الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جندرما فتح.. اليمين الفلسطيني سلطنة على زعامة فلسطين

سليم النجار

2005 / 2 / 11
القضية الفلسطينية


كيف واجه المعبرون عن فرحتهم في حركة فتح بفوزهم في مقعد رئاسة السلطة الوطنية الفلسطينية من خلال فوز مرشحهم محمود عباس ابو مازن!

بادئ ذي بادئ, وقبل محاولة الاجابة عن السؤال المطروح, لا بد من التعرض للاشكالية في السؤال نفسه التي ربما تشكل لنا احد المفاتيح الهامة ليست الاجابة على السؤال فقط بل على جملة الاسئلة التي ستطرح في هذه القراءة ايضا.
يدور السؤال حول مواجهة "المعبرون عن فرحتهم" اي حميع هؤلاء, "على مدى تاريخ الفرح الفتحاوي" اي لحوالي نصف قرن تقريبا عن "اشكالية الوطني" الذي اخذ مفهوما متحركا لتطور المراحل التاريخية وتعاقبها على القضية الفلسطينية.
واذا جاز لي بعد فوز مرشح فتح, اعادة قراءة الانتخابات الرئاسية بحرص شديد وكذلك التروي الشديد عند اطلاق صفة "فكر" على كل من قام بالتفكير او قدم افكارا او انتسب لفكرة ما, ان ذلك يضعنا في قلب اشكالية لا قرار لها وامام عدد من المفكرين لا حصر لهم.
لذا من الضرورة وضع مقولة الذي يقول ان جل نتاجنا النضالي الفلسطيني بشكل عام والوطني بشكل خاص, لم يتأسس على نحو يعطي المستوى المنهجي الاهمية التي يستحق كما انه قد انصرف للمباشرة وللمساجلة لليومي والسياسي اكثر مما انصرف ليكون فكرا يحتاج بدوره لاعادة تحديد.
لا اظنني مخطئا لو قلت ان كلمة "فكر" تتماهي في ذهن قيادات فتح بكلمة "رؤية" عدا ذلك ليس الا افكار يجب ان تحاسب وفقا لمعيار آخر وتندرج فيما دون المستوى الفكري.
ارى في ضوء ما تقدم ان السؤال الصحيح يجب ان يكون "كيف واجه المعبرون عن الفكرة الوطنية " كبديل عن "كيف واجه المعبرون عن فرحتهم" ارى ان هذا هو الصواب ليس منهجا فحسب بل سياسيا ايضا لأنه يعفي الفكرة الوطنية من عبء مسؤولية كل ما قيل او كتب او قدم باسمها من ناحية ويلقي على "الفكر غير الوطني" المسؤولية الواجبة, فيما آل اليه حال القضية الوطنية الفلسطينية, ومن ذلك الفكرة الوطنية واشكالية التحرير من ناحية اخرى.
ارى فيما تقدم ان الحديث يجب ان يدور حول افراد عكسوا, فيما قدموه من افكار استهدفت دون شك محاولة النضال من اجل فلسطين واقعهم الذاتي والموضوعي في مراحل المقاومة الفلسطينية توزعت عليها الفكرة الوطنية والتي تمثلت كردة فعل على مؤتمر بازل عام 1797الذي تبنى فكرة اقامة "دولة اسرائيل" من خلال الحركة الصهيونية.
وكانت اول اشارة رسمية الفلسطيني والعربي, ما اثاره.. روحي الخالدي وشكري العسلي عام 1912 في مجلس المبعوثين حول الخطر الصهيوني واعتزام الصهيونية شراء الاراضي المشرفة على سكة الحجاز والتوسع في سوريا حتى العراق, وان حلم الصهيونية في اخذ فلسطين وانفاق الاموال لتأليف امة يهودية في فلسطين واستيطانها.
وعقدت الشخصيات الفلسطينية في عام 1920 في دمشق شدووا رفضهم الاستيطان الصهيوني واعتبروا وعد بلفور انتهاكا للحقوق السياسية والوطنية للفلسطينيين, وطعنا لاستقلال سوريا بحدودها الطبيعية كما نصت هذه القرارات على ان اهالي سوريا الشمالية والساحلية يعتبرون سوريا الجنوبية "فلسطين" قطعة ممتدة من سوريا, معنى هذا ان الدعوة من اجل دولة فلسطين كانت ضمن حركة حماية فلسطين من الاغتصاب الصهيوني تحت المظلة العربية.
غير ان الحركة الوطنية تطور موقفها في مؤتمرها الذي عقد في اواخر ديسمبر عام 1920 بمدينة حيفا, وكان هذا المؤتمر هو بداية الحركة الاقليمية للعمل الفلسطيني في اطار الامر الواقع الذي كان قد فرضه الاستعمار في معاهدة "سايكس بيكو" ومن اهم القرارات التي صدرت في مؤتمر حيفا وانشاء حكومة قومية في فلسطين بعد رفض كل المشاريع الصهيونية.
لذا جاء المشروع الوطني كتركيبة ايديولوجية جاهزة ومكتملة وكعقيدة مستعاره بشكل انتقائي من فكرة الدولة- القومية- الاوروبية اي كان الطرح القومي انذاك حينما يقوم على طريقة المحاكاة والامتثال, فلا تؤخذ- او ترفض- الافكار او الممارسات او القيم عبر النقد, ولكن بالاشارة الى نموذج جاهز.
وهذا ما جعل المشروع القومي الفلسطيني في تلك الفترة مشروعا متعاليا وفوق تاريخي, اي مشروعا لا يولد من حركة التفاعل الداخلية الاجتماعية الفلسطينية في المجتمع الفلسطيني ولم تستمر هذه الافكار الا صيرورة داخليه, لذلك انحصرت الافكار والتطلعات داخل "النخب الاجتماعية الفلسطينية" التي احتكرت لنفسها حق تفسير هذه الافكار وبرمجتها وفق اهوائها واعطت لنفسها دور الريادة والطليعة في تحقيقه غير ان الذي تحقق معرفيا ضياع فلسطين, وتجاوب مجمع الشعب الفلسطيني مع فكرة اللجوء.
صحيح ان هناك ظروف موضوعية جعلت هذا التجاوب ناجز, لكن في الوقت ذاته يدلل على هشاشة افكار النخبو وعدم تغلغلها في شريان المجتمع الفلسطيني.
من هنا جاء الطرح الاقليمي "الفتحاوي" اكثر صدامية في بداية الامر, حول فكرة الدولة الفلسطينية وروحيته على انه من صنعها واختراعها, وهذه اول المفارقات التي لم تكن آخر المفارقات, فهنالك العديد من المفارقات التاريخية التي قامت عليها اركان فتح في تصدرها للعمل الوطني الفلسطيني, ولكن ليس هنا مجالها في تلك القراءة, وعلى الرغم من ضبابية الطرح الفتحاوي اتجاه الدولة الوطنية لناحية الخبرة السياسية والمستوى الثقافي, او لناحية الفئات الاجتماعية التي يجب ان تمثل في الدولة الوطنية الفلسطينية, وان نظرة منصفة للتاريخ تظهر واقعه السياسي.
ان الناحية السياسية لحركة فتح التي دعت بقوة لدولة فلسطينية لم تكن ضبابية بالكامل, ولعل الكوارث التي حلت بحركة فتح ومن خلفها المقاومة الفلسطينية منذ عام 1970 وحتى دخولها لأراضي الدولة الفلسطينية وقطاع غزة على اثر اتفاق "اوسلو" الشهير كانت محددات حاسمة في البلورة في الافكار والتعبييرات الوطنية, حيث اضافت الكوارث محفزات صدامية جديدة في العقل الوطني الفلسطيني المشتغل في الحقل السياسي النضالي, بل يمكن اعتبار هذه المحفزات دفعة نوعية لضرورة الاسراع في التعبير السياسي الوطني وهو ما حسم الامور لصالح تيار سياسي فلسطيني يحمل افكار وطنية تمثلت في حركة فتح.
وبهذا الحال كان من الطبيعي ان تتأذى فكرة العمل النضال السياسي الفلسطيني الجماهيري- لصالح العمل السياسي المهيمن من قبل فتح, "وفلسفة" الريادة كوسيلة لتحقيق المطالب الوطنية الفلسطينية في اقامة دولتهم "المستقلة".
ما تقدم فتح الباب واسعا للقمع كمرادف اجتماعي فلسطيني داخلي "لفلسفة الريادة" الفتحاوي, والذي بدأت دورانها من الهجرات المتلاحقة من ما تبقى من الاراضي الفلسطينية التي لم تغتصب عام 1948- وتحديدا من مناطق الضفة الفلسطينة وقطاع غزة, وكان من نتاج هذا الدوران اغلاق دورة الحياة والتطوير والتهام كل شيء في نهاية المطاف.
ان شروطا اجتماعية تاريخية جعلت الفكرة الوطنية تعبر عن نفسها من خلال افكار حملت هدفا نبيلا, لكنها ولغير سبب حملت تناقضا سياسيا ظهر حجمه لاحقا, وهو عجزها عن التوفيق بين اقامة الدولة الفلسطينة والائتلاف الذي تعايش معه الفلسطينيون في هجراتهم "الشتات".
ولعل الذي كتبه الشهيد سعيد حمامي ممثل فلسطين في لندن الذي تم اغتياله, حول هذه الحالة تحديدا ترجم ما كتبه للعربية كقراءة اولية لكتابه وكان العنوان "لا تجعلوا من الفلسطينين يهود العالم الثالث" دلالة على الحالة الاجتماعية التي وصل اليها الفلسطينيين ولم تستطع الافكار الوطنية ان تطور نفسها من الداخل, بل على العكس من ذلك فانها كانت تلتهم وعلى نحو متدرج مكوناتها وما يؤسف له اكثر ان شروط التطوير من الخارج كانت معدومة, لأن من يقف على يسارها او على يمينها لم يطرح نموذجا بديلا اكثر تقدما, بحيث يسد الثغرات القاتلة في طروحات المعبرين عن الفكرة الوطنية!
كانت تلك بطيبيعة الحال واحدة من تلك الحالات الاجتماعية السياسية الفلسطينية التي تعايشوا معها طيلة فترات الشتات وما زالت..
تلك الحالات التي ستكشف فيها اجهزة فتح سحر "الافكار" فتتلاعب بها وهي واثقة من ان الافكار لا تلبي الطموحات الحقيقية للشعب الفلسطيني في اقامة دولتهم الوطنية المستقلة.
واذا ما تكرر استخدامها الى الحد الكافي تستطيع ان تعتبر طبيعة فكرة الدولة الوطنية الفلسطينية التي يمكن الحديث عنها في وقت لاحق, ويتم تشكيل دولة تحقق اهداف وطموحات "القائد الزعيم".
على ان الامر الملفت للنظر هو ذلك الافتقار العجيب الى سياسة محددة المعالم, قابلة للتنفيذ لمواجهة ظاهرة الدولة الوطنية الفلسطينية.
هذا النوع من التفكير بلغ في السنوات الاخيرة في اوساط الشعب الفلسطيني سواء من كان في الداخل او في الشتات من الانتشار, حدا يتحتم الوقوف عنده.
فاستخدام لفظ الزعيم- او القائد- كما كانت تطلق على الرئيس الفلسطيني الراحل منذ منتصف السبعينات من قبل اجهزة الاعلام العالمية والعربية, والفلسطينية التابعة لحركة فتح تحصيل حاصل ليس اعتباطيا.
تلك الاجهزة العالمية ومن خلفها, تعرف تمام المعرفة ان المقصود في هذا الترديد هو ترسيخ العقلية الفلسطينية ان الزعيم يتوحد على نحو مطلق بين شخصه و قضيته الوطنية, فهو صاحب الولاية الشرعية بهذا المعنى, فكانت اتفاقات اوسلو التي ادارها ياسر عرفات ومهندسها انذاك ابو مازن الرئيس الحالي للسلطة الوطنية الفلسطينة من خلف الوفد المفاوض الذي كان وقتها يترأسه الشخصية الفلسطينية المناضلة والمعروفة حيدر عبد الشافي ويضم في عضوية الوفد ألمع الشخصيات الفلسطينية, الراحل الشهيد فيصل الحسيني, الدكتورة حنان عشراوي وآخرون.
وهذا السلوك السياسي للزعيم في الحالة الفلسطينية ليس جديدا, فقد تأثر من ممارسات الرئيس انور السادات- الرئيس المصري- إبان توقيع اتفاقات كامب ديفيد وما سبقها من مفاوضات, كانت السمة الغالبة- طغيان فكرة الزعيم- ولعله ليس من باب المصادفة ترديد الرئيس انور السادات كلما اشتدت الازمة بينه وبين الاسرائيليين, وفي نهاية الامر يخضع للمطالب الاسرائيلية, بقوله من اجل صديقه "كارتر" ويثني على صديقه كارتر صديقه في السلام, ان تتكرر معظم المفردات على صديق وأخ عرفات "اسحاق رابين" الذين يعتبروه الاسرائيلييون بطل قومي, ومن مآثره انه احتل عام 1948- اللد والرملة..!
هذه المقاربات تحتاج قراءة اخرى.. للتماهي المصري الفلسطيني في هذا السلوك تحديدا, لكن تم ذكر هذه الحالة للدلالة فقط.
المهم في الامر ان المحاولات الواعية المعتمدة على حقيقة الفقر الصارخة لأفكار قيام الدولة الوطنية الفلسطينية, ولتعليق الجماهير الفلسطينية بأمال زائفة لا يمكن ان تكون مجرد تعبير عن "عقدة فقر" متأصلة منذ النشأة الاولى وانما هي تعبير عن اختيار وانحياز الى الجانب المستغلة ضد الاكثرية المطعونة من طأة الشتات والاحتلال الاسرائيلي للضفة والقطاع.
انها ردود افكار متكاملة دبرت وخططت بعناية وبخطوط مرسومة, لثقافة سيكولوجية يتبناها الزعيم القائد, وتدلل على ظروف الفقر المعرفي للنشأة الاولى للزعيم القائد.
ان هذه المشكلة التاريخية التي عانى منها الشعب الفلسطيني من ما عرف بالقادة التاريخيين لقضيتهم, حددت الاهداف الوطنية وأهدرت الامكانات الموجودة لدى الشعب المناضل.
فلم يكن مستغربا ان يوقع الزعيم على اتفاق اقل ما يقال عنه انه مجحف, الذي يعترف "بدولة اسرائيل" الجغرافية والثقافية وهذا اخطر ما في الاتفاق بأن توافق على اساطير تم توظيفها من قبل الاستعمار الغربي وجاءت هذه الاساطير على شكل دولة لتساهم في تكريس الحالة التبعية للعالم العربي من خلف مشكلة فلسطين.
وعمليا عندما وافق الزعيم على هذا فعليا تنازل عن قضية اللاجئين, والمفارقة هنا لنه لم يفاوض الاسرائيليين على التوقف من استقبال اليهود من اقطاع الدنيا لفلسطين, وهذه المفارقة تدلل على حجم الفقر المعرفي للزعيم القائد.
وبمثل هذه الافكار المضللة تم تبرير كافة الاجراءات التي اتخذت من قبل تنظيم هذا القائد وتبعه باقي الفصائل, والتي عرفت هذه الاجراءات بالانتفاضة الفلسطينية الاولى, والتي جاءت بعد افلاس المقاومة الفلسطينية في لبنان وخروجها بعد ان انقذها غباء مناجم ببض السياسي, فالمقاومة الفلسطينية في نهايات العام 1981 وبدايات عام 1948 وحتى كانت تعيش صراعات عسكرية سرية فيما بينها على اعتبار ان هناك حلول تصفوية للقضية!
مناجم ببض بقيادة شارون, وجاد اخرج المقاومة من مأزقها التاريخي لتخرج بعد ذلك منتصرة سياسيا على الرغم من هزيمتها عسكريا, وهناك تقع تماهي اخرى مع التجربة الناصرية التي هزمت في احداث السويس عسكريا, لتكرس سياسيا في مصر والعالم العربي لتلقي بظلالها الديماغوجية, ورفض الديمقراطية وهيمنة العسكرة على مقاليد الحكم مما جعل مصر سجنا كبيرا لتفتح بعد ذلك اسواقا استهلاكية شرهة في عصر السادات, بعد ان وفر الرئيس الراحل عبد الناصر كل الظروف الموضوعية لاستشراء هذه الظاهرة.
فيما بين فلسطين في انتفاضته الاولى التي احضرت اوسلو واحداث السويس التي احضرت هي الاخرى عصر السادات.
عاش الفلسطينييون عثراته وتعثراته التي ابعدته زمنيا عن تحقيق حلمه في اقامة دولته الوطنية على كامل التراب الفلسطينيي, وبقي اسيرا لمشروع دويلة ينظر له الجندرمة الفتحاوية والتي تجلت بشكل واضح فوز ابو مازن في رئاسة السلطة الوطنية.
نأمل في قراءة جديدو تناول فوز ابو مازن تحديدا في الرئاسة الاسباب والظروف, والبرامج التي على اساسها فاز محمود عباس ابو مازن في الرئاسة الفلسطينية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. واشنطن تفرض عقوبات جديدة على طهران بعد الهجوم الإيراني الأخي


.. مصادر : إسرائيل نفذت ضربة محدودة في إيران |#عاجل




.. مسؤول أمريكي للجزيرة : نحن على علم بأنباء عن توجيه إسرائيل ض


.. شركة المطارات والملاحة الجوية الإيرانية: تعليق الرحلات الجوي




.. التلفزيون الإيراني: الدفاع الجوي يستهدف عدة مسيرات مجهولة في