الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عنف السلطة في الدولة العراقية الحديثة . تناحر طائفي ام صناعة السلطة؟ (القمع الاجتماعي) 22

صميم القاضي

2012 / 7 / 13
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


النوع الثاني من قوى القمع هو القمع الافقي او الاجتماعي, ففيما يعمل القمع السياسي بشكل عمودي في هيكل الدولة , يعمل القمع الاجتماعي بشكل افقي في بنية المجمع , بمعنى ان الافراد أوالتشكيلات الاجتماعية يقمع بعضها بعضا بوسائل ثقافية او اجتماعية وحتى بالعنف البدني وتتمثل هذه القوى القمعية بممارسات اجتماعية توافقية(1) ولكنها تعززالتنافر بين مكونات النسيج العراقي على اسس من التعصب العرقي والديني والطائفي والعشائري لاعادة انتاج الشقاق الاثني والديني والعشائري. ينفذهذا القمع من خلال بنى قائمة في المجتمع اصلا كالبنى الاجتماعية (الهرمية السلطوية داخل :الاسرة ,أو العشيرة,أو الحزب,أو المؤسسات الدينية) او كألهياكل الاجتماعية (الاحزاب والنقابات والجمعيات والمؤسسات الثقافية والدينية والاثنية وتشكيلات العشائر). فيما تقوم اجهزة السلطة السياسية والامنية بشرعنة وتنفيذ القمع العمودي تضطلع (الاجهزة) الثقافية التابعة للسلطة بدور القمع الافقي (الاجتماعي) مثل الجوامع والحسينيات وغيرها من دور العبادة والمدارس والجامعات والاعلام والصحافة ومؤسسات البحث ومثقفي السلطة ووعاظ السلاطين وابواق الانظمة.تحترف المؤسسات الثقافية التابعة للسلطة او الدائرة بفلكها هذه المهمة من خلال ثلاثة من مهام هي :اعادة خلق القيم التنافرية الاثنية اوالدينية او الاجتماعية بأشكال جديدة ,وبتنميط ألافكار الداعية للحريات ,وبتهميش الأشخاص او القوى الداعية للحريات.
في مهمتها الاولى تسعى (الاجهزة)(2) الثقافية التابعة للسلطة الى تعزيز القيم والممارسات التنافرية وتاصيلها وإعادة خلقها وتسويقها بحيث يتم دمجها في النسيج الثقافي العراقي لتكون جزئا (طبيعيا) من الممارسات اليومية وتصبح من المسلمات وبما يكفل تغييب وبعثرة الوعي ألمطالب بحقوق المواطنة والحريات المدنية . مثال ذلك التحريض الذي يمارسة أساطين الاصوليات الدينية والشوفينية سواء كانوا رجال دين ام قادة احزاب وتنظيمات سياسية أم مثقفو سلطة في دروسهم أومحاضراتهم أو مقالتهم أوتصريحاتهم اليومية أو في خطبهم الجماهيرية الاسبوعية .أن القاسم المشترك الذي يجمع بين هذه الخطابات على اختلاف المشارب الفكرية والعقائدية لاصحابها هو حرصهم وتفانيهم في بخس القدرالانساني والبعد الوطني للطائفة او الاثنية الاخرى او الحزب الآخر بغرض تظليل اتباعهم وانصارهم عن حقيقة ما تمارسة هذه القيادات الطائفية والشوفينة والحزبية من احتكارللسلطات واغتصاب لحقوق اتباعهم وانصارهم بمراقبة قياداتهم ومسائلتها. وبضياع حقوق المواطنة والحريات الشخصية للاتباع والانصار يصبح تغييب هذه الحقوق امرا تلقائيا لبقية الشعب فيكتمل احتكام طوق القمع حول رقبة الشعب العراقي .
تتجلى اهداف ستراتيجية الشقاق والتحريض في اسلوب خطاب أساطين التحريف الطائفي والاثني والايدلوجي, أن ما يميز خطاب هذه القيادات كونة تحريضي متوتر ومرتعب يهدف الى اثارة مشاعر الخوف من (الاخر) ,يهدف الى خلق انطباع وهمي بأن (طائفتا) او (عرقنا) او (حزبنا) او (عشيرتنا) في خطر من الاخرين وأن (امتيازات) ابناء الطائفة او الاثنية او اعضاء الحزب هي محل خطر (حسد على النعمة والخير الذي ترفلون به). فيتكرس استعداء ابناء طائفة اتجاه اخرى او ديانة اتجاة اخرى او تنظيم اتجاة اخر اوعشيرة اتجاة اخرى. يُدعَم هذا الخطاب الدهماوي(3) بوقائع تاريخية محرفة او بأسباغه بالقدسية الدينية اوالعصبية الشوفينية أو الاصولية الايدلوجية من خلال نصوص أواقوال مجتزأة أو محرفة عن سياقها لشخصيات ذات قيمة اجتماعية او فكرية او دينية. بل ويمضي محترفو هذه الدعاية الشقاقية الى الاستناد والتمثل بقرءآت مبتسرة أومغلوطة لكتب مقدسة أولنصوص فلسفية وايدلوجية لأ اعادة احياء مشاعر الكره والتفرقة واعادة احياء ذكرى المناسبات التي قامت بها السلطة بقمعها الشرس لمكون ما من ابناء الوطن العراقي واستذكارهذه المناسبات على انها حالات اضطهاد متعمدة لفئة او طائفة او أثنية بذاتها بسبب عقيدتها او عرقها او انتمائها وتغفل هذه القيادات الثقافية الشقاقية بشكل متعمد ذكرالسبب الحقيقي للقمع وهو تجرأ هذه الفئة او تلك في يوم من ايام التأريخ على المطالبة بحقوقها في المواطنة والحريات في مواجهة سلطة مستبدة عاتية. في طابع الامر فأن رد فعل اساطين الفئة المضادة وقادتها والذي ينطلق من ذات المستنقع الطائفي النتن سيكون طائفيا مضادا (4) بمعنى ان رد فعل الطائفة الاخرى يصبح انفعاليا ودهماويا ايضا فيلجأ الى التصعيد بالمقابل والعودة الى احداث تاريخية او نصوص تعيد خلق الشقاق والتفرقة في المجتمع بثوب جديد ,خطابات من نوع (ان الطرف الاخرهو من بدأ بالاعتداء لانهم برابرة وقتلة وعلينا الانتقام والثأر لقتلانا...!) او (أننا سكنا هذة الارض قبلهم وهم دخلاء فواجبنا أن نطردهم لنعيد الارض لاصحابها الاصليين...! ) او (اننا نحتفظ بالاصول أو الفهم أو الممارسات الصحيحة للديانة او للفلسفة وهم محرفون وأبادتهم سوف تنقي عقيدتنا وتقربنا من السماء..!) او (عرقنا ارقى وانقى منهم وبذلك فأبادة عرقهم الادنى او الملوث هو مهمة قومية (مشرفه) للحفاظ على (النقاء) العرقي...! ) . يستمر هذا الداء الفكري بالانتشارفي عقيدة ووجدان المواطن العراقي لينخر اللبنة الاساسية في العقد الاجتماعي لاي مجموعة بشرية وهورغبة الافراد بالتعايش في وطن واحد , وتمزق النسيج الاجتماعي القائم على تكافل وتعاون وتبادل الاحترام لحرمات المجموعة البشرية , بالنتيجة سقط ايمان العراقية والعراقي بمواطنتهما وانمسخ معيار مواطنة المواطن وأنمسخ معيار وطنية السلطة . لتحل محلهما معايير طائفية وشوفينية شقاقية يتم انتقائها بوحي الرؤية الضيقة لاصحاب المصالح الطائفية والاثنية والعشائرية على حساب المواطنين والوطن.
هكذا ذوى , في الوطن العراقي, المعيار الحقيقي للمواطنة وهو قيمة وحجم ما قدمه ابناء هذا الوطن في حاضرهم من مشاركات وتضحيات من عرقهم ودمائهم ليخلقوا حياة افضل لهم ومستقبل افضل لابنائهم. واصبح ابناؤء الوطن العراقي يجتهدون لأ ثبات (علاقتهم بالوطن ) او احقيتهم بالعيش فية من خلال معايير سفسطائية وشقاقية مثل ألتنافس في من سكن هذه البقعة من الارض او تلك قبل 1000 او 3000 سنة...!؟ أو من هي (الفئة الباغية ...!)ومن هي (الفرقة الناجية...!).
هكذا ذوى معيار وطنية السلطة متمثلا بمدى التزام السلطة بواجباتها الدستورية وصلاحياتها القانونية للسعي لتدعيم القانون وأنفاذ روح الدستور وصيانة العقد الاجتماعي واثراء النسيج الوطني بماتقدمة لابناء الوطن من نظام صحي رصين وفرص عمل وخدمات لائقة وسياسية اقليمية ودولية ترقى لقيمة العراق في السياسة الدولية وبما يؤهلة لها عمقة الحضاري والتاريخي وثراءة وثقلة الاقليمي والسكاني. هكذا انمسخ معيار وطنية السلطة ليغرق الشارع العراقي بمعايير اعتباطية تُطَبع و تكرس وتبررجرائم السلطة الخطيرة كأبادة مجموعة من المواطنين العراقيين او تهجيرهم او تغيير البيئة الجغرافية او السكانية لمنطقة ما او التفريط بموارد الوطن الطبيعية واراضية في صفقات خاسرة مع دول الجوار او اقحام الوطن العراقي في حروب خاسرة او التبعية الذليلة لدول الجوار. بالمقابل تم شيوع مفهوم ل(وطنية ) السلطة قائم على التشدق بانكار جرائم قامت بها السطة فعلا كنكران اقطاب الغلو الطائفي السني للمقابر الجماعية التي وئد بها نظام البعث المنتفضين عام 1991في الانتفاضة العراقية الثانية أو شيوع مفهوم معاكس ل(وطنية ) السلطة متمثل بالتغافل عن ادلة وقرائن فعلية تدين جرائم حدثت وتحدث بالفعل اتجاه ابناء هذا الوطن كتسفية اقطاب الغلو الطائفي الشيعي لشأن الاعتقالات والاختطافات اللاقانونية والاغتيلات التي تمارسها السلطة بحق ابناء السنة من 2005 ولحد اليوم(4). أو لأثبات (وطنية ) السلطة من خلال الالتفاف على المعيار الاخلاقي والاجتماعي لأجرام السلطة بأبناء الوطن بما تنشغل الاجهزة الثقافية التابعة بة من عقد مقارنات سفسطائية لمقارنة حجم جريمة بحجم جريمة اخرى ومقارنة بشاعة جرم ببشاعة جرم اخر بدلا من أن يكون الموقف المبدأي هو رفض اي جريمة مهما ضئل حجمها وكائنا من كان مقترفها . هكذا فأن الثقافة اليومية العراقية تقييس مدى اجرام السلطة ورموزها بالقدر النسبي لبشاعة الجريمة لابخطورة القيام بفعل الجريمة باعتبارة فعلا تحرمة جميع القيم والشرائع, مثال ذلك الحديث الدارج من (أن السلطات الملكية كانت في اجرامها (ارحم ) من الشيوعيين والبعثيين ... صحيح انها اجرمت بخصومها السياسيين باعدامهم وتعليقهم في الاماكن العامة و صحيح انها ذبحت المسجونيين الساسيين وهم فاقدو الاهلية في السجن ولكنها لم تتعرض لاهالي الخصوم كما فعل البعثيون والشوعيون !!!!) أو( أن الشيوعيون افضل من البعثيين لان مجازر كركوك والموصل 1959 لاتعد شئ مقارنة بما حدث قام بة العثيون عام 1991 !!!!) أو (أن البعثيين اقل اجراما من الشيوعيين لان الشيوعيين كانوا يسحلون خصومهم ويعلقنوهم في الشوراع والاماكن العامة وفي حين أن البعثيين فعلوا ذات الشئ وربما أكثر ولكنة (على الاقل) تم في السجون والمعتقلات لا بشكل علني!!!!) أو (أن الممارسات الاجرامية للسلطة الحالية (مبررة) فلو حدث هذا في زمن صدام لكان اجرامة بالفاعلين اشد عنفا!!!!) او (ان الاعتقلات العشوائية الحالية مبررة لانها تحظى بالتغطية الاعلامية ولو كانتقد تمت في زمن النظام المقبورلكانت سرية!!!!) او (ان على المنتفضين في ساحة التحرير عام 2011 أن يشكروا السلطة التي اكتفت بقمع مطالباتهم بالحقوق الوطنية والحريات المدنية بالضرب والتنكيل والاعتقال والتعذيب وألاغتيال من قبل اجهزة الامن والشرطة والاشقيائية وانها لم تقصفهم بالطائرات والمدافع الثقيلة كما فعل النظام السوري او الليبي البائد!!!!) وعلية (فأن كل فصيل يدعي أن شكل السلطة التي يؤيدها هي النوذج (الاسمى) للديمقراطية لان اجرام رجالاتها كان اقل من غيرهم وهذا بحد ذاتة كاف لان يعطي الشرعية لحزب ما او مجموعة ما لحكم العراق وكأن العراق يجب ان يحكم بمجرم والقضية هي البحث عن المجرم الافضل قلبا (ذو القلب ألرحيم) لنختارة !.
لقد ادت آلية تنميط مطاب الحقوق والحرية الى ذويان القيم والمبادي المنطلقة من حقوق المواطنة والحريات المدنية فأنمسخت معايير المواطنة العراقية بأعتبارها حقوقا على السلطة أن تؤديها وانمسخت القيمة الانسانية بأعتبارها حرية مدنية يتمتع بها المواطن وعلى السلطة أن تصونها (5).
الآلية الثانية التي تعمل (الاجهزة ) الثقافية التابعة على استعمالها لقيامها بدورها في القمع الافقي هي آلية التنميط للافكار الداعية للحريات . أي خلق انماط فكرية داخل المجتمع واشاعتها عن طريق تدرسيها و تثقيف العامة وبذلك ينمط مثقفوا الانظمة الحوادث المتعلقة بالحريات لتطبيع جرائم السلطة وخروقاتها باالدستورية والقانونية . هكذا تم أشاعة ترهات اجتماعية تنمط وتفلسف اجرام السلطة بالمواطنين العراقيين مثل (نحن شعب دموي, نحن شعب عنيف , نحن نحب الانتقام , العراقيون لايحكموا الابدكتاتور, الحجاج هو دوائنا الوحيد , نحتاج الى دكتاتور عادل؟!...الخ).
قام هذا التنميط على التوضيف المقصود أو التحريف لاجتهادات علمية واكاديمية لتكريس التنابذ, مثال ذلك شيوع فهمين اثنتين فقط في تيار الثقافة العراقية العامة لتفسير ازمة الوطن العراقي هما الرؤية الاجتماعية لأحداث (من تاريخ) الوطن العراقي والرؤية الدموية السياسية . واللتان صاغتا لاجيال عدة إدراك الشخصية العراقية لذاتها ولتاريخها . فبالرغم من أن هاتين الرؤيتين لاتمثلان دراسة علمية للتأريخ العراقي بالمعنى الدقيق للدراسة العلمية بل تمثلان رؤيتين اجتهاديتين حاولتا ان تقدما قراءة لفصول او لمحات من تاريخ الشعب العراقي (6) بأعتراف اصحاب هاتين التجربتين وبتاييد النخبة الاكاديمية والعلمية من قادة المدرسة العراقية العلمية العريقة المتخصصة في دراسة التاريخ . ألا ان المؤسسات الثقافية التابعة تفانت في النشر والترويج والدعاية لادبيات هاتين التجربتين ووضفتاها–بعيد عن اهداف و دواعي روادها- لتكريس الماضي واطرة البالية لاعادة خلقة في الحاضر في المقابل اجتهدت هذه الاجهزة الثقافية التابعة في التضييق على أو في محاربة الدراسات العلمية التأريخية الحقيقية المقابلة أو البديلة والتي توضح تأريخ العراق الحديث وتعزز فهم و شيوع ثقافة وطنية مستندة لدراسة علمية للتأرخ تنسجم مع المهمة الاكثر اهمية لدراسة تـاريخ شعب او امة وهي فهم ماضيها والتعلم من دروسة لتشكل حاضرا ومستقبلا افضل.
لقد تجذرت هذه الانماط لتصبح قوالب اجتماعية تكرس علاقة العراقي مع السلطة على اسس التبعية والخضوعية وهكذا فأن التنميط يؤدي دورة القمعي الاجتماعي الافقي من خلال ثلاث اليآت, اولا( تجريم الضحية) فتصبح هذه الفئة أو هذا المكون مذنبان لمطالبتهما بحقوق المواطنة والحريات المدنية ويستحقان العقاب لأنهما (تجرئا على السلطة بما طالبا من حقوقهما!؟) , ثانيا: (تطبيع جرائم السلطة ) لتبريراستبدادها للسلطلة واستباحتها لحقوق وحريات الشعب العراقي فتصبح جريمة ابادة الخصوم السياسيين وجرائم التصفيات الجماعية والعرقية امرا ضروريا وبل وطبيعيا للحفاظ على (مجتمعنا) ,ثالثا: (تقديس القتلة ) وهكذا فأن المنضومة الثقافية والاخلاقية التي تسوغ أن تصبح الضحية (مجرمة يجب ابادتها للحفاظ على المجتمعنا) والتي تطبع (الجريمة) الى (فعل اجتماعي ضروري بل وبطولي لاصلاح المجتمع) فأن ذات المنظومة بالضرورة تقوم بتقديس القتلة و السفاحين و الطغاة المستبدين لتخلق منهم ابطالا مخلصيين حال حياتهم واسودا للشهادة عند موتهم .
في نظرة بانوامية لجائم السلطات العراقية في ألحقب السياسية العراقية المختلفة نجد أن هذه اليآ ت تظهر بمسميات مختلفة لتطبع قمع السلطة لأبناء الوطن الرعاقي وبالتالي يتكرس ويصبح ضرورة عادية بل يصبح هو الوسيلة الوحيدة والفاعلة للتعامل مع الخصوم . في فترة الحكم الملكي بادرت السلطة باعدام خصومها السياسيين من قيادات الحزب الشيوعي العراقي أوالعقداء الاربعة فأنطلقت اجهزة السلطة الثقافية بتجريمهم بمقاييس ذلك العصر (شيوعيون وفاشيون) وتم تطبيع ما حدث من الجريمة السياسية والتمادي على الكرامة الانسانية بالتمثيل بالجثث بتعليقها على بوابة وزارة الدفاع وبساحة الطيران في اربعينيات القرن الماضي (لمحاربة الشوعية والفاشستية) ومن ثم تتويج رائد هذه البدعة في التاريخ السياسي العراقي الحديث (نجما للسياسة الانقية) . شكلت هذه الوقائع فاتحة جديدة لاساليب أنتهاك حقوق مواطنتهم وحرياتهم المدنية شرعت اجهزة السلطة الثقافية بتنميط بعادها الاجتماعية والسياسية في المجتمع العراقي الفتي انذاك مما تمخض عن تداعيات كبرى فيما بعد, اذ قامت السلطة بتوضيف العنف كسياسة للتعامل مع الخصوم السياسيين بدلا من الجدل السياسي واستعمالت اليآت القمع (سجن اعدام تمثيل بالجثث) بدلا من اليآت الجدل السياسي كالصحافة والاعلام وقامت بنقل ساحة الخصومة السياسية من مكانها الحقيقي في اي مجتمع متمدن وهي البرلمان والقضاء الى الساحات العامة والشوارع , تشكلت وضيفة جديدة لاجهزة السلطة الثقافية وهي مهمة تنميط هذه الاجترائات والأنتهاكات على القيم الحياة المدنية العراقية في مجتمع فتي النشأة يومذاك ةتنميط الانتهاكات لاصول ادارة الخلافات السياسية للشعوب المتمدنة ,تنميط الجريمة السياسية.
تكرست فيما بعد بدعة الاجرام بالخصوم السياسيين خارج اطار القانون والدستور من خلال ممارسات او مواقف السلطة الجمهورية الحديثة العهد في خمسينيات القرن الماضي تمثلت هذه الممارسات بدعمها او بممباركتها لاساليب التعامل مع خصومها السياسيين من خلال قانون الشارع بدلا من قانون الدولة ومن خلال المقاضاة الشعبوية بدلا من القضاء والى التنفيذ الدهماوي بدلا من السلطة التنفيذية الرسمية . بذلك تأصلت بدعة الجريمة السياسية من خلال سحل الخصوم السياسيين وتعليقهم على اعمدة الكهرباء سواء كانوا قيادات في النظام الملكي السابق او قيادات لقوى سياسية مناوئة انذاك وشرعت اجهزة السلطة الثقافية بأستعمال أليآتها الثلاث (تجريم الضحيةوتطبيع الجريمة وتقديس المجرم) وبمفردات وقيم ذلك العصر فكان تجريم الضحية (خونة او متآمرون على الشعب) وتطبع الجريمة ( حماية الجمهورية من المؤامرات الرجعية) وبتتوج رأس السلطة (زعيما وفيا) رغم تواني هذه السلطة او اخفاقها في ان تفتح تحقيقا رسميا لأي من هذه الانتهاكات . في هذه المرحلىة من تأريخ الوطن العراقي تم خلق قانون خاص بالسلطة مواز للقانون الدولة اوجدتة هذه الممارسات واقرة العرف الاجماعي ودعمتة السلطة. يسمح هذا (القانون) للسلطة بممارسة صلاحيات مطلقة بالقبض على أومقاضاة أوتصفية خصومها السياسيين من خلال الشعبوية وبدون تدخل اواستعمال للاجهزة الرسمية. من ذاك التأرخ أوجد في الوطن العراقي مسخ جديد هو اداة قمع خطيرة وغير منضبطة بتعليمات الدولة الادارية وغير مقننة تشريعيا وبدون مرجعية او مسائلة دستورية وبالتالي بدون محاسبة لكيف ولماذا ولمن قام بهذه الجرائم وما ينتج عن ذلك من ضياع وهدر لحقوق الضحايا واسرهم وما يتولد بالمجتمع من فقدآن للطمائنينة والاحساس بالاستقرار . دلفت مؤسسة السلطة لخلق هذه المنضومة الشعبوية من خلال ثغرات دستورية وقانونية متأتية من هشاشة الدستورفي التشريعات التي تصون الحريات المدنية والتي تحاسب السلطة حين تنتهك هذه الحريات ولعجز القوانين عن ان تصون حقوق المواطنة وخلو القوانين لما يحاسب السلطة حين تنتهك هذه الحقوق .لقد دقت هذه الممارسات مشفوعة بمباركة السلطة المسمار الاول في نعش الدولة العراقية الفتية واشرعت السكين التي مزقت لعقود تلت النسيج الاجتماعي العراقي والعقد الاجتماعي الغض .
في شباط عام 1963 استعمل الانقلابيون نفس المنظومة الشعبوية في اعتقال ومقاضاة وتننفيذ الاعدام رميا بالرصاص برئيس الحكومة ومساعدية على شاشات التلفزيون بعد محاكمة مهلهلة -لحد الآن لاتوجد وثقية رسمية واحدة توثق هذه الواقعة الخطيرة يمكن استعماها من قبل جهة تحقيقية او قضائية او اكاديمية للتعرف على الاتهامات التي وجهت لرئيس الحكومة ومساعدية او القرارات التي تم بموجبها توجية عقوبة الاعدام واصولها القانونية والدستورية!- تلى ذلك ومن خلال نفس المنضومة الشعبوية تدبير جرائم مخزية لتصفية الآلاف من القيادات الفكرية والابداعية والسياسية التقدمية في المعتقلات و تحت التعذيب او حشر المئات في قطار شحن وارسالهم برحلة مستمرة بدون توقف الى نقرة (نكرة) السلمان في صحراء السماوة ليقتلوا اختناقا او جفافا. استنفرت الاجهزة الثقافية للسلطة الانقالابية بتجريم الضحايا هذه المرة بمفردات ذات نكهة قومية دينية (الطاغية والكفرة الملحدون) وبتطبيع الجريمة (صيانة مقدسات الوطن من الالحاد وحماية القومية العربية) وهكذا اصبح بطل هذه المجازر (الرئيس المحبوب المتدين!). لقد تمت هذه الجرائم البشعة في ستينيات القرن الماضي في اشد اوقات التأريخ العراقي الحديث حراجة وحاجة لهذه التيارات كقوى وطنية للمساهمة في بناء الوطن الفتي والجمهورية الناشئة في مواجهة قوى الشد العكسي التقليدية التي سعت ومازالت لابقاء العراق وابناءة في الاطر الاقطاعية المتخلفة اقتصاديا واجتماعيا. منذ هذا التأريخ بدأت هذه المنضومة الشعبوية المسخ الموازية للقانون والغير مستندة لاصول قانونية ودستورية بالتضخم كاداة قمع غير منظبطة بيد السلطة تأكل ابناء الوطن العراقي وتمزق نسيجة الاجتماعي وتنخر بعقد مواطنتة. كان ذلك نتيجة حتمية لاخفاق دستورالوطن العراقي ومن ثم قوانينة في ان تحمي عقد المواطنة بين ابناءة الذي دعموه بانتفضتهم الشعبية الاولى عام 1920 ودعموا قيام الحكم الجمهوري في 1958 بهدف تعزيز العقد الاجتماعي العراقي و تطويره.
منذ مجئ البعث في 1968 تم تنظيم وترويض هذه المنضومة الشعبوية المسخ للتحول الى احد (اجهزة السلطة) الخارجة عن نطاق سيطرة (الدولة) (7) اي الغير خاضعة لدستور الدولة او لقوانينها او لنظامها الاداري بل ترتبط مباشرة بالسلطة لقد نظمت السلطة بقيادة صدام هذه المنظومة بحيث تكون لنظام الحكم سلطة خاصةة بة داخل الدولة وموازية لسلطات الدولة وتكون سلطات الدولة (تنفيذية وتشريعية وقضائية ) تابعة لهذه السلطة المسخ , فكانت لها سلطاتها التنفيذية الخاصة (ادوات القمع من سجون معتقلات واساليب انتزاع الاعترافات). كانت البدايات الاولى للسلطة التنفيذية المسخ متمثلة بجهاز العلاقات العامة في نهاية الستينات ثم جهاز المخابرات في السبعينيات ثم اجهزة الحماية في الثمانينيات والأمن الخاص في التسعينيات وحتى سقوط سلطة البعث في 2003. والسلطة القضائية المسخ متمثلة (بمحكمة الثورة) سيئة الصيت و السلطة التشريعية المسخ متمثلة بمجلس قيادة الثورة ورئيس الجمهورية اللذان ادارا الدولة العراقية لاكثر من ثلاثين عاما (بقرارات ) لا بقوانين وكانت شعوبية الشارع متمثلة بالحشود الجماهيرية لحزب البعث هي التي تعطي تسبغ شرعية الشارع على هذه القرارات اللادستورية من خلال النزول الى الشارع والهتاف والتصفيق وارهاب الناس باعاددها تأيدا للمجازر وبذلك تمر هذه القررارات التي يصدرها رئيس الدولة لقمع الرعاقيين بدون ان تمر بالقناة النظامية لتنقيحا من قبل الجهات البرلمانية و الدستورية المختصة وبذلك تفلت هذه القرارات واجهات التشريعية المسخ والاجهزة التنفيذية المسخ من اعمالها ومسؤلييها ومن الرقابة ومن سلطة القانون. (8) . بطبيعة الحال , وبعد تمزق سلطات الدولة نتيجة الدستور الحالي والقائم على اسسس طائفية تم تقاسم هذا المسخ بين اقطاب السلطة فاصبحت هنالك مسوخ هنا وهناك .أن مايميز حقبة نظام البعث عن سابقية في تعاملة مع اداة القمع الشعبوية الاشرعية ان اساليب القمع الشعبوية هذه كانت توظف لتعامل السلطة مع مطالبات الحقوق والحريات حين تظهر الى سطح الحياة السياسية والاجتماعية العراقية بشكل تمثل ازمة للسلطة . اما في زمن سلطة البعث بقيادة صدام فقد شرعت هذه الاجهزة بهتك حقوق المواطنة والحريات المدنية بشكل منظم وضمن جدولة و تخطيط مسبقين و بشكل نظامي ومؤسساتي بهدف اخضاع الشعب العراقي وتمزيق نسيجة الاجتماعي ليصبح ابناءة ومواردة ادوات بيد السلطة لتنفيذ مصالح دول خارجية ضمن منظومة الحرب الباردة بشكل بعيد كل البعد عن مصالح الشعب والوطن العليا . ابتدأ البعث بتعليق جثث التجار 1970 في ساحة التحريرحتى اصابها التفسخ وقامت اجهزة الدولة الثقافية بتجريم الضحية (جواسيس لأسرائيل) وتم تطبيع جريمة التهم الجزافية والمحاكات الصورية والتمثيل بالجثث (لغرض حماية ثورة الشعب ) وتم تتويج بطل هذه المهزلة (ابا قائدا) . ثم دارت الدائرة لتصفية ألقوى السياسية القومية والاسلامية سنية وشيعية في مطلع السبعينيات تحت غطاء الجبهة الوطنية والتقدمية وتم تجريمهم (القوى رجعية) وتم تطبيع الجريمة (محاربة الرجعية التي تتآمر على القوى التقدمية) وتم هذه المرة تسويق نجم الجريمة السياسية الصاعد انذاك (كاسترو العراق) , ولم يطل الامر حتى دارت الدائرة على القوى التقدمية من الاحزاب السياسية المنافسة للبعث بل وحتى من نفس حزب البعث في نهاية السبعينيات ولحقتها التصفيات البشعة لاعضاء حزب الدعوة ومن ثم الحزب الاسلامي العراقي في الثمانينييات وانبرت الاجهزة الثقافية التابعة بتجريم الضحايا ولكن هذه المرة ضمن اطار فكري جديد هو اطار القائد الاوحد والقيادة التأريخية و ضمن هذا الاطار كان الرأي الاخر المخالف لرأي القيادة ألتاريخية هو خيانة للقائد وبما أن الوطن متمثل بالقائد فأن هذا الراي هو خيانة للوطن, فكان الضحايا (عملاء او خونة او مجرمون) وتم تطبيع الجرائم ( الـتآمر والخيانة ) تم منح المجرم لقبا جديدا هذه المرة هو(القائد الضرورة حفظة الله) (9). بنفس الآليات تم قمع الكورد والتركمان والفيلية غير أن الاطار الفكري ومفردات التطبيع اختلفت هذه المرة فقد هدف التطبيع لارضاء المشاعر الاستعلائية (الشوفينية ) لمكون عراقي معين (العرب) في مواجهة مكون اخر(كورد او تركمان وفيلية) ففي ذات الحقبة الزمنية وتحت مسمى يرضي المشاعر الشوفينية العربية جرم الضحايا (انفصاليون حاقدون على العروبة) ,تطبيع الجريمة (المساس بعروبة العراق) ,تتويج المجرم بطلا بنكهة قومية (بطل التحرير القومي ) .عندما تمادت السلطة باستعمال الاسلحة الثقيلة والغزات السامة لقتل ابناء العراق و تهجير الألاف من المزارعين المسحوقين من قرى الشمال او من الأهوار أو من خانقين بشكل عشوائي وتجريمهم (غوغاء أو فرس أوتبعية فارسية أو روافض ) وتطبيع الجريمة( استغلال انشغال الجيش بمقاتلة العدو الامريكي وطعن خاصرة الوطن لأجهاض الانتصار الكبير في ام المعارك !) وتتويج السفاح بطلا مقدسا ( عبد الله المؤمن) .في الاعوام التي تلت 2005 ومع فتح الوطن العراقي لذراعية لاستقبال العصابات الاستخباراتية لدول الجوار المتطفلة لتغتال رجال العراق وكفائاتة من علماء ومفكريين ومبدعيين وقادة سياسيين ميدانيين وضباط وطياريين ومهنيين واللذين رفضوا أن يصبح الوطن العراقي تابع في السياسية الدولية والعلاقات الدولية وامعة اقليمية يتلقى الصفعات من دول الجوار تم تجريم المعترضين بنفس الاسلوب السياسي الاعلامي الشعبوي بدون محاكمات او ادلة سوى الشبهة والاشتباة (نواصب ارهابيون وهابيون بعثيون صداميون) وتطبع الجريمة (نصرة المذهب , صيانة الديقراطية , منع عودة الدكاتورية, منع عودة البعث) و يتوج بطل هذه المجزرة (القوي الامين) ويتشضى المجتمع العراقي شيئا فشيئا حتى تنتقل قوى القمع من اجهزة شبه رسمية ومحاكم شبة رسمية واسناد تشريعي قائم من فرد بقررات غير دستورية واسناد شعبوي من الجهاز الحزبي الى نمط جديد من تشظي اجهزة القمع في الدولة العراقية فتخصخصت اجهزة القمع والسجون لتصبح عصابات ومليشيات حزبية تتخذ شرعيتها من فتاوى اقطاب الطائفية وتعليمات من مسؤولين حزبيين في اسلوب عمل هو اقرب الى اسلوب العصابات والمافيات منة الى اسلوب عمل الدولة فتتنوعت التهم حسب حالة التشظي ( ارهابي رافضي ,نواصب ,وهابي, مجوسي ,ملحد نصراني ,علماني ,عاهر) وتتنوع مفردات التطبيع ( حماية الديمقراطية, عودة البعث للسلطة, حماية الحياة المدنية, حماية نموذج الحكم الاسلامي , اقلاق امن (الرعيا )...) ويتم تعميد المسؤولين عن هذه الجرائم ابطالا (رجل المهمات الصعبة) (اخو الشهداء) (السيد القائد المجاهد).
أن أليآت التطبيع الثلاث تتيح وضع اليد على مواطن الخلل في الثقافة العراقية الدارجة وعلى الثغرات التي شكلت منظومة الوعي والقيم الاجتماعية فيما يتعلق بالسلطة وما لها وما عليها لينطلق العراقيون والعراقيات في عملية نضالية لاصلاح هذا الخلل الثقافي . هكذا يقدم لنا موقف المواطنة العراقية فهما اعمق واكثر علمية لتفسير جرائم السطة في مقابل الفهم الشائع القائم على جلد الذات او القبول بالحال المزري ( هكذا هو نحن وعلينا الرضوخ لقسمتنا! ).
التهميش الاجتماعي هو الآلية الثالثة التي تمارس من خلالها هذه الاجهزة قمعها الافقي لمطالبات الحقوق المدنية او الحريات الثقافية او السياسية او الدينية . ويتم ذلك بتهميش اية جهود للتوعية بالحقوق والحريات او للنضال من اجلها على انها محاولات انفصالية ومحاولات خيانة للوطن مستفيدة هذه الاجهزة الثقافية من تعقيد شبكة العلاقات الثقافية والاثنية والدينية بين العراقيين ومستفيدة من جهل العراقيين ببعضهم بعض. هكذا تهمش مطالبات حقوق المواطنة وحرياتها عندما تأتي من الكورد على انها انفصالية (كردائيل) وعندما ينطق بها أبناء العرب الشيعة على انها (صفوية) وعندما ينطق بها العرب السنة على انها (ارهابية وهابية او بعثية) وعندما ينطق بها التركمان على انها (تتريك) وعندما ينطق بها المسيحيون على انة (تنصيروتبشيروتغريب للمجتمع المسلم) .وعندما ينطق بها التقدميون على انها (الحاد) وعندما تنطق بها قوى المجتمع المدني على انها (دعارة) وعندما تنطق به القوى الدينية السياسية الاصلاحية على انها (تسنن او تشييع ) للمجتمع العراقي. هكذا يتم تحجيم وتشوية المطالب المشروعة لابناء العراق بدلا من استيعابها ضمن العقد الاجتماعي العراقي .
في حادثة تاريخية قريبة الوقوع نستطيع ان نتمثل هذا التوظيف العمودي والافقي لقوى القمع على الافراد داخل الوطن العراقي. فعند اندلاع الانتفاضة العراقية الثالثة في ساحة التحريرفي شباط 2011 كان المناضل والناشط والفنان العراقي هادي المهدي احد قيادات هذا التحرك وقلبة النابض. في محاولة النظام لقمع الانتفاضة سعت لتهميش الشهيد المهدي من خلال تسليط قوى القمع الاجتماعية الافقية بالاساءة الى ارثة النضالي والثقافي والفني بل وحتى الشخصي! وفي نفس الوقت قامت الاجهزة الاعلامية والمؤسسات الثقافية السلطوية بتنميطه فارجعت دوافع تحركة (الى انة ليس عربيا اصيلا وليس شيعيا اصيلا) بل( هو فيلي أو كردي ) هذا النوع من المهاجمة الاعلامية للمناضل اسقطت ورقة التوت عن السلطة ليعري مدى اغراق اجهزتها الثقافية بالطائفية والشوفينية المقيتة حتى لانها لا تجد ان لغير العربي او الشيعي ان يتظلم وكأن الفيلي او الكوردي ليس مواطنا عراقيا وليس لة الحق في ان يرفع صوتة في وجة الظلم الاجتماعي. في ذات الوقت كانت السلطة تسلط قمعا عموديا على هذا المناضل متمثلا باستنفارها لأجهزتها الامنية والقمعية لمطاردتة وتعقبة ومضايقتة ومن ثم مارست هذه السلطة قدرا اكبر من القمع السياسي على شخص المناضل الشهيد باعتقالة فعليا وتهديدة بشكل وضيع لاجبارة على التوقيع على اعترافات وهمية وملفقة ثم انتهى بها المطاف بتوضيفها لأدوات قمعها المسلحة لتنتهي بتصفيته جسديا!. لم تتوقف عملية التهميش عند ذلك بل استمرت المؤسسة الثقافية التابعة بدورها بالتهميش لذكرى الشهيد فقامت بأثارة الدعايات لخلق فرضيات وقصص مختلفة ومتضاربة حول اسباب اغتيالة ولكنها اغفلت الحقيقة الاهم وهي مسؤولية السلطة في توفير أمن الافراد وحماية ارواحهم وممتلكاتهم واخفاق السلطة الحالية في قيامها بذلك الواجب وبالتالي عدم وجود ما يحاسبها على هذا الاخفاق فيما وجدت من اجلة وهو حماية حقوق المواطنة وصيانة الحريات المدنية.(10)

1-الأنماط الثقافية التوافقية هي علاقات وقوالب سلبية يتفق عليها افراد المجتمع ويتقبلونها كاطر للتعامال فيما بينهم ولكنها تعزز علاقات سلبية وتزيد الطبقية الاجتماعية وتعزز التنافر والشقاق الاجتماعي والثقافي. تقوم السلطة بخلق هذه الانماط اوتعزز انماط متواجدة في المجتمع اصلا بغرض بلبلة وتشويش الرأي العام عن حقيقة احتكار السلطة : كاتهام مكون عراقي كامل بتهمة الخيانة او العمالة لدولة مجاورة (الشيعة صفويون السنة وهابيون) او السخرية من مكون اجتماعي معين بغرض تهميشة كالنكات الرائجة والتي تستهدف تنميط مكونات بعينها من النسيج العراقي بالبخل او الخبث او عدم الفهم او التدني الاجتماعي او قولبة فئات عراقية معينة بوضع اجتماعي او مهني معين مثل (هذه الفئة موظفي حكومة, وهذه لها الاعمال الحرفية وتلك لها اعمال الخدمات الخ).
2- استعمانا هنا لفظة الاجهزة بالاشارة الي القوى الثقافية التي توظف من قبل السلطة لانفاذ ارادة السلطة في تحريف الحقائق وتشويش الرأي العام لتكريس استبداد السلطة وبذلك فأن مثقفي السلطة لايمارسون عملا ثقافيا اجتماعيا بمعنى العمل الثقافي المهتم بقراءة الاحداث والوقائع وريطها مع بعض لتمكين المواطنين من ادراك الحقيقة وحماية حقوقهم .ذلك أن عمل مثقفي السطة هو عمل فكري قد يتجاوز البحث عن الحقيقة الوقائع الى تحريفها وينحرف عن المنهجية العلمية التي يتبعها المثقف العضوي بغرض البحث عن الحقائق وتوثيقها ومشركتها وبذلك فمثقفي السلطة هم اقرب فيما يمارسونة الى اجهزة السالطة القمعية الاخرى من حيث ان كالاهما يهدف الى استمرار احتكار السلطة وتوسع نفوذها وتكريس استبدادها بارهاب العقول اوبالارهاب المسلح كل حسب اختصاصة.
أنظر ادورد سعيد - Edward W. Said ,Representation of the Intellectual ,First Vintage Books Edition, New york, April 1996
3- الدهماوية (الديماغوجية ) : وهو القيادة السياسية للطبقات والفئات الاجتماعية المقموعة أوالمهمشة أوالمحرومة للامتيازات المادية والاجتماعية والاكثر فقرا او والاقل معرفة ووعيا. يسعى السياسيون الىى حيازة قدر اضفي من احتكار السلطة بتسيير الدهماء و قيادها بالاستناد الى المشاعرالجياشة والجهل بوقائع الامور وبالاحكام المسبقة على الاحداث أو الاشخاص . وبذلك فأن الاسلوب الدهماوي (الديماغوجي) يحث ويبارك القادة السياسيين على اتخاذ ردود افعال عنيفة وسريعة للتعامل مع المشكلات الوطنية وقضايا الدولة بدلا من الدراسة والتمحيض والتخطيط للافعال وعلية فأن الدهماوية تتهم بالضعف الممارسات السياسية القائمة على الاعتدال وعلى دراسة وتخطيط الفعل السياسي.
4-التمميز المضاد اوالطائفية المضادة: تعبر عن ظاهرة اجتماعية -سياسية لوصف التمييز السلبي الذي يقع على افراد من القوى التمنفذة او الاغلبية الحاكمة التي تدير مدينة او دولة . يسلط هذا التمييز من قبل اعضاء من اقليات سياسية او اجتماعية او من قبل فئات مهمشة او متضررة من نظام الحكم القائم .تشتمل اشكال التمميز المضاد على مظاهر دينية او عرقية او على اسس الجنس . يعد هذا النوع من التمييز السلبي نتاجا لفقدان العدالة الاجتماعية ويتشكل عندما تحرم الاقليات المهمشة من الوصول الى ذات الامتيازات التي تتمتع بها المجوعة المهيمنة وبهذا القدر فأن الطائفية المضادة او التمييز المضاد هي من اشكال مقاومة الغبن الاجتماعي الواقع على الاقليات ولكنة شكل سلبي للمقاومة يعجز عن أن يقدم بديلا اجتماعيا توافقيا او عادلا بل يسعى الى حيازة ذات الامتيازات التي تستأثر بها الفئة المهيمنة واحتكارها للأقلية . في القضية العراقية , تتمثل الطائفية المضادة وافلاسها كمنهج سياسي اجتماعي في موقف اقطاب الغلو الطائفي السني من العملية السياسية في العراق بعد الاحتلال الامريكي 2003 , اذ امتاز موقفهم الطائفي المضاد بالنقد والتسفية المستمر لكل ما تقوم بة السلطة الطائفية ذات الصبغة الشيعية القائمة الى درجة ان الطائفية السنية المضادة في العراق قامت بتبني افعال نظام صدام ومجازرة وبتقديس رموزة الامر الذي يجدر أن تعافة وتنتقدة اي قوة سياسية تسعى للنضال من اجل عدالة اجتماعية حقيقية .
5-حقوق المواطنة: هي منظومة من الحقوق تتشكل للفرد في علاقتة بالسلطات الحكومية في وطنة , تلزم هذه الحقوق الدولة بصيانة حياة و حرية وكرامة الافراد باعتبارهم مواطنين لتامين انخراطهم الفاعل اجتماعيا واقتصاديا لادامة العقد الاجتماعي للوطن ويتمثل هذا في الجانب المدني من حقوق المواطنة كالحق في الحصول على الجنسية والحق فى الملكية الخاصة وممارسة النشاط الاقتصادى والحق فى التعليم والحق فى الرعاية الصحية والحق فى العمل والتمتع بظروف عمل عادلة والحق فى الضمان الاجتماعى . انظر حقوق السياسية للمواطنة.
6- تختلف الدراسة العلمية للتاريخ عن التاريخ السردي والذي يعد احد اساليب التوثيق التاريخي التقليدية. يقوم على السرد الزمني للاحداث معتمدا قصة واحدة محبوكة التفاصيل بدلا من طرائق الاستقراء العلمي التاريخي وبذلك فهو سرد وصفي يبعد عن التحليل يدور حول الاشخاص بدلا من الاحداث ويعتمد الوقائع المجردة والجزئيات والتفاصيل بدلا من الرؤوية الشمولية. يؤخذ على التأريخ السردي ضيق افق الرؤوية التاريخية واستخلاصة لتعميمات من جزئيات او من احداث منتقاة بدل التحليل الكلي لسير وتطور الاحداث والوقائع بأحد الطرائق المنهجية لدراسة التاريخ , كذلك يؤخذ علية اعتمادة على الامثلة الانتقائية سلبا اوايجابا لدعم وتمتين السرد بدلا من الاستناد الى المنهجية العلمية القائمة على التجريب العلمي المطرد والتحقق من النتائج بالأساليب الاحصائية لقبول الواقعة التاريخية. من خلال الوصف السردي لتأريخ العراق الحديث يستطيع القاري ان يميز هول التعميميات التي استنتجت من احداث منفردة وتفاصيل جزئية لتوصم المتجمع العراقي والشعب العراقي بالعنف والددموية مسقطة حقيقة ان ذات المجتمع العراقي كان البوتقة الحضارية التي انتجت قيما حضارية متقدمة في قيمة الانسان وقيمة الحرية .
7- الدولة هي كيان سياسي لة سلطة مركزية مسؤوليتها الحفاظ على احتكار السلطة استعمال القوة ضمن نطاق جغرافي محدد . - السلطة ,لابد هنا من التمييز بين السلطة والحكومة : السلطة هو حزمة من الصلاحيات تخول للحكومة على اسس شرعية ( من خلال الدستور والقوانين) التي تلتزم الحكومة بممارستها من خلال قنوات معرفة رسميا ضمن مؤسسة الدولة وهي تمثل جزء من صلاحيات الحكم الكلية.
8- لقد كشفت محاكمات روموز نظام صدام في واقعتي الدجيل وابادة الكرد الفيلية بالغازات السامة عن عمق وسعة الهوة في منظومة التشريعات العراقية والتي مكنت السطة من حيازة صلاحيات قمعية وصلاحيات مالية مطلقة وغير مراقبة وغير منظمة بقوانين وبالتالي فأن هذه السلطات غير شرعية ومما هو جدير بالذكر ان الحكومات الحالية للعراق لازالت تتمتع وتمارس هذه السلطات الغير شرعية والمطلقة التي بلورها وشرعنا النظام السابق حيث ان محاكمات النظان السابق لم تكتمل ولم توضف في تشخيص مواضع الخلل في صلاحيات السلطة الذي ادى الى هذا القدر من الاجرام بالشعب العراقي ومقدراتة .
9- لقد تم تغيير لخطاب السياسي بعد المؤتمر القطري السدس لحزب البعث عام 1982 فاصبحت كلمة مجرم تطلق على الخصوم السياسيين للقائد الضرورة واصبحت الخيانةهي مخالفة القائد الضرورة بالرأي للوطن.
10- أنظر اعترافات هادي المهدي عن واقعة اعتقالة على اليوتيوب
http://www.youtube.com/watch?v=GptpEy44b-I&feature=related








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل ينهي الرد المنسوب لإسرائيل في إيران خطر المواجهة الشاملة؟


.. ما الرسائل التي أرادت إسرائيل توجيهها من خلال هجومها على إير




.. بين -الصبر الإستراتيجي- و-الردع المباشر-.. هل ترد إيران على


.. دائرة التصعيد تتسع.. ضربة إسرائيلية داخل إيران -رداً على الر




.. مراسل الجزيرة: الشرطة الفرنسية تفرض طوقا أمنيا في محيط القنص