الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


(مينا دانيال) الذي لم أراه إلا مرة وحيدة!!

حماده زيدان

2012 / 7 / 22
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


رأيته مرة وحيدة، يوم أن كنت أنا ومجموعة من الأصدقاء في الميدان قبل تنحي المخلوع.. تناقشنا كثيراً عن (العلمانية) وحقوق الأقليات في مصر.. والثورة والثوار.. وكيفية النصر على نظام المخلوع.. كانت مرة وحيدة قد قابلته فيها، وبعدها تزاحمت الأيام وتنحى (مبارك) وانتصرت الثورة.. أو هكذا قيل لنا!!.
في يوم أسود من أيام العسكر.. كنت مصادفة متجهاً إلى وسط البلد.. على كوبري أكتوبر رأيت,,
(شباب يتدافعون.. ويهرولون هنا وهناك.. وكلاب ترتدي الملابس السوداء تسحل هذا وتضرب هذا.. تحيرت كثيراً.. وعندما سألت:
- إيه الحكاية؟!
أجاب بعض الركاب..
- المسيحيين بيولعوا في البلد.
نزلت عند منزل التحرير، وفي ميدان التحرير سألت:
- إيه الحكاية؟!
أجابني شخص يبدو عليه التوتر..
- الجيش بيدوس على المسيحيين بالدبابات!!
يومها كنت سأقابل صديق منياوي قادم إلى القاهرة.. اتصلت به وأخبرته بما رأيت.. وبعدها اتجهت إلى شارع رمسيس.. وجلست على مقهى على ناصية شارع معروق.. الجو بالفعل متوتر فعلاً.. والناس جميعها على المقهى تحكي عما يحدث بالداخل.. ومن الداخل يخرج علينا المتظاهرين والدماء تغرق ملابسهم.. دماء لم أراها في أثناء جمعة الغضب.. دماء جعلت قلبي ينقبض.. خرجت علينا إحدى المتظاهرين.. وبصوتٍ يملئه الذعر.. قالت:
- اهربوا.. الجيش هايجي يموتكم زي ما موتنا!!
الذعر ازداد.. والمقهى أغلق أبوابه.. وفي شارع رمسيس تجمع المارة بينهم (ملتحين) قادمين لحماية الجيش المصري.. وبينهم أقباط الدماء تسيل من مواضع شتى بأجسادهم.. ووسطهم أنا لا أفهم مما يحدث شيء.. هاتفي أعلن عن نهايته وانتهى شحنه.. وقررت أنا أن أشاهد بأم عيني ما يحدث.. قررت الدخول من شارع رمسيس إلى مبنى ماسبيرو.. وعند ناصية الشارع وجدت أقباط يحملون صلبانهم الخشبية الصغيرة.. وقالوا لي:
- امشي يا كابتن.. لو دخلت أكتر هاتموت.
أطعتهم ربما كنت خائف.. (ربما) ربما كنت غير مستعد للشهادة.. (ربما) ربما كانت السماء لا تريدني شهيداً.. (ربما).. لا أدري ما السبب الحقيقي ولكني رحلت.. ومشيت من شارع رمسيس إلى ميدان طلعت حرب.. وكلما مررت على مجموعة من البشر وجدت النقاش محتدم.. قليلين مع الجيش (معظمهم ملتحين) وغالبية مع الأقباط.
اكتئاب ملئني.. وبوادر فتنة رأيتها.. ركبت إلى الهرم.. ونزلت إلى السيبر.. جلست على جهاز الكمبيوتر وفتحته.. فرأيت الفيس بوك وقد تحول إلى (قسمان) قسم (تيار إسلامي) مع الجيش واتهموني كثيراً بأني (كافر) ومتزندق لأني وضعت صليباً تغرقه الدماء.. وقسم آخر ثائر يحكي تفاصيل ما حدث.. ويضع صوراً لشهداء المجزرة.. وما بين تلك الصور رأيته.. فتذكرته.. فبكيت.. ولم أستطع النوم ليلتها لأن وجهه لم يفارقني.. ولم أنم إلا بعد أن حضرت جنازته.. هو:
الشهيد..
(مينا دانيال)
الذي لم أراه إلا مرة واحدة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كلام ستات | أسس نجاح العلاقات بين الزوجين | الثلاثاء 16 أبري


.. عمران خان: زيادة الأغنياء ثراء لمساعدة الفقراء لا تجدي نفعا




.. Zionism - To Your Left: Palestine | الأيديولوجية الصهيونية.


.. القاهرة تتجاوز 30 درجة.. الا?رصاد الجوية تكشف حالة الطقس الي




.. صباح العربية | الثلاثاء 16 أبريل 2024