الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
السياسة الدولية .. وغياب الانسانية
زيرفان سليمان البرواري
(Dr. Zeravan Barwari)
2012 / 7 / 12
السياسة والعلاقات الدولية
إن السياسة الدولية في الوقت الراهن تمر بمنعطف خطير تعبر عن حجم المادية في العلاقات الدولية، ومدى تطبيق الفكرة الواقعية في العلاقة بين الشعوب، ان الانسانية وما يتعلق به من القواعد والمعاهدات والمواثيق الدولية ما هي الا شعارات يستخدمه الدول العظمى في تمرير سياسات معينة في اوقات محددة لتحقيق المصلحة الضيقة لتلك الدول، ان الانسان الذي يعد المحور الاساسي في الرسالات السماوية، والغاية الاسمى في الانظمة القانونية والسياسية بات يتعرض لاشد انواع الانتهاكات تحت مسميات دينية وسياسية واجتماعية لا تغنى عن الحق شيئا، ان الامم المتحدة على سبيل المثال انبثقت من الرغبة العالمية لصنع عالم مستقر خالي من الحروب والويلات والانتهاكات التي تعرض لها الانسان في اوربا ابان الحربين العالمين الاولى والثانية. إلا ان هذه المؤسسة العجوزة بدات تخطو خطوات اختها عصبة الامم في التعاطي مع الازمات الانسانية التي تتعرض لها الشعوب جراء المطامع السياسية والاجندة المادية الضيقة.
ان سياسة الكيل بمكيالين بات العنوان العريض للقرن الحادي والعشرون بعدما كانت المعضلة الاساسية لسياسات القرن العشرين، بل وتطورت هذه السياسة بحيث اخذت تسميات اخرى كالحيادية واحترام سيادة الدول المستقلة وما الى ذلك من الشعارات الزائفة والالحان الرديئة التي نسمعها من عظماء العالم من حيث المادية واقزام العالم من حيث الاخلاق والانسانية.
إن العالم قي الوقت الراهن يعاني من ابشع الازمات الاخلاقية التي قد تقود البشرية الى كارثة الحرب العالمية الثالثة نتيجة للبطش في السياسات الدولية والطغيان في السياسات العامة للدول المختلفة. انني اريد من خلال هذا المقال الربط بين ما يحدث في بورما من عمليات الجينوسايد المنظم والسكوت العالمي الرسمي وراء المجازر التي يقوم بها البوذيين المجرديين من كل القيم والمعتقدات الانسانية.
بورما.. هولكوست المسلمين في القرن الجديد
تقع بورما في شبه الجزيرة الهندية، وتبلغ عدد سكانها حوالي 50مليون نسمة، يشكل المسلمون 20% من عدد سكان هذه الدولة، بعيدا عن التفاصيل التاريخية حول تواجد المسلمبن وتاريخ وصول الاسلام الى بورما في زمن الخليفة هارون الرشيد، هنا اريد التركيز على حالة المسلمين والموقف الانساني التي تعاني منها المدنيين من مقاطعة (اراكان) المسلمة التي تقع في شرق بورما، تعد المسلمين في بورما من الاقليات الاكثر تعرضا للبطش والتمييز العنصري والقتل الجماعي حسب احصائيات الامم المتحدة، بل وتعد بورما الدولة الاخطر على حقوق الاقليات وخاصة المسلمين وذلك بسبب القتل المنظم التي يتعرض لها المسلمون على ايدي جماعة (Almag) البوذية المتطرفة والمدعومة من قبل النظام السياسي الدكتاتوري في بورما. لقد تعرض المسلمون في بورما لعمليات مماثلة في عامي 1962 وعام 1991حيث اجبروا على ترك منازلهم جراء الحملات الوحشية التي قامت به المجموعات البوذية المسلحة ضد المسلمين. ومن خلال دراسة الحالة الانسانية في بورما يظهر لنا بان المدنيين المسلمين يعانون من جرائم منظمة قائمة على اساس: الحرمان الاقتصادي، الحرمان من المشاركة السياسية، التفاوت الطبقي وما الى ذلك من الجرائم المنظمة. ويكمن الدافع الاساسي وراء هذه العمليات محاولة البوذيين التغيير الديموغرافي لصالحهم بعد المخاوف من ازدياد عدد المسلمين في هذا البلد، وهذه هي عقلية الانظمة الاستبدادية والجماعات الارهابية التي تحاول التخلص من الشعوب عن طريق القتل والبطش متناسين بان الظلم تولد العزيمة والإرادة في المقاومة والبقاء، خاصة واذا دخل عامل ديني او ايدولوجي في الصراع بين الجماعات البشرية.
هنا لابد من الوقوف امام السكوت العالمي وراء الجينوسايد الهجمي ضد العزل من الاقليات في بورما، بل والاخطر من ذلك السكوت الاممي الرسمي كمنظمة الامم المتحدة ومنظمة المؤتمر الاسلامي والجامعة العربية، وكذلك الموقف المتردد من قبل الولايات المتحدة والاتحاد الاوربي اللتان تدعيان الانسانية في سياساتهم الخارجية ويتهمون الدول الاخرى بالانتهاكات ضد الانسان، والغريب في الامر قرر البيت الابيض مؤخرا رفع الحظر على الشركات الامريكية الراغبة في الاستثمار داخل بورما ،وكانها مكأفاة للمجرمين على جرائمهم ضد المسلمين. ان السياسة الدولية تعاني من ازمة اخلاقية، وان الانسان بات السلعة الارخص في الموازين الدولية، بل وبات قضايا الشعوب بمثابة الاوراق الاساسية للعبة السياسية في العالم. ان المنظمومة الاخلاقية تعاني من ازمات محورية خاصة ما يتعلق بالعلاقات الدولية، وان الملفات الانسانية في كل من سوريا وبورما تعبران عن حجم الكارثة التي وصلت اليها البشرية، فكل تطور تقني مادي في العالم المعولم تقابله تخلف اخلاقي انساني بل والرجوع الى العصور المظلمة من حيث القيم والمبادى الانسانية.
ان ما يحدث في بورما نقيض لاهداف الامم المتحدة، منظمة المؤتمر الاسلامي، وكل المعاهدات والمواثيق التي قامت على اساس تحقيق السلام والامن العالمي وحماية حقوق الانسان، ولكن العتب الاساسي تقع على عاتق الدول الاسلامية التي اختارت السكوت على التصرفات التي تقوم بها دولة بورما ونظامها الدكتاتوري الدموي، ولو تعرض اي اقلية دينية اخرى للجينوسايد في بورما لوجدنا ان العالم قد انقلبت وان الناتو قد تدخلت والفاتيكان استنكرت وطبعا الدول الاسلامية قد قلدت.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. شهداء وجرحى في قصف إسرائيلي استهداف مناطق عدة في قطاع غزة
.. ما الاستراتيجية التي استخدمتها القسام في استهداف سلاح الهندس
.. استشهاد الصحفي في إذاعة القدس محمد أبو سخيل برصاص قوات الاحت
.. كباشي: الجيش في طريقه لحسم الحرب وبعدها يبدأ المسار السياسي
.. بوليتيكو تكشف: واشنطن تدرس تمويل قوة متعددة الجنسيات لإدارة