ، وأقول له من أنا".
أما في روايتها "الدمية بيلا"، فإن الكاتبة تستحضر فترة حاسمة في تحقيق هويتها كمثلية جنسيا: المراهقة التي ترى حبها يزهر لماريون، الصديقة التي تبعث إليها برسائل، والتي تتوصل منها بأجوبة قصيرة ومخيبة للآمال.

وتقول "هناك قبيلة حقيقية من مثليي الجنس ، برموزها واستعمالاتها. ثمة ازدراء حقيقي للآخرين. إنها الحماية. أنا، أحيانا، من هذه القبيلة، أي أنني ضمن هذا الازدراء نفسه".

وأكد نقاد كثيرون أن الكاتبة في كلامها عن الحب بشكل عام، وعن المثليات بشكل خاص، لم تنزل أبدا إلى مستوى الابتذال والإفراط، كما اعتبروا أنها تمثل نموذجا ناضجا لأديبة مثلية معاصرة، تحظى بكثير من التقدير والاحترام في الأوساط الثقافية الفرنسية والأوربية. ما جعل وسائل الإعلام تصفها بأنها من ”الكاتبات العصيات على الترويض”، وشبهتها بالروائية البريطانية دوريس ليسنغ والفرنسية كامي لورانس...

تقول نينا بوراوي في روايتها "أفكاري السيئة": “لقد جئت لأن أفكارا سيئة أخرى تحاصرني، تلتهم روحي. داخل رأسي شخص آخر، لا اعرفه، يحمل بيده مطرقة تزعجني طوال الوقت... أود خنقه بيدي. اكتشفت أن أفكاري السيئة هي التي تطارد من أحبهم. أراها في أجسادهم ووجوههم وكلامهم وكل ما يفعلونه. هكذا، يا عزيزتي يبدأ تاريخ القتلة. استغرقت الليل، حتى الصباح، أحاول التخلص مما في ذهني، أعاهد نفسي، ثم أتراجع، خائفة جدا مما أتحول إليه، تماما مثل الفيلسوف الذي طعن زوجته وظل معتقدا انه كان يحلم. فأنا لم أعد أسيطر على شيء وأخشى أن تصبح جرائمي أنصاف أحلام وأنصاف أشباح.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم شقو يحافظ على تصدره قائمة الإيراد اليومي ويحصد أمس 4.3


.. فيلم مصرى يشارك فى أسبوع نقاد كان السينمائى الدولى




.. أنا كنت فاكر الصفار في البيض بس????...المعلم هزأ دياب بالأدب


.. شاهد: فنانون أميركيون يرسمون لوحة في بوتشا الأوكرانية تخليدً




.. عوام في بحر الكلام - الفن والتجارة .. أبنة الشاعر حسين السيد