الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الموت - هل هو النهاية ( 2 - 3 )

مجدى زكريا الصايغ

2012 / 7 / 17
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


يرجح انه مامن مسألة شغلت بال الانسان وحيرت ذهنه اكثر من تلك التى لها علاقة بما يحدث بعد الموت. فطوال الاف السنين, تأمل اشخاصن نوابغ من مختلف الحضارات فى هذا الموضوع الا ان جل ماقدمته الفلسفات البشرية والابحاث العلمية هو تشكيلة واسعة من النظريات والاساطير.
ولكن ماذا عن التعاليم الموجودة فى الكتاب المقدس؟ قد يحاج البعض ان الكتاب النقدس ايضا يحتوى افكارا مشوشة حول الموت والحياة من بعده. ولكن لكى نكون منصفين. يجب ان نعترف ان سبب التشويش هو الديانات الكثيرة التى تعكر تعاليم الكتاب المقدس النقية ملوثة اياها بالمعتقدات الباطلة والخرافات. فاذا وضعت جانبا ماتقوله التفاليد والاساطير والتصقت بما بقوله الكتاب المقدس حقا. تكتشف تعليما منطقيا ومانحا للرجاء.
تأمل مثلا فى الايات الواردة فى المقالة السابفة على فم الملك سليمان. فهذه الايات توضح ان الاموات - بشرا وحيوانات - لا يعلمون شيئا. فهم اذا, بحسب الكتاب المقدس, غير واعين ولا يشعرون ولا يفكرون ولا يقومون بأى نشاط على الاطلاق؟ - جامعة 9 عدد 5و6و10.
فعلا يصعب عليك ان تصدق ذلك؟ فكر ما كانت عليه حياتك قبل ان تأتى الى الحياة؟ اين كنت انت قبل ان تتحد الخليتان الصغيرتانى من ابيك وامك لتصبح ماعليه الان؟ واذا كان لدى البشر كيان غير منظور يبقى حيا بعد الموت. فأين كان هذا الكيان قبل ان يحبل بك؟ فى الواقع, لا يمكنك ان تتذكر شيئا عن اى وجود سابق لك لأنك لم تكن موجودا قبل ان تحبل بك امك . ان الامر بهذه البساطة.
بناء على ذلك, يمكننا ان نستنتج منطقيا ان الموت يعيدنا الى حالة اللاوعى التى كنا فيها قبل ان نأتى للحياة. وهذا ماقاله الله لادم بعدما عصى وصيته : " انك تراب والى تراب تعود" " تكوين 3 عدد 19. وبهذا المعنى مامن فرق بين البشر والحيوانات, الامر الذى يؤكده الكتاب المقدس حين يتحدث عن حالة الموتى. قائلا: " ليس للانسان مزية على البهيمة". - جامعة 3 عدد 19 و20.
فهل يعنى ذلك ان الانسان يعيش مجرد بضعىة عقود ثم يزول من الوجود الى الابد؟ ام ان هناك رجاء للموتى؟ تأمل فى الافكار التالية.
يعتبر الموت موضوعا بغيضا فى نظر كل شخص تقريبا. ومعظم الناس يتجنبون الحديث عن موتهم او حتى التفكير فيه. لكنهم من جهة اخرى يمطرون بوابل من المشاهد التليفزيونية والسينمائية التى تصور اشخاصا يلقون حتفهم بكل طريقة يمكن تخيلها. كما تنهال عليهم من خلال وسائل الاعلام قصص وصور لميتات حدثت فعلا.
نتيجة لذلك, قد يبدو موت احد الغرباء وجها طبيعيا من اوجه الحياة. لكن الامر لا يعود طبيعيا البته حين نواجه موت احد احبائنا او موتنا نحن. والسبب ان لدينا رغبة فطرية ومتأصلة فى العيش. كما اننا نمتلك احساسا شديدا بمرور الوقت ونعى مفهوم الابدية. كتب الملك سليمان ان الله "غرس الابدية فى قلوب البشر". جامعة 3 عدد 11. فنحن فى ظل الظروف العادية نرغب ان نعيش الى ما لا نهاية, ان نعيش حياة لا يحدها زمان, اما الحيوانات فما من شئ يدل على امتلاكها هذه الرغبة. فهى تعيش دون ادراك للمستقبل.
لا يرغب البشر فى العيش الى ما لانهاية فحسب بل يملكون المقدرة ايضا على البقاء نشاطى ومثمرين الى الابد. ويبدو ان لا حدود لقدرة الانسان على التعلم. فقد قيل انه مامن شئ فى الكون يضاهى الدماغ البشرى تعقيدا ومرونة. وبخلاف الحيوانات فنحن نمتلك عقولا مبدعة قادرة على استيعاب المفاهيم المجردة والتفكير فيها منطقيا. ولم يتمكن العلماء من فهم سوى القليل من المقدرات التى يتميز بها دماغ الانسان.
والكثير من هذه المقدرات لا يضعف مع تقدمنا فى العمر. فقد اكتشف علماء الاعصاب مؤخرا ان معظم وظائف الدماغ لا يصيبها اى خلل جراء التقدم فى السن.
يوضح الباحثون العاملون فى مركز الابداع فى تعلم العلوم التابع لمعهد فرانكلن: "يتميز الدماغ البشرى بقدرته المستمرة على التكيف وتجديد الوصلات العصبية. وهو يستطيع ان يخلق عصبونات جديدة حتى فى سن متقدمة. اما التدهور الخطير فى المقدرات التفكيرية فمرده عادة الى المرض. فى حين ان فقدان الذاكرة او خسارة المهارات الحركية اثناء الشيخوخة فيعزيان فى معظم الحالات الى الخمول والنقص فى التمارين التى تنشط الفكر وتحفزه على العمل".
بكلمات اخرى. يستطيع دماغنا ان يستمر فى العمل الى ما لا نهاية اذا ظل نشيطا من الناحية الفكرية وسليما من الناحية الصحية. يقول جيمس واطسون, متخصص فى علم الاحياء الجزيئى ومشارك فى اكتشاف التركيب الفيزيائى للدنا: "ان الدماغ هو الشئ الاكثر تعقيدا الذى اكتشفناه حتى الان فى كوننا". ويوضح كتاب الفه عالم الاعصاب جيرالد ادلمان ان جزءا من الدماغ بحجم رأس عود الثقاب "يحتوى على نحو بليون وصلة يمكن ان تكون مجموعات بطرائق لا يمكن وصفها الا ب لا متناهية - واحد تليه ملايين الاصفار".
فهل يبدو منطقيا ان يعيش الانسان مجرد بضعة عقود رغم تمتعه بهذه المقدرات؟ يبدو ذلك غير معقول.
تماما مثل استخدام قاطرة قوية تجر قافلة طويلة من عربات الشحن لنقل ذرة رمل مسافة لا تتجاوز بضعة سنتيمترات. فلماذا يتحلى البشر اذا بمقدرات ضخمة تمكنهم من التعلم والتفكير بابداع؟ هل يعقل انهم بخلاف الحيوانات, لا يفترض ان يموتوا بل خلقوا ليعيشوا الى الابد؟
الى المقالة الاخيرة سمتكلم عن الرجاء الذى اعطاه منشئ الحياة للبشر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة الأمريكية تعتقل عشرات اليهود الداعمين لغزة في نيويورك


.. عقيل عباس: حماس والإخوان يريدون إنهاء اتفاقات السلام بين إسر




.. 90-Al-Baqarah


.. مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى وسلطات الاحتلال تغلق ا




.. المقاومة الإسلامية في لبنان تكثف من عملياتهاعلى جبهة الإسناد