الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هشاشة الاستبداد

حنان أحمد الخريسات

2012 / 7 / 18
مواضيع وابحاث سياسية


إن الاكتشاف المر في عالمنا العربي أن فئة الشباب التي أحدثت الثورة على حكامها بدءا من : تونس ،ومصر، وليبيا ، واليمن ، وسوريا ، وما سيتبعها من تداعيات كثيرة في المجالات الأخرى ، أنها كشفت عن أنظمة من الاستبداد المتكلس في السلطة ، وان هذه الأنظمة تحكم دولا خاصة تتولى حكمها بمساعدة الأعوان ، وهؤلاء ساهموا إلى حد كبير بل وصل إلى الخيال في السيطرة على شعوبهم من خلال استحكامهم في السلطة ، وأخذوا يمارسون دور الأبوة على المجتمع ، وشكلوا في ذلك هرما أبويا سلطويا يلجأ إلى استخدام العنف في تربية شعوبهم ، وهذا ما ولد الشعور بالانهزام النفسي والشعور بالنقص لدى أبناء المجتمع العربي ، وولد لديهم صفة العجز وان الإنسان المهان لا يخرج لصد الغزو إذا وصل إلى باب بيته حتى لو كان هذا الغزو من ابسط أنواع الحشرات ، إلا أن التاريخ الحقيقي لا يصنعه إلا هؤلاء وهم الفئة المهمشة التي تتواجد خارج تاريخ السلطة المستبدة .
هذه الأنظمة سجلت أرقاما قياسية في جلوسها على كراسي الحكم ، ولم ينجح أي منها في إخراج شعوبها من دائرة المألوف العربي سواء كان ذلك في سياسة الإفقار ، والعوز ، وانعدام الحريات ، وتدني الخدمات ، وانتشار البطالة والفساد ، وطبقت السياسة المعروفة حتى تنجح في السيطرة على شعوبها " جوع كلبك يخضعلك " وهذه الشعوب وصلت إلى مرحلة مشبعة من الفقر والجوع بحيث أصبحت غير قادرة على أن تعض أسيادها لأنها منهكة القوى .
ما هو مستغرب أن الهالة التي وضعت نفسها فيها هذه الأنظمة بدأت بالانهيار مع أول هزة وظهر حكامها عراة بلا أقنعة بعد أن ابتعدت عنهم الملايين من شعوبهم التي تعودت الهتاف لهم في كل المناسبات . وكان ظهورهم بهذه الصورة صدمة للشعوب العربية التي لم تصدق أن قدوتهم في السياسة والحكم هكذا تهاوى ، أو هكذا يتعامل مع شعبه ، فأين هم عن الثورة قبل أن يستشري الداء ؟؟
دخل هؤلاء في مشهد فوضوي بعد ثورة الشعب ونأسف كل الأسف أنهم فهموا شعوبهم في لحظات حرجة ، وأنهم ظلموهم ، وفي الوقت الضائع بدأت صحوتهم والاعتذار لهم ، وتوفير الكم الهائل من الوظائف ، وتوفير الخدمات .
هذه الثورات عكست صورة من التوحد لدى فئة الشباب في المجتمع العربي لخروج قيادات جديدة بدلا من تلك البالية التي باتت لا تسمن ولا تغني من جوع ، إن سقوط مثل هذه الأنظمة المستبدة مشهد عبثي مفرط في الغرابة فمن وقع بين أيديهم قتل ومثل به او التصق به لقب المخلوع ، والآخر نفذ بجلده وهرب ، والباقي ما زال على القائمة .. وعلى هؤلاء ان يحمدوا ربهم أنهم إلى الآن أحياء ، لم تلوث بذنبها الأيدي الحرة التي رفضت حمل السلاح في ثورتها الربيعية ، ولديهم الرصيد الكافي من الوقت لإعادة حركة الاصلاح والتجديد والإيمان بأن الشعب مصدر السلطات .
إن هذا السقوط هو تفكيك لظاهرة الدكتاتورية وهي ظاهرة تاريخية اجتماعية ثقافية كشفت لنا أن مثل هذه الأنظمة ورقية هشة آيلة للسقوط دون أن تحدث أدنى أذى لمن رزح تحت الظلم مالا يعد من السنين التي انقضت من أعمارهم . بل زادتهم تصميما بأن يصلوا إلى التحرر من أوسع أبوابه تحقيقا للكرامة الإنسانية والقيم الايجابية التي حرموا منها في ظل أنظمتهم الاستبدادية المتهاوية...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الرد الإسرئيلي على إيران .. النووي في دائرة التصعيد |#غرفة_ا


.. المملكة الأردنية تؤكد على عدم السماح بتحويلها إلى ساحة حرب ب




.. استغاثة لعلاج طفلة مهددة بالشلل لإصابتها بشظية برأسها في غزة


.. إحدى المتضررات من تدمير الأجنة بعد قصف مركز للإخصاب: -إسرائي




.. 10 أفراد من عائلة كينيدي يعلنون تأييدهم لبايدن في الانتخابات