الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الهجرة اليوم: هل هي ظاهرة أم عرض؟

سعيد هادف
(Said Hadef)

2012 / 7 / 15
الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة


ورشة حول "الصحافة والهجرة": نبذة عن المشروع
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الورشة التي تابعنا أشغالها بمدينة وجدة من (2 إلى 6 يوليوز الجاري)، بمقر مؤسسة الشرق والغرب، تندرج في إطار مشروع "من أجل إعلام أقضل بشأن الهجرات"، من تنظيم معهد بانوس باريس (IPP) ومعهد بانوس أفريقيا الغربية (IPAO)، ومن تمويل الاتحاد الأروبي ووكالة التنمية والتعاون للاتحاد السويسري، والمشروع امتداد وتعميق للمبادرات التي سبق أن أطلقها المعهدان من أجل الارتقاء بالتغطية الإعلامية لظاهرة الهجرة بعيدا عن الإثارة والكليشهات ومن أجل المساهمة في بناء تآزر خلاق بين الصحفيين ونشطاء المجتمع المدني لبلدان المنبع (مالي، موريتانيا، والسنغال)، وبلدان العبور (الجزائر، المغرب وتونس) وبلدان المقصد (إسبانيا وفرنسا).
وورشة وجدة، حسب المنظمين، كانت الأكثر نجاحا مقارنة بالاربعة عشر ورشة التي تم تنظيمها بعدد من البلدان السالفة الذكر. وقد حضر أشغال الورشة صحفيون وحقوقيون من جل البلدان المعنية، واتسمت الأيام الخمسة ببرنامج مكثف من مداخلات وعروض ونقاشات وزيارات ميدانية، فضلا عن عدد من الوثائق الأكاديمية والجمعوية.

الأطراف المعنية
ـــــــــــــــ
الهجرة غير النظامية باتت ظاهرة عالمية في زمننا الراهن، هكذا يصفها الخطاب السياسي والإعلامي والحقوقي؛ وهذه الظاهرة، على ما يبدو، لا تشغل بال المعنيين بنفس القدر ولا بنفس الطريقة ونفس الخلفيات والأهداف ولا بنفس الذكاء والكفاءة.
فعلى مستوى الضفتين، يبدو جليا، أن بلدان الاتحاد الأروبي أكثر انشغالا بالظاهرة، فهي التي تفكر وتخطط وتسن القوانين وتضع البرامج وتقترح المشاريع، وتعمل بروح نسقية على مستوى مؤسساتها محليا، أو في إطار الاتحاد، أو في إطار علاقتها بالبلدان الأفريقية.
أما على مستوى الفاعلين، فإن ما يشغل السياسي في شأن الهجرة ليس هو ما يشغل الحقوقي وليس هو نفسه ما يشغل الإعلامي، ما يستدعي تضافر الجهود بين كل الفاعلين من أجل عمل جماعي أكثر نجاعة ومردودية في هذا المضمار.

الهجرة غير النظامية اليوم: ظاهرة أم عرض؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هل الهجرة غير النظامية ظاهرة معزولة ومستقلة عن نسق الظواهر الاجتماعية والسياسية وحتى الجيوسياسية، وتحتاج،فقط، إلى مقاربة محدودة؟ أم أنها عرض من أعراض أزمة بنيوية تعيشها أفريقيا؟
إذا كانت ظاهرة معزولة فإن الجهود ستؤتي ثمارها بشكل مثالي، أما إذا كانت خلاف ذلك، فإن هذه الجهود قد تصب في مصلحة البلدان الأروبية مؤقتا، بينما على مستوى الضفة الجنوبية وخاصة البلدان المغاربية فإن الوضع سيزداد تعقيدا، وفي هذا الصدد يجدر بنا أن نطرح السؤال التالي: كيف تساهم هذه الجهود في أن تكون رافدا، ضمن روافد أخرى، يصب في نهر الديمقراطية الخلاق، حتى تصبح بلدان الشمال الأفريقي فضاء للديمقراطية والتنمية والأمن، وبالتالي فاعلا أساسيا في حوض البحر المتوسط، فاعلا يضطلع بدوره الإقليمي في إعادة بناء القارة الأفريقية على أرضية تغري شباب أفريقيا بالعيش في بلدانهم.

الواقع يؤكد أن تدفق المهاجرين من عمق أفريقيا يتنامى بشكل مضطرد، وبالموازاة تزداد حدة الضغط بين ضفتي الصحراء بعد أن أصبح الشمال الأفريقي، بقوة المقاربة الأمنية، بمثابة حدود أروبية.
في الوقت الذي تصر أروبا على إغلاق بابها في وجه هذه الجحافل المرابطة على الضفة الجنوبية من البحر المتوسط، فإن هذه الجحافل المثقلة باشواق الحرية وحب أروبا، هي بدورها يسكنها إصرار مضاد للمخطط الأروبي. ويبقى المغرب محطة استقبال مؤقت غير أنه استقبال مرشح للتمديد الزمني ولاتساع رقعة الوافدين. تصر أروبا على إغلاق بابها ويصر شباب جنوب الصحراء على العبور، فأي منحى سيتخذه الصدام بين هذين الإصرارين؟ وعلى حساب من؟ ولمصلحة من؟ وكيف يكون مآله؟
الهجرة اليوم في مظهرها العالمي في الصحراء الأفريقية، حسب باحثين وخبراء، تمثل خطرا مركزيا على العلاقات الجيوسياسية بين الدول الأفرقية جنوب الصحراء ودول شمال أفريقيا والدول الأروبية. وما يميز البلدان المغاربية، وخاصة المغرب هو حساسية موقعه الجغرافي بوصفه معبرا مثاليا نحو إسبانيا من جهة، ومن جهة أخرى بوصفه بلدا يتمتع بسمعة أمنية وتنموية وحقوقية قابلة للتطور إذا ما توفرت الشروط، محليا وإقليميا.

السؤال الذي يؤرق المهتمين المغاربيين بظاهرة الهجرة هو المخاطر المترتبة عن المفارقة المتحكمة في تدبير الجغرافيا: تحول الشمال الأفريقي إلى حدود أروبية محروسة وتحت السيطرة وصحراء بدون أدنى رقابة وأنظمة سياسية (بالشمال الأفريقي) قاصرة عن ابتكار البدائل.
من المؤكد أن الأمل موجود، وهو معقود على الحراك السياسي الذي عرفه الشمال الأفريقي منذ مطلع السنة الماضية (2011). فحصيلة الاستقلالات الوطنية كانت مخيبة للآمال، ويكفي أن نقوم بجرد سريع لعقود الاستقلال لنستنتج أن أنظمة بعينها أدخلت القارة الأفريقية في مشاكل وهمية وكان الغباء السياسي هو المهيمن بامتياز، أشير هنا إلى النظام الجزائري بالتحديد، وما أهدره من جهد ووقت ومال منذ لحظة الاستقلال إلى اليوم لم تجن منه المنطقة المغاربية سوى المآسي. كان من الأجدى أن تتضافر الجهود حتى يضطلع المغرب الكبير بدوره الديمقراطي والتنموي بين أروبا وأفريقيا، الدور الأروبي والأمريكي في المأساة التي تعيشها أفريقيا اليوم لا غبار عليه، هناك قسط من المسؤولية يتحملها الغرب الرسمي.
هناك نقطة من الضروري توضيحها، وهي إن الغرب الذي ساهم في تخلف بلداننا ليس "الغرب الشفاف"، بل الغرب السري الذي تمثله جهات اختزلت علاقتها ببلداننا في كل ما هو أمني ومالي ونسجت علاقاتها مع جهات فاسدة ومستبدة من داخل أنظمتنا السياسية بينما قطعت الطريق عن أي تعاون مدني أو حقوقي أو تنموي، وهي التي رعت الفساد ببلداننا وعملت على توطيد أركانه.
هل ثمة أمل في تغيير النسق الذي تأسست عليه العلاقة بين ضفتي البحر المتوسط؟ هل بمقدورنا أن نؤسس نسقا ذكيا تكون فيه الكلمة للمتشبعين بالقيم الإنسانية في أبعادها الديمقراطية والحقوقية والتنموية؟ هذا هو السؤال.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تصحيح
سعيد هادف ( 2012 / 8 / 14 - 20:02 )
لقد ورد في بداية المقال أن ورشة وجدة كانت الأكثر نجاحا مقارنة بالاربعة عشر ورشة التي تم تنظيمها بعدد من البلدان السالفة الذكر، والصواب أنها كانت ورشة ناجحة في انتظار الورشات المتبقية. ونأمل أن تتوفر لها شروط النجاح، .

اخر الافلام

.. استقطاب طلابي في الجامعات الأمريكية بين مؤيد لغزة ومناهض لمع


.. العملية البرية الإسرائيلية في رفح قد تستغرق 6 أسابيع ومسؤولو




.. حزب الله اللبناني استهداف مبنى يتواجد فيه جنود إسرائيليون في


.. مجلس الجامعة العربية يبحث الانتهاكات الإسرائيلية في غزة والض




.. أوكرانيا.. انفراجة في الدعم الغربي | #الظهيرة