الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


طائرة ساويرس في مواجهة العداوة البادية من رموز الدولة الدينية

مجدي مهني أمين

2012 / 7 / 22
مواضيع وابحاث سياسية


لا يملك ساويرس إلا قلب وجدعنة وروح ولاد البلد، حتى النكتة إياها، كانت بروح واحد من ولاد البلد، ولما زعلوا الناس إياهم، اعتذر وقال أنا آسف، ولكنهم قالوا لا لا نقبل الإعتذار، وأطالوا في الهجوم عليه، "وإحنا كمان بنهذر ياساويرس.."، وقاموا بحملة مقاطعة لشركاته، "واحنا كمان ينهذر ياساويرس.."

الجميل في الأمر أن المعترض على هذا الهجوم كان المسلمين أنفسهم كالدكتورعلى السمان، كما أن المتضرر كان المسلمين، لأن غالبية العاملين في شركات ساويرس كانوا من المسلمين، الراجل وطني ومصري، وأولى علامات الوطنية هي عدم التفرقة بين المسيحي والمسلم، أو المؤمن وغير المؤمن.فأولى علامات الوطنية هي الوحدة الوطنية، الطيبة الوطنية، التلاحم الوطني، ساويرس عمل كل ده، شال الهم العام، شال مصر اللي شايلانا كلنا وسار في طريقه، أو سار في طريق يسير فيه الكثير من الوطنيين الاتقياء، في مقابل الكثير من السياسيين محترفي التقوى.

ساويرس ومن على شاكلته يتميز بصفتين: الأولى أنه يقول ما يؤمن به من غير أي حسابات مصلحة، والثانية أنه يترجم ما يؤمن به إلى أفعال.. كان شجاعا حينما أعلن أنه وغيره من الوطنين يدعمون حزبهم في الانتخابات بأموال وطنية، وعلى الإخوان والسلفيين أن يبينوا مصادر تمويلهم، وطبعا لم يبينوا مصادر تمويلهم (الهائلة).

قوته في شفافيته، وضعفهم في عدم شفافيتهم، قوته في مباشرته، وضعفهم في سياساتهم وتحالفاتهم وحساباتهم وزيتهم وسكرهم، أليس زيتهم وسكرهم هو أكثر نقاط رئيسهم ضعفا، رئيس ونواب جاءوا بعد أن زيفوا إرادة الجماهير، ولكي يحموا ضعفهم، فإنهم يستعينون بشبابهم كي يرهب الثوار، ويقوم بالاعتداء على حمدي الفخراني وأبو العز الحريري (أنظر الرابط الأول)، الضعف يقوى بالتخويف، ولكن ساويرس، لأنه قوي فهو لا يخيف أحدا، بل يسير في طريق آخر، طريق المثل الصالح، يسير وراء طابور طويل - كالبرادعي وأبو الغار والدكتور غنيم وغيرهم - لا يخيفون أحدا، ولكنهم يقدمون المثل الصالح والنصيحة الخالصة.

في هذه الأجواء ينتقل إلى رحمة الله اللواء عمر سليمان، فتعلن التيارات الدينية انه لا تجوز عليه الرحمة، وأنهم لن يشاركوا في تشييع جنازته، وتمتنع الدولة عن إرسال طائرة حربية لنقل الجثمان، وتولى ساويرس الحل وارسل طائرته عوضا عن الدولة المؤمنة كي يحضر الجثمان لأرض مصر.. حل من واحد مصري، يعالج قسوة وغلظة من اختلطت عليهم الحسابات حتى افتقدوا التمييز بين الاختلاف السياسي والعداوة.

والحقيقة مواقفهم كلها مواقف عداوة أكثر من أن تكون مواقف اختلاف سياسي، فمن يرسل ميليشاته لترويع السائرين؛ وقتلهم أن لزم الأمر، من يتعامل بمنطق إللي مش عاجبه يهاجر، أو يشرب من البحر، أو "موتوا بغيظكم"، هؤلاء لا يمكن أن يكونوا بيتعاملوا على أساس الاختلاف السياسي، ولكن على أساس عداوة وكراهية الآخر، لا يتعاملوا على أساس الصالح العام بل الصالح الخاص، لا يسمعوا إلا أنفسهم ولا يحبوا إلا أنفسهم، يتعاملون بمنطق الخوف من الأقوى، والتسلط على الأضعف.

أنا لا أبرئ ساحة اللواء عمر سليمان، ولا أتهمه، ولكن لو كان لديهم اتهامات بخصوص الرجل فلماذا لم يقدموه للعدالة في حياته؟ولماذا انقلبوا عليه بعد أن رحل؟ هذا هو السؤال، وفي المسافة بين الموقفين نجدهم يتركون الرجل - في حياته ي-مارس عمله، ثم يتركون -في مماته- جثمانه في الغربة؛ ولا يرسلوا في إحضاره.

المنطق يقول إما أن يحاسب لو كان مخطئا، ويحاكم ويلقى به في السجن لو ثبتت عليه الاتهامات، أو أن يترك حرا طليقا، كما كان الحال، ويكرم جثمانه إن توفى. أما منطق البين بين فهو المنطق الأعرج لمن يريدون حكم مصر، ومن يحكمها بهذا المنطق لا يمكن أن يحمل لها خيرا، لأن الخير يأتي من عقول صافيه وقلوب رحيمة، ومنطق سليم، وهو ما تفتقده تصرفاتهم في أكثر الأمور وضوحا: إحضار جثمان نائب الرئيس السابق، والترحم عليه كأبسط قواعد المشاعر الإنسانية، والمشاركة في تشييع جنازته كأبسط التقاليد والأعراف.

قام ساويرس بتقديم الحل، وأحضر الجثمان، وشيع الجنازة مَن يؤمن بالاختلاف السياسي بديلا للعداوة الإنسانية، أما فكرة أن الموت المفاجئ للواء عمر سليمان هو جزء من مؤامرة كي تمكن الإخوان من الحكم؛ لانهم بغيهم هم من سيقسمون الوطن ويضعفونه في مواجهة الصراع العربي الاسرائيلي، فهي مقولة يلزمنا الكثير من الوقت لإثباتها، ويلزمنا القليل من الوقت لعدم تمكين هؤلاء من تقسيم الوطن، وهذا يتحقق عندما ندافع بكل ما نملك عن مشروع الدولة المدنية، حتى لا نسقط في فخ الدولة الدينية التي تشيع التمييز والعداوة، ضد كل من يخالف مشروع هذه الدولة.

رحم الله اللواء عمر سليمان، وحمي مصر من العداوة، فالعداوة مدخل التفكك والتقسيم بين أفراد الأسرة الواحدة والوطن الواحد.

الروابط:
- الرابط الأول: الاعتداء على (الفخراني والبرعي والحريري ) هو اعتداء على الوطن باكمله: http://onaeg.com/?p=196601








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل ساعدت كوريا الشمالية إيران بهجومها الأخير على إسرائيل؟ |


.. مسلسل يكشف كيفية تورط شاب إسباني في اعتداءات قطارات مدريد في




.. واشنطن تؤكد إرسال صواريخ -أتاكمس- بعيدة المدى لأوكرانيا


.. ماكرون يدعو إلى أوروبا مستقلة أمنيا ودبلوماسيا




.. من غزة| 6 أيام في حصار الشفاء